«إبراهيم» سباك يحرص دائما على أن تكون علاقته جيدة مع مصلحة الضرائب «حتى لا تغلق الحكومة المحل «بحسب قوله، لذا يعتمد على محاسب متخصص فى إعداد إقراره الضريبى ويستشير أيضا «محاميا» إذا تطلب الأمر. لم يعتد «إبراهيم» على التعامل بالفواتير سواء مع الزبائن أو التجار الذين يشترى منهم المعدات التى يستخدمها فى أعمال السباكة. «تابعت الدعاية الإعلانية التى تذيعها وزارة المالية لإقناع التجار بالتعامل مع الفواتير، ولكن الواقع أن هذا النظام لا يلائمنا فى مصر» تبعا لما قاله مشيرا إلى أنه إذا قام بإصدار فواتير لإثبات الإيرادات فليس كل التجار الذى يشترى منهم المعدات سيصدرون له الفواتير لاثبات مصروفاته، لذا يرى «إبراهيم» أن نظام المحاسبة الضريبية الذى يتعامل به والذى يتبعه العديد من المنتمين لقطاع الشركات صغيرة الحجم ومتناهية الصغر، حاليا هو الأنسب. «أقوم بحساب متوسط سنوى لإيراداتى ومصروفاتى وبناء عليه أحدد الضريبة»، تبعا لإبراهيم. «عمرو» نجار براويز يتعامل مع الضرائب بنفس النظام الذى يتعامل به «إبراهيم» إلا أنه يفضل أن يتعامل بنظام الفواتير إذا التزم التجار الموردون للمواد الخام بإصدار فواتير بالسلع التى يشتريها منهم «إذا التزمت السوق بفواتير المصروفات والتزمت أنا بإصدار فواتير للإيرادات سيتم تحديد أرباحى السنوية بشكل أدق وهو ما سيجنبنى التعرض للتقدير الجزافى» كما أضاف عمرو. وبحسب القواعد التنفيذية لمحاسبة المشروعات الصغيرة والتى أصدرتها مصلحة الضرائب مؤخرا فالمنشآت الفردية، والتى يملكها شخص واحد، غير مُلزمة بإمساك أى دفاتر للنشاط، إلا أنها مُلزمة بإصدار فواتير إيرادات عما تؤديه من خدمات وأعمال ومبيعات سلع. ويرى البعض أن هذه القواعد غير قابلة للتطبيق فى الواقع العملى، فعلى مستوى محال البقالة على سبيل المثال قد يواجه الكثير من أصحاب هذه المحال مشكلات مع النظام المحاسبى الجديد بسبب الأمية بحسب قول عمرو عصفور، نائب رئيس شعبة المواد الغذائية باتحاد الغرف التجارية حيث أن أكثر من نصف أصحاب محال البقالة أميون على حد تقديره. ويشير عصفور الى أنه بالرغم من أن مصلحة الضرائب حاولت التيسير على بعض المشروعات الصغيرة، التى لا تقدر على إعداد حسابتها، بعرضها إمكانية قيام مأمورى الضرائب بتقديم خدمات محاسبية مجانية للممولين الصغار، الا أن هذه الفكرة قد لا تلقى القبول لدى الكثير من أصحاب المشروعات الصغيرة «لأنهم لا يريدون أن تتدخل الحكومة فى أعمالهم». وتأتى قواعد محاسبة المشروعات الصغيرة فى إطار عملية الإصلاح الضريبى التى بدأتها وزارة المالية منذ إصدار قانون الضرائب على الدخل 91 لسنة 2005. وتبعا لارقام وزارة المالية الصادرة فى سبتمبر 2009 فإن الحصيلة الضريبية حققت ارتفاعا منذ العام الأول لصدور قانون ضريبة الدخل والسنوات التالية لترتفع الضريبة المحصلة من 33 مليار جنيه عام 2003 /2004 إلى 54 مليار جنيه عام 2005/2006 ثم إلى 66 مليار جنيه عام 2006/2007 ثم إلى 76 مليار جنيه عام 2007 /2008 إلى 90.95 مليار جنيه عام 2008/ 2009 بنسبة نمو 175.7% فى الأربع سنوات. ومن أبرز أهداف القواعد المحاسبية الجديدة للمشروعات الصغيرة هو اجتذاب العاملين فى القطاع غير الرسمى، كمصانع بير السلم، للدخول فى القطاع الرسمى للاستفادة من المزايا التى يقدمها قانون الضرائب على الدخل من ضريبة موحدة بنسبة 20%. «قواعد المحاسبة الجديدة لن تجتذب القطاع غير الرسمى لأن القضية أكبر مصلحة الضرائب» تبعا لما قاله فؤاد ثابت، رئيس الاتحاد النوعى لجمعيات التنمية الاقتصادية، اتحاد لجمعيات المشروعات الصغيرة، حيث يشير إلى أن المنشآت غير الرسمية تفضل البقاء على وضعها الحالى بسبب العديد من المشكلات التى يجلبها الدخول فى المجال الرسمى «المشروعات الرسمية تتعرض لابتزاز بالرشاوى من العديد من الجهات كما أن إجراءات تصفية الأعمال مازالت صعبة للغاية». ويعتبر البعض أن قواعد محاسبة المشروعات الصغيرة جاءت غير مناسبة لهذه المشروعات لأن أصحاب هذه المشروعات لم تتم استشارتهم قبل إصدار القواعد، حيث يشير عمرو عصفور إلى أن القواعد الجديدة عرضت على مجلس ادارة غرف الاتحاد التجارية ولم تنزل إلى مستوى الشعب. «ستكون هناك مشكلات فى إلزام ممولين صغار «المكوجى» و«الحلاق» و«سائق التاكسى» بإصدار فواتير بسبب غياب هذه الثقافة عن تعاملاتهم «كما يتوقع هانى الحسينى، المحاسب وعضو اللجنة الاقتصادية بحزب التجمع مشيرا إلى أن محاولات مصلحة الضرائب فى إلزام الممولين الصغار بإصدار الفواتير وإمساك الدفاتر تتم من منطلق النوايا الطيبة ولكن محاسبة هذه المشروعات بالقواعد الجديدة سيحمل الدولة بجهود كبيرة فى الوقت الذى لا تتعدى فيه إيرادات هذا القطاع 6% من مجمل ضرائب الدخل والمبيعات» على حد قوله. ويقترح الحسينى أن توزع الحكومة على المشروعات الصغيرة ماكينات لحساب الإيرادات «كاشير» يتم التعامل معها كعهدة ويعتبر التلاعب فى الإيرادات المسجلة بها جريمة تحايل.