رئيس جامعة حلوان يهنئ السيسي والقوات المسلحة بذكرى تحرير سيناء    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الثلاثاء 23 أبريل 2024    الثلاثاء 23 أبريل 2024 .. استقرار أسعار الحديد والأسمنت اليوم    قتيل في استهداف مسيّرة إسرائيلية لسيارة في جنوب لبنان    مواجهتان في الدوري المصري.. مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء    ذروتها الأربعاء.. الأرصاد تكشف تفاصيل تعرض البلاد لموجه حارة لمدة 72 ساعة (فيديو)    الدفاع الياباني: قوات أمريكية تشارك في عملية البحث عن طاقمي مروحتين تحطمتا بالمحيط الهادي    الدفاعات الأوكرانية: دمرنا جميع الطائرات المسيرة التي أطلقتها موسكو خلال الليل    الرئيس البولندي: منفتحون على نشر أسلحة نووية على أراضينا    طلاب الجامعة الأمريكية يطالبون الإدارة بوقف التعاون مع شركات داعمة لإسرائيل    بداية التوقيت الصيفي تزامنا مع تطبيق المواعيد الجديدة لغلق المحال الجمعة المقبلة    فريق «سيدات يد الأهلي» يواجه أبيدجان في ربع نهائي كأس الكؤوس الإفريقية    أمير هشام يكشف حالة محمد عواد من المشاركة في مباراة دريمز الغاني    استقرار أسعار الفاكهة في سوق العبور اليوم الثلاثاء 23 أبريل    مصرع سائق في تصادم سيارتين على صحراوي سوهاج    قرار عاجل بشأن مافيا الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي بالقاهرة    التصريح بدفن جثة شاب لقى مصرعه بسبب جرعة هيروين زائدة بالقليوبية    «الاتجاه التطبيقي في الجغرافيا».. ندوة بجامعة القاهرة لخدمة المجتمع    سلوى محمد علي تدير ماستر كلاس سيد رجب بالإسكندرية للفيلم القصير    وزير خارجية إيران: نأسف لقرار الاتحاد الأوروبي فرض قيود "غير قانونية" على طهران    محافظ شمال سيناء يستقبل وزير الشباب والرياضة    الثانوية العامة 2024.. تعرف علي مواصفات ورقة امتحان اللغة الأجنبية الثانية    23 أبريل 2024.. تراجع الدولار وارتفاع اليورو مقابل الروبل في بورصة موسكو اليوم    مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2024/2025: تعزيز الدعم والمنح الاجتماعية    التهاب الجيوب الأنفية الحاد: أعراض ووقاية    أزمة لبن الأطفال في مصر.. توفر بدائل وتحركات لتحديد أسعار الأدوية    بدرية طلبة تشارك جمهورها فرحة حناء ابنتها وتعلن موعد زفافها (صور)    نيللي كريم تظهر مع أبطال مسلسل ب100 وش.. وتعلق: «العصابة رجعت»    الإفتاء: لا يحق للزوج أو الزوجة التفتيش فى الموبايل الخاص    مصر تستهدف زيادة إيرادات ضريبة السجائر والتبغ بنحو 10 مليارات جنيه في 2024-2025    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 23-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    فاروق جعفر يضع خطة للزمالك للفوز على دريمز الغاني    إزالة 14 حالة تعد بمركز ومدينة التل الكبير بمحافظة الإسماعيلية    نجاة طفل تشبث أسفل قطار مسافة 100 كيلومتر    ملتقى القاهرة الأدبي.. هشام أصلان: القاهرة مدينة ملهمة بالرغم من قسوتها    مصرع عامل دهسه قطار الصعيد في مزلقان سمالوط بالمنيا    لبنان.. شهيد جراء قصف طيران الجيش الإسرائيلي سيارة في محيط بلدة عدلون    اتحاد الكرة يوضح حقيقة وقف الدعم المادي لمشروع «فيفا فورورد»    أستاذ مناعة يحذر من الباراسيتامول: يسبب تراكم السموم.. ويؤثر على عضلة القلب    إجازة كبيرة للموظفين.. عدد أيام عطلة شم النسيم 2024 للقطاعين بعد ترحيل عيد العمال    بشرى سارة لجمهور النادي الأهلي بشأن إصابات الفريق    بعد وفاته في تركيا، من هو رجل الدين اليمني عبد المجيد الزنداني؟    