• الطلفاح: أصعب شيء انتشال أشخاص توفوا لقلة الإمكانيات.. واستغرقنا 6 ساعات لإنقاذ امرأة.. وصراخ الأطفال تحت الركام دفعني للإنقاذ بين الركام ورائحة الغبار وساعات الأمل واليأس، وُلدت قصة جديدة عنوانها الإصرار، وأنه لا مستحيل مع إرادة صلبة. الأوجاع المتناثرة على طول الركام الذي خلفه الزلزال المدمر شمالي سوريا، دفعت الأيادي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لكن يد فريدة برزت جهودها بين الكل لتصبح الأقوى تعبيرا عن رجال الإنقاذ في الشمال السوري، إنه الشاب السوري حسن الطلفاح، الذي ساعد في استخراج المنكوبين وهو مبتور القدمين. انتشرت صورة الطلفاح على منصات التواصل الاجتماعي، وهو يرتدي ملابس الإنقاذ ويجلس وسط الركام بينما بدا في حالة منهكة من جهود الحفر، فيما تظهر أمامه الطرفان الصناعيتان لرجليه، وهو يحاول الاستراحه من ضغطهما لمعاودة جهود الإنقاذ. استطاعت "الشروق" التحدث إلى حسن محمد الطلفاح، الذي قال إن عمله الأساسي في الشمال السوري هو الانتماء للدفاع المدني، ويتركز على إزالة مخلفات الحرب غير المنفجرة كالقنابل العنقودية والصواريخ وخاصة في منطقة "أريحا"، ولكن عندما وقع الزلزال اضطر للمشاركة في المساعدة والبحث والإنقاذ لاستخراج المنكوبين تحت الأنقاض. يبلغ الطلفاح 29 عاما، وهو من مدينة كفرزيتا في محافظة حماة، وعمل في فريق الدفاع المدني منذ عام 2014، لكنه لم يكن يتوقع أن كارثة زلزالية ستغير نشاطه إلى البحث عن منكوبين. يقول الطلفاح ل"الشروق": "كانت لحظة الزلزال مرعبة، أي شخص عاش لحظة الزلزال حس برعب كبير، ولا أقدر على حصر العدد الذي أنقذناه من تحت الركام، ولكن أتذكر أنه في اليوم الأول أنقذنا امرأة وطفلين ورجل، وثاني يوم أنقذنا عائلة كاملة اب وام وثلاثة أطفال". وعلق الطلفاح، على صورته المتداولة بشكل كبير، قائلا: "صورتي التي انتشر بشكل كبير على مواقع التواصل، أعتقد أنها كانت في اليوم الثاني من الزلزال في قرية بسنيا بريف حلب، الذي دمر الزلزال عددا كبيرا جدا من أبنيتها". وتابع: "التقط المصور السوري حاتم الخضر، صورة لي عند الساعة الخامسة مساء بعد يوم طويل جدا من عمليات البحث والإنقاذ، حيث أخذت مكانا بعيدا عن الناس، لاستريح قليلا وخلعت أطرافي الاصطناعية، فشاهدني المصور والتقط لي الصورة، وأنا لم أعرفه من قبل أو يعرفني وحتى اليوم لم نلتق وجها لوجه!". وبسؤاله عن كيفية العمل في الإنقاذ رغم الإعاقة قال: "الإصابة ليست إعاقة بل طاقة، فالإصابة يمكن أن تجعل صاحبها يبذل جهد أكبر من شخص سليم، وما دفعني للعمل في إغاثة منكوبي الزلزال هو صراخ الأطفال تحت الأنقاض، سمعت كلاما تقشعر له الأبدان لذلك قررت الاستمرار في الإنقاذ لإشعارهم ببعض الأمان". ويقول الطلفاح، إن من أصعب المواقف التي واجهته خلال إغاثة منكوبي الزلزال، هو قلة الإمكانيات واستخراج امرأة طيلة 6 ساعات: "أصعب المواقف عندما ظللنا نعمل 6 ساعات لإنقاذ امرأة من تحت الانقاض وأخرجناها حية، وعندما وصلنا لأشخاص تحت الركام كانوا قد توفوا لفوات الأوان بسبب قلة الإمكانيات المساعدة على الحفر". وأشار إلى أن جميع العاملين في الدفاع المدني خضعوا لتدريبات البحث والإنقاذ استعدادا لمثل هذه الكوارث، وأنهم كانوا بحاجة ملحة جدا لمعدات تساعدهم على عمليات الحفر في الأيام الأربعة الأولى من الزلزال". واختتم حديثه ل"الشروق"، قائلا: "أمنيتي أن يتوقف عداد الموت في سوريا أيا كانت أسبابه الحروب أو الكوارث الطبيعية، والأمنية الثانية هي أن يعود الأهالي المهجرين في الشمال بسبب الحرب إلى قراهم وبلداتهم في أقرب وقت، لأنهم يسكنون بيوتا غير آمنة وغير مؤهله جعلتهم ضحايا للزلازل". • مصور الصورة ل"الشروق" يحكي قصتها ملتقط الصورة هو المصور السوري حاتم الخضر، الذي يسكن إدلب ويعمل في المجال الإنساني منذ ما يقرب من 5 سنوات، وهو الآن يعمل مع الفرق والمنظمات الإنسانية التي تمد السوريين بالمساعدات وتوثيق المساعدات وتصويرها سواء كان أرضية أو جويا عبر الطائرات الدرون. يقول حاتم الخضر، مصور الصورة في تصريحات خاصة ل"الشروق"، إنه التقط الصورة لشاب من الدفاع المدني، عندما لاحظ أنه مبتور الرجلين وكان يعمل في الإنقاذ، داخل مجمع سكني في مدينة بسانيا في منطقة حارم في إدلب، حيث كان يسكن هذا المجمع السكني 100 عائلة سورية انهار فوقهم المجمع بالكامل، عقب الزلزال المدر الذي ضرب عدة مناطق في الشمال السوري. وأضاف الخضر، الذي يعمل مصورا جويا بتقنية طائرات الدرون، أن الشاب الذي يظهر في الصورة هو حسن الطلفاح، أحد رجال الإنقاذ الذي كان يأخذ هدنة لاستكماله جهود استخراج الضحايا من تحت الأنقاض. ولفت الخضر، إلى أن الزلزال كان قويا جدا، وذهب النصيب الأكبر من ضرره لمنطقة جنديرس بعفرين في حلب، التي تدمر نصف منازلها وتصدع النصف الآخر. وأوضح أنه شاهد الدفاع المدني، يساعد في إخراج المنكوبين تحت الأنقاض بالمعدات الثقيلة والخفيفة والمتوسطة، لكن الظروف الجوية جعلت الأمر أكثر صعوبة: "قضينا يومين صعبين للغاية، بسبب الأمطار والرياح في اليوم الثاني، وأصبحت العائلات الناجية بدون مأوى واضطرت للنوم في الشوارع والسيارات، لكن تم تأمين العائلات فيما بعد عبر فرق الدفاع المدني، التي وفرت الشراب ومراكز للإيواء". ولا يزال هناك عائلات تحت الإنقاذ مع دخول الكارثة الإنسانية أسبوعها الثاني، لكن الشيء الإيجابي هو أن الضغط أصبح أخف من الأيام الأولى للكارثة، حسبما يقول الخضر.