محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    الجيش الأمريكي: جماعة الحوثي أطلقت صواريخ على سفينتين في البحر الأحمر    الشرطة الألمانية تفض بالقوة اعتصاما داعما لفلسطين في برلين    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    حكم الشرع في الإسراع أثناء أداء الصلاة.. دار الإفتاء تجيب    مجلس جامعة كولومبيا يصوت على قرار للتحقيق مع الإدارة بعد استدعاء الشرطة لطلبة متضامنين مع غزة    4 أيام متواصلة.. تعرف على عطلة شم النسيم وعيد العمال والإجازات الرسمية حتى نهاية 2024    اليوم.. جلسة محاكمة مرتضى منصور بتهمة سب وقذف عمرو أديب    للحماية من حرارة الصيف.. 5 نصائح مهمة من وزارة الصحة    تحذير دولي من خطورة الإصابة بالملاريا.. بلغت أعلى مستوياتها    نتيجة انتخابات نادي القضاة بالمنيا.. عبد الجابر رئيسًا    "اتهاجمت أكثر مما أخفى الكرات ضد الزمالك".. خالد بيبو يرد على الانتقادات    د. محمد كمال الجيزاوى يكتب: الطلاب الوافدون وأبناؤنا فى الخارج    د. هشام عبدالحكم يكتب: جامعة وصحة ومحليات    «المركزية الأمريكية»: الحوثيون أطلقوا 3 صواريخ باليستية على سفينتين في البحر الأحمر    واشنطن تعلن عن مساعدات عسكرية لأوكرانيا بقيمة 6 مليارات دولار    استشهاد شابين فلسطينيين في اشتباكات مع الاحتلال بمحيط حاجز سالم قرب جنين    لدورة جديدة.. فوز الدكتور أحمد فاضل نقيبًا لأطباء الأسنان بكفر الشيخ    حقيقة انفصال أحمد السقا ومها الصغير.. بوست على الفيسبوك أثار الجدل    3 وظائف شاغرة.. القومي للمرأة يعلن عن فرص عمل جديدة    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    عاد لينتقم، خالد بيبو: أنا جامد يا كابتن سيد واحنا بنكسب في الملعب مش بنخبي كور    وزير الرياضة يُهنئ الأهلي لصعوده لنهائي دوري أبطال أفريقيا للمرة ال17 في تاريخه    قبل مواجهة دريمز.. إداراة الزمالك تطمئن على اللاعبين في غانا    رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 27 إبريل بعد الانخفاض الآخير بالبنوك    والد ضحية شبرا يروي تفاصيل مرعبة عن الج ريمة البشعة    رسالة هامة من الداخلية لأصحاب السيارات المتروكة في الشوارع    بعد حادث طفل شبرا الخيمة.. ما الفرق بين الدارك ويب والديب ويب؟    2.4 مليار دولار.. صندوق النقد الدولي: شرائح قرض مصر في هذه المواعيد    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    دينا فؤاد: الفنان نور الشريف تابعني كمذيعة على "الحرة" وقال "وشها حلو"    حضور جماهيري كامل العدد فى أولي أيام مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير .. صور    حدث بالفن|شريهان تعتذر لبدرية طلبة وفنان يتخلى عن تشجيع النادي الأهلي لهذا السبب    محمد هلب: السيارات الكهربائية بمثابة مشروع قومى لمصر    شعبة البن تفجر مفاجأة مدوية عن أسعاره المثيرة للجدل    أستاذ علاقات دولية: الجهد المصري خلق مساحة مشتركة بين حماس وإسرائيل.. فيديو    تنفع غدا أو عشا .. طريقة عمل كفتة البطاطس    تعطيل الدراسة وغلق طرق.. خسائر الطقس السيئ في قنا خلال 24 ساعة    عاصفة ترابية وأمطار رعدية.. بيان مهم بشأن الطقس اليوم السبت: «توخوا الحذر»    الترجي يحجز المقعد الأخير من أفريقيا.. الفرق المتأهلة إلى كأس العالم للأندية 2025    أرقام مميزة للأهلي بعد تأهله لنهائي دوري أبطال أفريقيا    وسام أبو علي يدخل تاريخ الأهلي الأفريقي في ليلة التأهل للنهائي    رغم قرارات حكومة الانقلاب.. أسعار السلع تواصل ارتفاعها في الأسواق    مقتل 4 عمّال يمنيين بقصف على حقل للغاز في كردستان العراق    في سهرة كاملة العدد.. الأوبرا تحتفل بعيد تحرير سيناء (صور)    "أسوشيتدبرس": أبرز الجامعات الأمريكية المشاركة في الاحتجاجات ضد حرب غزة    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية التعاملات السبت 27 إبريل 2024    حريق يلتهم شقة بالإسكندرية وإصابة سكانها بحالة اختناق (صور)    الأمن العام يضبط المتهم بقتل مزارع في أسيوط    استئصال ورم سرطاني لمصابين من غزة بمستشفى سيدي غازي بكفر الشيخ    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    قلاش عن ورقة الدكتور غنيم: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد    حظك اليوم برج العقرب السبت 27-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    أعراض وعلامات ارتجاج المخ، ومتى يجب زيارة الطبيب؟    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار الشرق والغرب بين بطرس غالى وجاك أتالى
نشر في الشروق الجديد يوم 12 - 12 - 2009


جاك أتالى:
1 فى السلم أو الحرب المستقبل واحد ستواجه إسرائيل خطر الاختفاء.
