حصلت «الشروق» على نص التحقيقات فى قضية بيع أراض وعقارات فى سيناء لإسرائيليين وأجانب من خلال تزوير 186 حكم تحكيم والمتهم فيها اللواء ماهر غبريال بمديرية أمن سيناء سابقا، وعماد أرميا مدير عام شركة سيناء للتنمية السياحية وعبدالحكيم عوض أمين عام محكمة الإسماعيلية الابتدائية و8 محامين. وحدد القاضى صلاح يوسف رئيس محكمة استئناف الإسماعيلية جلسة 21 مارس المقبل لبدء محاكمة المتهمين أمام محكمة الجنايات. كشفت التحقيقات وتحريات العقيد أيمن الشافعى بمباحث الأموال العامة أن شركة سيناء للتنمية السياحية باعت الأراضى للأجانب دون علمها بحقيقة جنسية بعضهم. وأظهرت التحقيقات أن الشركة بدأت مصرية برئيس مجلس إدارة مصرى، كأى شركة مصرية مساهمة ثم انتهى بها الأمر إلى شركة أجنبية تحمل جنسية دولة لوكسمبورج بأوروبا بالمخالفة للقانون، ودون اعتراض من مصلحة الشركات، وأنها ظلت تتنقل بين أكثر من مقر داخل محافظتى القاهرة والجيزة وانتهى بها المطاف إلى نقل نشاطها خارج البلاد بالمخالفة لقانون الشركات. وأول مقر للشركة كان فى أحد شوارع مدينة نصر ثم انتقلت إلى شارع عباس العقاد، ثم نقلت مقرها للمرة الثالثة للتوالى إلى منطقة المهندسين، ثم نقلت نشاطها خارج البلاد، وأصبحت تدير عمليات بيع أراضى سيناء الخاضعة للسيادة المصرية من خلال تعاقدات تتم خارج البلاد فى مدينة ميلانو الإيطالية، وتتقاضى الشركة مقابل ذلك فى حسابات ببنوك أجنبية خارج البلاد. وأكدت التحقيقات أن الشركة عند تأسيسها ترأسها مواطن مصرى بحصة حاكمة للمساهمين المصريين، ثم تم زيادة رأسمالها من خلال إدخال شركة أجنبية تحمل جنسية دولة لوكسمبورج بنسبة تفوق الجانب المصرى بالمخالفة للقانون، فأصبح الأجانب يملكون أكثر من 51 % من أسهم الشركة. وقالت تحريات العقيد أيمن الشافعى بمباحث الأموال العامة، إن المتهمين كونوا عصابة كبيرة لبيع أراضى سيناء للأجانب بالمخالفة لقانون تملك الأجانب وقرارات رئيس الوزراء ودون علم الجهات الأمنية، حيث خصصت الدولة قرية كورال باى بشرم الشيخ لشركة سيناء للتنمية السياحية لبناء عقارات وفيللات ونص التعاقد المبرم معها على عدم جواز بيع الأرض دون موافقة مسبقة من محافظ جنوبسيناء، لكن مسئولى الشركة تعمدوا إغفال بند نظر التصرف الوارد بالعقد الابتدائى المبرم بين المحافظة والشركة فى أثناء إشهار العقد بمكتب الشهر العقارى المختص بالتواطؤ مع مسئولى مكتب الشهر العقارى. وضمت قائمة المتهمين ماهر عبدالله غبريال، لواء سابق بمديرية أمن سيناء وعبدالحكيم عوض، أمين عام محكمة الإسماعيلية الابتدائية، وساهر فخرى إسكندر «هارب إلى لندن»، وإيهاب عطية يوسف، والسيد الحسينى دياب، وفتحى عبدالعزيز العريان، وممدوح أحمد مصطفى، وأشرف فؤاد عبدالراضى، وسامح عبدالحفيظ محمد، ومحمد حامد علام «محامون». وأضاف: إن التحريات السرية التى أجراها ضباط مباحث الأموال العامة، أكدت قيام بعض المحامين مع مسئولين فى الشركة بالتحايل على الإجراءات القانونية الصحيحة، عن طريق اصطناع أحكام تحكيم بصحة ونفاذ عقود شراء للأجانب لوحدات عقارية بالقرية عن طريق افتعال خصومة وهمية حتى يتمكنوا من اللجوء للتحكيم، وطبقا لقانون التحكيم، يحق لأى طرفين ينشب بينهما نزاع أن يختارا 3 محكمين من