بلينكن ينفي "ازدواجية المعايير" في تطبيق القانون الأمريكي    نصائح مهمة لمرضى الجهاز التنفسي والحساسية خلال الطقس اليوم    الكونجرس يشعر بالخطر.. أسامة كمال: الرهان على الأجيال الجديدة    اتحاد عمال مصر ونظيره التركي يوقعان اتفاقية لدعم العمل النقابي المشترك    خلال ساعات العمل.. أطعمة تجعل الجسم أكثر نشاطا وحيوية    عامر حسين: الأهلي احتج على مشاركة حارس الاتحاد السكندري    علي هامش انعقاد مؤتمر الاتحاد العربي.. 11 دولة عربية في ضيافة النقابة العامة للغزل والنسيج بالقاهرة    الشرطة تداهم أوكار الكيف.. سقوط 85 ديلر مخدرات في الإسكندرية    "بأقل التكاليف"...أفضل الاماكن للخروج في شم النسيم 2024    علي جمعة عن سبب تقديم برنامج نور الدين: ربنا هيحاسبني على سكوتي    دعاء في جوف الليل: اللهم اجمع على الهدى أمرنا وألّف بين قلوبنا    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 23 أبريل في محافظات مصر    مصرع شخص وإصابة 2 في تصادم 3 تريلات نقل بالوادي الجديد    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    علي جمعة: منتقدو محتوى برنامج نور الدين بيتقهروا أول ما نواجههم بالنقول    مستدلاً بالخمر ولحم الخنزير.. علي جمعة: هذا ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير يرصد مصالح الدول العربية في التقارب مع الصين
نشر في الشروق الجديد يوم 09 - 12 - 2022

اعتبرت قناة "فرانس 24" أن زيارة الرئيس الصيني شي جينبينج إلى السعودية تجسد واقعا جديدا ومنعطفا تاريخيا للمنطقة، التي ينظر لها منذ زمن بعيد كبؤرة نفوذ حصري للولايات المتحدة خصوصا عبر تواجدها العسكري، إلا أنه في ظل توتر العلاقات بين الرياض وواشنطن أصبحت ترتسم صورة أخرى عن التقارب الأمريكي السعودي.
كما أن هذه الزيارة مؤشر على التغير الحاصل في العلاقات الدولية، لعالم تريده الصين وروسيا ودول أخرى متعدد الأقطاب. فيما يبقى التساؤل الجوهري: ما مصلحة العرب في هذا التحول والتقارب مع العملاق الآسيوي.
وأثارت زيارة الرئيس الصيني إلى السعودية التي بدأها الأربعاء، انتقادات أمريكية ليست بالمفاجئة، مع تحذير البيت الأبيض للمملكة شريكها الاستراتيجي بالمنطقة، من أن محاولة بكين توسيع نفوذها في العالم "لا تتلاءم" مع النظام الدولي.
في المقابل، ترى الصين في هذه الزيارة "أكبر مبادراتها الدبلوماسية على الإطلاق" مع العالم العربي، وهي تتزامن مع سعي الرياض لتوسيع تحالفاتها الدولية بما يتجاوز شراكتها القائمة منذ فترة طويلة مع الغرب.
ويأتي التقاء القوة الصناعية والاقتصادية الآسيوية مع عملاق الطاقة الخليجي، فيما تشهد العلاقات السعودية مع واشنطن توترا خصوصا على خلفية مسألة حقوق الإنسان، وأيضا دعم الرياض لقيود إنتاج النفط قبل انتخابات التجديد النصفي التي شهدتها الولايات المتحدة في نوفمبر، بحسب "فرانس 24".
