أسير فلسطيني محرر: الشرع أجاز الإنجاب بالنطفة المهربة مثل أطفال الأنابيب أطفال زرعوا في عتمة الزنازين وأبصروا النور في رحاب الحرية لتستمر الحياة، وليحقق الأسرى ما كانوا يحلمون به، فأنجبت زوجاتهم أطفالا رغم حكم المؤبد المفتوح وسنوات القهر الطويلة خلف القضبان، ورزقوا بابناء تحمل أسمائهم من بعدهم، حيث أدركوا أن الحياة داخل السجون يجب أن تستمر وتهريب النطف المنوية هو واحدة من معارك التحدي التي خاضوها وحققوا خلالها الانتصار الذي منحهم السعادة والحياة. تواصلت "الشروق" مع عبد الناصر عوني فروانة، أسير محرر ومختص بشؤون الأسرى والمحررين وعضو المجلس الوطني الفلسطيني، الذي روى لنا رحلة النطف المهربة وموقف الأسرى من فيلم أميرة الذي أثار الجدل. يقول فراونة: "كانت فكرة تهريب النطف وزراعة الأنابيب نوقشت بخجل وبصوت باهت أوائل التسعينيات في أوساط مجموعة صغيرة من الأسرى أصحاب الأحكام العالية (مؤبدات)، ولاقت حينها قبولاً لدى بعض الزوجات لتعكس المعاناة الصامتة لهؤلاء الأسرى وزوجاتهم الصابرات، وفي المقابل رغبتهم الجامحة وإصرارهم الكبير على تحدي السجان الإسرائيلي وتحقيق انتصار جديد يتمثل في إنجاب نسائهم أطفالاً يحملون أسماء آبائهم القابعين في سجون الاحتلال". ويضيف "لم تغِب الفكرة عن أذهان أولئك الأسرى، ولم تسقط المحاولات من حساباتهم، بل ظلت الفكرة حاضرة مؤجلة التحقق إلى حين اتساع دائرة القبول وتوفر الظروف الملائمة وعوامل النجاح الممكنة، وبعد بضعة أعوام تجرأ عدد من الأسرى على ترجمتها وتمكنوا فعلاً من تهريب «نطف منوية» مرات عديدة وعلى الرغم من سريتها ومحدوديتها إلا أنها عكست ما يدور في وجدان الأسرى وزوجاتهم". ويشير عضو المجلس الوطني الفلسطيني إلى أن فشل المحاولات السابقة وعدم نجاحها لم تحبط الآخرين ولم تصادر حلمهم؛ بل بالعكس منحتهم جرعات جديدة من التحدي والإصرار على مواصلة الطريق، نحو تحقيق الانتصار المأمول وحلم الإنجاب المشروع على الرغم من صعوبة ظروف الاحتجاز وتعدد الحواجز والمعوقات وتطور تكنولوجيا المراقبة الإسرائيلية فكان لهم ما أرادوا وحققوا ما كانوا يحلمون به حين زرع الأسير الفلسطيني عمار عبد الرحمن الزبن طفله في ظلمة السجن وبذات الطريقة على الرغم من حكم المؤبد، ليبصر مهند النور في رحاب الحرية بين أهله وأسرته ويسجل بذلك الانتصار الأول بتاريخ 13 أغسطس 2012. واستطرد "هذا الانتصار أسس لمرحلة جديدة نحو تعميم التجربة والانتقال من الانتصار الفردي إلى الجماعي وشكل انطلاقة نوعية نحو معركة علنية من أجل انتزاع حق سلبته إدارة السجون الإسرائيلية وأقرته المواثيق الدولية وكفلته الشريعة الإسلامية، نجاح هو الأول بعد محاولات كثيرة تلته مئات المحاولات لأسرى كثر وصل عددهم إلى 70 أسيراً وأنجبت نساؤهم 99 طفلاً بالطريقة المعقدة نفسها، ولم يسجل تلك النجاحات أسرى ينتمون إلى هذا التنظيم دون غيرهم أو يقبعون في سجن واحد أو أسرى ينحدرون من منطقة جغرافية بعينها وإنما تعددت الأسماء وتنوعت الانتماءات الحزبية واختلفت مناطق السكن وغدت ظاهرة لافتة عمت السجون كافة وأربكت السجان ومسؤوليه وأصبحت جزءا من المواجهة المستمرة مع الاحتلال وسعيا لانتزاع الحرية وثورة من أجل