الكاتب سمير الفيل يهتم بالتفصيلات الصغيرة فى قصصه، وهو ينحاز لقيم الحق والخير والجمال، غير أن ذلك يتم عبر أحداث تنتزع من الواقع ويعاد صياغتها بشكل فنى صارم. مجموعة «أتوبيس خط 77»، الفائزة مؤخرا بجائزة ساويرس الثقافية ضمن فئة كبار الكتاب فى فرع القصة القصيرة، تتسم بمعالجة الظواهر السلبية فى حياتنا المعاصرة من زواج بائس، أو طلاق مؤلم أو تفكك أسرى متعب، وفى نفس الوقت يعالج العلاقات شديدة الخصوصية بين الرجل والمرأة، وهو فى غالب قصصه ينتصر للمرأة ويراها قوية، صابرة، قادرة على نفض أثقال الماضى عن كاهلها. والمجموعة الفائزة تتضمن 21 قصة قصيرة تذهب بعيدا للبحث عن الضغوط التى يتعرض لها أبطال القصص، فهناك مسارات اجتماعية وظلال اقتصادية ناهيك عن الأفكار والمعايير التى يعتمدها المجتمع للتعامل مع هؤلاء البشر الباحثين عن لحظة صفاء إنسانى. الكاتب الذى أصدر 18 مجموعة قصصية وثلاث روايات تخلى جزئيا عن عوالم الشعر متجها للقص، وفى هذه المسألة يقول: «لم يكن الأمر مخططا له غير أننى فى بداية الثمانينيات وجدت الدكتور عبدالقادر القط ينشر لى كل القصص التى أرسلها له بالبريد دون أن يرانى لاقتناعه أن وراءها قلم حقيقى، لذلك حين قابلته لأول مرة سنة 1990 فى طريقنا لأسوان، صاح بالدكتور مصطفى الشكعة» : «هذا واحد من كتاب إبداع المرموقين». يعتقد الفيل أن دور الكاتب اصطياد اللحظات المتفجرة بالتناقضات كى يبرزها ويحاول فى كل مرة قراءة ما وراء السطح الساكن للأشياء: «الكتابة متعة وبقدر من تحقق ذلك للمتلقى فأنت ناجح وفى طريقك للاكتمال». تحدث أغلب النقاد المتابعين لإنتاج سمير الفيل عن اللمسة البيئية فى أعماله، وعن كون الشخصيات من دم ولحم، وهو يوافق على هذه المقولة ويضيف: «أنتصر للاتجاه الواقعى فى الأدب، وفى نفس الوقت لا أرفض الخيال غير أن مساحته ينبغى ألا تطغى على الواقع بقوانينه، ومسالكه، ومعطياته». وحصل متأخرا على جائزتين، وهما جائزة الدولة التشجيعية عن مجموعة «جبل النرجس» 2016، وجائزة يوسف أبورية، اتحاد الكتاب عن مجموعة «حمام يطير» 2017 الفيل الذى أسس قافلة «فى حب نجيب محفوظ » وطاف بها هو ورفاقه معظم مدن دمياط، يعتقد أن الكاتب عليه أن يغادر الغرف المغلقة وأن يسعى لتوسيع رقعة المتلقين لأعماله، وهو ينفذ ذلك حرفيا بجلوسه على المقهى فى مدينة دمياط، واستقبال ضيوفه والحديث معهم عن الشأن الثقافى بحب وصدق وأريحية. وكان من الجميل أن يعد له زملاء وأصدقاء من مدينته دمياط احتفالا شعبيا لدخول عامه السبعين، وهو يقول فى هذا الصدد: «بدأت الكتابة منذ العام 1968 ولم أنقطع يوما عن الكتابة فهى الجزء المهم من حياتى. أحرص على ان اصطحب كتابا معى اقرأ منه، وفى كل مرة أعود إلى البيت مزودا بفكرة قصة، أو بجملة تقودنى لعمل سردى جديد. أنا أحب أبطال قصصى، وأعرفهم تمام المعرفة: نرجس، ومشيرة، وتمر حنة، والأستاذ مراد، والولد فايق، ونظلة، ورجب، والرفاس. تلك شخصياتى عرفتها عن قرب، وأكتب عن رؤيتى لها وأحيانا تتمرد الشخصية على المسار الذى رسمته لها، وتختط لنفسها طريقا مختلفا.