ليت الرئيس بوتين استمر فى التهديد والتعبئة حول أوكرانيا، كانت الوفود من أوروبا والعالم تحج إليه وتؤكد أن أوكرانيا لن تكون عضوا بالناتو ولكنهم لا يستطيعون أن يقدموا ذلك كتابيا، عيون العالم كانت عليه وما يمثله من قوة كامنة كما أن كثيرين كانوا يرون أن عنده الكثير من الحق فى رفض وجود الناتو فى البطن الرخو لروسيا بعدما انضمت كل دول حلف وارسو القديم إلى الحلف الأطلسى، ويبرر بوتين بأن أوكرانيا البلد النووى فيما سبق إذا ما امتلكت الصواريخ النووية وهى تملك تكنولوجيتها (لأنها كانت تملك الأسلحة النووية سابقا) ستمثل خطرا آنيا على روسيا وعاصمتها، وكانت المقالات والآراء تكتب بما يوضح أن امتداد الناتو المستمر شرقا كان يمثل استفزازا غير مبرر لروسيا. وكان بوتن يؤكد بلا توقف أنه لن يغزو أوكرانيا، وكان من الواضح أنه يمارس سياسة حافة الهاوية ليؤكد على عدالة الموقف الروسى وحتى تستعيد روسيا حقها الطبيعى فى التوازن الدولى فروسيا قوة عظمى عسكريا وإن كانت قوة متوسطة اقتصاديا، المؤكد ان دخول اوكرانيا إلى الناتو فى ظل هذا الموقف كان مستبعدا للغاية. فى اعتقادى أن نقل تلك السياسة إلى الغزو المباشر لأوكرانيا (بغض النظر عن أى تصريحات أو افعال من قادتها) هو خطأ استراتيجى كبير وخصوصا أنه يأتى مباشرة بعد خطبة سياسية لبوتين يعلن فيها أن أوكرانيا ليست إلا دولة مصطنعة من قبل البلاشفة وأنها جزء أساسى من روسيا بل ويمتد ذلك الغزو إلى كل الأراضى الأوكرانية وليس فقط للمناطق ذات الأغلبية الروسية. بوتين يأخذ هذا القرار وهو على علم كبير بنوايا الناتو والاتحاد الأوروبى على مقاطعة اقتصادية شاملة لروسيا وعلى مساعدة أوكرانيا بالمعدات والاسلحة ولكن يبدو أنه كان يراهن على انقسامات الغرب واحتياج البعض منهم الشديد للبترول والغاز الروسى. ولكنه غرور القوة الذى لا يرى أن الغزو فى ذاته يلعب دورا جوهريا فى تعزيز إحساس كل دول الناتو والاتحاد الأوروبى بضرورة التوحد ونبذ جميع الاختلافات فيما بينها، فمن منهم يضمن خطوات روسيا (بوتين) التالية بعد أن تنتهى من أوكرانيا فالكل سلسلة ويمكن أن تنفرط. بل إن التدخل أحيا لدى هذه الدول أهمية وضرورة الناتو لهم جميعا. قد تحتل روسياأوكرانيا كاملة إن آجلا أو عاجلا فهى قوى عظمى عسكريا ولكنها ستدفع الثمن غاليا على المستوى الاقتصادى والذى سيتحمله بالدرجة الأولى هو المواطن الروسى العادى ذلك بالاضافة إلى الخسائر البشرية من جميع الأطراف، وبالذات إذا ما اشتعلت المقاومة فى المدن، والمؤكد أن خطوط الإمداد للمقاومة الأوكرانية متوافرة عبر حدودها مع دول الناتو والذى سيقدم كل اشكال الدعم لها، كما كانت روسيا والصين تساعدان فيتنام فى الماضى على الرغم من القصف الأمريكى لها آنذاك. إن إنهاك روسيا فى أوكرانيا سوف يعيد بعض القوة مرة أخرى للعالم ذى القطب الواحد على عكس ما يتصور البعض فى بلاد العالم الثالث والتى يتمنى البعض منهم أن الدخول الروسى سوف يعيد مرة أخرى العالم ذا القطبين، ذلك بالإضافة إلى أن من أهم نتائج هذا الغزو سيكون هو زيادة الانفاق العسكرى لكل الدول الأوروبية كما كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية تطالبهم وتريد، كما أننى أتوقع أنه فى مثل هذه المعركة العالمية سوف تفرض تحالفات ومواقف سياسية واقتصادية على كثير من دول العالم الثالث بمعنى الضغط الاقتصادى والعقوبات عليهم لعدم التعامل مع روسيا. إن من تبعات هذا القرار هو المزيد من العداء لروسيا والإنهاك لاقتصادها وهو ما سوف يتحمله شعبها الرائع على الرغم مما قدمه عبر التاريخ للبشرية من تضحيات ومن آداب وعلوم وموسيقى وثقافة، وهذا فى رأيى المتواضع النتيجة الحتمية للقرارات الذى يأخذها أفراد يملكون كل القوة ولا يوجد من يجرؤ على نصحهم أو تغيير مسارهم.