«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير يرصد مصالح الدول العربية في التقارب مع الصين
نشر في الشروق الجديد يوم 09 - 12 - 2022

اعتبرت قناة "فرانس 24" أن زيارة الرئيس الصيني شي جينبينج إلى السعودية تجسد واقعا جديدا ومنعطفا تاريخيا للمنطقة، التي ينظر لها منذ زمن بعيد كبؤرة نفوذ حصري للولايات المتحدة خصوصا عبر تواجدها العسكري، إلا أنه في ظل توتر العلاقات بين الرياض وواشنطن أصبحت ترتسم صورة أخرى عن التقارب الأمريكي السعودي.
كما أن هذه الزيارة مؤشر على التغير الحاصل في العلاقات الدولية، لعالم تريده الصين وروسيا ودول أخرى متعدد الأقطاب. فيما يبقى التساؤل الجوهري: ما مصلحة العرب في هذا التحول والتقارب مع العملاق الآسيوي.
وأثارت زيارة الرئيس الصيني إلى السعودية التي بدأها الأربعاء، انتقادات أمريكية ليست بالمفاجئة، مع تحذير البيت الأبيض للمملكة شريكها الاستراتيجي بالمنطقة، من أن محاولة بكين توسيع نفوذها في العالم "لا تتلاءم" مع النظام الدولي.
في المقابل، ترى الصين في هذه الزيارة "أكبر مبادراتها الدبلوماسية على الإطلاق" مع العالم العربي، وهي تتزامن مع سعي الرياض لتوسيع تحالفاتها الدولية بما يتجاوز شراكتها القائمة منذ فترة طويلة مع الغرب.
ويأتي التقاء القوة الصناعية والاقتصادية الآسيوية مع عملاق الطاقة الخليجي، فيما تشهد العلاقات السعودية مع واشنطن توترا خصوصا على خلفية مسألة حقوق الإنسان، وأيضا دعم الرياض لقيود إنتاج النفط قبل انتخابات التجديد النصفي التي شهدتها الولايات المتحدة في نوفمبر، بحسب "فرانس 24".
كل هذا في وقت يعتبر فيه الرئيس الأمريكي جو بايدن الوضع منافسة عالمية بين الديمقراطيات والأنظمة المستبدة، ويجعل منه محور عهدته الرئاسية.
ويبدو أن الرئيس شي جينبينج يسعى من خلال زيارته لضرب عصفورين بحجر واحد، فمن المقرر أن يعقد قمتين، الأولى خليجية-صينية، والثانية عربية-صينية يحضرهما قادة دول المنطقة الذين شرعوا في التوافد على العاصمة السعودية.
وحسب الخارجية الصينية، فإن برنامج شي جينبيج يمثل "أكبر نشاط دبلوماسي على نطاق واسع بين الصين والعالم العربي منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية".
وبالنسبة للسعودية، فإن الصين تقدم فرصة لتحقيق مكاسب اقتصادية دون التوترات التي انعكست على العلاقات مع واشنطن.
وتحتفظ بكين بعلاقات جيدة مع خصم الرياض الإقليمي إيران. وهي لا تبدي اهتماما يذكر للانخراط في معالجة المخاوف السياسية أو الأمنية السعودية في المنطقة.
ورغم أن العلاقات الاقتصادية لا تزال ترتكز على المصالح ذات الصلة بالطاقة، فقد اتسعت العلاقات الثنائية في ظل النهضة الخليجية فيما يتعلق بالبنية التحتية والتكنولوجيا، وهي جزء من خطط التنويع التي تكتسب أهمية مع سعي العالم للابتعاد عن الوقود الأحفوري.
وتسائلت "فرانس 24" عن طبيعة ما تجسده زيارة شي جينبينج إلى السعودية و طبيعة وتاريخ العلاقات الصينية-العربية، وما إذا تمارس الصين سياسة ملء الفراغ بالمنطقة في ظل تراجع النفوذ الأمريكي. كما تسائلت عن تحالف "أوبك بلاس" والنفط وأزمة الطاقة و مصلحة الدول العربية في تطوير العلاقة مع الصين.
