النفسية.. مع د. محمد طه |أب لطفل وحيد..

فى هذا الباب الأسبوعى الذى يظهر كل يوم احد، يتواصل د. محمد طه أستاذ م. الطب النفسى، معكم، للإجابة على أسئلتكم واستفساراتكم فى كل ما يخص أحوال النفس، والطب النفسى، والعلاقات الإنسانية.
راسلونا على: http://m.me/mohamedtaha.net
●● كل الرسائل تخضع للسرية والخصوصية التامة، والإجابات عليها تكون بطلب المُرسل وبدون ذكر أية معلومات شخصية.
مساء الخير.. محتاج أقول مشكلة ومحتاج رأى حضرتك..
أنا أب لطفل حوالى 7 سنوات. طفل وحيد.. وتابعنا مع دكتور ومحصلش خلفة من 6 شهور، وكمان حاولنا العلاج من 5 سنوات، والفترة الجاية هنشوف دكتور تانى. بس أنا حاسس إنى باظلمه بالوحدة وخايف أموت وأسيبه، وخايف أخلف وأسيب الطفل الجديد صغير.
نفسى أكبر ابنى وأتطمن عليه وأجوزه. أنا مريض بتضخم بالقلب، وباخد علاج ضغط وكوليسترول مدى الحياة، بس كمان أنا نفسى ابنى وزوجتى يحسوا بالرضا، ونعيش ونتقرب من ربنا ونفرح، لأن حياتى كلها حاسس بالذنب إنى ظالمهم، وأنا وزوجتى مش سعداء، فدايمًا فيه عدم تفاهم وعصبية وخلاف. لو مخلفتش تانى هل أكون ظلمت ابنى؟ وهو دلوقت بيطلب طفل لكن بناقشه ان لو ربنا رزقنا بطفل أو طفلة أو محصلش خلفة مانزعلش، وهو بالكلام متفهم ده، لكن بحسه من جواه عايز طفل يلعب معاه.
أنا ابنى لما اتولد كان فيه صعوبة فى الحمل برضه، وحصل متابعات تبويض، وعملية كحت وكان فيه أشعة بالصبغة كانت صعبة جدا، وكمان الجرح بعد العملية فضل أربع شهور كان صعب. بالإضافة انه اتولد بعيب خلقى احتاج له 3 عمليات جراحية، واحدة بعد سنة ونص، والتانية بعد سنة تانية، والثالثة بعد سنة تانى، وكان بيحتاج رعاية طبية، وكان بيتألم جدًا، ومراتى دايما تشكى من ضهرها بسبب وزنها فحسيت ان طاقتنا تحتمل طفل واحد فقط.
انا بقرأ الردود وسعيد باهتمامك.
سيدى العزيز..
رسالتك تقطر شعورا بالذنب..
عاوز أقولك حاجة مهمة جدا، أرجو أن تتذكرها دائما.. ابنك يا سيدى قبل ما يحتاج أخ.. هو محتاج أب لا يشعر بالذنب تجاهه.
ظروفك صعبة.. وظروف زوجتك صعبة.. وظروف الحمل صعبة.. وحتى ظروف الولادة صعبة.. وبالرغم من كل ده.. انت حاولت ومازلت بتحاول.. أعتقد وباقولك ده بضمير مستريح إنك عملت كل اللى عليك.
يا سيدى.. لا يكلف الله نفسا إلا وسعها.. لكن يبدو إنك انت شخصيا بتكلف نفسك أكتر من وسعها.
انت مش بتظلم ابنك.. ولا بتظلم زوجتك.. انت بتظلم نفسك كل يوم.
اللى ابنك محتاجه فعلا.. هو أب حر.. حر من الإحساس بالذنب.. حر من الانشغال الشديد بالمستقبل.. الهم والغم والحزن.
اللى هايفيد ابنك ويساعده طول حياته.. هو نوعية وجودك معاه.. قد إيه بيوصله إنك بتحبه.. قد إيه بيصدق إنك مهتم بيه.. قد إيه إنت شايفه وقابله زى ما هو.
اللى هاينفع ابنك ويؤنس وحدته.. هو انت.. فى نسختك الحية المتسامحة المليئة بالأمل.. وليس نسختك القاتمة المظلمة المدفونة تحت براثن الإحساس بالذنب وجلد الذات.
سيدى الفاضل..
تحرر وحرر ابنك معك..
هذا هو كل ما يحتاجه..