المحامين أو أساتذة القانون بالجامعات لعرض النزاع عليهم وإصدار حكم فيه يكون بقوة الحكم القضائى، مقابل تقاضى المحكمين لأتعابهم. وأوضح ضباط المباحث أن الأجانب والشركة اختاروا محكمين عبارة عن مجموعة من المحامين الذين يحملون توكيلات عن الشركة، فلا يصح أن يكونوا محكمين لأنهم غير محايدين، وهذا دليل على اصطناع الخصومة، وأن التحريات المؤيدة بالمستندات أكدت صدور توكيلات من أعضاء مجلس إدارة الشركة بأسماء المحامين الذين تواطأوا معهم، لتحقيق منافع بما يعد مخالفة للنظام العام. وكشفت أقوال ضابط مباحث الأموال العامة عن مفاجأة تمثلت فى أن المتهم ساهر فخرى «محام» سبق اتهامه فى القضية رقم 1813 لسنة 2000، بتزوير أوراق رسمية ومحامى الشركة بموجب عدة توكيلات رسمية، ورغم ذلك حضر كوكيل عن الأجانب أمام المحكمين ضد الشركة، وكذلك المتهم ماهر غبريال، الذى حضر عن الشركة المحتكم ضدها فى تلك الأحكام من أرنستو برتاتونى ومقيد برقم 7009 لسنة 2004، بما يؤكد التواطؤ فيما بينهم بمشاركة المتهم إيهاب عطية يوسف المحكم فى بعض الأحكام المصطنعة، رغم أنه حضر وكيلا عن أرنستو برتاتونى بالتوكيل رقم 10615 المطرية، بجانب توكيل آخر للمتهم ساهر فخرى برقم 204 لسنة 98، بما يؤكد اشتراك المتهمين لإصدار هذه الأحكام المصطنعة. وأشار إلى قيام المحامى إيهاب عطية حال كونه محكما بإصدار 10 أحكام باسم محكمة السويس الابتدائية لصالح أجانب ثم تم إلغاء قيدها بالمحكمة بعد عدة أشهر، ثم إعادة إصدارها لأجانب باسم محكمة الإسماعيلية الابتدائية. كما أن المتهم ممدوح محمود أحمد قام بعمل المحكم فى بعض الأحكام المصطنعة، رغم أنه محام لشركة سيناء للتنمية السياحية فى ذلك الوقت. وأكدت التحريات صدور توكيل باسمه من ماريو كوستا رئيس مجلس إدارة الشركة، كما أكدت أن المتهم فتحى عبدالعزيز، الذى قام بعمل محكم فى العديد من تلك الأحكام المصطنعة الصادرة باسم ماتيولى فرانكو، وحضر فيها ساهر فخرى، بموجب التوكيل رقم 213 لسنة 2000 الزيتون، أثبتت أنه خاص بأطراف مصريين. وأن المتهم محمد حامد علام قام بعمل المحكم فى تلك الأحكام المصطنعة بصفته وكيلا عن ساهر فخرى وكيل المحتكمين الأجانب بموجب التوكيل رقم 2735 لسنة 2000 المطرية. ساهر فخرى بالتوكيل رقم 2376 لسنة 2006 هليوبوليس صدر باسمه توكيل من الألمانية روزيتا إيرناباير. وأضاف الضابط أنه طبقا للتحريات فإن التوكيلات الصادرة عن مكتب التوثيق لم تقترن بموافقة المحافظ المختص وهو محافظ جنوبسيناء نظرا لحظر تملك الأجانب للأراضى والوحدات السكنية. وأضاف ضابط المباحث أن تحرياته توصلت إلى تورط مسئولين بالشهر العقارى فى مكتب المطرية وجنوبسيناء بإصدار توكيلات من رئيس شركة سيناء «إيطالى الجنسية» للمتهمين فى القضية بالبيع والتصرف فى العقارات رغم أن القانون يشترط موافقة محافظ جنوبسيناء قبل إصدار هذه التوكيلات، كما أن أحد الموثقين فى مكتب المطرية اعتاد إصدار توكيلات مزورة للمتهمين للاستيلاء على العقارات فى عدة محافظات، وصدر حكم بسجنه فى قضية أخرى، علما بأن مكتب التوثيق بالمطرية غير مختص بإصدار توكيلات تختص بعقارات فى جنوبسيناء. وقال العميد محمد السعيد سعدالدين بمباحث الأموال العامة إنه انتقل على رأس قوة من الضباط إلى