2 أتخيل الشرق الأوسط كالاتحاد الأوروبى أعداء قدامى يتصالحون ويتشاركون
3 العالم العربى هو المنطقة الوحيدة التى لم تعرف الديمقراطية إلى الآن وأقلية ثرية دفعت الغالبية الفقيرة إلى الأصولية الدينية
4 تضاؤل الصفوة السياسية فى إسرائيل يصور أنه يمكن التخلص منها بضربة أخيرة.
بطرس غالى:
1 دعم القوة العظمى لإسرائيل يجعل من زوالها مستحيلًا وتعريبها أحد الحلول
2 الحل فى دولة مزودجة بأقلية إسرائيلية متصالحة وأغلبية فلسطينية
3 الأصولية فى العالم كله والتقدم الديمقراطى عربيًا يتطلب وقتًا
4 أحلم بمنظمة جديدة تدبر مياه الأنهار الدولية وتتقاسم الخير المشترك
فى حوار شامل بين بطرس بطرس غالى الأمين العام السابق للأمم المتحدة وجاك أتالى الكاتب الفرنسى الكبير تنشره «الشروق» تطرق الاثنان إلى الحديث عن مستقبل السلام فى الشرق الأوسط وأسباب ازياد العنف فى المنطقة وغياب الديمقراطية عن الوطن العربى.
وطرح الحوار عدة تصورات عن حل شامل لدولة مزدوجة بين الفلسطينيين والإسرائيليين لحل مشكلة الصراع العربى الإسرائيلى، بينما يرى جاك أتالى أن إسرائيل ستواجه خطر الاختفاء سواء بخيار الحرب أو اختيار السلام قال بطرس غالى أن رؤية اتالى متشائمة وطرح تعريب إسرائيل كأحد التصورات لخلق السلام فى الدولة، التى قد تحكمها أقلية إسرائيلية نشطة وشعب فلسطينى متصالح على حد تعبيره.
واختتم الحوار بالحديث عن حلم إنشاء منظمة جديدة لتوزيع مياه الأنهار الدولية بشكل عادل والإشراف على تقاسم الموارد بين الدول.
للتحدث عن الشرق الأوسط ومستقبله، أود أن أستعير مقولة أحد زملائى وهو متوفى الآن، وهى عن «الجدل بين الستالايت وجرس الكنيسة» وتطبيقها على العالم العربى للوصول إلى «الجدل بين الستالايت والمئذنة» وسنجد صراعا مهما للغاية، من جهة مع العولمة ومن جهة أخرى انحسار للهوية يتخذ شكلا عرقيا «التوتسى والهوتى» دينى وأصولى «الذى نجده فى الديانات الكبرى» أو القومية ويبقى لنا أن نعرف أيا من التيارين سيزيح الآخر ويحل محله.
وفى رأيى، سيصبح الشرق الأوسط معرضا لنفس التناقض. فمن جهة سيكون هناك تحرك كبير فى مواجهة مشكلات البيئة، المياه، الأوبئة الكبيرة والتجارة والأفكار ومن جهة أخرى سيواجه انحسار الهوية، الذى يتخذ شكلا دينيا خاصة فى الشرق الأوسط وعرقيا كما يحدث فى دارفور وأفريقيا.
