أمين الأعلى للشئون الإسلامية خلال لقاء مفتي أذربيجان: مصر حامية السلام بقيادتها وأزهرها    سعر الذهب اليوم في مصر ينخفض بمنتصف تعاملات الجمعة 30-5-2025    تعاون مشترك لتشغيل المجمعات الحكومية بقرى "حياة كريمة"    مصر تشارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة للمستوطنات البشرية بكينيا    الأمم المتحدة: 100% من سكان غزة معرضون لخطر المجاعة    ترامب يتحدّى أوامر القضاء.. وواشنطن تُخفي الأزمة الدستورية تحت عباءة القانون    الكرملين: بوتين يؤيد مبدئيا إمكانية عقد لقاء يجمعه مع زيلينسكي وترامب    طهران: تقرير الاستخبارات النمساوية المشكك في سلمية البرنامج النووي الإيراني كاذب    أرنولد إلى ريال مدريد مقابل 10 ملايين يورو    رسميا.. ريال مدريد يقرر ضم أرنولد قادما من ليفربول    حريق يلتهم شقة سكنية في الظاهر    بعد «come back to me» الشعبية.. يوسف جبريال يشكر تامر حسني عبر السوشيال ميديا (فيديو)    مصطفى كامل يطرح أغنية كتاب مفتوح    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة لتيسير الأمور وقضاء الحوائج.. ردده الآن    خطيب الحرم المكي يدعو الحجاج على الالتزام ويشدد لا حج دون تصريح    نائب وزير الصحة يتفقد عددا من المنشآت الصحية فى البحر الأحمر    ألم الجانب الأيسر من الظهر.. إليك 7 أسباب    كأس العالم للأندية.. ريال مدريد يعلن رسميا ضم أرنولد قادما من ليفربول    ليلة في حب وردة وبليغ حمدي.. «الأوبرا» تحتفي بروائع زمن الفن الجميل    ديو "إهدى حبة" يتصدر التريند.. ديانا حداد والدوزي يشعلان الصيف    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد الشهيد بالقليوبية    أول تعليق من أسامة نبيه بعد قرعة كأس العالم للشباب    جامعة قناة السويس تواصل تمكين طلابها.. الملتقى التوظيفي السادس ب"السياحة والفنادق" يجمع كبرى المؤسسات    ضبط 9 عناصر إجرامية بحوزتهم 33 كيلو مخدرات ب«أسوان ودمياط»    رئيس هيئة الاعتماد والرقابة الصحية يستقبل وفد اتحاد المستشفيات العربية    سعر الخضار والفاكهة اليوم الجمعة 30 مايو 2025 فى المنوفية.. الطماطم 12جنيه    نقابة المهندسين تبدأ فى تسفير أفواج الحجاج إلى الأراضي المقدسة    جيش الاحتلال يعلن انضمام لواء كفير إلى الفرقة 36 للقتال في خان يونس    الجامعات الخاصة والأهلية تفتح باب التقديم المبكر للعام الدراسي الجديد.. قائمة بالمؤسسات المعتمدة.. ووزير التعليم العالي يوجه بسرعة إعلان نتائج الامتحانات    رئيس التنظيم والإدارة يستعرض التجربة المصرية في تطبيق معايير الحوكمة    تكبير ودعاء وصدقة.. كيف ترفع أجرك في أيام ذي الحجة؟    ريا أبي راشد: أجريت مقابلة تلفزيونية مع مات ديمون بعد ولادة ابنتي بيومين فقط    ذكرى رحيل "سمراء النيل" مديحة يسري.. وجه السينما المبتسم الذي لا يُنسى    إمام عاشور يحسم الجدل: باقٍ مع الأهلي ولا أفكر في الرحيل    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن البحر الأحمر    "الشربيني": بدء إرسال رسائل نصية SMS للمتقدمين ب"سكن لكل المصريين 5" بنتيجة ترتيب الأولويات    غدا.. وزير الصناعة والنقل يلتقي مستثمري البحيرة لبحث التحديات الصناعية    ملاكي دخلت في موتوسيكل.. كواليس مصرع شخص وإصابة 3 آخرين بحادث تصادم بالحوامدية    رئيسة القومي للمرأة تلتقي الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف    القومي للبحوث يرسل قافلة طبية إلى قرية دمهوج -مركز قويسنا- محافظة المنوفية    طريقك أخضر‌‍.. تفاصيل الحالة المرورية الجمعة 30 مايو بشوارع وميادين القاهرة الكبرى    المضارون من الإيجار القديم: مد العقود لأكثر من 5 سنوات ظلم للملاك واستمرار لمعاناتهم بعد 70 عامًا    ماكرون يتحدث مجددا عن الاعتراف بدولة فلسطينية.. ماذا قال؟    