كل هذا في وقت يعتبر فيه الرئيس الأمريكي جو بايدن الوضع منافسة عالمية بين الديمقراطيات والأنظمة المستبدة، ويجعل منه محور عهدته الرئاسية.
ويبدو أن الرئيس شي جينبينج يسعى من خلال زيارته لضرب عصفورين بحجر واحد، فمن المقرر أن يعقد قمتين، الأولى خليجية-صينية، والثانية عربية-صينية يحضرهما قادة دول المنطقة الذين شرعوا في التوافد على العاصمة السعودية.
وحسب الخارجية الصينية، فإن برنامج شي جينبيج يمثل "أكبر نشاط دبلوماسي على نطاق واسع بين الصين والعالم العربي منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية".
وبالنسبة للسعودية، فإن الصين تقدم فرصة لتحقيق مكاسب اقتصادية دون التوترات التي انعكست على العلاقات مع واشنطن.
وتحتفظ بكين بعلاقات جيدة مع خصم الرياض الإقليمي إيران. وهي لا تبدي اهتماما يذكر للانخراط في معالجة المخاوف السياسية أو الأمنية السعودية في المنطقة.
ورغم أن العلاقات الاقتصادية لا تزال ترتكز على المصالح ذات الصلة بالطاقة، فقد اتسعت العلاقات الثنائية في ظل النهضة الخليجية فيما يتعلق بالبنية التحتية والتكنولوجيا، وهي جزء من خطط التنويع التي تكتسب أهمية مع سعي العالم للابتعاد عن الوقود الأحفوري.
وتسائلت "فرانس 24" عن طبيعة ما تجسده زيارة شي جينبينج إلى السعودية و طبيعة وتاريخ العلاقات الصينية-العربية، وما إذا تمارس الصين سياسة ملء الفراغ بالمنطقة في ظل تراجع النفوذ الأمريكي. كما تسائلت عن تحالف "أوبك بلاس" والنفط وأزمة الطاقة و مصلحة الدول العربية في تطوير العلاقة مع الصين.
*ما الذي تجسده زيارة الرئيس الصيني إلى السعودية؟
بالنسبة إلى الباحث في الشؤون الآسيوية وائل عواد فإنه: "لا شك بأن زيارة الرئيس الصيني إلى المملكة العربية السعودية تعد فرصة كبيرة للصين، لزيادة الاستثمارات وتعزيز الشراكة الاستراتيجية مع دول المنطقة، التي تعد منطقة حيوية لأمن الطاقة وتقع على خط الحرير الجديد الذي تبناه الرئيس الصيني عبر مبادرة حزام واحد، طريق واحد. وبعد أن اعتمدت سياسة القوة الناعمة غيّرت الصين الآن من مذهبها الاستراتيجي، حيث إنها تسعى لحماية مصالحها وكسب الدول العربية والإسلامية لصفها".
بدورها، قالت الصحفية الصينية سعاد ياي شين هوا إن "من المؤكد أن هذه الزيارة مهمة للغاية في تعزيز العلاقات الثنائية بين الصين والدول العربية. فأولا، يعتبر حضور الرئيس في القمة الصينية العربية الأولى تحركا دبلوماسيا صينيا تجاه العالم العربي وهو أكبر حجما وأعلى مستوى منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية. وقد أكدت الصين بأنه سيصبح علامة فارقة في تاريخ العلاقات الصينية-العربية.
ومنذ 2012، واصلت الشراكة الاستراتيجية الصينية-العربية في التقدم، حيث حققت الجهود المشتركة لبناء "الحزام والطريق" نتائج مثمرة. وتم التوقيع على اتفاقيات إطار المبادرة بين الصين وعشرين دولة عربية. على صعيد آخر، يشهد العالم تغيرات هائلة، وأمام التحديات العالمية، هناك التوافق السياسي المشترك والاكتمال الاقتصادي الكبير بين الصين والدول العربية، بما يسهم كثيرا في مساعدة كل منهما للتغلب على المشاكل".
