وكأن العالم يتحمل حربًا عالمية جديدة تنقسم فيها القوى الدولية.. لنفاجأ بحرب تشنها روسيا التى ليست بالقوى السهلة أو الهينة فى النظام العالمى الجديد.. هذا النظام الذى سيطرت عليه الولاياتالمتحدةالأمريكية كقطب أوحد.. بعد انتهاء الحرب الباردة بتفكك الاتحاد السوفيتى، حرصت الولاياتالمتحدةالأمريكية على التحكم فى النظام العالمى، ولكن لا يمنع الأمر من وجود قوى أخرى وبزوغ أوروبا كقوى مؤثرة أيضا، على الرغم من تحيزها لصالح قوة الولاياتالمتحدة.. وفى الأعوام العشرة الأخيرة بدا واضحا عودة روسيا لترتيب أوضاعها لاستعادة ثقلها وتأثيرها الدولى.. وعلى الرغم من العقوبات الاقتصادية التى لم تؤثر فيها استطاعت أن تشكل تهديدا بالتعاون مع حلفائها فى الشرق مثل الصين وغيرها.. روسيا أصبحت تشعر بالتهديد من تشكيلات حلف الناتو الذى أصبح يستحوذ على دول كانت بالأمس القريب جزءًا من الاتحاد السوفيتى ولم تشفع معها أية ضمانات أمنية من قبل الولاياتالمتحدة، والخاصة بمنع المزيد من التوسع نحو الشرق لحلف الناتو.. والامتناع عن نشر أسلحة هجومية بالقرب من الحدود الروسية وإعادة القدرات العسكرية والبنية التحتية للحلف فى أوروبا إلى الوضع الذى كان عليه فى 1997 عندما تم التوقيع على القانون التأسيسى للعلاقات المشتركة والتعاون والأمن بين روسيا وحلف الناتو.. أصبح الوضع مثيرًا للقلق للجانب الروسى بقبول أوكرانيا فى الناتو.. الذى يعنى اقتراب البنية التحتية العسكرية للناتو من حدودها.. الأمر الذى سيختصر وقت وصول الصواريخ الأمريكية لموسكو إلى بضع دقائق، مما يشكل تهديدًا وجوديًا لروسيا ويدفعها للمواجهة مع الناتو.. مع تجاهل مطالب بوتين بالأخذ بمبدأ الأمن المتساوى وغير القابل للتجزئة بعدم تعزيز أمن دولة على حساب الدول الأخرى.. وأصبحت تحذيراته قبل الحرب غير مجدية.. فى الوقت الذى صعدت فيه أوكرانيا من ضغوطها القوية على السكان الناطقين بالروسية الذين يتعرضون للتمييز فى جمهوريتى دونيتسك ولوجانسك مما اعتبرته روسيا تأسيسًا للعداء معها على أرض أوكرانيا.. وبعد فشل الضغوط الدبلوماسية الروسية مع الغرب اتفجرت الأزمة، خاصة فى ظل تزويد الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلف الناتو أوكرانيا بالأسلحة.. فما كان سوى اندلاع الحرب التى لا يعرف أحد مداها.. ع لى ما يبدو سيناريو الحرب سيتطور فى صالح الجانب الروسى.. خاصة أن الدعم الموجه لأوكرانيا ليس كافيًا لإنهاء الحرب فى وقت قريب.. السيناريو الأقرب سيكون بسيطرة الجيش الروسى على كامل البلاد أو على معظمها.. والسقوط القريب لحكومة كييف.. ليتحول العالم لساحة حرب كبيرة تحوى مناطق مشتعلة يتم فيها استعراض القوى بدعوى حماية المصالح الجيواستراتيجية.. والتى ستتأثر بها جميع دول العالم حسب الجوار أو طبيعة وحجم المصالح المتبادلة الحاكمة لطبيعة العلاقات.