نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025 الدائرة الأولى فردي بكفر الشيخ    المحكمة الإدارية العليا تتلقى 8 طعون على نتيجة انتخابات مجلس النواب    رئيس جامعة الأزهر: العلاقات العلمية بين مصر وإندونيسيا وثيقة ولها جذور تاريخية    السيسي يبعث برقية تهنئة لرئيس الإمارات بمناسبة ذكرى الاحتفال باليوم الوطني    رئيس اقتصادية قناة السويس يلتقي شركات أمريكية كبرى في نيويورك    رئيس الوزراء يتابع تطوير الطرق المؤدية إلى مطار الإسكندرية الدوليّ    "نتنياهو": مصرون على بقاء إسرائيل آمنة من أي هجوم بري من المناطق الحدودية    بابا الفاتيكان يدعو اللبنانيين إلى عدم الإحباط والرضوخ لمنطق العنف    دعم الكوادر والقيادات.. تفاصيل اجتماع وزير الرياضة مع رئيس الاتحاد الدولي للسلاح    القنوات الناقلة لمباراة مصر والكويت في كأس العرب 2025.. دليلك الكامل للمشاهدة    برشلونة يعلن غياب دي يونج عن مواجهة أتلتيكو مدريد    كوارث جمهورية السيسي الجديدة…حريق بمخزن بلاستيك بالقليوبية وجثة فتاة بنهر النيل بأسوان ومصرع وإصابة العشرات فى حوادث مرورية    فتح باب التسجيل في دورة الدراسات السينمائية الحرة بقصر السينما    فى زيارته الأولى لمصر.. الأوبرا تستضيف العالمي ستيف بركات على المسرح الكبير    موعد مباراة مانشستر سيتي وفولهام بالدوري الإنجليزي والقناة الناقلة    الأهلي يدرس سيناريوهات مستقبل حمزة عبد الكريم بعد عرض برشلونة    تركيا: خطوات لتفعيل وتوسيع اتفاقية التجارة التفضيلية لمجموعة الثماني    الطقس غدا.. انخفاضات درجات الحرارة مستمرة وظاهرة خطيرة بالطرق    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو اعتداء شخص على حيوانات أليفة: مريض نفسي    مصرع طفل إثر اصطدام سيارة ملاكي به في المنوفية    رئيس اقتصادية قناة السويس: المنطقة منصة مثالية للشركات الأمريكية لعمليات التصنيع والتصدير    المغرب ضد جزر القمر .. أسود الأطلس يتقدمون بثلاثية في الشوط الأول    تعليم الغربية: تنظيم رحلة ل50 طالبا وطالبة للمتحف المصري الكبير    لأول مرة في الدراما التلفزيونية محمد سراج يشارك في مسلسل لا ترد ولا تستبدل بطولة أحمد السعدني ودينا الشربيني    مهرجان المنصورة لسينما الطفل يتلقى أكثر من 80 فيلمًا من دول العالم    أمن المنافذ يضبط 47 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة قيمتها 6 ملايين جنيه    زيلينسكي: وثيقة جنيف للسلام في أوكرانيا تم تطويرها بشكل جيد    بتكلفة 20 مليون جنيه.. رصف وتوسعة طريق بنى هلال في الشرقية    مدير الهيئة الوطنية للانتخابات: الاستحقاق الدستورى أمانة عظيمة وبالغة الحساسية    الأمم المتحدة: 50 مليون شخص حول العالم ضحايا الرق الحديث    مكتب نتنياهو: إسرائيل تستعد لاستلام عيّنات من الصليب الأحمر تم نقلها من غزة    وزير الصحة يبحث مع وزير المالية انتظام سلاسل توريد الأدوية والمستلزمات الطبية    6 نصائح تمنع زيادة دهون البطن بعد انقطاع الطمث    تحرير 141 مخالفة لمحال لم تلتزم بقرار مجلس الوزراء بالغلق لترشيد الكهرباء    بعد التحرك البرلماني.. كيف تحمي طفلك من انتشار الفيروسات في المدارس؟    محمود ناجى حكما لنهائى كأس ليبيا بين أهلى طرابلس وبنى غازى غدا    إسرائيليون يتظاهرون أمام منزل نتنياهو للمطالبة برفض العفو عنه    "الأوقاف": حجم مشاركة غير مسبوق في مسابقة القرآن الكريم العالمية    بعد جريمة التحرش بالأطفال في المدارسة الدولية، علاء مبارك يوجه رسالة قوية للآباء    سامح حسين: لم يتم تعيينى عضوًا بهيئة تدريس جامعة حلوان    وزير العمل يسلم 25 عقد عمل جديد لوظائف بدولة الإمارات    سلوت: محمد صلاح سيظل لاعبًا محترفًا من الطراز الرفيع    فيتامينات طبيعية تقوى مناعة طفلك بدون أدوية ومكملات    حوادث المدارس والحافز.. مشاهد تُعجل بنهاية "وزير التعليم" في الوزارة.. دراسة تحليلية.. بقلم:حافظ الشاعر    أمين عمر حكما لمباراة الجزائر والسودان في كأس العرب    الفيشاوي وجميلة عوض يعودان للرومانسية في فيلمهما الجديد «حين يكتب الحب»    ضبط 379 قضية مواد مخدرة فى حملات أمنية    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 2ديسمبر 2025 فى المنيا    اليوم .. إعلان نتائج المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    راقصا أمام أنصاره.. مادورو يمد غصن زيتون لواشنطن    أسعار اللحوم في أسواق محافظة أسوان — يوم الثلاثاء 2 ديسمبر 2025    بسبب الشبورة المائية وأعمال الصيانة، ارتفاع تأخيرات القطارات على خط بورسعيد    ما حكم الصلاة في البيوت حال المطر؟ .. الإفتاء تجيب    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    المخرج أحمد فؤاد: افتتاحية مسرحية أم كلثوم بالذكاء الاصطناعي.. والغناء كله كان لايف    سر جوف الليل... لماذا يكون الدعاء فيه مستجاب؟    طرد عضو بارز ب "حزب البديل" الألماني بعد إلقائه خطابا يقلد أسلوب هتلر (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما أحلى الرجوع إليها
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 07 - 2022

حين هاتفني الأستاذ الغالي جميل مطر سائلا عما إذا كنت أرغب في العودة إلى الكتابة لصفحة الرأي في جريدة الشروق، جرفتني اشتياقات ثلاثة إلى الشعور بالسعادة البالغة والرد الفوري بالإيجاب.
