رسائل حاسمة من السيسي بشأن سد النهضة ومياه النيل- "كل ما قاله الرئيس"    قيادي بالجبهة الوطنية: الشباب المصري في قلب الجمهورية الجديدة    سعر الذهب اليوم الثلاثاء 12 أغسطس 2025.. عيار 18 يسجل 3925 جنيها    وزيرة التخطيط تشارك في إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشباب والرياضة 2025-2030    جوزيف عون: هدفنا بناء الثقة بين الشعب اللبناني والدولة والخارج    مفتى الجمهورية ينعى الدكتور على المصيلحى وزير التموين السابق    تقرير: إسبانيا تخاطر بعداء ترامب نتيجة سياساتها الدفاعية وعلاقاتها مع الصين    طرد نائبة نيوزيلندية من البرلمان بعد دعوتها لمعاقبة إسرائيل والاعتراف بفلسطين |فيديو    إيزاك يواصل الضغط على نيوكاسل من أجل الرحيل    فتح باب حجز تذاكر مباريات الجولة الثانية للدوري    شبانة يكشف: منتخب مصر يواجه نيجيريا قبل كأس الأمم    لن تتخيل.. سعر خاتم الألماس الذي أهداه كريستيانو رونالدو إلى جورجينا    المشدد 6 سنوات لسائق فى اتهامه بالإتجار بالمخدرات بسوهاج    الطقس غدا.. موجة شديدة الحرارة وأمطار تصل لحد السيول والعظمى 41 درجة    حجز نظر استئناف المتهم بقتل مالك قهوة أسوان على حكم إعدامه للقرار    جلسة حكى وأوبريت غنائى فى عيد وفاء النيل بمعهد الموسيقى الأربعاء    بعد تحقيقه إيرادات ضعيفة هل سيتم سحب فيلم "ريستارت" من دور العرض؟    خصم يصل ل25% على إصدارات دار الكتب بمعرض رأس البر للكتاب    وفد مجموعة الحكماء الداعمة للسلام يزور مستشفى العريش العام    خبراء: قرار إسرائيل احتلال غزة ينتهك حق الفلسطينيين بتقرير مصيرهم    "الجمهور حاضر".. طرح تذاكر مباراة الزمالك والمقاولون العرب في الدوري    بعد 6 شهور.. وائل جسار يعود لإحياء الحفلات الغنائية في أوبرا دبي    تجديد تكليف الدكتور حسن سند قائمًا بأعمال عميد حقوق المنيا    وكيل وزارة الصحة بالدقهلية يحيل المدير الإداري لمستشفى الجلدية والجذام للتحقيق    إنجاز طبي جديد بقنا العام: إنقاذ سيدة من نزيف حاد بتقنية دقيقة دون استئصال الرحم    "أبو كبير" تنعى ابنها البار.. ماذا قال أهالي الشرقية عن الراحل علي المصيلحي؟ -صور    الجمعة.. فرقة واما تحيي حفلاً غنائياً في رأس الحكمة    هاني تمام: "القرآن يأمرنا بالمعاشرة بالمعروف حتى في حالات الكراهية بين الزوجين"    قطع مياه الشرب عن مدينة ديرمواس بالمنيا غدا لمدة 6 ساعات    كامل الوزير: عمل على مدار الساعة لتحقيق مستوى نظافة متميز بالقطارات والمحطات    خاص| وسام أبوعلي يستخرج تأشيرة العمل في أمريكا تمهيدا للانضمام إلى كولومبوس كرو (صورة)    12 أغسطس 2025.. أسعار الأسماك في سوق العبور للجملة اليوم    المكتب الإعلامي الحكومي في غزة يفند أكاذيب الاحتلال حول سياسة التجويع في القطاع    25 أغسطس الحالي.. ترامب يستضيف رئيس كوريا الجنوبية لبحث تفاصيل اتفاقهما التجاري    الدقهلية تبدأ مهرجان جمصة الصيفي الأول 2025 للترويج للسياحة وجذب الاستثمار    القبض على بلوجر شهير بتهمة رسم أوشام بصورة خادشة للحياء    حملات موسعة لهيئة البترول للتصدي لمخالفات تداول وتوزيع المنتجات البترولية    مصرع طفل غرقا في ترعة باروط ببني سويف    الأمم المتحدة: أكثر من 100 طفل يموتون جوعا في غزة    تزامنًا مع ارتفاع الحرارة.. محافظ الشرقية يكلف بتوفير "مياه باردة" لعمال النظافة    وزير الصحة يبحث مع المرشحة لمنصب سفيرة مصر لدى السويد ولاتفيا التعاون الصحى    اليوم.. إعلان نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ 2025    «تعليم كفر الشيخ» تعلن النزول بسن القبول برياض الأطفال ل3 سنوات ونصف    الجمعة.. قصور الثقافة تقيم فعاليات متنوعة للأطفال بنادي الري احتفالا بوفاء النيل    محافظ الجيزة يترأس اجتماع اللجنة التيسيرية لمشروع تطوير منطقة الكيت كات    محمد نور: مقياس النجاح في الشارع أهم من لقب «نمبر وان» | خاص    محافظ الجيزة يستقبل وكيلي مديرية التربية والتعليم بالجيزة    «العمل» تجري اختبارات للمرشحين لوظائف الأردن بمطاحن الدقيق    رسميًا.. باريس سان جيرمان يتعاقد مع مدافع بورنموث    موعد والقناة الناقلة لمباراة الزمالك والمقاولون العرب    تحرير 131 مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار مجلس الوزراء بالغلق    هل يجب قضاء الصلوات الفائتة خلال الحيض؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 12 أغسطس 2025    أمين الفتوى: "المعاشرة بالمعروف" قيمة إسلامية جامعة تشمل كل العلاقات الإنسانية    لجان ميدانية لمتابعة منظومة العمل بالوحدات الصحية ورصد المعوقات بالإسكندرية (صور)    العظمي 38.. طقس شديد الحرارة ورطوبة مرتفعة في شمال سيناء    مواقيت الصلاة في أسوان اليوم الثلاثاء 12أغسطس 2025    أجمل عبارات تهنئة بالمولد النبوي الشريف للأهل والأصدقاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طوق الحمامة لابن حزم الأندلسى .. الحب فى التراث العربى
نشر في الشروق الجديد يوم 03 - 01 - 2010

فى تراثنا الإسلامى كتب عديدة تتحدث عن الحب العفيف الطاهر ويأتى كتاب طوق الحمامة فى الآلفة والآلاف للإمام ابن حزم الأندلسى وهو واحد من كبار الفقهاء المسلمين، بل هو مؤسس المذهب الظاهرى. هذا الكتاب فريدٌ فى معالجته للحب وبواعثه وشجونه، فهو يعالج الموضوع مستخدما منهجا سليما وفكرا صائبا بعيدا عن الفكر العاطفى الذى يرسل الكلام إرسالا عفويا، فقد قام منهجه على جعل الحب مقننا له قواعد وأصول ومقدمات ونتائج ولهذه النتائج آثار فى النفوس فكأنه بذلك يؤسس لعلم جديد علم الحب قائم على المنهج العلمى.
فطوق الحمامة يقدم لنا نموذجا رائعا لاهتمام الفقهاء المسلمين بحياة الإنسان من جوانبها الإنسانية المختلفة مثل «الحب» فلم يهاجموه ولم يبعدو عنه بل ناقشوه بشكل موضوعى، ويأتى هذا الفهم فى إطار الفهم المتكامل للإسلام الذى قدم للإنسان كل ما يحتاجه فى حياته، لذلك لا عجب أن نرى أن الاسلام اهتم بأمور يظن أعداؤه أنه كان بعيدا عنها مثل الجنس فى الإسلام، وهناك عشرات الأحاديث فى ذلك، ولكن الجنس الذى يتحدث عنه الإسلام هو تلك العلاقات السوية بين الزوجين. ولكن يبدو أننا فى خضم الحياة المعاصرة أهملنا التراث وكتبه وأهملنا ما فيه من علوم وثقافات متعددة.
أما عن سبب تأليف الكتاب يذكر الإمام ابن حزم أنه آلف هذا الكتاب بناء على طلب صديق له لا يرد له طلب وفاء لأيام طويلة من المودة والصدق. ويذكر أن مادة هذا الكتاب مستمدة من خبراته الشخصية وتجاربه، وكذلك رؤيته لتجارب القريبين منه ومن حوله. لذا فقد أورد أشعارا له قيلت فى مناسبات شاهدها بنفسه، وحدد المنهج الذى اتبعه فى هذا الكتاب وهو كما يذكر «الاقتصار على ما رأيت أوضح عندى بنقل الثقات».
من هنا نعتبر الكتاب أولا: وثيقة تصور الجانب العاطفى لحياة الإمام ابن حزم وكذلك فهو يصور الحياة العاطفية لعدد من خلفاء الأندلس وأمرائه فهم فى البداية والنهاية بشر وليسوا ملائكة، وهو يعرف هذه المعلومات عنهم بحكم علاقاته بهم.