*ما الذي تجسده زيارة الرئيس الصيني إلى السعودية؟
بالنسبة إلى الباحث في الشؤون الآسيوية وائل عواد فإنه: "لا شك بأن زيارة الرئيس الصيني إلى المملكة العربية السعودية تعد فرصة كبيرة للصين، لزيادة الاستثمارات وتعزيز الشراكة الاستراتيجية مع دول المنطقة، التي تعد منطقة حيوية لأمن الطاقة وتقع على خط الحرير الجديد الذي تبناه الرئيس الصيني عبر مبادرة حزام واحد، طريق واحد. وبعد أن اعتمدت سياسة القوة الناعمة غيّرت الصين الآن من مذهبها الاستراتيجي، حيث إنها تسعى لحماية مصالحها وكسب الدول العربية والإسلامية لصفها".
بدورها، قالت الصحفية الصينية سعاد ياي شين هوا إن "من المؤكد أن هذه الزيارة مهمة للغاية في تعزيز العلاقات الثنائية بين الصين والدول العربية. فأولا، يعتبر حضور الرئيس في القمة الصينية العربية الأولى تحركا دبلوماسيا صينيا تجاه العالم العربي وهو أكبر حجما وأعلى مستوى منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية. وقد أكدت الصين بأنه سيصبح علامة فارقة في تاريخ العلاقات الصينية-العربية.
ومنذ 2012، واصلت الشراكة الاستراتيجية الصينية-العربية في التقدم، حيث حققت الجهود المشتركة لبناء "الحزام والطريق" نتائج مثمرة. وتم التوقيع على اتفاقيات إطار المبادرة بين الصين وعشرين دولة عربية. على صعيد آخر، يشهد العالم تغيرات هائلة، وأمام التحديات العالمية، هناك التوافق السياسي المشترك والاكتمال الاقتصادي الكبير بين الصين والدول العربية، بما يسهم كثيرا في مساعدة كل منهما للتغلب على المشاكل".
وأضافت: "تتوقع الصين استغلال فرصة القمة الصينية-العربية الأولى للعمل مع الدول العربية على تكريس الصداقة التاريخية، ومواصلة تعميق معادلة التعاون الشاملة الأبعاد والمتعددة المستويات والواسعة النطاق بين الجانبين، للتوصل إلى المزيد من التوافقات بين الجانبين في التعامل السياسي والتعاون الاقتصادي والتجاري، وكذلك في بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك، وبما فيها التعاون الثنائي بين الجانبين في بعض المجالات التقليدية مثل الطاقة والزارعة، بالإضافة إلى الاقتصاد الرقمي والفضاء. فضلا عن ذلك، من المحتمل أن يتوقع الجانبان التوصل للمزيد من التوافقات المشتركة في المواضيع المهمة على المحافل الدولية، مثل أزمة أوكرانيا وانتعاش الاقتصاد العالمي".
من جهته، يضيف الصحفي الصيني نادر رونج هوان بأن "هذه الزيارة تجسد عمق العلاقات الاستراتيجية بين الصين والسعودية، والدول العربية كذلك، ونية الطرفين في تعميق هذه الشراكة الاستراتيجية في شتى المجالات".
*ما طبيعة وتاريخ العلاقات الصينية-العربية؟
يرى وائل عواد بأن العلاقات الصينية-العربية "اتسمت بالودية وحسن الجوار لأن الصين ابتعدت عن التدخل في شؤون هذه الدول وحافظت على علاقات طيبة معها جميعا. كما هنالك رغبة من السعودية لكسب الصين إلى صالحها وتنويع سلة عملاتها وشراء الأسلحة الصينية وزيادة الاستثمارات المشتركة في المملكة، التي وضعت رؤية جديدة هي رؤية 2030. كما توفر الصين التقنيات المتطورة التي تحتاجها المنطقة دون شروط مسبقة".
أما الصحفية الصينية سعاد ياي شين هوا فقالت إن "تاريخ العلاقات بين الصين والدول العربية يرجع إلى ما قبل أكثر من 2000 سنة. يمكن أن نلاحظ أن حماية السلام وتعميق التعاون وتعزيز التواصل والتعلم وبناء مجتمع ومصير مشترك بين الصين والدول العربية ما زال ولا يزال التيار الرئيسي للعلاقات بين الجانبين.
