صدر مؤخرًا عن دار الشروق رواية «يعقوب»، للكاتب الدكتور محمد عفيفي، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، وهي الرواية التي قال عنها مؤلفها إنها الحلم الذي تحقق بعد 25 عاما. وتدور الرواية عن المعلم «يعقوب» صاحب الشخصية الخلافية والدرامية بصورة كبيرة في تاريخنا المعاصر، وعنها يقول محمد عفيفي: «عند التخطيط للرواية، كان أمامي مساران، أحدهما الكتابة عن زمن يعقوب، وأن ذلك المسار كان سيمنحني فرصة لوضع الكثير من التفاصيل، لكن هذا لم يكن هدفي، بل هدفت إلى اللعب مع القارئ واستنفار خياله بالمشاهد؛ لذا لم يكن لدي هاجس في وصف يعقوب، بل اخترت تقنية الأصوات المتعددة، وجعلت صوت يعقوب يظهر للسخرية من كل ما كُتب عنه من قِبل المؤرخين». والرواية تقع في المنطقة الغامضة بين السيرة الذاتية والتخيل الروائي، خاصة فيما يتعلق بمحاولة تأمل شخصية يعقوب، وتحويله من شخصية تاريخية إلى أخرى روائية، وهي نقلة مهمة، حيث يتحرر المؤلف في الشخصية الروائية من كل التزامات الكتابة التاريخية. وغلى غلاف الرواية نقرأ: «ورقة صغيرة تسقط من مخطوط قديم، مصادفة تُغيِّر حياة التلميذ؛ طيفٌ من الماضي يلاحقه عبر الأماكن والأزمنة والدراسات المختلفة، وحتى عبر الأشخاص!». من صعيد مصر لإكس إن بروفانس، من غرفة الاستقبال بالأنبا رويس إلى المكتبة الوطنية بباريس، رحلة بحث طويلة وراء الرجل «ذو الألف وجه»، أو صاحب اللا وجه؛ جنرال ملعون، مُباشر خائن، بطل قومي صاحب مشروع.. وجوہٌ عديدة كلما اقترب من أحدها تَكَشَّف له وجهٌ آخر، سرابٌ ممتّد!. «القمر بدرًا، لا حاجة للمشاعل أو لأي سراج منير؛ أخلاط من البشر، ترى بوضوح غلبة أصحاب البشرة البيضاء، مع بعض الوجوہ السمراء، يجلس في صدر المجلس جنرال له هيبة واضحة في عيون الجميع، لكن وجهه يتميز أيضًا بقدرٍ كبير من العذوبة، من الواضح أنه محط اهتمام وتودد الجميع؛ إنه الجنرال ديسيه». تستطيع أن تتبيَّن بوضوح الموضوعات المثارة سواء من خلال الأحاديث الجانبية، أو حتى الحديث المباشر مع الجنرال ديسيه؛ الشغل الشاغل الآن توفير المئونة اللازمة للجيش الفرنسي والفيلق القبطي لاستكمال الزحف جنوبًا لتأديب فلول المماليك، أو حتى القرى والقبائل التي أعلنت الجهاد ضد «الكفار». «لكن لا يشغلك كل ذلك عن حوار من نوع آخر؛ حوار يبدو صامتًا وخفيًّا، مفرداته شوق العيون ولهفة الشفاہ، أبطاله هذا الجنرال المهيب ورجل يميل إلى السُّمرة، حادُّ الملامح، إنه المعلم يعقوب!». والدكتور محمد عفيفي، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب جامعة القاهرة، ورئيس قسم التاريخ السابق بكلية الآداب، والأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للثقافة. حصل على جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الاجتماعية عام 2004، وجائزة الدولة للتفوق في العلوم الاجتماعية عام 2009، وجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 2021، وله مؤلفات عديدة باللغتين العربية والفرنسية، منها: (عرب وعثمانيون، رؤى مغايرة، شبرا: إسكندرية صغيرة في القاهرة، ونوافذ جديدة "تاريخ آخر لمصر").