سعر سبيكة الذهب اليوم الخميس 12-6-2025 بعد الهبوط الجديد    إعلام عبري عن «ويتكوف»: صواريخ إيران تهدد وجود أمريكا وإسرائيل    خالد سرحان يعلق على بيان ورارة الخارجية بشأن دخول الوفود الأجنبية قطاع غزة: اسمها الدولة المصرية    رابط نتيجة الصف الثالث الإعدادي الترم الثاني في محافظة الشرقية 2025 بالاسم ورقم الجلوس    طقس اليوم: شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا.. والعظمى بالقاهرة 36    أعلى مستوى لها.. ارتفاع أسعار النفط وسط مخاوف من التوتر بين أمريكا وإيران    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 12 يونيو 2025    أسعار الفراخ اليوم الخميس 12-6-2025 بعد التراجع الجديد.. وبورصة الدواجن الرئيسية اليوم    ب"حظاظة غزة" الشهيرة، ريبيرو مدرب الأهلي يدعم القضية الفلسطينية (صور)    كمال الدين رضا يكتب: بطولة المليار دولار    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 12 يوينو 2025    سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه الخميس 12-6-2025 بعد هبوطه في 9 بنوك    بعد تبرعه بنصف مليون جنيه، نجيب ساويرس يواسي نجل شهيد الشهامة خالد عبد العال (فيديو)    مصرع فني تكييف أثناء عمله في قنا    مراد مكرم ساخرًا من الأوضاع والنقاشات في الرياضة: بقى شغل عيال    أمين الفتوى يوجه رسالة لمن يفوته صلاة الفجر    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم..مدحت نافع: 3 أسباب تؤكد إيجابية قرار تخصيص أرض البحر الأحمر لخفض الدين العام .. الشيخ أحمد الصباغ تعليقًا على متصلة: «أنا عاوز أصوت على الهواء»    جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة.. مواجهتان في كأس عاصمة مصر    الكنيست الإسرائيلي يصوت على حل نفسه.. ونتنياهو يضغط على الحريديم    السيطرة على حريق شب داخل عقار سكني بمصر القديمة    أثار البلبلة بمنشور غامض، أول قرار من الزمالك ضد أحمد حمدي    النجمة المكسيكية لين ماي دمرت حياتها بسبب أختيار خاطئ    3 شهداء في قصف الاحتلال خيمة في مواصي خان يونس    العرب في عصر المعرفة.. مصر (3)    منطقة المنوفية الأزهرية تعلن أسماء أوائل الشهادة الإعدادية للعام الدراسي 2024/2025    منطقة المنوفية الأزهرية تعلن أسماء أوائل الشهادة الابتدائية للعام الدراسي 2024/2025    ننشر أسماء أوائل الشهادتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية بالفيوم    حسن الرداد يرد على سخرية سفره لتشجيع الأهلي في كأس العالم للأندية (فيديو)    مسلم يعلن تعرض زوجته لوعكة صحية ونقلها إلى المستشفى    "عندها 15 سنة".. قرار جديد من النيابة بشأن عروس متلازمة داون بالشرقية    الآن حان دوركم لتدافعوا عن أمريكا حتى أقاصي الأرض، ترامب يقرع طبول الحرب بفيديو للجيش الأمريكي    كاميرا وتسلل ذكي و8 ثوان للحارس، تعديلات تحدث ثورة تحكيمية بمونديال الأندية 2025    أنغام تدعو بالشفاء لنجل تامر حسني: «ربنا يطمن قلبك وقلب أمه»    فيرمينو يتلقى عرضا من الدوري القطري    ترامب: لن نتهاون مع الفوضى وسنُعيد قوة الولايات المتحدة سريعًا    «الفشة» ليس لها أي أضرار أو تأثيرات سلبية على صحة الدماغ أو القلب    نقيب المحامين يدعو مجلس النقابة العامة و النقباء الفرعيين لاجتماع السبت    خلافات أسرية.. وفاة شخص وإصابة شقيقه في مشاجرة مع صهره بالفيوم    محافظ الدقهلية في زيارة مفاجئة لجمصة: رفع مستوى الخدمات استعدادًا للصيف    نائب محافظ دمياط تتابع معدلات تنفيذ مشروعات "حياة كريمة"    خاص| الدبيكي: لجنة قطاع العلوم الصحية تبدأ أولى خطواتها لإصلاح تطوير التعليم الصحي في مصر    