وأضافت: "تتوقع الصين استغلال فرصة القمة الصينية-العربية الأولى للعمل مع الدول العربية على تكريس الصداقة التاريخية، ومواصلة تعميق معادلة التعاون الشاملة الأبعاد والمتعددة المستويات والواسعة النطاق بين الجانبين، للتوصل إلى المزيد من التوافقات بين الجانبين في التعامل السياسي والتعاون الاقتصادي والتجاري، وكذلك في بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك، وبما فيها التعاون الثنائي بين الجانبين في بعض المجالات التقليدية مثل الطاقة والزارعة، بالإضافة إلى الاقتصاد الرقمي والفضاء. فضلا عن ذلك، من المحتمل أن يتوقع الجانبان التوصل للمزيد من التوافقات المشتركة في المواضيع المهمة على المحافل الدولية، مثل أزمة أوكرانيا وانتعاش الاقتصاد العالمي".
من جهته، يضيف الصحفي الصيني نادر رونج هوان بأن "هذه الزيارة تجسد عمق العلاقات الاستراتيجية بين الصين والسعودية، والدول العربية كذلك، ونية الطرفين في تعميق هذه الشراكة الاستراتيجية في شتى المجالات".
*ما طبيعة وتاريخ العلاقات الصينية-العربية؟
يرى وائل عواد بأن العلاقات الصينية-العربية "اتسمت بالودية وحسن الجوار لأن الصين ابتعدت عن التدخل في شؤون هذه الدول وحافظت على علاقات طيبة معها جميعا. كما هنالك رغبة من السعودية لكسب الصين إلى صالحها وتنويع سلة عملاتها وشراء الأسلحة الصينية وزيادة الاستثمارات المشتركة في المملكة، التي وضعت رؤية جديدة هي رؤية 2030. كما توفر الصين التقنيات المتطورة التي تحتاجها المنطقة دون شروط مسبقة".
أما الصحفية الصينية سعاد ياي شين هوا فقالت إن "تاريخ العلاقات بين الصين والدول العربية يرجع إلى ما قبل أكثر من 2000 سنة. يمكن أن نلاحظ أن حماية السلام وتعميق التعاون وتعزيز التواصل والتعلم وبناء مجتمع ومصير مشترك بين الصين والدول العربية ما زال ولا يزال التيار الرئيسي للعلاقات بين الجانبين.
وأضافت: وقد نشرت وزارة الخارجية الصينية مؤخرا تقريرا عن التعاون الصيني-العربي في العصر الحديث، جاء فيه بأن هذا التعاون نموذج للتعاون بين دول الجنوب. وفي المجال السياسي، دعمت الصين والدول العربية بعضها البعض في المحافل الدولية. كما تلتزم الصين والدول العربية بحماية تعددية الأقطاب ومعارضة قطب واحد. أما في المجال الاقتصادي، فتتمتع الصين والدول العربية بدرجة عالية من المزايا التكاملية اقتصاديا، وأصبحت الدول العربية أهم موردي الطاقة وشركاء التعاون الاقتصادي والتجاري للصين، وهي توفر نصف الواردات الصينية من النفط الخام لزمن طويل".
وقالت: "يتعمق التعاون العملي المرتكز على النفط الخام والبتروكيماويات بين الجانبين، مما أقام علاقات الشراكة الاستراتيجية المستقرة والموثوق بها بينهما في مجال الطاقة. بالإضافة إلى ذلك، تشهد التبادلات والتعاون بين الجانبين في الصناعة تطورا سريعا. وفي الوقت الحالي، يتوسع مجال التعاون هذا إلى الفضاء والتكنولوجيا، فيمكن أن نقول إن هذا التعاون شامل ومثمر. تجدر الإشارة إلى أن هذا التعاون يجري على الأساس الاحترام المتبادل والكسب المتبادل. وبالنسبة للصين، فإن الدول العربية توفر كميات كبيرة من الطاقة. بالإضافة إلى تلقي الصين لدعم كبير من الدول العربية في الأمم المتحدة خاصة المواضيع المهمة بما فيها مسألة تايوان.
