الأحد.. النواب يناقش تعديل قانوني المجلس وتقسيم الدوائر    عربي ولا لغات ولا تجريبى.. كيف أختار لابني المدرسة المناسبة؟    أسعار الخضروات والفاكهة في تعاملات اليوم الجمعة    عضو بمجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي يتوقع خفض الفائدة الشهر المقبل    سعر الأسمنت اليوم الجمعة 23 -5 -2025.. استقرار الأسعار    استعدادا لعيد الأضحى 2025.. توفير خراف حية ومجمدة ولحوم هندية بأسعار مخفضة في الأقصر    لمرور 40 عامًا.. محافظ القاهرة يشارك في احتفال جمعية محبي الأشجار    رشا القاضي: خفض أسعار الفائدة فرصة إستراتيجية لتعزيز ريادة الأعمال وتنشيط السياحة    سنابل الخير.. توريد 248 ألف طن قمح محلى إلى شون وصوامع البحيرة    بتكلفة 68 مليون جنيه.. محافظ الشرقية يتابع نسب تنفيذ المشروعات الخدمية والتنموية بالزقازيق    مسيرة إسرائيلية تلقى قنبلة على بلدة عيتا الشعب في جنوب لبنان    أول تعليق من الخارجية الصينية على إجراءات ترامب ضد جامعة هارفارد    أنشيلوتي: لست حزينا وحاولت بذل قصارى جهدي مع ريال مدريد    مسئول أوكراني: انطلاق عملية تبادل الأسرى مع روسيا    إيان راش: فخورون بوجود صلاح في ليفربول    "فيفا" يعلن استمرار إيقاف القيد عن 7 أندية مصرية.. ورفع العقوبة عن الزمالك بعد تسوية النزاعات    يلعب حتى ال50.. رونالدو يكشف مفاجأة بشأن مشواره الكروي    ضبط مواطن حول منزله وكرًا لتزوير المحررات الرسمية بالشرقية    إصابة ربة منزل وطالبة في مشاجرة بمدينة المنيا    «الإسكان» تتعاون مع «الثقافة» لتحويل المدن الجديدة إلى متاحف مفتوحة    إيرادات الخميس.. "المشروع X" يحافظ على الصدارة و"سيكو سيكو" في المركز الثاني    اجتماع اللجنة العليا لمهرجان المسرح المصري لمناقشة تفاصيل الدورة ال18    رئيس "الرعاية الصحية" يبحث مع الهجرة الدولية التعاون لخدمة اللاجئين    استئناف محدود للمساعدات إلى غزة.. دخول 107 شاحنة منذ أمس    ضبط 6 شركات سياحة «بدون ترخيص» بتهمة النصب على راغبي «الحج والعمرة»    بالبالونات، انطلاق لقاء الجمعة للأطفال في مسجد الشهداء بالدقهلية (صور)    انطلاق قافلة الواعظات للسيدات بمساجد مدينة طلخا في الدقهلية    برواتب تصل ل10 آلاف جنيه.. «العمل» تعلن عن 90 وظيفة متاحة للمؤهلات العليا والمتوسطة    شرطة الاحتلال تعتقل 4 متظاهرين ضد الحكومة بسبب فشل إتمام صفقة المحتجزين    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 137 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    « وزارة الصحة » : تعلن عن خطة التأمين الطبي للساحل الشمالي والعلمين بفصل الصيف    ما حكم بيع واستعمال سجاد الصلاة المكتوب عليه لفظ الجلالة؟.. الإفتاء توضح    رابط نتيجة الصف الخامس الابتدائي الأزهري 2025 الترم الثاني فور ظهورها    رئيس "التنظيم والإدارة" يبحث مع "القومي للطفولة" تعزيز التعاون    "بئر غرس" بالمدينة المنورة.. ماء أحبه الرسول الكريم وأوصى أن يُغسَّل منه    محافظ الجيزة: الانتهاء من إعداد مخططات 11 مدينة و160 قرية    غلق كلي لطريق الواحات بسبب أعمال كوبري زويل.. وتحويلات مرورية لمدة يومين    صلاح يتوج بجائزة أفضل لاعب في البريميرليج من «بي بي سي»    الدوري الإيطالي.. كونتي يقترب من تحقيق إنجاز تاريخي مع نابولي    للمرة الثالثة في يوم واحد.. الحوثيون يستهدفون مطار بن جوريون    الأرصاد تحذر من حالة الطقس: موجة حارة تضرب البلاد.. وذروتها في هذا الموعد (فيديو)    محافظ أسيوط يشهد تسليم 840 آلة جراحية معاد تأهيلها    الهلال يفاوض أوسيمين    يدخل دخول رحمة.. عضو ب«الأزهر للفتوى»: يُستحب للإنسان البدء بالبسملة في كل أمر    ضبط 379 قضية مخدرات وتنفيذ 88 ألف حكم قضائى فى 24 ساعة    بسمة وهبة ل مها الصغير: أفتكري أيامك الحلوة مع السقا عشان ولادك    رمضان يدفع الملايين.. تسوية قضائية بين الفنان وMBC    الخارجية: الاتحاد الأفريقى يعتمد ترشيح خالد العنانى لمنصب مدير عام يونسكو    رئيس الأركان الإسرائيلي يستدعي رئيس «الشاباك» الجديد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 23-5-2025 في محافظة قنا    زلزال بقوة 6.3 درجة يهز جزيرة سومطرة الإندونيسية    دينا فؤاد تبكي على الهواء.. ما السبب؟ (فيديو)    مصرع طالب دهسًا أسفل قطار ركاب بمحطة كفر الدوار    نموذج امتحان مادة الmath للصف الثالث الإعدادي الترم الثاني بالقاهرة    4 أبراج «بيسيبوا بصمة».. مُلهمون لا يمكن نسيانهم وإذا ظهروا في حياتك تصبح أفضل    نجم الزمالك السابق: ما يحدث لا يليق بالكرة المصرية    أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    بمشاركة منتخب مصر.. اللجنة المنظمة: جوائز كأس العرب ستتجاوز 36.5 مليون دولار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحو استراتيجية متكاملة للتعامل مع هدر الطعام
نشر في الشروق الجديد يوم 17 - 08 - 2021

شهدت الأيام الماضية عدة قرارات هامة تتعلق بسياسات الغذاء ودعم الغذاء وعلى وجه التحديد قرار الرئيس بمراجعة سعر الخبز المدعم وإنشاء مصنع سيلو فودز لإنتاج المنتجات الغذائية بالإضافة إلى تطوير الوجبات المدرسية بغرض القضاء على أمراض سوء التغذية لدى الأطفال بالمدارس. تلك القرارات تشير إلى أن القيادة السياسية تولى اهتماما لقضية الأمن الغذائى وأن الفترة القادمة قد تشهد مزيدا من القرارات والبرامج التى تستهدف دعم الأمن الغذائى فى مصر وهو ما يدعونا لإثارة واحدة من القضايا الهامة ذات الصلة وهى هدر الطعام.
تميز الأدبيات بين مصطلحين: فقد الطعام (Food Loss) وهدر الطعام (Food Waste)، يشير الأول إلى الغذاء الذى تم فقدانه فى سلسلة إنتاج الغذاء قبل وصوله للمرحلة النهائية للاستخدام ويحدث ذلك أثناء فترة الزراعة أو ما قبل الحصاد، أما الثانى فالمقصود منه هو الغذاء الذى يكون صالحا للاستهلاك الآدمى ولكن تم تلفه أو فساده قبل استخدامه بسبب سوء التخزين أو الحفظ أو تجاوز فترة صلاحيته. فهناك أطعمة بطبيعتها سريعة التلف مثل الخضراوات والفواكه ومنتجات الألبان واللحوم حيث لا تتجاوز فترة صلاحيتها سوى أيام معدودة وأحيانا بضع ساعات فى الظروف المناخية الحارة والرطبة إذا لم يتم حفظها وتخزينها بصورة سليمة أو تحويلها لشكل آخر يطيل فترة صلاحيتها مثل تجفيف الفاكهة أو عصرها.
•••
تشير التقديرات الدولية إلى فقد وهدر نحو ثلث الغذاء الذى يتم إنتاجه على مستوى العالم سنويا (ما يقرب من 1,5 مليار طن من الغذاء)، تصل قيمته إلى نحو تريليون دولار أمريكى سنويا فى الوقت الذى شهد فيه العام الماضى معاناة ثلث سكان العالم تقريبا من انعدام الأمن الغذائى، وما يزيد على 800 مليون فرد تعرضوا للجوع، بالإضافة إلى إصابة أكثر من خمس أطفال العالم دون الخامسة بأمراض سوء التغذية مثل التقزم والهزال وفقا لأحدث تقرير عن حالة الأمن الغذائى والتغذية حول العالم 2020 والصادر أخيرا عن عدد من المنظمات التابعة للأمم المتحدة. غير أن قضية هدر الطعام ليست قضية إنسانية واجتماعية فحسب بل أن لها تداعيات اقتصادية وبيئية كبيرة أيضا، حيث تعتبر عبئا بيئيا يتمثل فى كونها نفايات صلبة يصعب التخلص منها بالإضافة إلى أن تعفن الطعام المهدر يتسبب فى زيادة معدلات غاز الميثان Methane الذى يعد أشد فتكا وخطرا على البيئة من غاز ثانى أكسد الكربون كونه يساهم فى ظاهرة الاحتباس الحرارى، فضلا عن أن الطعام المهدر يمثل كذلك هدرا لمياه الرى التى تم استخدامها فى الزراعة.