ثانيا: الكتاب يؤسس لعلم جديد هو علم الحب قائم على المنهج العلمى الصارم الذى التزم به المؤلف فى حوادثه وأخباره.
يُعرِّف ابن حزم الحب بأن أوله هزل وآخره جد، وأن معانيه لجلالتها دقت عن أن توصف، فلا تدرك حقيقته إلا بالمعاناة، وهناك أنواع منه تزول بزوال السبب الذى يجمع بين المحبين إلا العشق الصحيح الذى يتمكن من النفس ولا خلاص منه إلا بالموت فهو أى الحب الحقيقى «استحسان روحانى وامتزاج نفسانى» وهو اتصال بين النفوس فى أصل عالمها العلوى، والحب يغير النفوس فهو يجعل من الإنسان القاسى إنسانا بسيطا حنونا، يتذلل للمحب.
والمحب الذى نال منه الحب وأضربه الوجد، لا يتمنى الشفاء مما هو فيه إلا بوصل المحبوب، ويكره من يدعو له الله أن يخفف عنه ما هو فيه إلا بوصل المحب.
وأستلذ بلائى فيك يا أملى ولست عنك بمدى الأيام أنصرف
إن قيل لى أتسلى عن مودته فما جوابى إلا اللام والألف
ومن الطريف أنه يحدد علامات الحب فى: إدمان النظر، لأن العين باب النفس المنقبة عن أصولها، والتى تكشف عما بداخل الإنسان، كذلك الإقبال بالحديث على المحبوب، فلو جمعت الظروف المحبان لا يكاد أحدهما ينجذب إلا للآخر حتى لو تعمدا غير ذلك، كذلك الإسراع بالسير نحو المكان الذى يكون فيه، والتعمد للقرب منه، والاستهانة بكل أمر مهما بلغت أهميته يدعو لمفارقته.
وإذا قمن عنك لم أمش إلا مشى عان يقاد نحو الفناء
من مجيئ إليك احتث كالبدر إذا كان قاطعا فى السماء
وقيامى إن قمت كالأنجم العا لى الثابتات فى الإبطاء
وعند رؤية المحب للمحبوب يشعر بروعة تقع على المحبوب فجاة واضطراب يبدو عليه وهو يذكر أنه من الناس من يحب بالمراسلة «فمن غريب أصول العشق أن تقع المحبة بالوصف دون المعاينة» وهذا ما حدث فى العصر الحديث لاثنين من كبار أدبائنا وهما جبران خليل جبران ومى زيادة اللذان ارتبطا بقصة حب من خلال المراسلات دون الرؤيا، ويرى ابن حزم أن هذا غير مجد وغير سليم فهو «بنيان هار على غير أساس».
ويذكر ابن حزم أن هناك نوعا من الحب لا يأتى إلا بالمعاشرة الطويلة، وهو الذى يدوم، وهذا مثل قولنا فى زماننا الحالى «الحب يأتى بعد الزواج، وهو يرفض القول بحب اثنين فى وقت واحد، فهذا حب جسد وشهوة».
وهناك أمور كثيرة تحدث عنها المؤلف مثل المراسلة وشكلها وأنواعها، والإشارة، وأنواعها كذلك ومعانيها وما تحويه من دلالات.
ويرى ابن حزم أن عجيب الأمور أن نرى طاعة المحب لمحبوبه، فهناك الإنسان شرس الخلق جموح القيادة ما هو إلا أن يتنسم نسيم الحب حتى تتحول الشراسة إلى لينا والصعوبة سهولة والحمية استسلاما.
ويورد ابن حزم القصص الكثيرة فى هذا المجال العدد كبير من القادة ورجال الحكم والفقهاء وهى تفيدنا أيضا فى دراسة الفترة التاريخية، وهو يتحدث عن العازل وأنواعه. كما أنه تحدث عن الأسباب المتمناة فى الحب وهو أن يهب الله عز وجل للإنسان صديقا مخلصا، لطيفا القول، بسيط الطول، حسن المأخذ، دقيق المنفذ، متمكن البيان، مرهف اللسان، جليل الحلم، واسع العلم، شديد الاحتمال وهو يتحدث عن آفات الحب، ويذكر منها آفات كثيرة.
وبالكتاب عشرات القصص والأشعار والمواعظ وغيرها. فما أحوجنا للعودة للتراث واستلهامه وفهمه فهما صحيحا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.