صور| أسماء أوائل الشهادة الإعدادية الأزهرية في قنا    بعد تعافيه من عملية القلب، صبري عبد المنعم يوجه رسالة لجمهوره    international fashion awards" يُكرم منة فضالي بلقب "ملهمة الموضة fashion muse"    آكسيوس: نتنياهو يطلب وساطة أمريكا للتوصل إلى اتفاق مع سوريا    واشنطن بوست: احتمال انعقاد جولة تفاوض بين واشنطن وطهران مستبعد بشكل متزايد    ملف يلا كورة.. طبيب الأهلي يُطمئن ريبييرو.. عودة ميسي إلى ميامي.. وظهور غير معتاد لأحمد شوبير    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    مرتجي: تمنيت ضم زيزو منذ 3 سنوات.. وهذا ما قاله لي عن جماهير الأهلي    «الري»: الإجراءات الأحادية لإقامة السدود تُهدد الاستقرار    "هيكون نار".. تركي آل الشيخ يشوق متابعيه لفيلم الفيل الأزرق 3    الطب البيطري: نجاح عملية ولادة قيصرية لقطة بالغربية -صور    استشاري يحذر من قلة النوم وتأثيره على الصحة العامة    المخرج محمد حمدي ل«البوابة نيوز»: نجوم السوشيال ليسوا بدلاء للممثلين.. والموهبة هي الفيصل    هل لديك نظر حاد؟.. اعثر على حبات جوز الهند الثلاثة في 12 ثانية    وزارة السياحة: تنسيق محكم وخدمات متميزة لضيوف الرحمن    محافظ المنوفية: لا تهاون فى مواجهة مخالفات البناء والتعامل بحسم مع أى تعديات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمرو حمزاوي يحن لزيارة مصر
نشر في صوت البلد يوم 10 - 03 - 2016

عبَّر مؤسس حزب "مصر الحرية"، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية، الدكتور عمرو حمزاوي، عن حنينه الشديد للعودة من مهجره إلى مصر، وزيارة قبر والدته.
جاء ذلك في مقاله بعنوان "بين جزع وحنين"، ونشره بجريدة "القدس العربي"، وتبادله نشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي، وأثار تعاطف الكثيرين معه، دون أن تستجيب السلطات المصرية لرغبته في العودة إلى الوطن، نظرا لإدراج اسمه في قضية مثيرة للجدل حول التمويل الأجنبي، ووضع اسمه أيضا بقوائم ترقب الوصول، من أجل اعتقاله.
وفي بداية مقاله قال: "جزع شديد ينتابني، كلما استبدت برأسي الظنون، وتراءت لي إقامتي الحالية بعيدا عن مصر كأمر واقع لن يقبل التغيير قريبا".
وأضاف: "جزع شديد ينتابني، فأنا لا قبل لي بسنوات ابتعاد تتراكم مجددا، ولا رغبة لدي في إعادة اكتشاف قسوة الغربة التي خبرتها جيدا في ما مضى. جزع شديد ينتابني، فأنا لم أقدم هذه بلاد الجهة الأخرى من العالم لكي أستقر بها، ويعجزني الارتباط بالوطن، وبمن هم به من أهل وأصدقاء وزملاء عن نسيان الأمل في العودة السريعة".
وتابع: "جزع شديد ينتابني، فقد غادرت مصر في حال يتقلب بين الخوف وبين مقاومته (مقال عن الخوف ومقاومته، جريدة الشروق، في 18 يونيو / حزيران 2015)، يراوح بين الشعور بالإرهاق والإصرار على مواصلة الكتابة دفاعا عن حقنا في العدل والحرية والمساواة".
أحن إلى أمي
ومنتقلا من العام إلى الخاص قال حمزاوي: "أحن إلى أمي، أحن إلى زيارتها في قبرها. في صباح يوم الجمعة كان موعدنا الأسبوعي. في السيارة، تأتي عبر أثير إذاعة القرآن الكريم تلاوة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد لسورة الكهف أو تلاوة أخرى للشيخ محمد صديق المنشاوي أو تلاوة ثالثة للشيخ محمود خليل الحصري".
وأردف: "تنتهي التلاوة، وأنا أمام القبر، أفتح الأبواب، أشرع في قراءة سورة الكهف، وسورة يس، وبعض قصار السور، أتذكر تفاصيل الحياة مع أمي، وصوتها الذي لا يفارقني أبدا، أفكر في أبي، وأدعو لهما بالرحمة، كما ربياني صغيرا، أعد أبي بسفر قريب إلى قبره في الصعيد، يعلق في ذهني دعاء: "اللهم آنسهما في وحشتهما"، أردده كثيرا".