جاك اتالى: يشبه الوضع فى الشرق الأوسط قليلا ما نقوله عن لبنان فى الأعوام الماضية: لن يكون هذا البلد الأول الذى يقيم سلاما مع إسرائيل لكن الثانى. وقد رأينا، أن لبنان لم يقيم سلاما مع إسرائيل ولكنه سيكون بالطبع الأخير فى إبرام السلام ويمكننا أن نطبق هذا على الشرق الأوسط بأكمله فالشرق الأوسط لن يكون المنطقة الأولى فى العالم التى تعيش فى سلام، ولكن ستكون المنطقة الأخيرة التى يحل فيها السلام.. لماذا؟
هى نقطة تلاقى كل الصراعات التى يمكن تخيلها: الشمال والجنوب الصراعات العرقية الصراعات الدينية الصراعات البترولية الصراعات على المياه الأرض والهوية.. وكل ذلك يضاعف الرصاعات.
فالأشخاص المشاركون فى الصراع مختلفون. وأضيف إلى ذلك الانعكاس الجغرافى. ففى عام 2050، سيتعدى سكان الشرق الأوسط إذا حسبنا فقط المحيطة بإسرائيل ال400 مليون نسمة.
حيث يوجد بإسرائيل عدد سكان يهود يفوق بقليل عدد السكان الفلسطينيين حاليا وسيصبح عددهم أقل 40 مرة. وسيمثل عدد السكان اليهود الإسرائيليين أقل من نصف عدد السكان العرب الإسرائيليين.
فى السلم أو فى الحرب، المستقبل واحد، إذا ما أقامت إسرائيل السلام مع جيرانها وإذا ما وصلنا إلى اتحاد على الشكل الأوروبى تكون فيه الحدود بين الدول مفتوحة «وهو الذ يكثيرا ما يتحدث عنه شيمون بيريز» ستفقد إسرائيل هويتها، وبالتالى سيتكون لدينا اتحاد كونفدرالى شامل تحت رئاسة رئيس فلسطينى أو أردنى وسيكون الشعب اليهودى مثل غيره من الشعوب.
فى المقابل، إذا ما لم يتم التوصل لحل سلمى، سنواجه تفاقم فى الفوارق وغياب المساواة وسيواجه الوطن العربى صعوبة فى تقبل الديمقراطية وأيضا خطر إسرائيل بالتدمير. وأما الخطر بالنسبة لإسرائيل فإنه سيمثل إما الموت بواسطة السلام أو الموت بواسطة الحرب أجد مخرجا للتخلص من هذا التناقض.
بطرس بطرس غالى لا أتفق مع هذه الرؤية المتشائمة أفضل مقارنة وضع الشرق الأوسط مع وضع جنوب أفريقيا التى لديها أقلية بيضاء وأغلبية سوداء.
فكما عايشت انتهاء الاستعمار والتصالح فى هذا البلد بصفتى أمين عام الأمم المتحدة فقد رأيت ما تم بخصوص ذلك. فعلى سبيل المثال، تم تجنب الإدانة: فلم يكن هناك أحكام ضد الحكام السابقين، على العكس، تمت مصالحة بين رئاسة محاكم المصالحة ورئيس الأساقفة ديموند توتو. كانت الفجوة شاسعة بين السود والبيض خاصة أن الحكام البيض كانوا يحكمون البلد ويستخدمون أساليب استعمارية من أجل الحفاظ على تفوقهم، لكنهم فى النهاية توصلوا إلى الاندماج والتصالح.
لقد تحول هذا البلد اليوم إلى دولة من الدول الكبرى فى أفريقيا حيث شهدنا هنا التعايش السلمى الحقيقى. ولكن هل من الممكن أن نشهد هذا التعايش بين إسرائيل والعرب؟ أعتقد أنه يجب أن نؤمن بذلك: فإذا ما توافرت الإدارة السياسة وإذا ما وجد رؤساء يتمتعون بالمخيلة اللازمة والشجاعة والتى كان نيلسون مانديلا وديموند توتو وفريدريك دى كلارك وبيتر بوتا يتمتعون بها فسيتحقق ذلك.
لقد اتخذتم موقفين متطرفين الاختفاء عن طريق السلام أو عن طريق الحرب.
وقد يكون الحل الوسط هو إنشاء دولة فلسطينية إسرائيلية مع أقلية إسرائيلية نشطة وشعب فلسطينى متصالح. سيوجد دائما مجموعات من المتطرفين، ولكن هذه البوتقة الإسرائيلية الفلسطينية يمكنها تقييد هذه الأصولية المزدوجة كما أنها ستؤدى إلى انهيار حائط الاريحا.