انخفاض أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة    مصرع وإصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بطريق مصر السويس الصحراوي    رئيس وزراء اليابان يحذر من التوتر بشأن الرسوم الجمركية الأمريكية    «عانت بشدة لمدة سنة».. سبب وفاة الفنانة سارة الغامدي    مصرع شاب و إصابة أخر في تصادم موتوسيكل بأخر في المنوفية    3 ساعات حذِرة .. تحذير بشأن حالة الطقس اليوم : «شغلوا الكشافات»    «تعامل بتشدد».. تعليق ناري من طاهر أبو زيد على انسحاب الأهلي من القمة    موعد مباراة الاتحاد والقادسية في نهائي كأس خادم الحرمين والقنوات الناقلة    «مالوش طلبات مالية».. إبراهيم عبد الجواد يكشف اقتراب الزمالك من ضم صفقة سوبر    منصات إطلاق صواريخ وقذائف.. إسرائيل تقصف مواقع عسكرية ل حزب الله اللبناني    "فوز إنتر ميامي وتعادل الإسماعيلي".. نتائج مباريات أمس الخميس 29 مايو    البرلمان يوافق نهائيًا على تعديلات قوانين الانتخابات    "الإفتاء توضح" بعد الجدل الدائر.. حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟    العرض الموسيقي «صوت وصورة» يعيد روح أم كلثوم على مسرح قصر النيل    هل يجوز الجمع بين نية صيام العشر من ذي الحجة وأيام قضاء رمضان؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القرارات الاستراتيجية فى زمن الحرب

من أصعب المسئوليات الملقاة على عاتق الحكومات فى مختلف الدول صنع واتخاذ القرارات الاستراتيجية، وهى تلك المتعلقة ببقاء الدولة ومصالحها القومية العليا وأمنها القومى والارتقاء بجودة حياة مواطنيها، وإذا كانت تلك المسئوليات صعبة فى الظروف العادية؛ فهناك بالتأكيد معضلة معقدة فى زمن الحرب، فالدول تحدد مصالحها وأهدافها فى ضوء مواردها وقدراتها وتشمل علاقاتها بالدول الأخرى، ولذلك تسعى الدول جميع إلى العيش فى وئام وسلام وتغليب التعاون على الصراع وما قد يؤدى إليه من حروب مدمرة، تعوق تحقيق المصالح القومية العليا.
بيد أن العالم لا يسير على هذه الأمانى، لأن جزءا كبيرا من العلاقات الداخلية والدولية يقوم على الإدراك، والذى قد لا يتوافق مع الحقائق السياسية والظروف الاقتصادية، ومن ثم؛ يتحكم أحيانا سوء الإدراك فى العلاقات بين الدول، ومع ذلك تحاول الدول أن تنأى بنفسها عن تصعيد التوتر الناجم عن سوء الفهم، وبالرغم من أن الدول عبارة عن مؤسسات ومسئوليات ومواطنين يتفاعلون معا وقت الشدائد؛ فإن العديد من الدول لجأت إلى إنشاء ومؤسسات خاصة للتعامل مع المواقف التى ترقى إلى الأزمات وتحاول تقديم بدائل لصناع القرار؛ ففى عام 1947، أنشأت الولايات المتحدة مجلس الأمن القومى، والذى يسعى إلى تقديم بدائل وسيناريوهات لرئيس الدولة عند الضرورة، وقامت دول عديدة بإنشاء مجالس مماثلة. وظيفة هذه المجالس وغيرها من المؤسسات ذات الصلة ربط أهداف الدولة بمواردها وقدراتها ومحيطها الإقليمى والدولى، ووزن الاختيارات بموازين غاية فى الدقة والحساسية، وإلى أى مدى تحقق مصالح الدولة وتحد من المخاطر التى تواجهها.
