رغم مرور أكثر من خمسة أسابيع على قرار الإخلاء الكامل للمبنى الجنوبى للمعهد القومى للأورام «الوضع مازال مأسويا داخل المعهد بدءا من ضياع ملفات بعض المرضى انتهاء بتشتت الأطباء ما بين ثلاث جهات لمباشرة العلاج» هذا ما أكده أحد الأطباء بالمعهد فضل عدم ذكر اسمه وقصد بالجهات الثلاث مستشفى الطلبة بطاقة 31 سريرا والمنيل التخصصى بطاقة 18 سريرا بالإضافة إلى المعهد، وتابع «تعبنا من الانتقال نريد مستشفى كوحدة واحدة، نريد مستشفى هارمل التى وافقت حرم رئيس الجمهورية من قبل على منحها للمعهد». ورصدت «الشروق» عبر زيارات متعددة للمعهد وجود بعض مظاهر الارتباك وعدم الرضا علاوة على عدم الانتهاء من عملية الإخلاء بشكل كامل. رغم لغة الشكر الموجه لإدارة المعهد التى سمعتها «الشروق» من قبل كثير من الأطباء والممرضين الذين بذلوا الجهود فى ضوء الإمكانات القليلة المتاحة، إلا أننا كشفنا بعض أوجه الإهمال نتيجة لقرار الإخلاء، فبالقرب من شباك تذاكر قسم الجراحة وقفت سيدة عجوز تقترب من الثمانين تشتكى من ضياع ملفها قالت لنا «الموظفة المسئولة كل يوم بتقولى تعالى بكره وأنا صاحبة مرض» وتتابع «ولما قلت لها حشتكى للمدير» قال لها أحد الأطباء الذين مروا بجانبها «ياريت تشتكى». ضياع الملفات ليست حالة واحدة ليست السيدة العجوز هى الحالة الوحيدة التى تعرضت لضياع الملف فقد رصدنا شكاوى لاختفاء نتائج التحاليل لبعض المرضى، وعدم توافرها على شبكة الكمبيوتر، وكان هناك ما بين 3 و4 حالات تشكو من ضياع ملفاتهم، وذكر أحد المرضى أن تذكرته رقمها 13430 ولم يجد ملفه رغم تسجيل تاريخ تسلمها بالكمبيوتر، وقال مريض آخر إنه حصل على تذكرة بتاريخ 14/2 فى عيادة الصدر أو الجراحة ثم أخذ كارت متابعة 20/2 فى عيادة الباطنة، ولم يجد ملفه وبعد انتظار دام لأربع ساعات اكتشف البعض أن الموظفة سجلت تذكرته خطأ، كما رصدت الشروق يوم السبت الماضى مريضا آخر طلب منه الموظف المختص الحضور الثلاثاء بعد اختفاء الملف. نقل قسم الأرشيف وعبر تواصلنا مع بعض الموظفين بالمعهد قالوا إن سبب اختفاء بعض الملفات يرجع الى عملية نقل قسم الأرشيف أو الإحصاء من المبنى الجنوبى مع استمرار صرف تذاكر المرضى نتيجة إصرار إدارة المعهد على عدم توقف استقبال المرضى خلال فترة النقل حفاظا على حياتهم، قالوا إن هناك يوميا ألف حالة تأتى لطلب العلاج أو للمتابعة وهذا شىء مرهق فى ظل الأوضاع الحالية. وضعنا هذه الوقائع أمام د.حاتم أبوالقاسم نائب المدير فنفى حدوث ذلك وقال «لم تأت لى شكاوى من هذه النوعية»، وتابع «حتى لو حدث وضاع ملف فإنه من السهل عمل بدل فاقد له» لكنه أشار إلى أن الحصول على بعض الملفات قد يستغرق من ثلاث إلى أربع ساعات وعلى المريض أن ينتظر كل هذا الوقت فقط للحصول عليه، بالإضافة إلى أن عدم الانتهاء من كتابة بعض تقارير المرضى وتسجيل بياناتهم تؤدى الى تعطل العمل نظرا لأن الموظفة المسئولة لا تستطيع كتابة من 50 إلى 60 تقريرا فى اليوم، وألمح أبوالقاسم إلى حاجة المعهد إلى مزيد من المتطوعين والتبرعات فى هذه الفترة الصعبة. الإخلاء الكامل لم يتم بعد ورغم مرور أكثر من خمسة أسابيع على قرار إخلاء المبنى الجنوبى، فإن أعمال الإخلاء لم تنته حتى مثول جريدة الشروق للطبع، فمازالت عيادات الأطفال تستقبل حالات بهذا المبنى، نتيجة تأخر استكمال إنشاء عيادات سريعة بلوكات خشبية فى المبنى الأوسط بسبب مشكلات فنية وصفها أبوالقاسم بأنها تتعلق بمد الكهرباء وشبكات للصرف الصحى وكلها أمور هندسية فى يد شركة وادى النيل وليست المسئول عنها إدارة المعهد. اجتماع طارئ لقسم الجراحة أمام كل هذه الأوضاع عقد أطباء قسم الجراحة بالمعهد اجتماعا طارئا استطاعت «الشروق» الحصول على نسخة من المحضر لمناقشة الظروف الناشئة عن قرار رئيس الجامعة بإخلاء المبنى الجنوبى، جاء فى المحضر: «رغم الظروف غير المواتية للعمل بمستشفى الطلبة والمنيل التخصصى وتشتيت جهود القسم وحفاظا على أرواح المرضى واستمرار لرسالة القسم، فقد قرر المجتمعون بتوقيع د.وحيد يسرى رئيس قسم الجراحة الاستمرار فى العمل مع المطالبة بالإسراع فى إنهاء العلميات بالمبنى الشمالى وتذليل جميع العقبات التى تحول دون ذلك واشترطوا أن يتم تسكين هذه العلميات خلال شهر من الآن». ووجه المجلس الشكر لرئيس جامعة القاهرة بسبب جهوده التى نتج عنها تخصيص مستشفى التجمع الخامس وأربعين فدانا بمحافظة 6 أكتوبر لبناء ملحق جديد لمعهد الأورام، وذكر أعضاء المجلس أنه خلال العشرين عاما الماضية قد تم تخصيص أرض فى أماكن مختلفة بالهرم و6 أكتوبر للمعهد، ورغم ذلك لم يتم اتخاذ أى خطوات فى هذه المشروعات، كذلك وجهوا الشكر إلى إدارة المعهد على مجهوداتهم فى إعادة ترتيب العمل فى الجزء المتاح بالمبنى الشمالى والأوسط وخارج المعهد. وشجب المجلس تصريحات وزير التعليم العالى والبحث العلمى بشأن اقتراحه بهدم مبنى المعهد وتحويله إلى جراج وعارضوا هذا الاتجاه بشدة وقالوا «لن نسمح بأى تفريط تحت أى مسمى فى مبانى المعهد باعتباره رمزا من رموز الطب والعلم فى مصر» وأعلنوا موافقتهم على أى إضافة للمعهد». موقف احتجاجى وأضاف محضر المجلس «يشجب المجلس الموقف المتخاذل والمعادى للمعهد من وزارة الصحة ومحاولة إظهار أن مراكز الأورام الموجودة بالأقاليم هى البديل عن المعهد القومى للأورام» ووصفها المحضر «بمحاولة الصيد فى المياه العكرة وإيهام المجتمع بغير الحقيقة» وانتهى مجلس القسم بمناشدة أعضاء قسم الجراحة بالتوقف عن العمل فى هذه المراكز كموقف احتجاجى على هذا الموقف.