بعد أن سكتت المدافع وعاد منتخب مصر من أنجولا بإنجاز يلامس الإعجاز، هل يوضع ملف المصالحة المصرية الجزائرية على طاولة المفاوضات؟ أحسب أن مصر الرسمية التى تستقبل نتنياهو وباراك وباقى أفراد القطيع فى مراعى السياسة الإسرائيلية، لتحقيق التسوية مع العدو لا يليق بها أن تكون علاقتها مع شقيقة عربية يجمعها بها تاريخ طويل من النضال المشترك على هذا المستوى المخجل. وأظن أن على بعض الأصوات التى يهمها أن تبقى هذه الحالة من العداء السفيه بين القاهرةوالجزائر أن تتوقف عن ثغائها الآن، لأن من شيم الكبار حقا أن يفرحوا بلا ابتذال أو إسفاف واختراع أعداء من العدم. ولا أجد معنى لأن نشتم الجزائريين كلما حققنا فوزا على دولة أفريقية، إلا أن يكون المقصود والمطلوب هو الإبقاء على مشاعر الكراهية بين شعبيين عربيين وتأجيجها بكل السبل. وقد يكون مفهوما أن يحتفل شاب مراهق بإنجاز منتخب مصر برقصة ساخنة على الكورنيش يشتم فيها «لالجيرى»، لكنه من المخجل أن يفعل ذلك مقدم برامج توك شو فى تليفزيون مصر الرسمى وشبه الرسمى. وأزعم أن منطق الأمور يقول إنه يجب أن يكون هناك فرق بين أداء انفعالى غير منضبط لمذيع صغير وبين أداء الدبلوماسية المصرية العريقة، وهى تتعامل مع ملف العلاقات العربية العربية. ولعله من المناسب الآن أن يتبنى طرف عربى مبادرة لتنقية الأجواء بين مصر والجزائر، ويكفينا مهازل دفعت وسائل إعلام صهيونية إلى السخرية من البلدين، ومن العرب عموما بتشبيه ما يجرى بيننا بما يجرى بين فتح وحماس. وإذا كانت مصر متمسكة بأن يكون ملف المصالحة الفلسطينية فى عهدتها، وتعتبر خروج هذا الملف من يديها طعنة لها، فعليها بالأحرى أن تفكر بالطريقة ذاتها فيما يخص علاقتها بالجزائر. ومن أغرب ما قرأت حول موضوع المصالحة ما صرح به رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أول أمس لصحيفة الشرق الأوسط إذ قال: «لا يجوز أن تتخلى عن مصر وتبيعها هذا عمل غير أخلاقى» فى إشارة إلى رفض توقيع وثيقة المصالحة الفلسطينية فى مكان آخر غير مصر. وأظن أنه عمل غير أخلاقى أيضا أن تستمر «المشتمة» مفتوحة بين مصر والجزائر بسبب كرة القدم، وأتمنى أن نصحو يوما على خبر يقول إن لقاء مصرى جزائرى على أعلى مستوى عقد فى أى مكان برعاية طرف عربى أو من خلال الجامعة العربية لإيقاف هذه المهزلة. لا يليق أن تتمسك مصر بأن تكون مقرا لإنجاز المصالحات من كل نوع، باعتبارها «الكبيرة» وتتردد فى تحقيق اختراق مهم على صعيد علاقاتها مع دولة عربية اسمها الجزائر.