وأضافت: وقد نشرت وزارة الخارجية الصينية مؤخرا تقريرا عن التعاون الصيني-العربي في العصر الحديث، جاء فيه بأن هذا التعاون نموذج للتعاون بين دول الجنوب. وفي المجال السياسي، دعمت الصين والدول العربية بعضها البعض في المحافل الدولية. كما تلتزم الصين والدول العربية بحماية تعددية الأقطاب ومعارضة قطب واحد. أما في المجال الاقتصادي، فتتمتع الصين والدول العربية بدرجة عالية من المزايا التكاملية اقتصاديا، وأصبحت الدول العربية أهم موردي الطاقة وشركاء التعاون الاقتصادي والتجاري للصين، وهي توفر نصف الواردات الصينية من النفط الخام لزمن طويل".
وقالت: "يتعمق التعاون العملي المرتكز على النفط الخام والبتروكيماويات بين الجانبين، مما أقام علاقات الشراكة الاستراتيجية المستقرة والموثوق بها بينهما في مجال الطاقة. بالإضافة إلى ذلك، تشهد التبادلات والتعاون بين الجانبين في الصناعة تطورا سريعا. وفي الوقت الحالي، يتوسع مجال التعاون هذا إلى الفضاء والتكنولوجيا، فيمكن أن نقول إن هذا التعاون شامل ومثمر. تجدر الإشارة إلى أن هذا التعاون يجري على الأساس الاحترام المتبادل والكسب المتبادل. وبالنسبة للصين، فإن الدول العربية توفر كميات كبيرة من الطاقة. بالإضافة إلى تلقي الصين لدعم كبير من الدول العربية في الأمم المتحدة خاصة المواضيع المهمة بما فيها مسألة تايوان.
وتابعت: أعتقد أن الدول العربية تستفيد من الأسواق الصينية الواسعة. من جهة أخرى، يتقدم التعاون الصيني-العربي في مجالات الاستثمارات الصناعية والتواصل والترابط والمقاولات الهندسية على نحو معمق، هناك العديد من المشاريع التي بنتها الصين تنتشر في الدول العربية، بما فيها مسجد الجزائر الأعظم وإستاد لوسيل في قطر، كلها حققت منافع اقتصادية واجتماعية جيدة، ما يصب في مصلحة كل جانب من الجانبين".
من جانبه، أوضح الصحفي الصيني نادر رونج هوان بأن "هناك صداقة تقليدية وهناك دعم متبادل بين الصين والدول العربية منذ زمن طويل. كذلك هناك تجارب تاريخية متشابهة بين الصين والدول العربية، حيث كانت الصين أيضا تحت ما يشبه حالة استعمار. وهناك أيضا طموح مشترك بتحقيق التنمية ونهضة الأمة. أيضا فإن هذه العلاقة تشهد تطورا سريعا خلال السنوات الأخيرة، فقد تم إنشاء شراكة استراتيجية شاملة بين الصين والسعودية وغيرها من الدول العربية، وهناك تكامل لاقتصاداتها وكذلك مواقف متشابهة في كثير من القضايا الدولية".
*هل تمارس الصين سياسة ملء الفراغ؟
اعتبر وائل عواد بأن "الولايات المتحدة الأمريكية لم تتعامل مع دول الخليج كدول ذات سيادة وكانت وما زالت تبحث عن مصالحها في المقام الأول، حتى خلال الحرب الروسية على أوكرانيا فقد أرادت عزل روسيا على حساب مصالح دول الخليج المصدرة للنفط. لذلك فقد فشلت إدارة الرئيس جو بايدن في فرض مطالبها على الدول الخليجية للتأثير على قرارات إنتاج النفط، وهذا مؤشر على ضعف النفوذ الأمريكي في العالم ومنه في الدول العربية والخليجية.
وأضاف: ثم إن إدارة بايدن تبتعد عن المملكة المتمثلة اليوم بولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لأنها تريد إدانة المملكة بالوقوف وراء اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر 2011. لذلك لم تعد واشنطن هي المهيمن الأول عالميا فيما باتت الرياض تتوجه شرقا للبحث عن نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب".
ورأت الصحفية سعاد ياي شين هوا بأن "هناك توافقات ومصالح مشتركة بين الصين ودول الخليج وبالخصوص السعودية في العديد من المجالات. فرغم أن العلاقات الدبلوماسية بين الصين والسعودية ترجع إلى فترة التسعينيات من القرن الماضي، إلا أن العلاقات والتبادلات بينهما شهدت تطورا سريعا في مختلف المجالات، وخاصة بفضل تطبيق مبادرة الحزام والطريق ورؤية 2030 السعودية.
