طبقة من الدخان الأسود تغطى سماء القاهرة وتهبط إلى الطبقات السفلى من الغلاف الجوى ليشعر بها سكان المدينة بما يصاحب هذا من إحساس بالاختناق ومشكلات فى التنفس خاصة لمرضى الجهاز التنفسى والصدر. إنها «السحابة السوداء» أو نوبات تلوث الهواء الحاد كما يحب أن يطلق عليها مسئولو وزارة الدولة لشئون البيئة والتى استمرت فى 2009 للعام الحادى عشر على التوالى رغم ما تعلنه الوزارة من جهود لمكافحتها غير مستبعدة أن تتواصل خلال العام القادم. يوضح المهندس أحمد أبوالسعود رئيس قطاع نوعية الهواء بوزارة الدولة لشئون البيئة أن السحابة السوداء هى المشكلة الأساسية عند الحديث عن هواء القاهرة الكبرى، مؤكدا تراجع عدد الساعات والأيام التى تظهر فيها منذ ظهورها فى عام 1998، إلا أنه اعترف أيضا بأن عام 2009 لم يشهد تحسنا كبيرا عن العام السابق عليه بسبب «أسباب خارجة عن الإرادة». ويقول مهندس أبوالسعود «إن عام 2009 شهد موجات من رياح الخماسين التى ضربت القاهرة خلال شهرى أكتوبر وديسمبر غير المعهودة فى هذه الفترة من العام قادمة من خارج مصر»، مرجعا هذا إلى ظاهرة التغيرات المناخية التى تحدث فى العالم كله. ورغم ما تعلنه الوزارة من مشروعات لتقليص حدة هذه الظاهرة إلا أن أبوالسعود يرى أنها يمكن أن تكون بنفس القوة خلال 2010 إذا تعرضنا لنفس الظروف الجوية. وكانت وزارة البيئة قد بدأت خلال عام 2009 فى التوسع فى مشروعات استغلال قش الأرز «المتهم الدائم فى ظاهرة السحابة السوداء» بدلا من حرقه حيث شهد العام الحالى دخول القطاع الخاص فى منظومة جمع وكبس قش الأرز وإعادة تدويره، ومن المقرر أن يشهد عام 2010 توسعا فى هذه المساهمة وإيجاد مزيد من الفوائد الاقتصادية لقش الأرز. كان المهندس ماجد جورج وزير الدولة لشئون البيئة قد أكد أن عمليات الحرق تتم متابعتها عبر القمر الصناعى، مشيرا إلى أن هناك غرامة تتراوح بين 5 آلاف جنيه و100 ألف جنيه لمرتكب جريمة حرق قش الأرز أو المخلفات الزراعية التى تشكل العامل الرئيسى المتسبب فى هذه الظاهرة. ويشير المهندس أحمد أبوالسعود إلى أن سبب السحابة السوداء يرجع إلى تشبع هواء القاهرة الكبرى بالملوثات مع وجود نحو 2.1 مليون سيارة بها، علاوة على الطفرة الصناعية وزيادة الإنتاج واستهلاك الكهرباء، يضاف إليه قيام الفلاحين بحرق قش الأرز بعد أن كانوا يستخدمونه فى أغراض متعددة من قبل. ومن بين المشروعات الاقتصادية البيئية التى انطلقت خلال عام 2009 وتستمر فى 2010 مشروع إحلال سيارات التاكسى القديمة التى مر على تصنيعها أكثر من 20 عاما، حيث تم خلال العام الحالى تجديد نحو 20 ألف تاكسى بالتعاون مع وزارة المالية التى قدمت دعما بقيمة 320 مليون جنيه وعدد من البنوك. يقول المهندس أبوالسعود إن «العام المقبل سيشهد إحلال 20 ألف سيارة تاكسى قديمة أخرى، وهو ما سيسهم فى تحسين نوعية هواء القاهرة وتخفيف أحمال تلوث الهواء بنحو 88 ألفا من ثانى أكسيد كربون و88 طنا من الأتربة العالقة»، مشيرا إلى أنه بعد الانتهاء من التاكسى القديم سيتم التحول إلى عربات «الميكروباص» القديمة. ويؤكد أبوالسعود وجود تعاون بين وزارة الدولة لشئون البيئة وبين إدارة المرور بوزارة الداخلية للتأكد من دقة فحص السيارات وضبط المخالف منها التى تصدر عنها عوادم ملوثة للهواء، حيث لا يتم فقط الاكتفاء بالفحص بوحدات إدارات المرور المطبق فى 26 محافظة، لكن أيضا هناك حملات على الطرق مع شرطة البيئة والإدارة العامة للمرور لفحص عوادم السيارات على الطريق، وشهد 2009 فحص نحو 54 ألف سيارة تم سحب رخص 30% منها مما يستوجب إعادة الفحص ودفع غرامة. ويعتبر المهندس أحمد أبوالسعود أن أهم الإنجازات التى تمت خلال عام 2009 هو التعديلات التى جرت على قانون البيئة والتى وافق عليه مجلس الشعب، والتى شملت تعديل بعض المواد التى كان بها قصور، وتغليظ العقوبات فى بعض الجرائم لدرجة الحبس، ورفع قيمة الغرامات ليكون القانون أكثر فاعلية وقوة فى مواجهة المشكلات والمخالفات البيئية، كما أنه أعطى قوة أكبر لجهاز شئون البيئة الذراع التنفيذية للوزارة.