ترى ماريا تاديو مراسلة تلفزيون بلومبرج في بروكسل أنه لم يكن من قبيل المفاجأة أن تسقط إيطاليا مجددا في براثن الأزمة. وأوضحت "تاديو"، في تحليلها الذي نشرته وكالة بلومبرج للأنباء، أن الدائرة السياسية التي بدأت بزلزال شعبوي في إيطاليا في عام 2018، والتي جمعت بين القوى الهامشية لليسار واليمين في إطار ائتلاف غير مألوف، انتهت بنفس الطريقة التي بدأت بها- ولكنها سببت صدمة مريرة للنظام، واضطراب في الأسواق يهدد مستقبل إيطاليا، كما ساعدت بقوة في صعود حزب "إخوان إيطاليا"، اليميني المتطرف، وفي سقوط رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي، الذي لم يستطع في نهاية المطاف الفرار من "مكائد روما". ويبدو أن لا أحد يحظى بخروج نظيف من الحكومة، ولا حتى دراجي، ذلك الرجل الذي يعود إليه الفضل في إنقاذ اليورو، مهما كان حجم ما يتمتع به من إشادة، أو تقدير دولي، حيث إن المجال السياسي في إيطاليا أمر شخصي. وبالنسبة للموجودين خارج الدوائر الإيطالية، فإن الأمر جاء بمثابة صدمة عاصفة سياسية في خضم حرب أوكرانيا، وقبل ساعات قليلة من اجتماع بالغ الأهمية للبنك المركزي الأوروبي. وترى تاديو إنه سيكون من الصعب على نحو متزايد إنقاذ البلاد من صدمات السوق التي صنعتها بنفسها. وبدأت الأزمة على يد جوزيب كونتي، زعيم حزب حركة خمس نجوم والذي شارك في تفكيك الائتلاف، ثم أجهز عليه ماتيو سالفيني، زعيم حزب الرابطة الإيطالية، ماتيو سالفيني، بانسحابه من التصويت على سحب الثقة، والذي كان من شأنه أن يؤدي إلى بقاء دراجي رئيسا للوزراء حتى الربيع. والمفارقة أن الرجلين كانا جزء مما أطلق عليه "حكومة التغيير" في إيطاليا، والتي جمعت بين حزبي "إخوان إيطاليا" و"حركة خمس نجوم" في عام 2018، والتي تعهدت ببعث الحياة في أوصال السياسة الإيطالية. ولكن التجربة فشلت على نحو بائس، وعلى الإيطاليين أن يستوعبوا الآن أن الجمع بين النقيضين داخل مؤسساتهم الرئيسية ليس أفضل من سياسة المؤسسة الحاكمة، أو هو أكثر صعوبة. وبحسب تحليل بلومبرج، هناك حاجة لمحاسبة النفس فيما يتعلق بالأخطاء- ولماذا حدثت- قبل أن تكرس الانتخابات المقبلة السياسة الفاسدة لفترة أطول.