على الرغم من أنه حى قديم إلا أن غمرة تعد من أكثر الأحياء جاذبية للسكن، بسبب موقعها فى قلب القاهرة وتوافر وسائل مواصلات عديدة فيها تصل إلى وجهات مختلفة، مما يرفع أسعار الشقق فيها، ليصل سعر المتر فى الشقق القريبة من شارع رمسيس إلى 3000 آلاف جنيه. فسكان غمرة الذين يعملون فى وسط البلد أو ميدان التحرير يستطيعون الوصول بسرعة لأماكن عملهم عن طريق مترو الأنفاق، أما العاملون فى مدينة نصر ومصر الجديدة أو حتى القاهرةالجديدة فسيجدون العديد من خطوط الأتوبيسات العامة أو الميكروباصات التى توصلهم إلى هذه الأماكن فى فترة قصيرة وبأجرة زهيدة. وربما كان موقع غمرة هو الذى دفع أغلب سكانها للبقاء فيها، مما يجعل المعروض من الشقق فيها قليلا للغاية، كما أن كثيرا من الوحدات فى هذه المنطقة غير مسكونة، حيث يرحل عنها الأبناء وبعد وفاة الأب والأم ولكنهم يتمسكون بالاحتفاظ بها، ويترددون عليها، خاصة أن أغلب المساكن فى غمرة تتبع نظام الإيجارات القديمة، وبالتالى لا تمثل عبئا ماليا فى الاحتفاظ بها، فإيجار شقة قديمة فى غمرة يصل إلى 3.5 جنيه، وبعد إضافة فاتورة المياه و«العوايد» يرتفع إلى 25 جنيها. وفى ظل هيمنة العمارات القديمة على غمرة بطرازها المعمارى الفريد، ينتظر الكثير من المستثمرين بلهفة انهيار أى منها نتيجة عوامل الزمن، لشراء الأرض، فخلال جولة «الشروق» فى غمرة لاحظنا انتشار أبراج جديدة، تتعدى العشرة أدوار، وسط العمارات القديمة التى تقتصر على أربعة أو خمسة طوابق، إلا أن الملفت للنظر هو أن كثيرا من هذه الأبراج مباعة بالكامل. وحتى تلك التى لم يتم الانتهاء من تشطيبها بعد، بيعت وحداتها، مما يعكس الإقبال الكبير على شراء الشقق هناك. «أحد المستثمرين العقاريين عرض شراء العمارة التى نسكن فيها بنصف مليون جنيه، والاتفاق مع كل ساكن على دفع مبلغ لإخلاء الشقة»، قالت إحدى الساكنات فى عمارة بغمرة، طلبت عدم نشر اسمها، وهى تملك حصة فى هذه العمارة، مشيرة إلى أن هذا العرض نموذج على صفقات عدة تجرى فى غمرة لبناء الأبراج الجديدة مكان العمارات القديمة، مشيرة إلى أن عمارة مجاورة من ثلاثة أدوار بيعت ب17 ألف جنيه، ولكن مالكها الجديد لم يخلها من السكان بعد. ويصل سعر متر التمليك فى أحد الأبراج الجديدة بغمرة فى موقع قريب من شارع رمسيس «نصف تشطيب» إلى 3000 جنيه، بينما قال مسئول فى موقع بناء عمارة أخرى بميدان فخرى، مازالت فى مرحلة حفر الأراضى، إن سعر متر التمليك فيها يصل إلى 3500 جنيه. وبلغ إجمالى قيمة شقة فى عمارة جديدة بالمنطقة، مبنية منذ أكثر من عام، وكثير من شققها مسكونة، مساحتها 165 مترا، 570 ألف جنيه، بحسب بواب العمارة. وللمحظوظين فقط بعض الفرص للتملك فى منطقة مميزة بغمرة بأقل من تلك المعدلات، فأحد السماسرة قال لنا إن شقة مساحتها نحو 150 مترا فى موقع قريب من شارع رمسيس ومعروضة للبيع بسعر 2000 جنيه للمتر، لأن صاحبها يحتاج لبيعها بشكل سريع. وقد يكون الإقبال القوى على التملك فى غمرة هو الذى يقلل من فرص الإيجار الجديد فيها، فخلال جولة «الشروق» على العديد من العمارات الجديدة فى غمرة لم تصادفنا أى شقة معروضة للإيجار الجديد. وتحكى لنا «نجوى» التى تسكن فى 6 أكتوبر تجربتها فى البحث عن شقة إيجار فى غمرة، حيث تحتاج السكن فى تلك المنطقة بسبب مرض والدتها وحاجتها أن تكون قريبة من المستشفيات التى تعالج فيها، وبعد بحث وجدت عرضا للإيجار القديم فى عمارة قديمة قريبة من كوبرى غمرة، يشترط أن تدفع فيها مقدما 100 ألف جنيه وإيجارا شهريا يتراوح بين 300 إلى 400 جنيه، وهو ما يعد مرتفعا للغاية بالنسبة لإمكانياتها المادية. على الرغم من أن الكثيرين يتطلعون للسكن فى غمرة، إلا أن بعض ساكنيها يرغبون فى الرحيل عنها، وتقول «داليا» إنها تتمنى أن تعيش فى مدينة 6 أكتوبر لقربها من مكان عملها وبعدها عن الزحام، وتوافر المساحات الخضراء فيها.