قالت عنها لجنة تحكيم جائزة البوكر العربية فى حيثيات حكمها للقائمة القصيرة إن «قص الكاتب السعودى عبده خال يأتى حاملا تكملة لعنوان الرواية: ترمى بشرر «كالقصر». قصر بهيج هو جنة جحيمية، ترمى بشررها على جحيم الحارات البائسة فى جدة، فيمتد الحكى جسرا بين عالم سيد القصر ومن تحولوا إلى دمى بشرية وعبيد، من اجتاحهم القصر وسلبهم بحرهم وقوارب نجاتهم. رواية ساخرة فاجعة تصور فظاعة تدمير البيئة وتدمير النفوس بالمتعة المطلقة بالسلطة والمتعة المطلقة بالثراء، وتقدم البوح الملتاع لمن أغوتهم أنوار القصر الفاحشة فاستسلموا إلى عبودية مختارة من النوع الحديث». أحداث الرواية تقع فى مدينة جدة، وتغطى فترة الأربعين سنة الماضية، وتنتهى مع اليوم الأول من العام الهجرى الماضى 1430، فى تتبع لأسلوب القص واللصق «الكولاج» فيسترجع حوادث وتواريخ غائرة فى ذاكرة المجتمع السعودى، يكون لها انعكاس مباشر على شخصيات الرواية. و«ترمى بشرر» التى تأخذ من نبع الآية القرآنية الكريمة: «إِنَّهَا تَرْمِى بِشَرَرٍ كَالْقَصْر كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ ويل يومئذ للمكذبين»، منطلقا لها تحكى قصة القصر الذى حجب البحر عن قرية «جهنم» أو «الحفرة» كما يسميها أهلها الفقراء الذين يشتغل أغلبهم بالصيد. كانت أيامهم عادية رتيبة تبدأ مع شروق الشمس وشغب الأطفال صباحا وتنتهى بسهر الملذات ليلا. ومع ظهور القصر غدا اجتياز أسواره والعمل داخله حلما يراود أهل الحفرة. تُروى الأحداث على لسان «طارق فاضل» الذى يربط علاقته بالدنس والنجاسة والسواد فى صباح عيد كان يتحرز من أن تتسخ ملابسه عند عبوره بركة ماء آسن، فجاءته قمامة من الأعلى هبطت عليه فأتلفت عيده. مضى طارق فى السقوط من خطأ إلى خطأ ومن دنس إلى آخر إلى أن أمسى «المسمار» الذى استخدمه صاحب القصر لكسر «رجولة» أعدائه. وتدور أحداث الرواية بين ثلاث شخصيات رئيسية هى طارق وغريمه «أسامة» فى هوى «تهانى»، بالإضافة إلى «عيسى» الذى أدخل الجميع إلى جنة القصر إما إكراما لهم أو لتعذيبهم. وسيد القصر الذى شبهه طارق بقط متحفز ضاغط على بطن فرائسه بقدمه ناهشا ومقلبا أحشاءهم بمخالبه لا أحد يجرؤ حتى على الكلام فى مجلسه دون إذنه. هو الباحث عن الملذات سواء بالمقامرات البسيطة، أو الزواج من فنانة، أو تعذيب خصومه أو التفكه على خسائر الناس. يبدأ عبده خال روايته ويختمها بالجملة الآتية المعبرة عن حال البطل حين أراد أن يكون مجرما وحين أراد أن يكون بريئا: «كان قرارى بقتله قد نضج تماما، لقد مضى زمن طويل وأنا أحمل جثته فى مخيلتى ولا أعرف كيف أواريها، فحينما آوى إلى فراشى أستجلب النوم بخيالات مقتله، وفى كل ليلة أقتله بطريقة مغايرة عن الليلة السابقة... آه كم هى المسافة بعيدة بين الخيال والواقع».