عبَّر مؤسس حزب "مصر الحرية"، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية، الدكتور عمرو حمزاوي، عن حنينه الشديد للعودة من مهجره إلى مصر، وزيارة قبر والدته. جاء ذلك في مقاله بعنوان "بين جزع وحنين"، ونشره بجريدة "القدس العربي"، وتبادله نشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي، وأثار تعاطف الكثيرين معه، دون أن تستجيب السلطات المصرية لرغبته في العودة إلى الوطن، نظرا لإدراج اسمه في قضية مثيرة للجدل حول التمويل الأجنبي، ووضع اسمه أيضا بقوائم ترقب الوصول، من أجل اعتقاله. وفي بداية مقاله قال: "جزع شديد ينتابني، كلما استبدت برأسي الظنون، وتراءت لي إقامتي الحالية بعيدا عن مصر كأمر واقع لن يقبل التغيير قريبا". وأضاف: "جزع شديد ينتابني، فأنا لا قبل لي بسنوات ابتعاد تتراكم مجددا، ولا رغبة لدي في إعادة اكتشاف قسوة الغربة التي خبرتها جيدا في ما مضى. جزع شديد ينتابني، فأنا لم أقدم هذه بلاد الجهة الأخرى من العالم لكي أستقر بها، ويعجزني الارتباط بالوطن، وبمن هم به من أهل وأصدقاء وزملاء عن نسيان الأمل في العودة السريعة". وتابع: "جزع شديد ينتابني، فقد غادرت مصر في حال يتقلب بين الخوف وبين مقاومته (مقال عن الخوف ومقاومته، جريدة الشروق، في 18 يونيو / حزيران 2015)، يراوح بين الشعور بالإرهاق والإصرار على مواصلة الكتابة دفاعا عن حقنا في العدل والحرية والمساواة". أحن إلى أمي ومنتقلا من العام إلى الخاص قال حمزاوي: "أحن إلى أمي، أحن إلى زيارتها في قبرها. في صباح يوم الجمعة كان موعدنا الأسبوعي. في السيارة، تأتي عبر أثير إذاعة القرآن الكريم تلاوة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد لسورة الكهف أو تلاوة أخرى للشيخ محمد صديق المنشاوي أو تلاوة ثالثة للشيخ محمود خليل الحصري". وأردف: "تنتهي التلاوة، وأنا أمام القبر، أفتح الأبواب، أشرع في قراءة سورة الكهف، وسورة يس، وبعض قصار السور، أتذكر تفاصيل الحياة مع أمي، وصوتها الذي لا يفارقني أبدا، أفكر في أبي، وأدعو لهما بالرحمة، كما ربياني صغيرا، أعد أبي بسفر قريب إلى قبره في الصعيد، يعلق في ذهني دعاء: "اللهم آنسهما في وحشتهما"، أردده كثيرا". وأضاف الناشط السياسي: "منذ غادرت مصر في صيف العام الماضي، وأنا أكثر من الاستماع إلى تسجيلات سورة الكهف بأصوات الشيوخ الثلاثة، وأحافظ على طقوس يوم الجمعة، وأخبر نفسي المرة تلو الأخرى أن الدعاء لأمي وأبي سيبلغهما من أي مكان.. غير أن الحنين إلى هذا المكان.. الحنين إلى الوجود في هذا المكان دون غيره يكاد يفتك بي". وتابع: "أستعيد لحظات ومواقف وحوارات اختزنتها ذاكرتي، وقرر ضميري الامتناع عن تجاهل مغزاها". وأضاف: "سائق التاكسي السكندري الذي تبادل معي في زحام مدينته الجميلة (حي الشاطبي، بجوار مدرسة سان مارك) حديثا ممتعا كانت بدايته تساؤله الطريف عن "أسباب قدومي إلى الإسكندرية بعد أن منعتني السلطات المصرية من السفر" (منعت من السفر طوال عام 2014)، ونهايته تمنيات طيبة من الرجل لي بالصبر والتوفيق وعدم استوحاش طريق الحق". وواصل حمزاوي حديثه: "أرى الآن بوضوح ملامح النادل في المطعم القاهري الذي ذهبت إليه للقاء بعض الأصدقاء، وترددت على ألسنتنا عبارات اليأس والقنوط بسبب هيستيريا الظلم والقتل والقمع والعقاب الجماعي في مصر، بسبب الوهن البين للمدافعين عن