بيريز فى القاهرة.. هكذا هم الصهاينة دوما، بارعون للغاية فى اختيار التوقيتات، وكذلك نحن مفرطون فى السذاجة والغفلة. وبينما صحف الجزائر الصفراء تواصل عواءها المستفز وإطلاق الاتهامات على الشيوع لكل المصريين بأنهم أصدقاء اليهود، لا يفوت بيريز الفرصة ويحل ضيفا غير مرغوب فيه على الحكومة المصرية، وكأنه يتضامن مع إدعاءات الأبواق الساقطة فى الصحف الساقطة بالجزائر، أو بالأحرى هو يريد ألا تنطفئ نيران حرب الجاهلية بين بلدين عربيين فجاء يعطى الطرف الجزائرى مدادا لمواصلة المعركة القذرة. هنيئا لبيريز وباقى أفراد العصابة هذه اللحظة التاريخية التى لو خطط لها أعتى شياطين العقلية الصهيونية لما جاءت على هذا النحو من الإتقان، وأكاد أرى ابتسامته الصفراء الآن وهو يستقبل بحفاوة وحرارة بالغتين فى مطار القاهرة، قاهرة التحرر الوطنى، التى نعتتها بعض أصوات جزائرية ملوثة بالتعصب والجهل بأنها تفتح أبوابها للقتلة والجواسيس الإسرائيليين، وتحتضن سماؤها العلم الإسرائيلى. ولابد أن بيريز غير مصدق الآن وهو يرى الحشود حول السفارة الجزائرية تحاول تحطيمها والنيل من أفرادها، ولا شك أنه يضحك الآن بكل دهاء وهو يسمع دعوات مصرية لتطهير منطقة المعادى من أى أثر للجزائريين، بما فى ذلك أسماء الشوارع، بينما مقر إقامة السفير الصهيونى لدى الحكومة المصرية، على بعد خطوات من شارع الجزائر المطلوب محوه من الخارطة. يكاد بيريز يسقط من شدة الضحك وهو يطالع ويسمع دعوات محمومة لطرد السفير الجزائرى من مصر وقطع العلاقات بسبب مباراة فى كرة القدم. سيتذكر بيريز جيدا أنه فى ذروة الاعتداءات الصهيونية على المسجد الأقصى، وفى عز دوران آلة الحرب الإسرائيلية تقتيلا وتنكيلا بالشعب الفلسطينى فى غزة، وحين طالت رصاصات القتل الصهيونية أفرادا وجنودا مصريين على الحدود، فى كل تلك المناسبات العنيفة لم يكن مطروحا على أجندة القاهرة طرد السفير الإسرائيلى، ولم تحاصر جموع الغضب السفارة الصهيونية. يبتسم بيريز الآن وهو يرى حشود الغضب المصرية وقد وصلت إلى السفارة الجزائرية وحاصرتها، بينما لا يجرؤ أحد، ولا يسمح أحد بمجرد الاقتراب من سفارة العدو الإسرائيلى. يبتسم بيريز الآن وهو يشاهد المكارثية على الطريقة المصرية، حيث كل من يتحدث بالعقل فى هذه اللحظة السوداء هو شخص ناقص الوطنية وربما خائن لبلاده. سيطرب بيريز لأصوات التكفير بالعروبة لكنه لن يقول لها شكرا.. بل سينتظر المزيد. [email protected]