الاشتياق الأول هو إلى استئناف الكتابة لجريدة ذات مصداقية وتميز تصدر من أرض بلادي ويقوم عليها محررون وصحفيون محترمون يهتمون بقضايا وأحوال أهلنا ويقاربون تحولات الإقليم المحيط بنا والعالم من حولنا بعيون مصرية.
والاشتياق الثاني هو إلى تجديد التواصل المباشر مع قراء الشروق ومن خلالها مع قراء الصحافة المصرية الذين افتقدتهم بشدة خلال السنوات الماضية وخسرت أفكاري الكثير من جراء انقطاعها عن الاشتباك معها تفنيدا وتصويبا ودفعا إلى آفاق جديدة.
أما الاشتياق الثالث فهو إلى صفحة الرأي التي يربطني بمحررها "عشرة وصداقة عمر" وأقف منه موقف التلميذ من أستاذه منذ تعرفت عليه في ثمانينيات القرن الماضي أثناء الدراسة الأولى للعلوم السياسية في جامعة القاهرة. ضم الأستاذ جميل على مدار سنوات الشروق كوكبة رائعة من الكتاب إلى صفحة الرأي وأثرى من خلال إسهاماتهم المتنوعة النقاش العام في مصر ويشرفني للغاية أن أستأنف النشر في أوساطهم.
هي، إذا، وبعد سنوات من الغربة العودة إلى بيتي الصحفي، جريدة الشروق، كما أكدها لي أيضا الصديق العزيز عماد الدين حسين رئيس التحرير بدعوة كريمة للكتابة الأسبوعية (أيام السبت).
• • •
ما أشبه الليلة بالبارحة، قلت لنفسي ما أن شرعت في التفكير في هوية ووجهة مقالاتي القادمة للشروق. حين صدرت الجريدة في 2009 وكنت من بين كتاب رأيها، توافقت مع إدارة التحرير التي ترأسها الراحل العظيم الأستاذ سلامة أحمد سلامة (1932-2012) على التركيز على تداعيات القضايا الإقليمية والدولية على الشؤون المصرية. كان محل عملي آنذاك هو مؤسسة كارنيجي للسلام العالمي في العاصمة الأمريكية واشنطن، وكان في اشتباكي مع دنيا مراكز الأبحاث في الولايات المتحدة وأوروبا فرصة لاطلاع القراء الأعزاء على ما يدور من حولنا وما تحمله تحولات الإقليم والعالم من فرص وتهديدات لمصر وأمنها وتقدمها. واليوم وغربتي عن الشروق تزول، أستأنف الكتابة لها وأن أدير برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيجي وأشرف على فريق من الباحثات والباحثين يفكر في تحديات التغير المناخي والأمن الإنساني والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في إقليمنا والأدوار التي تلعبها القوى الكبرى من الولايات المتحدة وأوروبا إلى الصين وروسيا.
لذا، فإنني على قناعة تامة بأهمية تناولي لتداعيات القضايا الإقليمية والدولية علينا مع تطوير إسهامات المقالات القادمة باتجاه إضافي هو التفكير في سبل الحد من مخاطر ما يدور حولنا على مصر وتعظيم فرص الاستفادة الوطنية من عالم يتغير بسرعة على وقع الكوارث البيئية المتصاعدة وجائحة كورونا المستمرة وشبح الكساد الاقتصادي القادم والحرب الروسية على أوكرانيا وتغير التحالفات الإقليمية والدولية.