هل نذهب فى اتجاه الديمقراطية؟
جاك اتالى اليوم العولمة التى تعنى تعميم قانون السوق وقانون الديمقراطية تطبق جيدا فى أوروبا، التى خرجت منها مفهوم العولمة تلك. كما يتم تطبيقها فى أمريكا الجنوبية والشمالية وأفريقيا وآسيا، حيث نشهد تطبيق الديمقراطية فى الهند ومع كثير من التمتمة «المحاولات» تدريجيا نشهد بعضا من الديمقراطية فى الحياة المحلية الصينية. أما المنطقة الوحيدة فى العالم التى لا يوجد فيها ديمقراطية هى العالم العربى. لا يوجد بها أى ديمقراطية على الإطلاق ولا أى ديمقراطية إسلامية حتى إذا وجد بعضا منها تقريبا، كما فى بنجلاديش.
هل من الممكن إذا تخيل أن تأمل هذه المنطقة فى الاتجاه نحو السلام إذا لم يكن الجزء المسلم منها قادرا على الاتجاه نحو الديمقراطية؟
بطرس بطرس غالى لا أتفق مع ذلك لقد عشت وما زلت أعيش الديمقراطية فى بلادى. يوجد اليوم فى مصر شيئا لم يكن موجودا منذ عشرة أو عشرين عاما، فهناك نحو 20 جريدة معارضة غاية فى العنف، لا يوجد ما يعادلها فى فرنسا أو إنجلترا. وقد تم إنشاء تعددية حزبية سياسية وكذلك مجلس لحقوق الإنسان والتى تنتقد الحكومة بطريقة مباشر.
إذن هناك تقدم حتى لو تتطلب ذلك وقتا. ويبدو أننا نسينا الفترة الديمقراطية، التى عاشتها مصر من 1922 إلى 1952 ونسينا أيضا أنه كانت هناك ديمقراطية مثيرة للاهتمام فى لبنان فإذن من الخطأ قول إنه لا يوجد ديمقراطية، فهناك تغيرات فى أماكن مختلفة من الوطن العربى مثل إمارة قطر، وقناتها التليفزيونية «الجزيرة»، وهى قناة ثورية! وأعتقد أن أثار العولمة هو فرض الانفتاح فى المجال السياسى كما هو الحال فى المجالات الاقتصادية والمالية أو فى المجال الوقاية الصحية.
جال اتالى هل يمكننا أن نأمل أن ما حدث فى أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية يحدث فى الوطن العربى؟ وأن هذه الممالك والتى تقوم بشكل أساسى على المصادر البترولية تفسح الطريق للنظام الديمقراطى؟ وأن غياب المساواة والتى أصبحت فاضحة أكثر فأكثر بين بعض العائلات الثرية ومعظم السكان الفقراء لا تتحول إلى ازدياد الأصولية الدينية التى ترفض الديمقراطية والغرب؟
بطرس بطرس غالى تتعايش هذه العائلات الثرية مع عدد مهول من الفقراء فى أمريكا اللاتينية أيضا. بالطبع، يتشابه الوضع كثيرا مع أمريكا اللاتينية أكثر من أوروبا وسوف يكون هناك تطور، حيث ستؤدى العولمة إلى مواجهة العالم العربى لمشكلات لا يمكن حلها على الصعيد المحلى ولكن على الصعيد العالمى فالطائرة، التى تهبط فى مطار فى العالم العربى تخضع لنظام دولى وعندما يكون هناك مباراة كرة قدم يكون المحكم إيطاليا أو فرنسيا..
إذا تعلق الأمر بالصحافة والسينما أو الإنترنت فنحن نتحدث عن الانفتاح الحقيقى، حيث يتم توصيل عدد مهول من الرسائل من خلال الإنترنت. لا أريد التقليل من قدرة الانحسار لكن من لحظة وجود التليفزيون فى المنزل عند الفقراء إذا شاهدتم البرامج التى يتم بثها ستدركون هذا الانفتاح الذى يؤدى إلى تغيير فى النظام السياسى. لا أقول إنه سيكون لدينا ديمقراطية مماثلة للديمقراطية الأوروبية ولكن سيكون لدينا بالتأكيد نظام منفتح على العالم الخارجى.
واعتقد أيضا أن هوية الشرق الأوسط ستمر ب«مرحلة الشباب» ولكى نأخذ حالة واحدة، هناك ما يتراوح بين مليونين ومليونين ونصف يعملون خارج مصر، فالاتصال مع الخارج موجود وهو أكثر مما نعتقد فأكثر من 2 مليون سودانى قد هاجروا إلى مصر كما يوجد اليوم، بسبب الحرب فى العراق، مليون لاجئ عراقى فى الأردن يعيشون فى جو مختلف تماما عن الجو العراقى. هذا الخليط من التقاليد والثقافات يعطى المجال إلى الكثير من التغيرات.
