على بعد 20 مترا من الجدار الحدودى بين رفح المصرية والفلسطينية وبجوار بوابة صلاح الدين، ارتفعت أصوات الرصاص لتعلن عن بدء فاعليات العرس المصرى لعروس الشيخ زويد وابن رفح المصرية، أمس الأول وسط أجواء لا يشوبها إلا تخوف الأهل والجيران من الشرطة التى ستأتى فى أى لحظة لتوقف الفرح وتعتقل من تشاء من الأهل بسبب ضرب النار. أكثر من عشرين سيارة من أحدث طراز من ماركات مرسيدس وتويوتا وميتسوبيشى، انطلقت من أمام منزل العروس بمدينة الشيخ زويد تنقل «المعازيم» إلى رفح. وكما تروى والدة العروس: «العربيات دى كلها من عند العريس وجاية من رفح علشان لازم العروسة تطلع من بيت العائلة». 16 ربيعا، هى عمر العروس التى لا تزال تدرس فى السنة الأخيرة من الثانوية العامة، فتنهى مرحلة الدراسة وتستقبل حياة جديدة مع زوجها ذى ال26 عاما الذى يعمل فى التجارة، بحسب أحد أقاربه دون الإفصاح عن نوع هذه التجارة أو مكانها. سلاح «إم 16» كان نجم الأسلحة وصاحب الصوت الأقوى ليلة العرس. يقول حسين صاحب أحدها، «كل اللى معاه سلاح هنا مش مرخصه وطبعا بيعمل لنا مشاكل لكن ما ينفعش نعيش من غيره». ويرى حسين أن أفضل الأنواع هو الأمريكى ولكنه لا يتواجد بكثرة و«مش أى حد يقدر يمتلكه»، والمنتشر هو الروسى والمصرى والصينى، ويتوافر الرصاص الخاص به بكثرة. لم يكن «ضرب النار» مستمرا طوال طريق الزفة إلى رفح، «الحتة دى قلق وفيه كمين قريب من هنا» يقولها السائق لمن معه، ليتوقف ضرب النار لحين خروج آخر سيارة بالزفة من الكمين، وتبدأ فى إطلاق الرصاص مرة أخرى. فى الثامنة، بجوار بوابة صلاح الدين،، ازداد صوت الرصاص ليعلن عن بدء الفرح. وكانت فلسطين نجمة «النقطة» التى حصلت عليها الفرقة، فأول 100 جنيه من أحد أهالى العريس كانت «لعيون فلسطين ولتحرير فلسطين ولإخواتنا الفلسطينيين وسمعنى سلام خلى السلاح صاحى». واختلفت هتافات النقطة فكان أحداها للدعاء لأحد سكان الحدود المحجوز لدى قوات الأمن لامتلاكه نفق يرسل الطعام والملابس للجانب الفلسطينى، وتمنى صاحب النقطة الإفراج عنه فى أقرب وقت. وعلى الرغم من حداثة بيت العروسين،فإن جدار المنزل لم يخل من التصدعات، كما يقول أحد أهالى العريس، وهو صاحب أحد الأنفاق، أن جميع المنازل على الشريط الحدودى تملؤها التصدعات؛ نتيجة ضرب الحدود للقضاء على الأنفاق. وأضاف أن عمليات القضاء على الأنفاق «لن تنتهى»، لافتا النظر إلى ما بعد مداخل الأنفاق عند الشريط الحدودى لتفادى علميات الضرب، «كلنا بنحفر النفق بعيد عن جدار الحدود ب200 متر تقريبا». ويضيف أحد أهالى العريس أن «أكثر حاجة عليها طلب دلوقتى هيا الحديد والأسمنت ومواد البناء» قائلا: «من غير الأنفاق مكناش هانعرف نجوز ابننا ولا ندفع جنيه فى الفرح ده، ولا كانت الدنيا هادية ومحدش بيهاجم الحكومة زى دلوقتى»، فهو يرى أن الأنفاق حسنت الوضع الاقتصادى لساكنى الحدود إلى حد كبير. ينتهى العرس كما بدأ على أصوات الرصاص التى زفت العروسين إلى منزلهما، ويعود أهل العروس إلى مدينة الشيخ زويد، بدون خوف من ترك ابنتهم فى منزل لا يبعد عن الحدود سوى خمسين مترا، لتبدأ حياة جديدة بالقرب من أبناء عمها الفلسطينيين الذين يعيشون فى رفح الفلسطينية، ويمكنها رؤيتهم من سطح المنزل.