عمل روائى يمتزج فيه النص بأبعاد التاريخ ومعايير الفن التشكيلى، رواية «أنت تشرق.. أنت تضىء» للكاتبة والروائية رشا عدلى، الصادرة عن دار الشروق بالتعاون مع الدار العربية للعلوم ناشرون، والتى ساد حولها احتفاء بالغ فى حفل توقيع نظمته الدار الثلاثاء الماضى، بحضور مجموعة من الكتّاب والنقاد. قالت الكاتبة الروائية رشا عدلى إن «وجوه الفيوم» هى عبارة عن مجموعة من الأعمال الفنية التى رأت أنها تستحق التعبير عنها فى قالب روائى إبداعى، العديد من القراء والمتابعين الذين تواصلوا معى، قالوا إن معرفتهم عن وجوه الفيوم جاءت للمرة الأولى من خلال الرواية، كانوا يجهلونها فى السابق، رغم اعتبارها أول عمل تاريخى بمقاييس الفن التشكيلى فى التاريخ. واستطردت: وجوه الفيوم موجودة فى متاحف العالم كلها، لدينا فى مصر من ال900 وجه، 3 فقط، وهو أمر لا يساعد على التعريف بتلك الأعمال الفنية، لذا فإن دافع وغرض الكتابة للرواية، هو نقل كل ما أدركته من معارف حول واحد من أهم الأعمال الفنية للتاريخ، إلى أكبر قدر من الجمهور. وفيما يخص تناول الرواية، قالت عدلى: بدا الأمر صعبا فى البداية، لارتباط وجوه الفيوم بالتاريخ الرومانى، الذى لم أكن أعرفه فى البداية، ولكن بمجرد اتخاذ قرارى بكتابة الرواية، مضيت فى اتجاه القراءة والتعمق فى هذا التاريخ، تعرفت على الحياة حينها، ومقدار التقلبات والثورات التى خاضها المصريون ضد الرومان. وأوضحت أن هذا العمل اتخذ فى البداية شكل المقال، ولكن كان عدد كلماته كبيرة للغاية، ومع مطالبتها باختصاره، تزامن ذلك مع متابعتها بشكل جيد لكافة الدراسات التى تخص وجوه الفيوم، وأنه مع توالى المعلومات المثيرة، وصلت عدد الكلمات إلى أكثر من 10 آلاف كلمة، ومن هنا قررت تحويله إلى رواية. وقال محمد سليم شوشة، أستاذ الأدب العربى بكلية دار العلوم جامعة الفيوم، إن الرواية، جاءت لتكون عملا أدبيا متميزا ومختلفا، ضمن مشروع رشا عدلى الروائى والأدبى المتميز، خاصة أن كل أعمالها تتميز بجهد بحثى ضخم، وأن الرواية التى تشكل قدرا من المعرفة وإضاءة لفترة أو حقبة تاريخية تعتبر رواية مختلفة. وأوضح أن أكثر الروائيين الذين فازوا بنوبل مؤخرا، قد أولوا اهتماما بالإشارة المعرفية لمساحة معينة تحتاج لاستكشاف، وأن المختلف فى هذه الرواية عن باقى أعمال رشا عدلى، هو بحثها بشكل متميز وراء حل لغز ما، والطريقة التى جرى إعدادها بها، حيث تتناول قصتين فى زمنين مختلفين، مما يجعلها فى غاية التميز، ويمنحها قيمة جمالية أكبر. وأشار إلى أن الرواية لم تعد عملا للتسلية أو لملء أوقات الفراغ، ونجد فى «أنت تشرق أنت تضىء» استيفاء لعناصر الرواية المعاصرة التى تحقق إضاءات وإضافات معرفية استحقت جهدا وبحثا واستكشاف يفيد القارئ، كإحدى أهم السمات الأساسية فى الأعمال الروائية المتميزة، مشيرا إلى أن رشا عدلى وضعت التاريخ فى منظور ووعى جديد يوازى وعى المتلقى، كإحدى سمات الحكايات الروائية العصرية المميزة أيضا، بمعنى أن القارئ يتسرب إليه نفس ذات المشاعر والأفكار التى اعتملت داخل الباحث أو الروائى، وهو عامل نجاح دون شك، حيث يقودنا ذلك لصناعة وعى مغاير داخل بنية الفضاء السردى. وأضاف: نحن أمام نص أدبى لم يقتصر على تناول الأبعاد التاريخية فقط، وإنما جاء ذلك فى قالب أدبى إبداعى، مكننا من معرفة ومعايشة فترات هامة فى التاريخ المصرى، وتحديدا فى الجزء الخاص باندماج المصريين مع اليونانيين ضد الرومان، لأسباب عديدة، لذا سنجد أن العديد من المشاهد والمرويات مغرية للغاية لكى يتم تحويلها إلى عمل سينمائى أو درامى. فيما قال الإعلامى خالد منصور، إن أفكار الكاتبة انعكست خلال الرواية، وأهمها أن لوحات وجوه الفيوم تملك خلودا فنيا وتاريخيا، وأننا كنا بصدد حالة مختلفة، عن الكيفية التى يمكن من خلالها للأديب أو الفنان أن يبعث الحياة فى أعمال أو أيقونات تنتمى للماضى وأعيد إحياؤها مرة أخرى. وأضاف: سلطت الكاتبة الضوء على أعمال فنية لا تقدر بثمن فى نص شهد العديد من الحوارات والنقاط الممتعة، كما أن التعامل مع الذاكرة وما فات من أعمارنا، تحقق بشكل مثالى فى نصوص رشا عدلى. أما الكاتبة والناقدة رضوى الأسود، فأكدت أن رشا عدلى تعد أحد الكُتَّاب أصحاب المشروعات الأدبية الواضحة ومحددة المعالم، وأنها تملك تيمة خاصة بها، للدرجة التى لو لم يكن اسمها على غلاف أعمالها الأدبية لتمكنت على الفور من إدراك أن مبدع هذا العمل هو رشا عدلى. وأضافت: رواية «أنت تشرق أنت تضىء» أثبتت تفوق الكاتبة رشا عدلى على نفسها، حيث قدمت وجبة دسمة من المعلومات التى تنقلت من خلالها عبر الماضى والحاضر، كما أبدعت فى اختيار العنوان والغلاف، وأن الإشراق بدا واضحا فى الحالة النفسية والعضوية وما آلت إليه بطلة الرواية بالفعل. وواصلت: نجد أن عدلى تولت عملية للتنقيب فى التاريخ خلال «أنت تشرق»، كأحد أنواع التأكيد على الهوية التاريخية المصرية شديدة الثراء والتنوع، وأن بحثها لم يتوقف عند حقبة معينة، وإنما سنجد تنوعا ما بين التاريخ القديم والحديث، لتشدد على أن رشا استفادت من دراستها للفن وتاريخ الفن، فكان ذلك المعين الأساسى الذى نهلت منه كل أفكار رواياتها، حيث نجد أن الرحلة التى اصطحبت فيها عدلى القارئ، هى أشبه ما تكون برحلة البحث عن الذات الضائعة، أو رحلة حقيقية لفهم النفس. واختتمت: أبدعت رشا عدلى فى عتبات النص؛ مثل العنوان والغلاف، جاءا متوافقين تماما مع النص فالإشراق كحالة نفسية وعضوية سنجدها داخل المتن، والغلاف يمثل إحدى لوحات «وجوه الفيوم»، وأن تلك الرواية سيكون لها أثر فى تخليد اسم رشا عدلى فى سجل الأدب الحقيقى والجاد.