و أضافت: تجدر الإشارة إلى أن الصين تطور علاقاتها مع دول منطقة الشرق الأوسط ليس من أجل تحقيق الهيمنة السياسية أو المواجهة مع دولة أخرى في هذه المنقطة، بل لتعزيز تعاونها التجاري مع دول المنطقة في المجالات المختلفة. وتقوم هذه العلاقات على أساس المساواة والمنفعة المتبادلة. وتعتقد الصين أن شعوب الشرق الأوسط هم سادة هذه المنطقة التي تعتبر مهد الحضارات. كما ترى بأن الشرق الأوسط ليس فناء خلفيا لأي دولة، ولا يوجد ما يسمى ب"الفراغ" بهذه المنطقة. كما أن هناك العديد من الدول التي تشارك في مبادرة الحزام والطريق، وهناك نقاط مشتركة بين هذه المبادرة والسياسات للعديد من الدول بهذه المنطقة. كما يحقق التعاون بين الصين ودول الشرق الأوسط مصالحة مشتركة، وهولا يستهدف أية دولة أو ملء فراغ تركته دولة أخرى".
وقال الصحفي نادر رونج هوان إن "الصين لا تسعى إلى ملء الفراغ، بل إن التعاون الصيني-العربي لا يتناقض مع أية آليات تعاون أخرى في هذه المنطقة. فما تريده الصين هو تحقيق المصالح المشتركة من خلال هذا التعاون وتعميقه، ولا تستهدف أي طرف ثالث. كما أن التعاون يأتي بنية مشتركة من كلا الطرفين".
*ماذا عن تحالف "أوبك بلاس" والنفط وأزمة الطاقة؟
أوضح الباحث في الشؤون الآسيوية د. وائل عواد بأن "الحرب الروسية-الأوكرانية وجائحة فيروس كورونا زادتا من أزمة أمن الطاقة بعد استقرار في أسعار النفط عام 2017. كما لعبت مجموعة أوبك بلاس دورا كبيرا في ذلك. لكن اليوم، يعاني العالم من أزمة طاقة سوف تزداد حرجا خلال فصل الشتاء، فيما كل دولة متمسكة بسياستها الخاصة لتأمين احتياجات مواطنيها من الطاقة. إضافة إلى ذلك، هناك صعوبة في زيادة الإنتاج وهناك من يشكك بضرورة استمرار تحالف أوبك بلاس على الرغم من أن استمراريته هامة في عالم الطاقة في الوقت الذي تتفاقم فيه الأزمة العالمية، مع استمرار محاصرة روسيا ووضع سقف لأسعار نفطها".
وأوضحت شين هوا في هذا المجال بأن الصين "تعتبر أكبر شريك تجاري للدول العربية، حيث يشهد التعاون بينهما تطورا مستمرا في مجال الطاقة، في ظل توفر الدول العربية على كميات كبيرة من الطاقة، وهي تحتل مكانة هامة في إنتاج النفط والغاز الطبيعي وغيرهما من الطاقات المهمة بالعالم. والصين هي مستورد كبير للطاقة. فيمكن أن نتوقع أن يسهم تعزيز التعاون بين الصين والدول العربية في هذا المجال في ضمان استقرار الأسواق الدولية للطاقة. وفي الوقت الحالي، يعمل الجانبان على إقامة شراكة استراتيجية قائمة على أساس المنفعة المتبادلة والصداقة الطويلة الأمد في مجال الطاقة. وتبذل جهودا مشتركة لإقامة معادلة تعاون في مجال الطاقة تتخذ النفط والغاز كمحرك والطاقة النووية كمساهم والطاقة النظيفة كمسرّع".
وأضافت شين هوا: "أما في مجال الطاقة التقليدية، يتطور نمط العمل في مجال النفط والغاز بين الجانبين ليشمل سلسلة الصناعة بأكملها التي تغطي التنقيب والاستخراج والتكرير والتخزين والنقل للنفط والغاز. وقد تم إنجاز حزمة من المشاريع النموذجية مثل مصفاة ينبع في السعودية. في 2021، استوردت الصين 264 مليون طن من النفط الخام من الدول العربية، وذلك يعادل 51.47 بالمئة من إجمالي الواردات الصينية من النفط الخام في نفس الفترة. وفي مجال الطاقة المتجددة، تعمل الصين على توسيع التعاون مع الدول العربية في مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية وغيرها.. ".