غير أن بعضا من الليلة لا يشبه البارحة. فبين البداية في 2009 والعودة في 2022، جرت مياه كثيرة في مساري المهني بين تفاعل مباشر مع الشأن المصري لسنوات ثم ابتعاد عنه لسنوات، بين حضور إعلامي وسياسي لسنوات قيمها الناس سلبا وإيجابا وابتعاد متعمد ومدروس عن الحضور لسنوات في غربة مارست بها النقد الذاتي لمجمل دوري واجتهدت لأخذ من نارها قبسا ينير الرؤية ويجدد الفكر، بين البحث والتدريس في جامعة القاهرة والجامعة الأمريكية بالقاهرة لسنوات وبين انتقال محل العمل البحثي والأكاديمي إلى جامعات متعددة في الولايات المتحدة وأوروبا لسنوات.
حين خاطبتني الشروق للعودة إليها، كان من بين خواطري الأولى هو إنني اكتشفت خلال السنوات الماضية فضيلة الصمت (فالغربة هي دار صمت أبدي مهما تعالت الأصوات من حول المرء) وأهمية التفكير الهادئ وضرورة مد النظر إلى ما وراء الأحداث الجارية والإلمام بخلفياتها ونتائجها دون التورط في التعليق السريع عليها أو تقييمها غير الموضوعي. لذا فإنني لن أوظف المقالات القادمة للثرثرة حول أحداث الساعة، بل سأعمل جاهدا على تناول القضايا المحورية في مصر والإقليم والعالم مستدعيا المعلومات والحقائق المتوفرة.
كان من بين خواطري أيضا هو إنني خلطت في سنوات الحضور الإعلامي والسياسي في مصر بين لغة المشارك المباشر والمتعجل لتقييم ما يدور في وطنه وبين لغة الدارس الأكاديمي والباحث المراقب الذي ينقب عن المعلومة والحقيقة قبل بناء الرأي وإصدار التقييم. وقد سبب ذلك ارتباكا في لغة مقالاتي الصحفية وتعليقاتي العلنية على شؤون المحروسة (في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي) أعترف به وأعتذر عنه من القراء الكرام وأعد بالابتعاد عن التورط به مجددا. بإيجاز أقول إنني لست راغبا في ألا أكون مفهوما ولا أريد التحذلق والفذلكة لإيهام الناس بالعلم والدراية، بل سأتعامل مع مقالات الشروق كمساحات لعرض واضح للأفكار التي تشرح الإقليم والعالم لمصر وتتفاعل مع أحوال بلادنا بعين تنظر إلى القضايا الحاكمة لأمننا وتنميتنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
غير أن خاطرة إضافية ترد هنا. فقد ابتعدت عن الحياة في الوطن خلال السنوات الماضية (منذ 2015). وتراجع بكل تأكيد إلمامي بتفاصيل شؤون المواطن والمجتمع والدولة. ولا أملك فيما يتعلق بالواقع الراهن سوى معرفة مستمدة من الأرقام والبيانات والخطط والقرارات والقوانين والوثائق والموازنات والبرامج. ويغيب عني التواجد بين الناس والاستماع إلى أفكارهم وآمالهم ومخاوفهم، ويغيب أيضا التواصل مع صناع القرار في المؤسسات الرسمية ومع صناع الرأي والفاعلين في المجتمع المدني والقطاع الخاص والإعلام. لذا، وأنا اليوم أقف على عتبة باب أمل العودة إلى بيتي الكبير مصر واستعادة التواصل مع أهلها الطيبين، لا أريد أن أتعجل في تناول أحوال المحروسة في المقالات القادمة إلى أن أتيقن، من جهة، بتوفري على شيء من الإلمام الموضوعي بالكثير الذي حدث خلال السنوات الماضية وأستمع، من جهة أخرى، في صمت وهدوء إلى رؤى وتقييمات المسؤولين الحكوميين وصناع الرأي خارج الدوائر الرسمية وعموم الناس دون تقييمات مسبقة أو ثرثرة متعجلة.
• • •
نحن أمام لحظة فارقة عالميا وإقليميا ومصريا. عالميا، يتسارع صراع القوى الكبرى على النفوذ العسكري والاقتصادي والسياسي وتداعيات التغير البيئي على المجتمعات المعاصرة وشبح الركود الاقتصادي. إقليميا، تتفاوت حظوظ بلدان الشرق الأوسط في ظل الارتفاعات القياسية لأسعار الطاقة والغذاء وإعادة الصياغة الجارية اليوم للتحالفات الإقليمية. مصريا، نحن أمام جادة الحكومة المصرية في إدارة تحديات مكافحة الإرهاب واستعادة أمن البلاد وتحقيق معدلات تنمية اقتصادية مرتفعة ومد شبكات الضمان الاجتماعي وفي معية التهديد الوجودي المستمر الذي يمثله التعنت الإثيوبي بشأن سد النهضة وأزمة الدين الخارجي وتحديات التغير البيئي الذي تترأس مصر قمته العالمية في الخريف القادم وقضايا للحقوق والحريات تستحق المعالجة. إزاء كل ذلك، سأعمل جاهدا على أن تأتي مقالات الشروق القادمة هادئة في لغتها وموضوعية في طرحها وباحثة بالمعلومة والحقيقة والفكرة عن سبل رفعة مصر وضمان أمنها وتنميتها.
ذلك عهدي معكم، قراء الشروق الكرام. فما أحلى العودة إليكم وإليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.