وأضاف الناشط السياسي: "منذ غادرت مصر في صيف العام الماضي، وأنا أكثر من الاستماع إلى تسجيلات سورة الكهف بأصوات الشيوخ الثلاثة، وأحافظ على طقوس يوم الجمعة، وأخبر نفسي المرة تلو الأخرى أن الدعاء لأمي وأبي سيبلغهما من أي مكان.. غير أن الحنين إلى هذا المكان.. الحنين إلى الوجود في هذا المكان دون غيره يكاد يفتك بي".
وتابع: "أستعيد لحظات ومواقف وحوارات اختزنتها ذاكرتي، وقرر ضميري الامتناع عن تجاهل مغزاها".
وأضاف: "سائق التاكسي السكندري الذي تبادل معي في زحام مدينته الجميلة (حي الشاطبي، بجوار مدرسة سان مارك) حديثا ممتعا كانت بدايته تساؤله الطريف عن "أسباب قدومي إلى الإسكندرية بعد أن منعتني السلطات المصرية من السفر" (منعت من السفر طوال عام 2014)، ونهايته تمنيات طيبة من الرجل لي بالصبر والتوفيق وعدم استوحاش طريق الحق".
وواصل حمزاوي حديثه: "أرى الآن بوضوح ملامح النادل في المطعم القاهري الذي ذهبت إليه للقاء بعض الأصدقاء، وترددت على ألسنتنا عبارات اليأس والقنوط بسبب هيستيريا الظلم والقتل والقمع والعقاب الجماعي في مصر، بسبب الوهن البين للمدافعين عن الديمقراطية، والحقوق، والحريات، والمحدودية البالغة لمن يتابعون ما نكتب بعد أن شوهتنا جميعا "الأذرع الإعلامية" للحكم السلطوي، وألصقت بنا زيفا اتهامات الخيانة، والعمالة".
واستكمل: "جلسة "الندب الذاتي" التي كنا بها لم يقطعها سوى قدوم النادل إلي طاولتنا، وتوجيهه كلامه إلي مؤكدا أنه يقرأ مقالاتي بصورة يومية، ويقرأ مقالات العدد القليل من الكتاب الآخرين الذين يتبنون الدفاع عن الديمقراطية، ومشددا على أنه ليس الوحيد في محيطه الأسري والمهني الذي يفعل ذلك.. توقفت جلسة الندب فورا، انفرجت أسارير الحضور، عاد شيء من الأمل في استعادة مصر ممن تلاعبوا بمصائر المواطن والمجتمع والدولة، وما لبثوا يستهينون بمعارضيهم، ويفرضون الخوف ديدنا للناس، ويدعون إفكا أن الرأي الواحد والصوت الواحد هما صنو ضرورة وطنية لا فكاك منها".
يفتك بي الحنين
ومضى حمزاوي إلى القول: "يفتك بي الحنين إلى لحظات ومواقف وحوارات مشابهة، إلى مصادفات تمكنني مجددا من رؤية السيدة والسائق والنادل والاستئناس برأيهم، ومصر بها ما بها من مواطن مرهق، ومجتمع ينزلق إلى المزيد من العنف، ودولة تنزع عن مؤسساتها وأجهزتها الثقة الشعبية، وتتراكم مظالمها وانتهاكاتها".
وقال: "أفكر في طلبتي في قسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة الذين لم أتمكن من التدريس أمامهم منذ صيف 2013 سوى لبضعة أسابيع معدودة في 2015. فقد منعت من التدريس في الجامعة الحكومية قبل أن أمنع من السفر، ولم أحصل (كالعادة) على إفادة رسمية تنص على المنع لا في هذا السياق، ولا ذاك".
وأردف: "أفكر في طلبتي في الجامعة الأمريكية الذين كان العمل معهم في أثناء دراستهم لماجستير السياسة العامة بمثابة "منحة عقل ورشادة وسكينة" في مواجهة اللاعقل المسيطر على الفضاء العام، وفي مواجهة عناصر الهيستيريا والضجيج والصخب التي تعصف بنا جميعا"، حسبما قال.
واستكمل "أتذكر نقاشات قاعات الدرس وحوارات ما بين جلسات العمل، ويعتصرني الألم على طاقات شابة تهمش في أحسن الأحوال المصرية الراهنة، وتقمع في أردئها، وعلى وطن تضيع منه فرص التقدم، ويعتصرني ألم أشد على ابتعادي".