واليوم هناك شتات من المصريين فى كندا أو استراليا ويبقون على اتصال مع بلدهم الأصلى. وهناك مناقشات كثيرة: هل على المصريين المقيمين فى كندا الاهتمام بالسياسة؟ ألا يجب عليهم العودة إلى مصر لكى يستطيعوا أن يشاركوا فى الجدل الدائر؟ يوجد تغييرات مهمة للغاية لا يجب الاستخفاف بها. أحب كثيرا هذا التعريف الخاص بالعولمة: «الوقت قلص المسافة» فاليوم خلال دقائق فى بقاع مختلفة من العالم يمكن التواصل مع حدوث تأثير حقيقى.
يستمر المذهب الأصولى للإخوان المسلمين «وهو تيار نشأ فى مصر وانتشر فى العالم العربى» فى التواجد ولكننا نجد هذه الأصولية فى الأوساط اليهودية والهندية ولدى النيو بورن كريستيانز «المسيحيون حديثو الولادة» وذلك رد فعل للعولمة ويدخل فى نطاق انحسار الهوية.
جاك اتالى نعم ولكن هذا لم يتحول فى إسرائيل إلى سلطة عنيفة بواسطة ديكتاتور ولكن مع ما نراه فى قطاع غزة أو بن لادن أو ما يحدث فى لبنان أو العراق والإخوان المسلمين فى مصر يعطى شعور بأنه خلال 50 عاما سنجد فى هذه المنطقة مجموعة إسلامية ثيوقراطية.
بطرس بطرس غالى: أعتقد أن هذا مستبعد مثلما لا يوجد لديكم فى العالم المسيحى مذهب مسيحى موحد لكن كنائس مختلفة، فهناك نفس الظاهرة فلا يمكنكم مقارنة الوهابيون مع اليزيديين أو الشيعة مع الأحمديين.
فالفريق الحاكم فى سوريا هو فرع شيعى. فالتعدد الإسلامى يحمينا ضد الأنظمة الاستبدادية وسأعود إلى تلك الفكرة التبسيطية عن موجة العولمة، والتى ستفرض فى باقى أنحاء العالم. فهذه المنطقة منفتحة جغرافيا عن طريق قناة السويس والبحر الأبيض المتوسط ونحن على بعد ساعة سفر بالطائرة من قبرص أو جنوب أوروبا.
ونظرا لفقر السكان فى أوروبا الغربية فحوالى 25 إلى 40 مليون مسلم سيقيمون هناك فى مطلع 2050 سوف يعيشون فى وسط أوروبى يتأثرون ويؤثرون فى وسطهم وعائلاتهم فالعولمة بأشكالها المختلفة ستفتح آفاق مثيرة للاهتمام نحن نعرف أثار العولمة فى مجال الأمراض والمال ولكن لا نعرف أثار العولمة فى تقابل الثقافة أو تقابل العادات.
صراع دون حل؟
بطرس بطرس غالى: فى لحظات عديدة كان الصراع فى الشرق الأوسط على وشك أن يتم حله: فخلال المفاوضات الأخيرة بين إيهود باراك وياسر عرفات أو خلال اتفاق السلام بدأنا فى التفاوض حول استقلال فلسطين. وفى أوقات عديدة فى الخمسين عاما الماضية، كنا على وشك حله. إذا اعترفتم أنكم كنتم فى حاجة إلى 3 حروب 1870 و1914 و1939 لحل صراع بين شعبين متحضرين للغاية ألمانيا وفرنسا فانتظروا بعض الوقت وسيحل الصراع العربى الإسرائيلى.
كنتم محظوظون لأنه كان لديكم ديجول وأدانور فنحن نحتاج إلى شخصين ذوو نفس المخيلة والشجاعة ونفس الإرادة السياسية لإيجاد حل لمشكلاتنا.
جاك اتالى: فى الواقع، فى عام 1995 بعد موت رابين بعد تناوله طعام الغداء مع شيمون بيريز الذى كان رئيس وزراء إسرائيل حينها أخذنا سيارة وذهبنا مع صديق إسرائيلى لتفقد قوات الرئيس عرفات ثم لتناول العشاء معه دون أى عوائق. إذا كانت هناك لحظة حيث كان فى الأمكان تحقيق ذلك،.