الديمقراطية، والحقوق، والحريات، والمحدودية البالغة لمن يتابعون ما نكتب بعد أن شوهتنا جميعا "الأذرع الإعلامية" للحكم السلطوي، وألصقت بنا زيفا اتهامات الخيانة، والعمالة". واستكمل: "جلسة "الندب الذاتي" التي كنا بها لم يقطعها سوى قدوم النادل إلي طاولتنا، وتوجيهه كلامه إلي مؤكدا أنه يقرأ مقالاتي بصورة يومية، ويقرأ مقالات العدد القليل من الكتاب الآخرين الذين يتبنون الدفاع عن الديمقراطية، ومشددا على أنه ليس الوحيد في محيطه الأسري والمهني الذي يفعل ذلك.. توقفت جلسة الندب فورا، انفرجت أسارير الحضور، عاد شيء من الأمل في استعادة مصر ممن تلاعبوا بمصائر المواطن والمجتمع والدولة، وما لبثوا يستهينون بمعارضيهم، ويفرضون الخوف ديدنا للناس، ويدعون إفكا أن الرأي الواحد والصوت الواحد هما صنو ضرورة وطنية لا فكاك منها". يفتك بي الحنين ومضى حمزاوي إلى القول: "يفتك بي الحنين إلى لحظات ومواقف وحوارات مشابهة، إلى مصادفات تمكنني مجددا من رؤية السيدة والسائق والنادل والاستئناس برأيهم، ومصر بها ما بها من مواطن مرهق، ومجتمع ينزلق إلى المزيد من العنف، ودولة تنزع عن مؤسساتها وأجهزتها الثقة الشعبية، وتتراكم مظالمها وانتهاكاتها". وقال: "أفكر في طلبتي في قسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة الذين لم أتمكن من التدريس أمامهم منذ صيف 2013 سوى لبضعة أسابيع معدودة في 2015. فقد منعت من التدريس في الجامعة الحكومية قبل أن أمنع من السفر، ولم أحصل (كالعادة) على إفادة رسمية تنص على المنع لا في هذا السياق، ولا ذاك". وأردف: "أفكر في طلبتي في الجامعة الأمريكية الذين كان العمل معهم في أثناء دراستهم لماجستير السياسة العامة بمثابة "منحة عقل ورشادة وسكينة" في مواجهة اللاعقل المسيطر على الفضاء العام، وفي مواجهة عناصر الهيستيريا والضجيج والصخب التي تعصف بنا جميعا"، حسبما قال. واستكمل "أتذكر نقاشات قاعات الدرس وحوارات ما بين جلسات العمل، ويعتصرني الألم على طاقات شابة تهمش في أحسن الأحوال المصرية الراهنة، وتقمع في أردئها، وعلى وطن تضيع منه فرص التقدم، ويعتصرني ألم أشد على ابتعادي". واختتم الكاتب مقاله بالقول: "لا قبل لي لا بتحمل الجزع إزاء احتمال استمرار الإقامة في الخارج، ولا بالسيطرة على الحنين إلى قبر أمي، وإلى الاقتراب ممن هم أهلي وناسي وأصدقائي وزملائي وطلبتي. لا رغبة لدي في سنوات ابتعاد جديدة. لا رغبة لدي في الحياة في هذه الجهة الأخرى من العالم. لا رغبة لدي في خوف ينتصر على مقاومتي له أو يلغي حبي للوطن، وإيماني بحقنا في العدل والحرية والمساواة". من هو "عمرو حمزاوي"؟ و"عمرو حمزاوي" هو أستاذ مساعد العلوم السياسة بجامعة القاهرة، وعضو سابق في مجلس الشعب (أيام حكم الرئيس مرسي).. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. وبين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولاياتالمتحدةالأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. وانضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأمريكيةبالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، بجامعة القاهرة. كما يكتب حمزاوي صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية - القمع، ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني، وسياسات وتوجهات نظم الحكم، وذلك حسبما يقول هو عن