قال مساعد وزير الداخلية لقطاع الحماية المجتمعية، إن استراتيجية وزارة الداخلية في إدارة المؤسسات العقابية والإصلاحية ترتكز على محاور الفلسفة العقابية الحديثة التي تقوم على تحويل أماكن الاحتجاز التقليدية إلى أماكن نموذجية لإعادة تأهيل النزلاء من منطلق أحقية المحكوم عليهم بألا يعاقبوا عن جرمهم مرتين، حتى لا تتوقف الحياة بهم وبأسرهم عند ذنب اقترفوه، بما يعد ترجمة واقعية للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان والتي تم إطلاقها مؤخرا. جاء ذلك خلال كلمته بفعاليات تفقد مركز الإصلاح والتأهيل بوادي النطرون، والذي تم إنجازه عبر جهود وطنية مخلصة وفي فترة زمنية قياسية وهو يعد نموذجا متميزا للمؤسسات العقابية والإصلاحية على المستويين الإقليمي والدولي ويعكس آفاق التطوير والتحديث والعصرية حيث تسعى وزارة الداخلية لتعميمه على مستوى الجمهورية. وأشار إلى خطط إعادة التأهيل تتضمن برامج متكاملة شارك فيها عدد من المتخصصين في مختلف مجالات العلوم الاجتماعية والصحة النفسية تشمل الاهتمام بالتعليم وتصحيح المفاهيم والأفكار وضبط السلوكيات وتعميق القيم والأخلاقيات وصولا لتحصين النزيل من الانحراف مرة أخرى وحماية مجتمعه من أية خطورة إجرامية محتملة كانت تسيطر على سلوكه. وأضاف: "كما تمتد برامج الرعاية الاجتماعية لأسر النزلاء أثناء فترة عقوبتهم من خلال إدارة الرعاية اللاحقة والتي تقوم أيضا بمتابعة حالات المحكوم عليهم عقب الإفراج عنهم وفي إطار سعي الوزارة نحو تشجيع النزلاء على تقويم سلوكهم يتم التوسع في الإفراج الشرطي وللظروف الصحية وفقا للأحكام القانونية والضوابط والمعايير التي تنظم إخلاء سبيلهم والتي بلغ عددهم خلال عام 2021 عدد 11298 إلى جانب العفو الرئاسي عن أعداد غير مسبوقة من الذين يقضون العقوبات لأسباب مختلفة والذي بلغ إجماليهم هذا العام (20516) الأمر الذى يفتح آفاق الأمل لديهم في حياة جديدة وكريمة". وتابع أن المجتمع الدولي يولي حاليا اهتماما خاصا بتحسين ظروف المحتجزين باعتباره أحد الجوانب الهامة لحقوق الإنسان ولقد كانت للقيادة السياسية السبق في ذلك من خلال التوجيه بإنشاء مراكز مجمعه تتوافر فيها كافة المقومات التي تراعى أعلى مقاييس حقوق الإنسان وتدار بشكل علمي لإصلاح السلوك والأفكار المغلوطة للمحكوم عليهم وفقاً لطبيعة المخالفات التي ارتكبوها وتأهيلهم ليصبحوا أشخاصاً صالحين يفيدوا أسرهم ومجتمعهم. ولفت إلى وضع الداخلية استراتيجية لتشييد هذه المراكز خارج الكتلة السكانية كبديل للسجون العمومية الحالية وبدأت أولى خطواتها التنفيذية بإنشاء مركز الإصلاح والتأهيل – وادي النطرون والذي سيتم عقب التشغيل الكامل له غلق 12 سجنا يمثلون 25% من إجمالي عدد السجون العمومية في مصر، وهي: استئناف القاهرة، ليمان طرة، القاهرة بطرة، بنها، الإسكندرية، طنطا العمومي، المنصورة، شبين الكوم، الزقازيق، دمنهور القديم، معسكر العمل بالبحيرة، المنيا العمومي، وهو ما سيؤدي إلى عدم تحمل الموازنة العامة للدولة أية أعباء لإنشاء وإدارة مراكز الإصلاح والتأهيل في ضوء أن القيمة الاستثمارية لمواقع السجون العمومية المقرر غلقها تفوق تكلفة إنشاء تلك المراكز. وأوضح أنه استكمالا لجهود الوزارة للمساهمة في تيسير إجراءات التقاضي للنزلاء تم إنشاء مجمعا للمحاكم بالمركز وفق الشروط والمواصفات القضائية، فضلا عن غرف مجهزة لعرض المحبوسين احتياطيا على الجهات القضائية المعنية عبر تقنية الفيديو كونفرانس بما يرفع عن النزلاء مشقة الانتقال إلى المحاكم والنيابات المختلفة. وذكر مساعد وزير الداخلية، أن وزارة الداخلية تتخذ في سبيل توفير مقومات إعادة تأهيل النزلاء كافة الإجراءات التنسيقية مع الوزارات المعنية كان آخرها إبرام بروتوكول تعاون مع وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني يتم بمقتضاه تشغيل المدرستين الثانوي (الصناعي والزراعي) اللتان تم افتتاحهما بالمركز كذا التنسيق مع وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية لإعداد أماكن للتدريب والتأهيل على المهن الفنية المختلفة وذلك في إطار برامج علمية قائمة على توجيه طاقة النزيل للمهنة التي يصلح لها وإتاحة فرص عمل له أثناء فترة العقوبة بما يعود عليه وعلى أسرته بعائد مالي يتم توجيهه وفقا لاحتياجاته والاحتفاظ بجزء منه كمكافأة تمنح للنزيل عند خروجه تساعده على مواجهة متطلباته المعيشية. وأضاف أنه في إطار تحقيق هذا الهدف إقامة وزارة الداخلية عدد من المشروعات الإنتاجية الصناعية والزراعية والحيوانية داخل المركز وبما ينعكس إيجابيا أيضا على حجم الإنفاق التي تتحمله الدولة في إدارة مراكز الإصلاح ورعاية النزلاء وذلك عبر تحقيق الاكتفاء الذاتي في احتياجاتها من بعض المنتجات الأساسية فضلا عن الإسهام في تلبية احتياجات المواطنين بأسعار مخفضة في ظل دور وزارة الداخلية التكافلي. وأوضح أنه ترسيخا لقيم ومبادئ حقوق الإنسان وحتى تتوافق المصطلحات والمسميات مع واقع سياسات التنفيذ العقابي الحديث، قدمت الوزارة مشروع قانون لتعديل بعض أحكام قانون السجون والقوانين ذات الصلة لتحويل السجون إلى مراكز الإصلاح والتأهيل المجتمعي" وتعديل مسمى قطاع السجون ليصبح "قطاع الحماية المجتمعية" ليكون معبرا على التطور النوعي الذى يتم حاليا في آليات عمل القطاع. وأكد مساعد وزير الداخلية لقطاع الحماية المجتمعية، أن مسيرة العمل الوطني تمضى بقيادة حكيمة للرئيس عبد الفتاح السيسي، وفق رؤية واضحة الأهداف لبناء الجمهورية الجديدة وتأمين حاضر ومستقبل الأمة المصرية، مضيفا أن الإرادة في وزارة الداخلية ستبقى قوية في تدعيم مبادئ حقوق الإنسان في كافة مفردات العمل الأمني، ولعل هذا النموذج المستحدث لمؤسسة عقابية وإصلاحية بمقاييس دولية عصرية خير شاهد على ذلك.