نشرت مؤسسة Chatham House مقالا للكاتب آنو آديوى تناول فيه محاولات روسيا البحث عن شركاء جدد فى القارة الأفريقية، ومحاولاتها استخدام شركاتها العسكرية الخاصة لسد حاجة الدول الأفريقية من احتياجاتهم الأمنية، ولكن هذا قد يعنى مزيدا من السلطوية وانتهاكات لحقوق الإنسان.. نعرض منه ما يلى. روسيا تبنى صداقات فى مالى. وزير الخارجية الروسى، سيرجى لافروف، رحب بنظيره المالى، عبدالله ديوب، فى موسكو وسط تقارير عن صفقة تم إبرامها مع مالى لتجنيد مرتزقة من مجموعة فاجنر، أشهر الشركات العسكرية الخاصة الروسية. تنفى مالى وروسيا توقيع مثل هذا الاتفاق، فى وقت يتطلع فيه الاتحاد الأوروبى إلى فرض عقوبات على مالى وفاجنر؛ وهكذا يُنظر إلى روسيا ومالى كحليفين يغضبان الغرب. يقع هذا ضمن جهود روسيا المتجددة لتشكيل تحالفات غابت بعد انهيار الاتحاد السوفيتى. بعد انهيار الاتحاد السوفيتى، تراجعت روسيا إلى الداخل وتعثرت العلاقات التى أقامتها مع الدول الأفريقية المستقلة حديثا. ولكن أفريقيا تعود من جديد على جدول أعمال روسيا؛ مع وجود نهج جديد. مع افتقارها إلى الثقل المالى الذى تمتلكه الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، فإن موسكو تمارس دبلوماسية رخيصة. تحاول روسيا تصوير نفسها كحليف موثوق به فى القتال ضد المتطرفين والمتمردين فى وقت يتحول فيه اهتمام الغرب إلى مكان آخر. ترك خروج نصف القوات الفرنسية المتمركزة فى منطقة الساحل الأفريقى المنطقة للعصابات المسلحة والإرهابيين، وبالتالى تبحث مالى الآن عن شركاء أمنيين. لقد وجدت شريكا لها فى فاجنر، المنظمة الغامضة المرتبطة بالكرملين والتى تمد المقاتلين العسكريين الروس السابقين بالعتاد فى بؤر الصراع الساخنة على مستوى العالم. فى أفريقيا، تنشط شركة فاجنر فى جمهورية أفريقيا الوسطى؛ حيث أرسلت مرتزقتها فى عام 2018 بعد انسحاب فرنسا منها. الجماعات المتمردة المسلحة تهدد الحكومة فى بانغى، عاصمة جمهورية أفريقيا الوسطى، ويعمل الروس فى حرس الرئيس. فاليرى زاخاروف، عمل فى جهاز الأمن الفيدرالى الروسى سابقا، هو مستشار الأمن القومى لرئيس جمهورية أفريقيا الوسطى؛روسيا تمتلك نفوذا كبيرا لدرجة أنها شاركت فى محادثات السلام بين الحكومة والمتمردين. تقول حكومة مالى إنها تحتاج إلى المساعدة فى محاربة المتمردين؛ حتى مع وجود القوات الفرنسية، والمساعدات الاستخباراتية الأمريكية، وقوة الأممالمتحدة التى يبلغ قوامها 15 ألف شخص، فإن الحكومة المالية بالكاد تسيطر على مدنها الرئيسية؛ قتل أكثر من 6 آلاف شخص وفر نحو مليونين من منازلهم. الحكومة يائسة لدرجة أنها وجهت مؤخرًا المجلس الإسلامى الأعلى لبدء محادثات سلام مع الفرع المحلى للقاعدة، فى إشارة إلى أن الاحتواء يجرى النظر فيه. فاجنر لن تحل مشكلة مالى. وتشير الأدلة الموجودة فى جمهورية أفريقيا الوسطى إلى أن الوضع قد يتفاقم. يتهم تقرير للأمم المتحدة فاجنر بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، إلى جانب ما ترتكبه القوات المحلية من عمليات قتل عشوائى. لا يزال الصراع محتدما، مع سيطرة المتمردين على مساحات شاسعة من البلاد. إن روسيا شريك مفيد لحكومة يقودها جنرالات الجيش الذين دبروا انقلابين فى تسعة أشهر. علقت الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا عضوية مالى مع تلاشى الآمال فى العودة إلى الديمقراطية؛ مع تأجيل انتخابات فبراير القادم. من المفهوم غضب الاتحاد الأوروبى والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، لكن روسيا لا تهتم بالممارسات التافهة مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهو أمر مفيد لنظام مالى الذى يقوده انقلابيون يواجهون الإدانة والتهديد بالعزلة الدولية من جميع الأطراف، وبالتالى وجود عضو دائم فى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة غير مهتم بالديمقراطية هو أمر جيد. كان هذا هو الحال بالنسبة لزيمبابوى عندما استخدمت روسيا حق النقض فى عام 2008 لحمايتها من العقوبات المتعلقة بحقوق الإنسان. ومؤخرا، ساعدت روسيا إلى جانب الصين فى نسف محاولات الأممالمتحدة للدعوة إلى إنهاء الأعمال العدائية فى الحرب الأهلية فى إثيوبيا. مع التهديدات بالعقوبات الغربية والأفريقية فى مالى، يمكن أن ينمو نفوذ روسيا هناك بشكل كبير وهذا يتناسب مع طموحات الكرملين. بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014 أصبح عليها البحث عن شركاء غير غربيين. توضح هذه الاستراتيجية أن روسيا لا يمكن عزلها دبلوماسيا ويمكنها عقد صفقات اقتصادية خارج القنوات الواضحة. فى مقابل توفير الأمن لشركائها الأفارقة، تتوقع روسيا دعم مواقفها فى المنظمات متعددة الأطراف. هذا إلى جانب الفرص الأخرى؛ الشركات الروسية لديها وصول قانونى (فى المناطق التى تسيطر عليها الحكومة) وغير قانونى (من خلال أمراء الحرب) إلى احتياطيات الماس الكبيرة فى جمهورية أفريقيا الوسطى. توقع المزيد من نفس الشيء فى مالى مع احتياطاتها الضخمة من الذهب. إن تقدم روسيا فى أفريقيا يقلق الغرب. ولكن هل ينبغى ذلك؟ تود روسيا أن يعتقد خصومها أنها تحرز تقدما. إن الصفقات التى تصدرت عناوين الصحف فى مالى تخفى حقيقة أن معظم الاتفاقات الموقعة بين الدول الأفريقية وروسيا هى رمزية أكثر من كونها استراتيجية. يتعين على الغرب اتخاذ خطوات فى أفريقيا تؤكد لحلفائه أنه لن يتخلى عنهم. لكن فى الوقت الحالى، يجب تخفيف القلق بشأن النفوذ الروسى. إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى النص الأصلى