نفسه. عبَّر مؤسس حزب "مصر الحرية"، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية، الدكتور عمرو حمزاوي، عن حنينه الشديد للعودة من مهجره إلى مصر، وزيارة قبر والدته. جاء ذلك في مقاله بعنوان "بين جزع وحنين"، ونشره بجريدة "القدس العربي"، وتبادله نشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي، وأثار تعاطف الكثيرين معه، دون أن تستجيب السلطات المصرية لرغبته في العودة إلى الوطن، نظرا لإدراج اسمه في قضية مثيرة للجدل حول التمويل الأجنبي، ووضع اسمه أيضا بقوائم ترقب الوصول، من أجل اعتقاله. وفي بداية مقاله قال: "جزع شديد ينتابني، كلما استبدت برأسي الظنون، وتراءت لي إقامتي الحالية بعيدا عن مصر كأمر واقع لن يقبل التغيير قريبا". وأضاف: "جزع شديد ينتابني، فأنا لا قبل لي بسنوات ابتعاد تتراكم مجددا، ولا رغبة لدي في إعادة اكتشاف قسوة الغربة التي خبرتها جيدا في ما مضى. جزع شديد ينتابني، فأنا لم أقدم هذه بلاد الجهة الأخرى من العالم لكي أستقر بها، ويعجزني الارتباط بالوطن، وبمن هم به من أهل وأصدقاء وزملاء عن نسيان الأمل في العودة السريعة". وتابع: "جزع شديد ينتابني، فقد غادرت مصر في حال يتقلب بين الخوف وبين مقاومته (مقال عن الخوف ومقاومته، جريدة الشروق، في 18 يونيو / حزيران 2015)، يراوح بين الشعور بالإرهاق والإصرار على مواصلة الكتابة دفاعا عن حقنا في العدل والحرية والمساواة". أحن إلى أمي ومنتقلا من العام إلى الخاص قال حمزاوي: "أحن إلى أمي، أحن إلى زيارتها في قبرها. في صباح يوم الجمعة كان موعدنا الأسبوعي. في السيارة، تأتي عبر أثير إذاعة القرآن الكريم تلاوة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد لسورة الكهف أو تلاوة أخرى للشيخ محمد صديق المنشاوي أو تلاوة ثالثة للشيخ محمود خليل الحصري". وأردف: "تنتهي التلاوة، وأنا أمام القبر، أفتح الأبواب، أشرع في قراءة سورة الكهف، وسورة يس، وبعض قصار السور، أتذكر تفاصيل الحياة مع أمي، وصوتها الذي لا يفارقني أبدا، أفكر في أبي، وأدعو لهما بالرحمة، كما ربياني صغيرا، أعد أبي بسفر قريب إلى قبره في الصعيد، يعلق في ذهني دعاء: "اللهم آنسهما في وحشتهما"، أردده كثيرا". وأضاف الناشط السياسي: "منذ غادرت مصر في صيف العام الماضي، وأنا أكثر من الاستماع إلى تسجيلات سورة الكهف بأصوات الشيوخ الثلاثة، وأحافظ على طقوس يوم الجمعة، وأخبر نفسي المرة تلو الأخرى أن الدعاء لأمي وأبي سيبلغهما من أي مكان.. غير أن الحنين إلى هذا المكان.. الحنين إلى الوجود في هذا المكان دون غيره يكاد يفتك بي". وتابع: "أستعيد لحظات ومواقف وحوارات اختزنتها ذاكرتي، وقرر ضميري الامتناع عن تجاهل مغزاها". وأضاف: "سائق التاكسي السكندري الذي تبادل معي في زحام مدينته الجميلة (حي الشاطبي، بجوار مدرسة سان مارك) حديثا ممتعا كانت بدايته تساؤله الطريف عن "أسباب قدومي إلى الإسكندرية بعد أن منعتني السلطات المصرية من السفر" (منعت من السفر طوال عام 2014)، ونهايته تمنيات طيبة من الرجل لي بالصبر والتوفيق وعدم استوحاش طريق الحق". وواصل حمزاوي حديثه: "أرى الآن بوضوح ملامح النادل في المطعم القاهري الذي ذهبت إليه للقاء بعض الأصدقاء، وترددت على ألسنتنا عبارات اليأس والقنوط بسبب هيستيريا الظلم والقتل والقمع والعقاب الجماعي في مصر، بسبب الوهن البين للمدافعين عن