وعلى الرغم من عدم وجود بيانات وإحصاءات رسمية فى مصر عن حجم هدر الطعام وتقدير دقيق لآثاره البيئية والاقتصادية، إلا أنه بإمكاننا توقع أنه حجم هائل لن يقل عن المتوسط العالمى، حيث أن ظاهرة هدر الطعام غير مقصورة على دول بذاتها أو فئات اقتصادية أو اجتماعية بعينها، لذلك إن العادات والتقاليد تلعب دورا بارزا فى هدر الطعام فى مختلف الثقافات حيث يعد الإكثار من شراء الطعام وطهى كميات كبيرة منه خاصة فى العزائم والمناسبات المختلفة واحدا من العادات المتأصلة لدى كثير من الشعوب. كما تهدر المنشآت السياحية والفندقية والترفيهية والمطاعم وشركات الطيران كميات لا بأس بها من الطعام يوميا بسبب ارتفاع تكلفة إعادة تدوير الطعام المستهلك أو وجود قيود تحول دون التبرع بفائض الطعام.
•••
أتطلع أن تنتهز الأجهزة المعنية بالأمن الغذائى وبرامج الحماية الاجتماعية فى مصر فرصة توافر الإرادة السياسية وأن تشرع فى صياغة استراتيجية متكاملة لمكافحة هدر الغذاء تنبع رؤيتها من التعامل مع قضية هدر الطعام باعتبارها فرصة ومصدر للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بدلا من كونها عبئا وموردا مهدرا. تضمن تلك الاستراتيجية التعريف الدقيق للمشكلة وتحديد أسبابها ومدى انتشارها وآثارها الاقتصادية والشروع فى صياغة خطط ومشروعات وأنشطة وبرامج عمل مناسبة للتعامل معها مع دراسة الأطر التشريعية والتنظيمية القائمة لتفعيلها أو تعديلها إن لزم الأمر لتساهم فى تحقيق الأهداف المرجوة. وتعتبر الأنشطة التالية أحد أبرز ما تضمنته الاستراتيجيات الوطنية الخاصة بهدر الغذاء فى عدد من دول الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا:
ضرورة جمع وتوفير البيانات الدقيقة عن حجم هدر الطعام وتقدير تكلفته الاقتصادية للتمكن من دراسة جدوى المشروعات والبرامج التى تقوم الدولة بتنفيذها وأيضا لقياس أثرها بعد التنفيذ.
سن التشريعات المناسبة لتشجيع شركات المنتجات الغذائية والمحال التجارية على بيع المنتجات التى أوشك تاريخ صلاحيتها على الانتهاء بأسعار مخفضة أو التبرع بها للجهات المستحقة.
اتخاذ إجراءات استباقية للحد من هدر الطعام بالمنازل عن طريق نشر الوعى وتثقيف المواطنين والمواطنات فيما يتعلق بنمط شراء السلع الغذائية وطرق حفظ وتخزين الطعام بما يطيل فترة صلاحيته ويحول دون فساده والتعريف بكيفية استخدام بواقى الطعام لإعداد وجبات جديدة.
تدشين مشروعات وطنية لاستخدام فائض الطعام من المنازل والمطاعم والفنادق وغيرها لدعم الأمن الغذائى لدى الأسر الأكثر فقرا ووضع معايير واشتراطات للتبرع بالطعام تضمن سلامة الغذاء والحفاظ على صحة وكرامة وإنسانية المتبرع لهم، مع تشجيع المنظمات غير الحكومية على لعب دور فعال فى مجال التوعية وجمع التبرعات الغذائية وتوزيعها على الفئات المستحقة.
إلزام المنشآت السياحية والمطاعم والفنادق بالتخلص الآمن من بواقى الطعام مع تقديم حوافز مادية ومعنوية ولوجستية للمنشآت التى تتبرع للفئات المستحقة مع توفير برامج تدريبية للعاملين بهذه المنشآت على قواعد فرز بواقى الطعام والتأكد من نظافتها وسلامتها وإعادة تعبئتها وتجهيزها للاستهلاك.
تعديل قواعد واشتراطات تاريخ الصلاحية للتمييز بين المنتجات التى لا يجوز استهلاكها بعد تاريخ معين (use by) أو تفضيل استخدامها قبل تاريخ معين (best by) حيث إن الأولى هى المنتجات التى تسبب ضررا صحيا حالة تناولها بعد التاريخ المدون على العبوة أما الثانية فهى آمنة صحيا وإن فقدت مذاقها.
الاستثمار فى تكنولوجيا صناعة الغذاء لإطالة أمد الصلاحية للسلع الأسرع تلفا وأيضا تكنولوجيا إعادة تدوير مخلفات الطعام وتحويلها لمخصبات زراعية.
•••
إن حشد الطاقات المؤسسية وتنسيق وتكثيف الجهود بين مختلف الشركاء للتركيز على قضية هدر الطعام تعد أحد مفاتيح دعم الأمن الغذائى لدى الأسر الفقيرة ومحاربة الفقر فى مصر خاصة وأن التعامل الفعال وحل مشكلات المجتمع بات مسئولية جميع الأطراف سواء الحكومة أو المجتمع المدنى أو القطاع الخاص.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.