مقر التسويق بشركة سيناء للتنمية السياحية بقرية كورال باى، والتقى مع سعد مسعد عبدالخالق، محاسب بإدارة التسويق والخدمات بالشركة، الذى أكد له أن جميع العقود وملحقاتها يتم الاحتفاظ بها فى فرع الشركة بميلانو، وهناك عقود بمقر الشركة بمصر وقدم له أسطوانة مدمجة تضم جميع البيانات المطلوبة. وقال الشاهد الثالث العقيد عبدالظاهر عجينة بمباحث الأموال العامة إنه أثناء تفتيش مقر الشركة تبين من خلال المستندات التى قدمها أحد الموظفين أن بعض المستندات تمثل نسبة من الوحدات العقارية المباعة لأجانب محل التحقيق، وتبين وجود عقارات أخرى تم بيعها لم تتطرق إليها التحقيقات. وقال الشاهد الرابع حسن محمد عبدالنعيم، كاتب أول بمحكمة الإسماعيلية الجزئية إنه خلال عمله رئيسا للقلم المدنى، كان المتهم عبدالحكيم عوض أمين عام محكمة الإسماعيلية الابتدائية هو المسئول عن تسلم أحكام التحكيم من المحامين ووضع خاتم شعار الجمهورية عليه. وشهد أشرف أرميا صموئيل، الموظف المختص بتنمية التبادل التجارى بالسفارة الإيطالية بالقاهرة والمترجم المعتمد لدى السفارة، أن مسئولى شركة سيناء حصلوا على بياناته من السفارة باعتباره مترجما معتمدا واتصلوا به ليقوم بترجمة مستندات وتوجهه إلى مقر الشركة بمدينة نصر، حيث التقى مع المتهم عماد أرميا قلتة مدير الشركة، وترجم عددا كبيرا من عقود بيع الشركة لوحدات عقارية للأجانب والأحكام الصادرة بشأنها للغة العربية، وقال إن كل أسماء المتهمين جاءت فى المستندات، التى سلمها إلى المتهم عماد أرميا وحصل على مقابل مالى نظير الترجمة وترجم بعض أحكام التحكيم للإيطالية التى أرسلت خارج البلاد والخاصة بالمحكمين ومنها الأحكام رقم 77 و81 و152 و181 و182 لسنة 2002 جنوبالقاهرة، الصادرة بمعرفة المحكم المتهم ممدوح أحمد مصطفى. وأشار إلى أنه من بين المستندات التى تم ترجمتها والمرسلة من المتهم الأول إلى رئيس الشركة خارج البلاد خطاب أشار فيه المتهم إلى وجوب الحصول على موافقة المحافظ المختص بشأن شراء الشقق والأراضى والوحدات السكنية بجنوبسيناء، فضلا عن موافقة المحافظ على البيع للأجانب، حيث إن إجراءات البيع للأجانب ونقل الملكية فى جنوبسيناء تسمح للدولة بمراقبة التصرفات العقارية من الجانبين السياسى والأمنى، حتى لو كان ذلك تدخلا منها فى الشئون الخاصة بملكية المواطنين، وأن المتهم الأول أكد فى خطابه كذلك أنه يفضل عدم اللجوء للشهر العقارى أو السجلات أو الضرائب العقارية لإشهار وتسجيل الأحكام الصادرة لأن اللجوء لهم يمكن أن يسبب ضررا للجميع سواء كان بائعا أو مشتريا، خاصة إذا كان المشترى أجنبيا لأن ذلك يثبت شخصيته ويوجب سداد الضرائب، التى وضعتها الدولة خاصة على الأجانب، وأن اللجوء للهيئات الحكومية لن يكون ذى جدوى لذلك سيتم التعامل مع الحكومة من خلال مستشارى الشركة والمحاسبين القانونيين والخبراء كسبيل أفضل لتجنب زيادة الأوراق والمستندات أمام السلطات الحكومية، وقال الشاهد إن الخطاب والأوراق التى تم ترجمتها كانت مختومة بخاتم المحكمة. بينما أنكر المتهم ماهر غبريال اشتراكه ببيع عقارات لإسرائيليين، وقال إن سفره إلى إسرائيل مرتين قبل عام 2005 كان بغرض السياحة، ولا يعلم شيئا عن إعلان حكم التحكيم رقم 17 لسنة 2007، حيث