تقوم السلطات منذ شهور بإلقاء القبض على شبان متهمين بإقامة صلات مع جماعات إسلامية متشددة بسبب اشتباه متزايد بأن الفكر المتشدد يغري مجندين جددا بالقيام بأعمال عنف بين الحين والآخر. وليس ثمة دلائل على عودة تمرد يماثل ما حدث في التسعينات حين خاضت قوات الأمن معارك بالرصاص لضرب تمرد إسلامي منظم استهدف إقامة دولة متشددة في البلاد. وفي الوقت الحالي فإن الحملة التي تشنها الحكومة على أي إسلاميين - بمن في ذلك أعضاء جماعة الإخوان المسلمين - التي نبذت العنف منذ أمد طويل ربما تكون أوقفت أي تدفق من المتشددين إلى الخارج لكن جماعات صغيرة يمكن أن تظهر لتملأ فراغا تركه الإسلاميون المعتدلون الذين تلاحقهم الحكومة. وقال خليل العناني المتخصص في الحركات الإسلامية: "المتوقع هو ظهور جماعات عنيفة وعشوائية من الشبان غير المرصودين أمنيا." يذكر أن الحكومة كانت قد شنت حملة على شبان يعتبرون مجنديين محتملين منذ مقتل سائحة في انفجار قنبلة عام 2009 في القاهرة وكان الهجوم الأول من نوعه منذ عام 2006. ويقول محامون موكلون للدفاع عن معتقلين إن شبانا - يتصفحون مواقع الإنترنت التي تتضمن معلومات عن صناعة الأسلحة أو التي تجمع تبرعات لقطاع غزة أو حتى الذين يترددون على المساجد التي تعلم تلاوة القرآن - ألقي القبض عليهم بتهم التخطيط لهجمات وما زالوا محتجزين لأجل غير مسمى. ويقول يحيى عبد الفتاح العزب الذي يؤم الصلاة في مسجد في مدينة المنصورة إن ابنه كان من بين أكثر من 20 شابا ألقي القبض عليهم في أكتوبر, ومنذ ذلك الوقت لا يعرف العزب عن ابنه شيئا. وقال: "أنا وابني كنا نتكلم عن الحرب الإسرائيلية على غزة وندعو الناس لمساندة المجاهدين", وأضاف: "إذا كان غير المسلمين في الخارج في أوروبا فعلوا ذلك فكيف لا يشارك المسلمون هنا؟" ونفي العزب أن يكون لابنه أي صلة بجماعات أو دعوات العنف. وقوبل رفض مصر فتح معبر رفح الحدودي مع غزة بصورة منتظمة منذ سيطرة حركة حماس الإسلامية على القطاع عام 2007 بالانتقاد لاسيما من جانب الإسلاميين في الداخل والخارج الذين اتهموا مصر بتنفيذ السياسة الإسرائيلية. وقال الرئيس حسني مبارك يوم الأحد إن تأمين الحدود المصرية سيوقف هجمات المتشددين وقال إن قوات الأمن ستضرب دائرة تزداد اتساعا من الجماعات والأفكار المتشددة. وتقول مصادر أمنية إن من بين ألقي القبض عليهم في المنصورة أواخر العام الماضي جماعة متهمة بحيازة متفجرات وأسلحة. وقال اللواء نشأت الهلالي من المركز الدولي للدراسات المستقبلية: "هناك ظاهرة جديدة. هذه الخلايا تنتشر بشكل رأسي بتعليمات من المركز الرئيسي للقاعدة في أفغانستان." وأضاف: "بدأت تظهر فروع ومراكز وأجيال جديدة من القاعدة وزعامات وقيادات محلية مثل ما نراه في اليمن والعراق." وقال الهلالي وهو مساعد سابق لوزير الداخلية إن المجندين لمثل هذه الجماعات التي تظهر في المنطقة يميلون إلى أن يكون تجنيدهم في الداخل, بحسب قوله. وأضاف أن الجماعات المصرية التي استهدفت الدولة في السابق لم تكن لها أجندة عالمية حتى حين سافر أعضاؤها إلى الخارج لاحقا. واعتبرت رسالة أسامة بن لادن التي أذيعت يوم الأحد وتضمنت إعلانه المسئولية عن محاولة نسف طائرة ركاب أمريكية يوم 25 ديسمبر محاولة لجذب مؤيدين عرب وبخاصة للقاعدة برغم قول محللين إن شعبيته تفتر. وقالت المجموعة الاستشارية للمخاطر جانوسيان في تقرير صدر الشهر الماضي إن كشف خليتين على الأقل في مصر عام 2009 ووقوع حوادث أخرى "يعني ظهور سمات لجماعات سرية متشددة." وأضافت أن متشددين مصريين ظهروا في اليمن. وقال محللون في مصر إنه لا يوجد دليل أكيد على تجنيد مصريين جدد للتوجه إلى اليمن وأن أي مصريين يظهرون في اليمن سوف يكونون على الأرجح من جيل أقدم من المتشددين الذين سافروا إلى أفغانستان وربما يكونون الآن يقاتلون في جبهة جديدة. والجماعات الإسلامية مستهدفة بين الحين والحين في مصر التي كانت تاريخيا وطنا لمفكرين إسلاميين بارزين مثل سيد قطب العضو القيادي في جماعة الإخوان المسلمين الذي أعدم شنقا عام 1966. لكن هناك حملة شديدة تلت اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات عام 1981 ثم تجددت خلال انتفاضة الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد في التسعينات حين استهدف وزراء وسائحون غربيون. واتهمت الجماعة الإسلامية أيضا بمحاولة اغتيال مبارك عام 1995 في أديس أبابا. وقال المحامي منتصر الزيات الذي دافع عن متشددين أمام المحاكم إن الحكومة فككت الجماعات المتشددة مثل الجماعة الإسلامية وإن قادتها نبذوا العنف. وقال: "لن نرى أعمالا جهادية بنفس الشكل الذي كانت عليه تنظيمات الجهاد العنيفة في الماضي التي تم تفكيكها." ويحذر المحللون أيضا من أن مصر ربما تكون مهتمة بمنع أي ظهور لجماعات متشددة قبل الانتخابات التي من المقرر أن تجرى هذا العام لمجلس الشعب الذي يشغل أعضاء منتمون لجماعة الإخوان المسلمين نحو خمس مقاعده وكانوا قد تقدموا للترشيح كمستقلين في انتخابات عام 2005. وقال الخبير في مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية في صحيفة الأهرام ضياء رشوان: "الأجهزة الأمنية بطبيعتها تبالغ في ما يحدث من الإرهاب من أجل أن تحافظ على وجودها وتمويلها بشكل دائم." وتابع أن الحكومة المصرية تواصل خنق أي شكل من أشكال المعارضة." لكن مد الحملة من الجماعات المتشددة إلى جماعة مثل الإخوان المسلمين يمكن أن يأتي بأثر عكسي. وقال العناني إن قيام الحكومة بقمع الإسلاميين المعتدلين يتسبب في تشدد من تكون لهم ميول إسلامية ويدفعهم إلى النشاط العنيف.