وتابعت: أعتقد أن الدول العربية تستفيد من الأسواق الصينية الواسعة. من جهة أخرى، يتقدم التعاون الصيني-العربي في مجالات الاستثمارات الصناعية والتواصل والترابط والمقاولات الهندسية على نحو معمق، هناك العديد من المشاريع التي بنتها الصين تنتشر في الدول العربية، بما فيها مسجد الجزائر الأعظم وإستاد لوسيل في قطر، كلها حققت منافع اقتصادية واجتماعية جيدة، ما يصب في مصلحة كل جانب من الجانبين".
من جانبه، أوضح الصحفي الصيني نادر رونج هوان بأن "هناك صداقة تقليدية وهناك دعم متبادل بين الصين والدول العربية منذ زمن طويل. كذلك هناك تجارب تاريخية متشابهة بين الصين والدول العربية، حيث كانت الصين أيضا تحت ما يشبه حالة استعمار. وهناك أيضا طموح مشترك بتحقيق التنمية ونهضة الأمة. أيضا فإن هذه العلاقة تشهد تطورا سريعا خلال السنوات الأخيرة، فقد تم إنشاء شراكة استراتيجية شاملة بين الصين والسعودية وغيرها من الدول العربية، وهناك تكامل لاقتصاداتها وكذلك مواقف متشابهة في كثير من القضايا الدولية".
*هل تمارس الصين سياسة ملء الفراغ؟
اعتبر وائل عواد بأن "الولايات المتحدة الأمريكية لم تتعامل مع دول الخليج كدول ذات سيادة وكانت وما زالت تبحث عن مصالحها في المقام الأول، حتى خلال الحرب الروسية على أوكرانيا فقد أرادت عزل روسيا على حساب مصالح دول الخليج المصدرة للنفط. لذلك فقد فشلت إدارة الرئيس جو بايدن في فرض مطالبها على الدول الخليجية للتأثير على قرارات إنتاج النفط، وهذا مؤشر على ضعف النفوذ الأمريكي في العالم ومنه في الدول العربية والخليجية.
وأضاف: ثم إن إدارة بايدن تبتعد عن المملكة المتمثلة اليوم بولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لأنها تريد إدانة المملكة بالوقوف وراء اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر 2011. لذلك لم تعد واشنطن هي المهيمن الأول عالميا فيما باتت الرياض تتوجه شرقا للبحث عن نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب".
ورأت الصحفية سعاد ياي شين هوا بأن "هناك توافقات ومصالح مشتركة بين الصين ودول الخليج وبالخصوص السعودية في العديد من المجالات. فرغم أن العلاقات الدبلوماسية بين الصين والسعودية ترجع إلى فترة التسعينيات من القرن الماضي، إلا أن العلاقات والتبادلات بينهما شهدت تطورا سريعا في مختلف المجالات، وخاصة بفضل تطبيق مبادرة الحزام والطريق ورؤية 2030 السعودية.
و أضافت: تجدر الإشارة إلى أن الصين تطور علاقاتها مع دول منطقة الشرق الأوسط ليس من أجل تحقيق الهيمنة السياسية أو المواجهة مع دولة أخرى في هذه المنقطة، بل لتعزيز تعاونها التجاري مع دول المنطقة في المجالات المختلفة. وتقوم هذه العلاقات على أساس المساواة والمنفعة المتبادلة. وتعتقد الصين أن شعوب الشرق الأوسط هم سادة هذه المنطقة التي تعتبر مهد الحضارات. كما ترى بأن الشرق الأوسط ليس فناء خلفيا لأي دولة، ولا يوجد ما يسمى ب"الفراغ" بهذه المنطقة. كما أن هناك العديد من الدول التي تشارك في مبادرة الحزام والطريق، وهناك نقاط مشتركة بين هذه المبادرة والسياسات للعديد من الدول بهذه المنطقة. كما يحقق التعاون بين الصين ودول الشرق الأوسط مصالحة مشتركة، وهولا يستهدف أية دولة أو ملء فراغ تركته دولة أخرى".