لحظة كان يتمناها الجميع ولكن رغم ذلك أظهرت التجربة أن هذا السلام لم يكن دائما، حيث لم يتم الاتفاق على الحدود ويبقى للتعريف كاتفاق دائم سيقود إلى تخيل خطوة تؤدى إلى مسيرة مشتركة فى المنطقة هل ما زال الاتفاق كما هو بعض مناقشة عرفات وكلينتون فى كامب ديفيد؟ هل أثار مشروع إسحاق رابين منذ ثلاثين عاما خطة الون؟
بطرس غالى: هل هناك شىء جديد لا نعرفه وسيكون مشروط ويحمل آثارا غير معروفة للعولمة؟ لا نعرف ماذا ستكون هذه الآثار على ثقافة شعب، الشعب الفلسطينى، 50٪ منه أمى فى مواجهة أفكار جديدة فى التليفزيون والإنترنت وأدوات مختلفة. لا نستطيع أن نعرف! أعتقد أننا نتجه إلى انفتاح سيفرض علينا، أنها العاصفة.
جاك اتالى: ألا تعتقد أن تفاؤلك والذى أرغب كثيرا فى مشاركتك إياه، يتعارض مع المحاولات طويلة الأجل مثل واقع أن قطاع غزة الآن فى أيدى تنظيم أصولى تأتيه الأسلحة من إيران، وهى دولة مستعدة للحصول على الأسلحة النووية اللازمة لتدمير إسرائيل.
بطرس غالى: ق لا، لأن القوة العظمى الأمريكية تراقب هذه المنطقة من العالم ولديها الوسيلة لإيقاف ذلك كما لديها الوسيلة لفرض الحلول. أيضا، لا يوجد ما يشير إلى استمرار ذلك التنظيم الوصولى فى غزة أو إيران. وإذا ما نظرنا إلى سياسة مصر يمكننى تحديد الفترات التى كانت الأصولية فيها قوية والفترات التى كانت ضعيفة فيها.
ولقد كان لدينا نفس المشكلات فى جنوب أفريقيا مع معارضات حتى اللحظة الأخيرة فى الانتخابات. ولقد كان بعض الرؤساء المحليون أقوى من الأصوليين فى بعض مناطق العالم العربى ولكننا استطعنا التوصل إلى حل لمشكلة جنوب أفريقيا فى الاستعمار العنصرى، وذلك فى ضوء امتلاك الأقلية البيضاء للحكم وثروات البلاد واعتبارهم السكان الأصليين السود كأشخاص متخلفين.
الشرق الأوسط فى عام 2050:
بطرس بطرس غالى: اذكركم أنه هناك حوالى 30 أو 40 عاما، كان هناك تحالف بين الفرس وإسرائيل وانتقلنا من طرف إلى الآخر إذا لا يوجد سبب من أجله، فى خلال ال10 أو 15 أو 20 سنة المقبلة، يتحول الموقف من جديد. اليوم، أشارككم تشاؤمكم لأن الوطن العربى ممزق. هناك نزاع على الصحراء الغربية بين الجزائر والمغرب وهناك بلد عربى لم يعد موجودا: الصومال كما يوجد صراعان فى السوادن: الأول فى دارفور والثانى جنوب السودان وصراع آخر فى لبنان الذى انقسم وحرب فى العراق. الوضع إذا فى غاية التأزم.
وذلك بالإضافة إلى الحرب بين العراق وإيران والحرب الأهلية فى اليمن. إننا نتخيل فى ال5 أو 10 أعوام المقبلة ببزوغ حلول لتلك الصراعات. ستحدث تغييرات فى ظل العولمة سواء حدثت بشكل سلمى أو بثورات صغيرة فإن النتيجة النهائية ستكون واحدة.
لن تكون الديمقراطية فى الشرق الأوسط نسخة من الديمقراطية الغربية. عندما تتحقق الديمقراطية فى بلد أفريقى يتكون من 50 قبيلة، فالمهم هو تعايش هذه القبائل. فالحكومة مكونة من ممثلين لكل قبيلة، وهو ما يمثل بالنسبة لى نظاما ديمقراطيا حقيقيا.
ونحن مهددون بوجود أنظمة مماثلة كما هو الحال فى لبنان، حيث الرئيس مارونى ورئيس المجلس الوزارى مسلم سنى ورئيس مجلس الشعب شيعى ويمثل الاختصاصات الأخرى وزراء، فإنه نظام ديمقراطى سواء أردنا أم لا. وبواسطة سلسلة من التسويات، من خلال بعض القبائل وبعض الطوائف الدينية ستجد الدول حلولا. فهى ديمقراطية مختلفة تماما عن فرنسا وبريطانيا لكن نظام مبنى على تعددية دينية وقبلية أو أيضا لغوية.