•••
تثير الحرب الروسية الأوكرانية أسئلة صعبة حول كيفية صناعة واتخاذ القرارات المصيرية لطرفى الحرب، وكذلك الولايات المتحدة وأوروبا وغيرها، هل درس رئيس أوكرانيا زيلينسكى قرار الدخول فى حرب مع روسيا دراسة متأنية وكافية؟ وهل فصل شرق وجنوب أوكرانيا وتدمير البنية التحتية يعد ثمنا معقولا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبى وحلف الناتو؟ وهل راهن على التورط المباشر لحلف الناتو فى الحرب الدائرة اليوم؟ وهل اعتقد أن تدفق الولايات المتحدة إلى البنك المركزى الأوكرانى وتوريد الأسلحة من أوروبا والولايات المتحدة يمكنه من هزيمة روسيا؟ أم أنه قد غالى فى تقديراته وقدراته، وقلل من القدرات الروسية سواء العسكرية أو الاقتصادية؟ لا شك أنه بعد أربعة أشهر من الحرب الضروس، والتى لا توجد أية مؤشرات لاحتوائها أو إنهائها، يمكن القول بأن الرئيس زيلينسكى قد أساء التقدير باتخاذه قرارا بالحرب لا يمكن أن يكسبها ومن العسير أن تنضم إليه دول أخرى إلا إذا اتخذت قرارات استراتيجية غير رشيدة.
أما بالنسبة للولايات المتحدة وأوروبا، بالفعل هناك معضلة كبيرة تواجهها؛ فلا يمكن أن يصمتا على تهديد روسيا لأوكرانيا واحتمالات ضمها فى حالة تحقيق انتصار ساحق عليها؛ لأن ذلك يشكل سابقة خطيرة تهدد الأمن الأوروبى وتهدد الدور العالمى للولايات المتحدة، من ثم؛ يجب تطويق روسيا واحتواؤها وإجهادها وإفشال جميع خطط الرئيس بوتين لإعادة مجد الإمبراطورية الروسية، بيد أنه لا يمكن المغامرة بالدخول فى حرب مباشرة مع روسيا خشية تصاعدها إلى حرب نووية تقضى على الجميع، ولكن يمكن استخدام أوكرانيا للحرب بالوكالة عنها، ويمكن كذلك فرض حزمة معقدة من العقوبات الاقتصادية على روسيا تستهدف إفقارها وتجويع شعبها وعزلها فى حرب استنزاف لا تقدر عليها، والسؤال هل درست الولايات المتحدة وأوروبا انعكاس تلك العقوبات على مواطنيها أنفسهم فى ضوء اعتماد أوروبا بصورة كبيرة على النفط والغاز الطبيعى الروسى؟
أثبتت الشهور الأربعة المنصرمة أن هناك مبالغة غربية فى تأثير العقوبات القاتل على روسيا، وسوء تقدير لآثار تلك العقوبات على الشعب الأمريكى وشعوب أوروبا، بالفعل ارتفع معدل التضخم وزاد معدل البطالة، واختفت سلع استهلاكية مهمة من أماكن بيعها وارتفع سعر الوقود، وبدأ الانكماش فى الظهور، واضطرت سلاسل بيع مهمة وعالمية إلى إغلاق فروع عديدة لها والاستغناء عن العاملين بها، بل إن العقوبات والغموض حول مد أوروبا بالنفط والغاز الطبيعى الروسى من عدمه أدى إلى ارتفاع ثمن الوقود بصورة زادت من الموارد المالية لروسيا ودفعت إلى تقوية الروبل فى مواجهة العملات الأخرى، من الواضح أن عملية صنع واتخاذ القرارات الاستراتيجية المتعلقة بالحرب الدائرة الآن لم تكن بالرشادة المتوقعة؛ فليس هناك ما يشير إلى تحقق أية مصالح قومية عليا للولايات المتحدة وأوروبا حتى اليوم، على العكس تماما؛ فقد انتهى الأمر إلى تجزئة أوكرانيا واستحالة انضمامها إلى حلف الناتو إذا كان انتهاء الحرب هدفا مهما لهذه الأطراف. فى ظل هذا المناخ الضبابى، انعقدت مجموعة السبع الكبرى وحلف الناتو، وصدرت عنهما قرارات استراتيجية مضمونها ينطوى على التودد إلى دول الجنوب تطويقا للصين وروسيا، واعتبار روسيا العدو الرئيسى لتهديد الأمن الأوروبى والأمريكى، هذا فضلا عن الالتزام غير المحدود بمساندة أوكرانيا فى الحرب الدائرة الآن، ولقد أضافت تلك القرارات إلى حالة الاستقطاب الدولى الحادة، والتى كانت قد خفت حدتها بعد سقوط الاتحاد السوفييتى عام 1990.