واختتم الكاتب مقاله بالقول: "لا قبل لي لا بتحمل الجزع إزاء احتمال استمرار الإقامة في الخارج، ولا بالسيطرة على الحنين إلى قبر أمي، وإلى الاقتراب ممن هم أهلي وناسي وأصدقائي وزملائي وطلبتي. لا رغبة لدي في سنوات ابتعاد جديدة. لا رغبة لدي في الحياة في هذه الجهة الأخرى من العالم. لا رغبة لدي في خوف ينتصر على مقاومتي له أو يلغي حبي للوطن، وإيماني بحقنا في العدل والحرية والمساواة".
من هو "عمرو حمزاوي"؟
و"عمرو حمزاوي" هو أستاذ مساعد العلوم السياسة بجامعة القاهرة، وعضو سابق في مجلس الشعب (أيام حكم الرئيس مرسي).. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا.
وبين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان.
وانضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، بجامعة القاهرة.
كما يكتب حمزاوي صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية - القمع، ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني، وسياسات وتوجهات نظم الحكم، وذلك حسبما يقول هو عن نفسه.
عبَّر مؤسس حزب "مصر الحرية"، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية، الدكتور عمرو حمزاوي، عن حنينه الشديد للعودة من مهجره إلى مصر، وزيارة قبر والدته.
جاء ذلك في مقاله بعنوان "بين جزع وحنين"، ونشره بجريدة "القدس العربي"، وتبادله نشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي، وأثار تعاطف الكثيرين معه، دون أن تستجيب السلطات المصرية لرغبته في العودة إلى الوطن، نظرا لإدراج اسمه في قضية مثيرة للجدل حول التمويل الأجنبي، ووضع اسمه أيضا بقوائم ترقب الوصول، من أجل اعتقاله.
وفي بداية مقاله قال: "جزع شديد ينتابني، كلما استبدت برأسي الظنون، وتراءت لي إقامتي الحالية بعيدا عن مصر كأمر واقع لن يقبل التغيير قريبا".
وأضاف: "جزع شديد ينتابني، فأنا لا قبل لي بسنوات ابتعاد تتراكم مجددا، ولا رغبة لدي في إعادة اكتشاف قسوة الغربة التي خبرتها جيدا في ما مضى. جزع شديد ينتابني، فأنا لم أقدم هذه بلاد الجهة الأخرى من العالم لكي أستقر بها، ويعجزني الارتباط بالوطن، وبمن هم به من أهل وأصدقاء وزملاء عن نسيان الأمل في العودة السريعة".
وتابع: "جزع شديد ينتابني، فقد غادرت مصر في حال يتقلب بين الخوف وبين مقاومته (مقال عن الخوف ومقاومته، جريدة الشروق، في 18 يونيو / حزيران 2015)، يراوح بين الشعور بالإرهاق والإصرار على مواصلة الكتابة دفاعا عن حقنا في العدل والحرية والمساواة".
أحن إلى أمي
ومنتقلا من العام إلى الخاص قال حمزاوي: "أحن إلى أمي، أحن إلى زيارتها في قبرها. في صباح يوم الجمعة كان موعدنا الأسبوعي. في السيارة، تأتي عبر أثير إذاعة القرآن الكريم تلاوة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد لسورة الكهف أو تلاوة أخرى للشيخ محمد صديق المنشاوي أو تلاوة ثالثة للشيخ محمود خليل الحصري".
وأردف: "تنتهي التلاوة، وأنا أمام القبر، أفتح الأبواب، أشرع في قراءة سورة الكهف، وسورة يس، وبعض قصار السور، أتذكر تفاصيل الحياة مع أمي، وصوتها الذي لا يفارقني أبدا، أفكر في أبي، وأدعو لهما بالرحمة، كما ربياني صغيرا، أعد أبي بسفر قريب إلى قبره في الصعيد، يعلق في ذهني دعاء: "اللهم آنسهما في وحشتهما"، أردده كثيرا".
وأضاف الناشط السياسي: "منذ غادرت مصر في صيف العام الماضي، وأنا أكثر من الاستماع إلى تسجيلات سورة الكهف بأصوات الشيوخ الثلاثة، وأحافظ على طقوس يوم الجمعة، وأخبر نفسي المرة تلو الأخرى أن الدعاء لأمي وأبي سيبلغهما من أي مكان.. غير أن الحنين إلى هذا المكان.. الحنين إلى الوجود في هذا المكان دون غيره يكاد يفتك بي".
وتابع: "أستعيد لحظات ومواقف وحوارات اختزنتها ذاكرتي، وقرر ضميري الامتناع عن تجاهل مغزاها".