تم الحصول عليها من مكتب ساهر فخرى بمعرفة المحكم، وقال إن المتهمين ساهر فخرى وإيهاب عطية وأشرف فؤاد هم الذين يعلمون بكيفية تزوير المستندات وإعداد الأحكام ومستنداتها، وقال إن المتهم عماد أرميا هو مسئول الشركة الذى تسلم الأحكام من ساهر فخرى ويعلم كل شىء. وفى أقواله أنكر المتهم سيد الحسينى «محام» معرفته بالمتهم ساهر فخرى وبمواجهته بما انتهى إليه تقرير اللجنة الثلاثية المشكلة من أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعى بوجود توقيعات له على أحكام التحكيم المزورة أقر بصحة توقيعاته على خمسة أحكام تحكيم ومستنداتها، مشددا على أنه لا يعلم شيئا عن حيثيات أحكام ولم يقرأها وقال: إنه تقابل باستراحة العاملين بمحكمة جنوبالقاهرة مع 3 أشخاص حيث طلبوا منه توقيعها مقابل الحصول على 800 جنيه، كما حصل على صور الأحكام وسلمها لأحدهم محررة على العقد الأخضر. بينما أقر المتهم عبدالحكيم عوض «أمين عام محكمة الإسماعيلية الابتدائية ويقضى عقوبة السجن فى قضية أخرى» بمسئوليته عن إيداع أحكام التحكيم بمحكمة الإسماعيلية الابتدائية، وقال إن علاقته بالمتهم إيهاب عطية «محام» مجرد علاقة عمل، وقبل مستندات التحكيم وختمها بخاتم شعار الجمهورية دون قراءتها أو الاطلاع عليها، وشدد على أنه لا يتذكر ورود كتاب وزير العدل رقم 6 لسنة 2006 بضرورة عدم تسلم أحكام التحكيم نتيجة ضغط العمل، ولم يقم بتسليم المستندات لقلم الحفظ. وأضاف فى أقواله أن ما ورد بأقوال موظفى المحكمة باتهامه بالمسئولية عما حدث بهدف إلقاء الاتهام عليه لإخلاء مسئوليتهم. وأثبت فاروق محمد، أمين إيداع محكمة جنوبالقاهرة سابقا، صحة بيانات وتوقيع محاضر إيداع أحكام التحكيم رقم 38 و39 و40 و41 و42 لسنة 2001 جنوبالقاهرة، وقال إنه أودع تلك الأحكام ومقدمة منه ومحررة بمعرفته وأنه يعلم خطأه، وعلل إنكاره التوقيع على تلك الأحكام، بسبب قيامه بعمل غير قانونى ومحاولة التهرب من المسئولية وقال إن توقيعه على محاضر إيداع أحكام التحكيم التى تحمل أرقام 142 و143 و144 و145 و146 و147 و148 و149 و150 و151 و152 و153 و154 و155 لسنة 2003 جنوبالقاهرة، صحيحة وصادرة عنه. وتضمن ملف التحقيقات مذكرة القاضى مجدى عبدالبارى، رئيس محكمتى الإسماعيلية وشمال سيناء الابتدائيتين للمستشار ممدوح مرعى وزير العدل فى 27 سبيمبر عام 2007 باكتشافه الواقعة، أشار فى مذكرته إلى ملاحظة عدم انضباط القيد بدفتر أحكام المحكمين خلال 7 أعوام سابقة وذلك بترك بعض الأرقام المسلسلة دون قيد أحكام فيها، وكذلك قيد أحكام عن أراضٍ لا تقع فى دائرة الإسماعيلية وعدم الالتزام بما تضمنه الكتاب الدورى رقم 6 لسنة 2006، بشأن عدم قبول إيداع أحكام المحكمين المتضمنة أى حق من الحقوق العينية العقارية، إلا بعد إشهار الحكم بالشهر العقارى المختص واتباع قواعد السجل العينى. وطالب رئيس المحكمة من خلال المذكرة بتشكيل لجنة من المفتشين الإداريين لتحديد المسئولية، وقرر وزير العدل تشكيل لجنة تفتيش إدارية لبحث ما ورد بالمذكرة فى اليوم التالى لإرسالها، وكلف القاضى رضا عبدالقادر رئيس محكمة استئناف بتولى التحقيق فى القضية والتفرغ تماما من مهام عمله لمدة 3 سنوات لحين الانتهاء من التحقيق فى القضية وإحالة المتهمين للمحاكمة.