الديمقراطية، والحقوق، والحريات، والمحدودية البالغة لمن يتابعون ما نكتب بعد أن شوهتنا جميعا "الأذرع الإعلامية" للحكم السلطوي، وألصقت بنا زيفا اتهامات الخيانة، والعمالة". واستكمل: "جلسة "الندب الذاتي" التي كنا بها لم يقطعها سوى قدوم النادل إلي طاولتنا، وتوجيهه كلامه إلي مؤكدا أنه يقرأ مقالاتي بصورة يومية، ويقرأ مقالات العدد القليل من الكتاب الآخرين الذين يتبنون الدفاع عن الديمقراطية، ومشددا على أنه ليس الوحيد في محيطه الأسري والمهني الذي يفعل ذلك.. توقفت جلسة الندب فورا، انفرجت أسارير الحضور، عاد شيء من الأمل في استعادة مصر ممن تلاعبوا بمصائر المواطن والمجتمع والدولة، وما لبثوا يستهينون بمعارضيهم، ويفرضون الخوف ديدنا للناس، ويدعون إفكا أن الرأي الواحد والصوت الواحد هما صنو ضرورة وطنية لا فكاك منها". يفتك بي الحنين ومضى حمزاوي إلى القول: "يفتك بي الحنين إلى لحظات ومواقف وحوارات مشابهة، إلى مصادفات تمكنني مجددا من رؤية السيدة والسائق والنادل والاستئناس برأيهم، ومصر بها ما بها من مواطن مرهق، ومجتمع ينزلق إلى المزيد من العنف، ودولة تنزع عن مؤسساتها وأجهزتها الثقة الشعبية، وتتراكم مظالمها وانتهاكاتها". وقال: "أفكر في طلبتي في قسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة الذين لم أتمكن من التدريس أمامهم منذ صيف 2013 سوى لبضعة أسابيع معدودة في 2015. فقد منعت من التدريس في الجامعة الحكومية قبل أن أمنع من السفر، ولم أحصل (كالعادة) على إفادة رسمية تنص على المنع لا في هذا السياق، ولا ذاك". وأردف: "أفكر في طلبتي في الجامعة الأمريكية الذين كان العمل معهم في أثناء دراستهم لماجستير السياسة العامة بمثابة "منحة عقل ورشادة وسكينة" في مواجهة اللاعقل المسيطر على الفضاء العام، وفي مواجهة عناصر الهيستيريا والضجيج والصخب التي تعصف بنا جميعا"، حسبما قال. واستكمل "أتذكر نقاشات قاعات الدرس وحوارات ما بين جلسات العمل، ويعتصرني الألم على طاقات شابة تهمش في أحسن الأحوال المصرية الراهنة، وتقمع في أردئها، وعلى وطن تضيع منه فرص التقدم، ويعتصرني ألم أشد على ابتعادي". واختتم الكاتب مقاله بالقول: "لا قبل لي لا بتحمل الجزع إزاء احتمال استمرار الإقامة في الخارج، ولا بالسيطرة على الحنين إلى قبر أمي، وإلى الاقتراب ممن هم أهلي وناسي وأصدقائي وزملائي وطلبتي. لا رغبة لدي في سنوات ابتعاد جديدة. لا رغبة لدي في الحياة في هذه الجهة الأخرى من العالم. لا رغبة لدي في خوف ينتصر على مقاومتي له أو يلغي حبي للوطن، وإيماني بحقنا في العدل والحرية والمساواة". من هو "عمرو حمزاوي"؟ و"عمرو حمزاوي" هو أستاذ مساعد العلوم السياسة بجامعة القاهرة، وعضو سابق في مجلس الشعب (أيام حكم الرئيس مرسي).. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. وبين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولاياتالمتحدةالأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. وانضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأمريكيةبالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، بجامعة القاهرة. كما يكتب حمزاوي صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية - القمع، ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني، وسياسات وتوجهات نظم الحكم، وذلك حسبما يقول هو عن نفسه.