وقال الصحفي نادر رونج هوان إن "الصين لا تسعى إلى ملء الفراغ، بل إن التعاون الصيني-العربي لا يتناقض مع أية آليات تعاون أخرى في هذه المنطقة. فما تريده الصين هو تحقيق المصالح المشتركة من خلال هذا التعاون وتعميقه، ولا تستهدف أي طرف ثالث. كما أن التعاون يأتي بنية مشتركة من كلا الطرفين".
*ماذا عن تحالف "أوبك بلاس" والنفط وأزمة الطاقة؟
أوضح الباحث في الشؤون الآسيوية د. وائل عواد بأن "الحرب الروسية-الأوكرانية وجائحة فيروس كورونا زادتا من أزمة أمن الطاقة بعد استقرار في أسعار النفط عام 2017. كما لعبت مجموعة أوبك بلاس دورا كبيرا في ذلك. لكن اليوم، يعاني العالم من أزمة طاقة سوف تزداد حرجا خلال فصل الشتاء، فيما كل دولة متمسكة بسياستها الخاصة لتأمين احتياجات مواطنيها من الطاقة. إضافة إلى ذلك، هناك صعوبة في زيادة الإنتاج وهناك من يشكك بضرورة استمرار تحالف أوبك بلاس على الرغم من أن استمراريته هامة في عالم الطاقة في الوقت الذي تتفاقم فيه الأزمة العالمية، مع استمرار محاصرة روسيا ووضع سقف لأسعار نفطها".
وأوضحت شين هوا في هذا المجال بأن الصين "تعتبر أكبر شريك تجاري للدول العربية، حيث يشهد التعاون بينهما تطورا مستمرا في مجال الطاقة، في ظل توفر الدول العربية على كميات كبيرة من الطاقة، وهي تحتل مكانة هامة في إنتاج النفط والغاز الطبيعي وغيرهما من الطاقات المهمة بالعالم. والصين هي مستورد كبير للطاقة. فيمكن أن نتوقع أن يسهم تعزيز التعاون بين الصين والدول العربية في هذا المجال في ضمان استقرار الأسواق الدولية للطاقة. وفي الوقت الحالي، يعمل الجانبان على إقامة شراكة استراتيجية قائمة على أساس المنفعة المتبادلة والصداقة الطويلة الأمد في مجال الطاقة. وتبذل جهودا مشتركة لإقامة معادلة تعاون في مجال الطاقة تتخذ النفط والغاز كمحرك والطاقة النووية كمساهم والطاقة النظيفة كمسرّع".
وأضافت شين هوا: "أما في مجال الطاقة التقليدية، يتطور نمط العمل في مجال النفط والغاز بين الجانبين ليشمل سلسلة الصناعة بأكملها التي تغطي التنقيب والاستخراج والتكرير والتخزين والنقل للنفط والغاز. وقد تم إنجاز حزمة من المشاريع النموذجية مثل مصفاة ينبع في السعودية. في 2021، استوردت الصين 264 مليون طن من النفط الخام من الدول العربية، وذلك يعادل 51.47 بالمئة من إجمالي الواردات الصينية من النفط الخام في نفس الفترة. وفي مجال الطاقة المتجددة، تعمل الصين على توسيع التعاون مع الدول العربية في مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية وغيرها.. ".
كما قال رونج هوان إن "الصين تدعم مجموعة أوبك بلاس في إصدار قراراتها المستقلة خاصة ما يخص قواعد الأسواق، وكذلك أمام أزمة الطاقة العالمية حيث إن الصين تريد تعميق التعاون مع هذه الدول لحل مثل تلك المشاكل ومواجهة هذه الأزمة وذلك من خلال تنويع مصادر الطاقة مثل استغلال الطاقة الشمسية والنووية وغيرهما من الطاقات المتجددة".