• • •
حينما اتخذ الرئيس بوتين قراره الاستراتيجى بالعمليات العسكرية ضد أوكرانيا كان يستهدف أولا إثناء الغرب عن ضم دول الجوار إلى الناتو لما يشكله ذلك من تهديد صريح للأمن القومى الروسى، وهو الذى اعترض من قبل على قيام الولايات المتحدة بنشر صواريخ متوسطة وطويلة المدى فى دول شرق أوروبا، وثانيا يستهدف بوتين إعادة تشكيل قيادة النظام الدولى بما يزيد من الدور العالمى لروسيا ويسمح بدور أقوى للصين، الحليف غير المعلن، وهما يقودان مجموعة البريكس، والتى أنشأت مؤسسات موازية للبنك الدولى وصندوق النقد الدولى، وتضم كذلك الهند وجنوب أفريقيا والبرازيل، وثالثا يستهدف دفع الولايات المتحدة إلى التركيز على الداخل الأمريكى وحسر نفوذها العالمى فى نطاقها الجغرافى، كما فعل الرئيس السابق ترامب حين دافع عن «أمريكا أولا»، حتى الآن وبالرغم من الخسائر الاقتصادية والعسكرية لروسيا إلا أنها لم تخسر المعركة حتى مع الولايات المتحدة وأوروبا.
فى خضم الحرب وتداعياتها المدمرة، كأزمة الغذاء والطاقة واضطراب خطوط الملاحة الدولية وانكماش حجم التجارة العالمية؛ فإن دول العالم الثالث وجدت نفسها فى حاجة إلى صنع واتخاذ قرارات استراتيجية مهمة ليس من بينها مع أى فريق تقف وتساند نظرا لحساسية أية خطوة فى هذا الصدد. هذه الدول هى الأكثر عرضة للخطر نظرا لاعتمادها على استيراد الغذاء والوقود والسلع والمواد الوسيطة للصناعة، ونظرا لافتقارها إلى العملات الأجنبية واعتمادها فى علاقاتها الخارجية على مدى توافر السلم والأمن الدوليين.
فى ظروف مختلفة كان يمكن أن تعيد هذه الدول روح عدم الانحياز وتلعب دورا إيجابيا فى تقريب وجهات النظر بين أطراف الصراع، وكان يمكن أن تنمى العلاقات البينية بصورة تحد من الآثار السلبية للحرب، بيد أن ظروف الاستقطاب الدولى الحاد، والحاجة الملحة إلى توفر السلع للمواطنين لم تسعف هذه الدول كى تلعب دورا أكثر إيجابية فى حرب لن يكون فيها منتصرا، ومع ذلك، وفى إطار ما يمكن أن تتمخض عنه الحرب بين إعادة تشكيل النظام الدولى. يمكن لهذه الدول أن تعيد ترتيب أدوارها وتتخذ قرارا استراتيجيا بالتكامل الاقتصادى فيما بينها انطلاقا من تكثيف الاعتماد المتبادل والتنسيق فى المواقف بين الأطراف المتصارعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.