كما قال رونج هوان إن "الصين تدعم مجموعة أوبك بلاس في إصدار قراراتها المستقلة خاصة ما يخص قواعد الأسواق، وكذلك أمام أزمة الطاقة العالمية حيث إن الصين تريد تعميق التعاون مع هذه الدول لحل مثل تلك المشاكل ومواجهة هذه الأزمة وذلك من خلال تنويع مصادر الطاقة مثل استغلال الطاقة الشمسية والنووية وغيرهما من الطاقات المتجددة".
*ما مصلحة الدول العربية في تطوير العلاقة مع الصين؟
يرى وائل عواد بأن "من مصلحة الدول العربية تعزيز علاقتها مع الشرق وبخاصة الهند والصين، لأنها من الدول الرئيسية المستهلكة للطاقة. كما أن مستقبل العالم هو الشرق وهذا يخدم مصالحنا الوطنية بما فيه مصلحة شعوب المنطقة. وعلى القادة العرب البحث عن مصلحة شعوبهم وتعزيز انتمائهم إلى الشرق حضاريا وثقافيا واقتصاديا واجتماعيا، والابتعاد عن التحالفات الدولية العدائية والصراع بين القوى العظمى قبل أن تتحول إلى أحجار شطرنج في لعبة الكبار".
كما اعتبرت الصحفية الصينية سعاد ياي شين هوا بأن "التعاون بين الصين والدول العربية لا يقتصر على الجانب الاقتصادي فقط، بل أنه يتناول كافة المجالات. ففي المجال السياسي، تعارض كل من الصين والدول العربية الهيمنة وسياسة القوة والتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لأية دولة من دول العالم، ويدعم كل منهما التعددية واختيار كل شعب طريقه الخاص لتنمية بلاده. وفي المحافل الدولية، يدعم الجانبان الصيني والعربي بعضهما البعض، ما يسهم كثيرا في ضمان حقوق شعوبهما. كما هناك التعاون المثمر بين الصين والدول العربية في مجالات التبادلات الثقافية والصحة ومكافحة الوباء، حيث قد أعلنت 4 دول عربية عن إدراج اللغة الصينية في منظومة التعليم الوطني لها، وتم افتتاح كلية اللغة الصينية في 15 دولة عربية، وتم إنشاء 20 معهد كونفوشيوس وفصلي كونفوشيوس في 13 دولة عربية. كما يشهد تعليم اللغة العربية في الصين تطورا كبيرا، وفي الوقت الحالي، هناك أكثر من 50 جامعة ومعهد في أرجاء الصين تدرس العربية. كل هذا التبادل الثقافي يساعد الشعب الصيني والشعوب العربية على معرفة بعضهم البعض، وتعميق التواصل والصداقة التقليدية بينهما.
وتابعت: أما في إطار مكافحة الوباء الناجم عن فيروس كورونا المستجد، فقد تضامنت وتآزرت الصين والدول العربية بروح الفريق الواحد منذ حدوث الجائحة، وأجرت تعاونا فعالا في مجالات تطوير اللقاحات واستخدامها والوقاية والسيطرة المشتركة وتقاسم الخبرات والأدوية العلاجية وغيرها، ما شكّل قدوة يحتذى بها للتعاون العالمي في مكافحة الجائحة، وذلك يعد تجسيدا حيا لتشارك الصين والدول العربية في المستقبل المشترك".
هذا، وقال الصحفي نادر رونج هوان إن "مصلحة الدول العربية في تطوير العلاقة مع الصين تكمن في جوانب كثيرة، مثلا في مجال الطاقة، حيث إن الصين هي أكبر مستورد للنفط في العالم ولديها أسواق كبيرة لاستيعاب هذه الطاقة الإنتاجية للدول النفطية. كذلك فإن للصين تفوقا كبيرا في مجال البنية التحتية وكذا التكنولوجيا في مجالات الطيران والفضاء والطاقة المتجددة وكذلك الاتصالات. كما أن للصين خبرة في مجال التنمية يمكن أن تساعد الدول العربية في بناء خطوط الإنتاج المحلية وتحسين معيشة شعوبها، مثلا من خلال نشر المقاولات ومشاريع التعاون في البنى التحتية وتنويع مصادر الطاقة، لذلك فإن التعاون يكون دائما بهدف تحقيق المصلحة المشتركة، ويمكن أن يلبي حاجات الدول العربية خصوصا في التنمية وتحسين حياة المواطنين في تلك المنطقة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.