الحياة والوجود". واستكمل "ولم يرق لسلطات الاحتلال هذا العمل الذي ينظر إليه فلسطينيا على أنه انتصار فأرادت إحباط الفكرة والقضاء على الظاهرة فاتخذت الكثير من الإجراءات العقابية الفردية والجماعية بحق الأسرى وزوجاتهم والمواليد الجدد الذين ترفض الاعتراف بهم ومع ذلك لم يكترث الأسرى واستمروا في محاولاتهم وما زالوا يخوضون التجربة ويحققون النجاحات فالظاهرة تتسع والانتصارات تتكرر وتزداد". وأردف أن الإنجاب عبر "التلقيح الصناعي" حق أجازه الشرع الإسلامي وفق ما بات يعرف ب"زراعة الأنابيب" للأزواج ولكن وفقاً لشروط وإجراءات تتطابق مع الشريعة الإسلامية وأن العيادات المتخصصة بذلك منتشرة في فلسطين والوطن العربي والأسرى جزء من النسيج الاجتماعي ومن حقهم الإنجاب عبر التلقيح الصناعي إذا تمكنوا من ذلك وإن توفرت الإجراءات والشروط المتطابقة مع الشريعة الإسلامية هذا حق لهم". وردا على تداعيات فيلم أميرة.. قال فراولة "نحن من جانبنا نرحب بسحب الفيلم وهي خطوة إيجابية وفي الاتجاه الصحيح ويعالج جزء من المشكلة لكن الأهم أن تؤمن الهيئة الملكية والمخرج والمنتج أن الفيلم يسئ للقضية الفلسطينية ولنضالات الآسرى ومن ثم العمل على وقف عرضه بتاتا وطي هذه الصفحة إلى الأبد". وكشف أن هناك مئات المحاولات، ونجحت بعضها وتمت بالإنجاب ولكن هذه النطف، لم تخرج بتاتا عن طريق السجان الإسرائيلي، فكيف يمكن للسجان استبدالها؟ هذا يشكك بأبوية أطفال النطف وهو لم ينسب فيلم أميرة للضابط الإسرائيلي وإنما يدفع كل من يتابع هذا الأمر يشكك في النطف المهربة وقد يذهب المشككون إلى ما هو أخطر من ذلك وتجاهل الفيلم فحص DNA، لربما من الناحية الفنية أراد كاتب السيناريو أو المخرج أن يثير جزئية لجذب المشاهد. واستطرد: "لكن كان من الواجب الوطني والقومي والديني العودة لذوي الاختصاص وأهالي أطفال النطف والمراكز الطبية التي تشرف على العملية، وفي نهاية الفيلم يضع إجابات لتلك التساؤلات ويزيل التشكيك وفقا للوقائع وانسجاما مع الرواية الفلسطينية بدلا من أن يبقى المشاهد في حالة تشكيك دائم بأطفال النطف وهذه الحالة تخدم الدوافع الإسرائيلية التي تسعى إلى وقف هذه الظاهرة المستمرة والآخذة بالاتساع والمقلقة للإسرائيليين. وأكد أنه من الضروري وبدلا من التشكيك بنسب أطفال النطف المهربة والمساس بكرامة الآسرى والإساءة إليهم أن نجند إعلامنا لحشد الرأي العام لدعم الآسرى ونضالاتهم وحقهم في اللجوء إلى جميع الخيارات لاستمرار الحياة الإنسانية بما في ذلك حقهم في تهريب النطف لتنجب نساؤهم أطفالا يحملون اسمائهم من بعدهم رغم حكم المؤبد المفتوح، لطالما أن ذلك يتم وفقا للشروط المتطابقة مع الشريعة الإسلامية وحسب فتاوى علماء الدين. واختتم فروانة حديثه أن سلطات الاحتلال وإدارة السجون تحارب هذه الظاهرة، وتفرض عقوبات جماعية على الأهالي وأطفال النطف وعلى الآسرى الذين ينجحون في تهريب النطف لأنهم يرون في ذلك انتصارا للفلسطينيين ليأتي اليوم فيلم "أميرة" بوعي أو بدون؛ ليخدم دوافع الاحتلال؛ لذا كان يجب حشد الرأي العام وتوفير حاضنة إنسانية ووطنية وقومية اجتماعية وإعلامية وأخلاقية ودينية تساند الآسرى وتدعم مسيرتهم بما يضمن استمرار الحياة.