*ما مصلحة الدول العربية في تطوير العلاقة مع الصين؟
يرى وائل عواد بأن "من مصلحة الدول العربية تعزيز علاقتها مع الشرق وبخاصة الهند والصين، لأنها من الدول الرئيسية المستهلكة للطاقة. كما أن مستقبل العالم هو الشرق وهذا يخدم مصالحنا الوطنية بما فيه مصلحة شعوب المنطقة. وعلى القادة العرب البحث عن مصلحة شعوبهم وتعزيز انتمائهم إلى الشرق حضاريا وثقافيا واقتصاديا واجتماعيا، والابتعاد عن التحالفات الدولية العدائية والصراع بين القوى العظمى قبل أن تتحول إلى أحجار شطرنج في لعبة الكبار".
كما اعتبرت الصحفية الصينية سعاد ياي شين هوا بأن "التعاون بين الصين والدول العربية لا يقتصر على الجانب الاقتصادي فقط، بل أنه يتناول كافة المجالات. ففي المجال السياسي، تعارض كل من الصين والدول العربية الهيمنة وسياسة القوة والتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لأية دولة من دول العالم، ويدعم كل منهما التعددية واختيار كل شعب طريقه الخاص لتنمية بلاده. وفي المحافل الدولية، يدعم الجانبان الصيني والعربي بعضهما البعض، ما يسهم كثيرا في ضمان حقوق شعوبهما. كما هناك التعاون المثمر بين الصين والدول العربية في مجالات التبادلات الثقافية والصحة ومكافحة الوباء، حيث قد أعلنت 4 دول عربية عن إدراج اللغة الصينية في منظومة التعليم الوطني لها، وتم افتتاح كلية اللغة الصينية في 15 دولة عربية، وتم إنشاء 20 معهد كونفوشيوس وفصلي كونفوشيوس في 13 دولة عربية. كما يشهد تعليم اللغة العربية في الصين تطورا كبيرا، وفي الوقت الحالي، هناك أكثر من 50 جامعة ومعهد في أرجاء الصين تدرس العربية. كل هذا التبادل الثقافي يساعد الشعب الصيني والشعوب العربية على معرفة بعضهم البعض، وتعميق التواصل والصداقة التقليدية بينهما.
وتابعت: أما في إطار مكافحة الوباء الناجم عن فيروس كورونا المستجد، فقد تضامنت وتآزرت الصين والدول العربية بروح الفريق الواحد منذ حدوث الجائحة، وأجرت تعاونا فعالا في مجالات تطوير اللقاحات واستخدامها والوقاية والسيطرة المشتركة وتقاسم الخبرات والأدوية العلاجية وغيرها، ما شكّل قدوة يحتذى بها للتعاون العالمي في مكافحة الجائحة، وذلك يعد تجسيدا حيا لتشارك الصين والدول العربية في المستقبل المشترك".
هذا، وقال الصحفي نادر رونج هوان إن "مصلحة الدول العربية في تطوير العلاقة مع الصين تكمن في جوانب كثيرة، مثلا في مجال الطاقة، حيث إن الصين هي أكبر مستورد للنفط في العالم ولديها أسواق كبيرة لاستيعاب هذه الطاقة الإنتاجية للدول النفطية. كذلك فإن للصين تفوقا كبيرا في مجال البنية التحتية وكذا التكنولوجيا في مجالات الطيران والفضاء والطاقة المتجددة وكذلك الاتصالات. كما أن للصين خبرة في مجال التنمية يمكن أن تساعد الدول العربية في بناء خطوط الإنتاج المحلية وتحسين معيشة شعوبها، مثلا من خلال نشر المقاولات ومشاريع التعاون في البنى التحتية وتنويع مصادر الطاقة، لذلك فإن التعاون يكون دائما بهدف تحقيق المصلحة المشتركة، ويمكن أن يلبي حاجات الدول العربية خصوصا في التنمية وتحسين حياة المواطنين في تلك المنطقة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.