جاك اتالى: لنتحدث عن مصير إسرائيل شيمون بيريز معتاد على قول إن لإسرائيل 3 صفوات: صفوة زراعية «الكبيوتز» صفوة عسكرية «التى أسست الأمة» واليوم صفوة تكنولوجية. فبالنسبة له، الفرق بين تلك الصفوات الثلاث هو أن الأولى والثانية مستوطنة، أما الثالثة فهى رحالة يمكنها ممارسة نشاطاتها وتطوير أبحاثها فى تل أبيب أو لوس أنجلوس أو لندن أو سيدنى.
هل لا يوجد خطر على إسرائيل أن ترى أن الصفوة فيها لم تعد مهتمة بالحياة الاجتماعية؟ كما أن نوعية الطبقة السياسية تضاءلت، كما هو الحال فى الجيش. فذلك يمكن أن يضعف تلك الأمة ويعطى شعورا للشعوب الأخرى أنه من السهل بضربة أخيرة التخلص منهم بصورة نهائية.
بطرس بطرس غالى: ذلك مستحيلا طالما أن هناك دعم القوة العظمى. إحدى الأشكال التى أتخيلها فى الخمسين عاما المقبلة هو أن يصبح تعريب إسرائيل مجهودا فعليا لتدريس العربية فى الجامعات الإسرائيلية بجانب العبرى، فهناك صفوة تهتم باللغة العربية من اللحظة التى يكون بها اهتمام مشترك بالثقافة الإسرائيلية والعربية سيتم إنشاء البنية النحتية الثقافية للمصالحة.
أكثر من ثلث طلاب جامعة حيفا «لا تيكنيون» هم عرب فلسطينيون واللغة الثانية فى إسرائيل ستكون العربية. لقد نسينا التاريخ، فحاخام القاهرة الكبير كان عضوا فى الأكاديمية العربية وهى مثل الأكاديمية الفرنسية، وكان مختصا بارزا فى اللغة العربية فلا يوجد سبب لكى لا يكون هناك تعريب لإتاحة اندماج الإسرائيليين، فى المستقبل، فى هذا الجزء من العالم العربى.
من الصعب معرفة ما سيكون الشكل السياسى فى المنطقة خلال ال20 أو 30 سنة المقبلة لا أعرف ماذا ستكون أثار العولمة على الهياكل الدولية والمؤسسات القانونية، فهناك محاكم دولية فى مجال المواصلات والاتصالات.
لا يمكننى القول إنه فى 2050 إن الحكومات الحالية ستكون نفسها إذا ما لم تكن هناك تغييرات كبيرة وإذا ما لم يتم إنشاء «وزارات للعولمة» وليس أمامنا سوى وضع هذا النوع من الهياكل، التى سنجد لها صيغا جديدة والتى ستسمح باندماجات. إننا نجد أنفسنا أمام ظواهر لم تكن موجودة من خمسين عاما ونشهد تغيرا عميقا، لم نفكر جيدا فى أبعاده حتى نستطيع التفكير فى إقامة سلام. إننا فقط فى بداية الاهتمام بذلك.
جاك اتالى: أراك متفائلا بشدة ولكى أصبح محامى الشيطان إن اتفاق كامب ديفيد مر عليه 30 عاما، ونتخيل العلاقات بين إسرائيل ومصر والمشاريع المشتركة وبشكل عملى توجد مشاريع مصرية إسرائيلية.
بطرس بطرس غالى: المشكلة الفلسطينية ورفض ديفيد تعتمد على طرف ثالث، والذى كان الحل للمشكلة الفلسطينية ولم يتم حل المشكلة الفلسطينية وقد تم تكريس وقت أطول للمشكلة الفلسطينية أكثر من العلاقات المصرية الإسرائيلية وخلال عامين تناقشنا على استقلال فلسطين كل 15 يوما تجتمع لجان فرعية فى الإسكندرية وتتحدث هذه المحادثات على استقلال فلسطين ولم تنجح لماذا؟
اتفاقات كامب ديفيد كانت قائمة على ثلاثة أركان الركن الثالث هو تسوية الغضب الفلسطينى.
العولمة عامل سلام
بطرس بطرس غالى: لتلخيص فكرتى، نشهد تغييرا كبيرا فى المجتمع الدولى خفية منذ ألفين عام مع تحولات حقيقية وتقليص المسافة. ولن نشعر بالآثار على الفور، ولكن فى السنوات المقبلة ولكى نأخذ مثالا واحدا، وهو شىء لا يمكن التفكير به سوى فى بداية القرن، فهناك مرتزقة يعملون فى العراق. ويوجد استخدام لأسلحة جديدة لم توجد من قبل وهناك حلول للصراعات لم توجد من قبل ومفهوم الوقاية من الصراعات مثل اللقاح ضد المرضى لم توجد منذ 30 عاما وظاهرة أخرى جديدة: بمجرد انتهاء الصراع ولدينا العادة بسحب قوة السلام والذى كان خطأ كبيرا، فالموضوع يتعلق بإحلال السلام لتجنب حدوث كبوة.