وأضاف: "سائق التاكسي السكندري الذي تبادل معي في زحام مدينته الجميلة (حي الشاطبي، بجوار مدرسة سان مارك) حديثا ممتعا كانت بدايته تساؤله الطريف عن "أسباب قدومي إلى الإسكندرية بعد أن منعتني السلطات المصرية من السفر" (منعت من السفر طوال عام 2014)، ونهايته تمنيات طيبة من الرجل لي بالصبر والتوفيق وعدم استوحاش طريق الحق".
وواصل حمزاوي حديثه: "أرى الآن بوضوح ملامح النادل في المطعم القاهري الذي ذهبت إليه للقاء بعض الأصدقاء، وترددت على ألسنتنا عبارات اليأس والقنوط بسبب هيستيريا الظلم والقتل والقمع والعقاب الجماعي في مصر، بسبب الوهن البين للمدافعين عن الديمقراطية، والحقوق، والحريات، والمحدودية البالغة لمن يتابعون ما نكتب بعد أن شوهتنا جميعا "الأذرع الإعلامية" للحكم السلطوي، وألصقت بنا زيفا اتهامات الخيانة، والعمالة".
واستكمل: "جلسة "الندب الذاتي" التي كنا بها لم يقطعها سوى قدوم النادل إلي طاولتنا، وتوجيهه كلامه إلي مؤكدا أنه يقرأ مقالاتي بصورة يومية، ويقرأ مقالات العدد القليل من الكتاب الآخرين الذين يتبنون الدفاع عن الديمقراطية، ومشددا على أنه ليس الوحيد في محيطه الأسري والمهني الذي يفعل ذلك.. توقفت جلسة الندب فورا، انفرجت أسارير الحضور، عاد شيء من الأمل في استعادة مصر ممن تلاعبوا بمصائر المواطن والمجتمع والدولة، وما لبثوا يستهينون بمعارضيهم، ويفرضون الخوف ديدنا للناس، ويدعون إفكا أن الرأي الواحد والصوت الواحد هما صنو ضرورة وطنية لا فكاك منها".
يفتك بي الحنين
ومضى حمزاوي إلى القول: "يفتك بي الحنين إلى لحظات ومواقف وحوارات مشابهة، إلى مصادفات تمكنني مجددا من رؤية السيدة والسائق والنادل والاستئناس برأيهم، ومصر بها ما بها من مواطن مرهق، ومجتمع ينزلق إلى المزيد من العنف، ودولة تنزع عن مؤسساتها وأجهزتها الثقة الشعبية، وتتراكم مظالمها وانتهاكاتها".
وقال: "أفكر في طلبتي في قسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة الذين لم أتمكن من التدريس أمامهم منذ صيف 2013 سوى لبضعة أسابيع معدودة في 2015. فقد منعت من التدريس في الجامعة الحكومية قبل أن أمنع من السفر، ولم أحصل (كالعادة) على إفادة رسمية تنص على المنع لا في هذا السياق، ولا ذاك".
وأردف: "أفكر في طلبتي في الجامعة الأمريكية الذين كان العمل معهم في أثناء دراستهم لماجستير السياسة العامة بمثابة "منحة عقل ورشادة وسكينة" في مواجهة اللاعقل المسيطر على الفضاء العام، وفي مواجهة عناصر الهيستيريا والضجيج والصخب التي تعصف بنا جميعا"، حسبما قال.
واستكمل "أتذكر نقاشات قاعات الدرس وحوارات ما بين جلسات العمل، ويعتصرني الألم على طاقات شابة تهمش في أحسن الأحوال المصرية الراهنة، وتقمع في أردئها، وعلى وطن تضيع منه فرص التقدم، ويعتصرني ألم أشد على ابتعادي".
واختتم الكاتب مقاله بالقول: "لا قبل لي لا بتحمل الجزع إزاء احتمال استمرار الإقامة في الخارج، ولا بالسيطرة على الحنين إلى قبر أمي، وإلى الاقتراب ممن هم أهلي وناسي وأصدقائي وزملائي وطلبتي. لا رغبة لدي في سنوات ابتعاد جديدة. لا رغبة لدي في الحياة في هذه الجهة الأخرى من العالم. لا رغبة لدي في خوف ينتصر على مقاومتي له أو يلغي حبي للوطن، وإيماني بحقنا في العدل والحرية والمساواة".
من هو "عمرو حمزاوي"؟
و"عمرو حمزاوي" هو أستاذ مساعد العلوم السياسة بجامعة القاهرة، وعضو سابق في مجلس الشعب (أيام حكم الرئيس مرسي).. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا.
وبين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان.
وانضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، بجامعة القاهرة.
كما يكتب حمزاوي صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية - القمع، ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني، وسياسات وتوجهات نظم الحكم، وذلك حسبما يقول هو عن نفسه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.