ستعطى العولمة الإرادة الحرة للصيغ الجديدة التى يمكنها إتاحة حفظ السلام إذا لم توجد الإرادة الحرة إذا لم توجد لدينا الفرصة للحصول على قيادات مستعدين للتفاوض للتضحية من أجل السلام كل التقنيات الجديدة وكل المفاهيم الجديدة لن تفعل شيئا.
المهم هو الانفتاح على العالم الخارجى والتليفزيون والإنترنت سيساهمون بشكل فعال.
جال اتالى: لنقارن بين الوضع بعد 50 عاما من الآن فى الشرق الأوسط وأوروبا لنتخيل أنه فى الشرق الأوسط إن هناك كيانا يشبه الاتحاد الأوروبى مع أعداء قدامى متصالحين لمشاركة الموارد والمياه، والأوروبيون تشاركوا حديثا بإقامة بناء وسلطة سياسية واحدة.
بطرس بطرس غالى: يمكننى أن أتخيل إذا لم يكن هنا هذا التطور فى التاريخ، والذى سيغير المعطى التاريخى إذا كان لدينا نفس إيقاع التطور فى القرن الثامن عشر، والتاسع عشر وعلى ذلك يمكننى قول إننا سنعرف فى الخمسين عاما المقبلة، ظاهرة مماثلة لما حدث فى أوروبا الغربية لكن فى رأيى سيكون هناك جديد مختلف كليا لأننا لا نعرف تماما التغيرات السياسية والاجتماعية التى ستنتج عن العولمة.
وسيكون للنساء دور فى الديمقراطية والتفت العالم العربى لأهمية دورهن فالحياة أساسية وتعليم الأطفال خاصة فى السنوات الأولى والأهم فى التكوين الفكرى وتم بذل مجهود مهم من جانب هذه الدول، وعندما بدأت فى التدريس بجامعة القاهرة فى 1949 لم يكن هناك امرأة واحدة فى القسم وعندما تركته كان هناك 70٪ من النساء وكانت رئيسة القسم سيدة.
واليوم هناك حضور نسائى فى الأوساط المهمة والآن عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية امرأة ونائب رئيس مجلس الشعب امرأة، وهى أيضا عضو فى اللجنة القومية لحقوق الإنسان، التى أرأسها ولنأخذ مثال الإمارة فى مسقط والشيخة موزة، التى تلعب دورا مهما والشيخة لبنى فى دبى أو أخت الملك حسين فى الأردن وزوجة الرئيس مبارك فى مصر.
لنقارن الوضع الحالى مع العشرينيات، تم استبدال الاستعمار العثمانى بآخر فرنسى وبريطانى اليوم كل البلاد العربية مستلفة تشترك فى المنظمات الدولية ما عدا فلسطين.
وأريد أن أختم بموضوع يهم الشرق الأوسط أو مصر أود الحديث عن المياه وعلى العامل الرئيس للسلم والحرب فى الشرق الأوسط كنت دوما مهتما بمسألة المياه كل تاريخ مصر يدور حول المياه كرست 15 عاما من حياتى دون جدوى وأردت انشاء رابطة الدول المطلة على نهر النيل (85٪ من النيل يأتى من إثيوبيا) و15٪ النيل الأبيض من كينيا وأوغندا وتنزانيا وبروندى ورواندا والكونغو، وأطلقت اسم اوندوغو على هذه المؤسسة «مؤاخاة» بالسواحيلى على الرغم من كل الجهود، فشلت. مفهوم المصرى هو أن النيل مصرى، بينما النيل ينتمى إلى 8 دول.
أعتقد أن المياه مشكلة ستتفاقم فى السنوات المقبلة إذن تسمحوا لى أن أختم كانسان حريص على ربط الشعوب والقبائل التى تتقاسم مياه النيل دجلة والفراق فى منظمة جديدة تدير مياه الأنهار الدولية وتوزيع عادل وإقامة سدود جديدة ومولدات كهربائية خارج الدود. كشخص حريص على بناء السلام المائى ومجتمع متعاون على تقاسم الخير المشترك المياه والطاقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.