إعلام إيراني: إصابة مسعود بزشكيان في محاولة اغتيال خلال هجوم إسرائيل على طهران    كوريا الشمالية تزود روسيا ب12 مليون قذيفة مدفعية    مصرع شخصين إثر تصادم سيارة ربع نقل ودراجة بخارية بقنا    دراسة حديثة تكشف عن مكمل غذائي جديد يعكس أعراض التوحد لدى الأطفال    تنسيق الجامعات 2025 .. دليلك لاختبارات القدرات بفنون جميلة الزمالك تخصص عمارة    السعودية تبرز كواجهة استثمارية في معرض «إنوبروم 2025» بروسيا    حدث وسط غزة .. سقوط 10 شهداء بينهم أطفال فى مجزرة إسرائيلية استهدفت منزلا جنوب النصيرات    مواعيد مباريات اليوم الأحد 13-7-2025 والقنوات الناقلة لها.. أبرزها نهائي كأس العالم للأندية    فى الدورى الأمريكى.. ميسي يكتب التاريخ بثنائية جديدة مع إنتر ميامى .. فيديو    أسعار الأسماك بأسواق محافظة كفر الشيخ... البوري ب130 جنيه    موعد ظهور نتيجة الدبلومات الفنية 2025 بالأقصر    الأرصاد الجوية : طقس اليوم شديد الحرارة رطب وشبورة صباحا والعظمى بالقاهرة 35 درجة    كان بيتكلم في الهاتف.. وفاة طفل صدمه القطار أثناء عبور شريط السكة الحديد بالشرقية    فيلم مطلوب استغلاله ومخرجة يجب تكريمها    عندما تكرم الوزارة كاتبًا يتهم قادة ثورة يوليو بالتآمر!    موعد طرح فيلم «روكي الغلابة» بطولة دنيا سمير غانم    بعد ارتفاعه الأسبوع الماضي .. أسعار الذهب اليوم وعيار 24 يسجل 5326 جنيهًا    الاحتلال يواصل هدم المباني السكنية وحرق للمنازل في مخيمي طولكرم ونور شمس بالعدوان المتواصل    إتحاد عمال الجيزة يطلق حوارا مباشرا مع اللجان النقابية لبحث التحديات    مأساة نص الليل.. غرق سيارة ملاكي في نكلا بالجيزة- صور    في جولة ليلية مفاجئة.. محافظ الغربية يتفقد شوارع طنطا لمتابعة النظافة والإشغالات    "سيتجه للتدريب".. لاعب الأهلي السابق يعلن اعتزاله كرة القدم    نصف ساعة تأخير في حركة قطارات «القاهرة - الإسكندرية»    حفل توقيع ومناقشة كتاب "النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة".. الأربعاء    آمال ماهر ووليد توفيق يشعلان الليلة الثانية من مهرجان «ليالي مراسي»    تظاهرة في العاصمة السويدية احتجاجا على تواصل جرائم إسرائيل في غزة    سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الأحد 13-7-2025 بعد هبوطه الأخير في 7 بنوك    أسعار الفراخ والبيض في أسواق وبورصة الشرقية اليوم الأحد 13-7-2025    والده يعشق الكاراتيه وأزمة بسببه.. 15 صورة وأبرز المعلومات عن عائلة وسام أبو علي    البيت الفني للمسرح يقدم 15 عرضًا و100 ليلة عرض دعماً للشباب    ب"كلب شرس" في القليوبية.. بلطجية يروّعون الأطفال    وكالة فارس: الرئيس الإيراني أُصيب في هجوم إسرائيلي استهدف اجتماعا سريا للأمن القومي في 16 يونيو    «دوروا على غيره».. نجم الزمالك السابق يوجّه رسائل نارية لمجلس لبيب بسبب حمدان    أونانا خارج حسابات مانشستر يونايتد في جولة أمريكا استعدادًا للموسم الجديد    أفضل أدعية الفجر.. 10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 13-7-2025.. وحديد عز يتجاوز 39 ألف جنيه    اللقب الثالث تواليا يضيع.. الشرطة بقيادة مؤمن سليمان يودع كأس العراق بركلات الترجيح    انفوجراف.. الحصاد الأسبوعي لأنشطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي    نشرة التوك شو| مصر تقود جهود إقليمية لوقف إطلاق النار بغزة وارتفاع درجات الحرارة يُفاقم الحرائق    القضاء الإداري يتلقى طعنا لاستبعاد مرشحين من انتخابات مجلس الشيوخ بالقليوبية    23 متهمًا للمحاكمة في خلية اللجان النوعية| اليوم    نجاح فريق الجراحة بمستشفى الفيوم العام في إنقاذ طفل بعد انفجار بالأمعاء الدقيقة    رئيس وزراء العراق: اتفاق تركيا والعمال الكردستاني مفيد للمنطقة    فلسطين.. إصابتان باعتداء قوات الاحتلال في رامين ومخيم طولكرم    مغلق من 13 عامًا.. عمرو سمير عاطف: غياب قصر الثقافة حرم أجيالًا من الفن والمسرح    7 أسباب شائعة وغير متوقعة لرائحة التعرق الكريهة    انفراجة حقيقية في الأوضاع المالية.. حظ برج الدلو اليوم 13 يوليو    «زي النهارده».. وفاة كمال الدين رفعت أحد الضباط الأحرار 13 يوليو 1977    رسالة جديدة من مودريتش بعد رحيله عن ريال مدريد    ساويرس والسعد وثالثهما علاء مبارك!    أزمة الوفد وانتخابات الشيوخ    يمنع امتصاص الكالسيوم.. خبيرة تغذية تحذر من الشاي باللبن    ماء الكمون والليمون.. مشروبات فعالة في التخلص من الغازات والانتفاخ    بتهمة تجارة المخدرات.. المشدد 6 سنوات لسائق توك توك في الوراق    هل الوضوء داخل الحمام صحيح؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    رئيس جامعة الأزهر: آية الدعاء في عرفة تقسم الناس إلى فريقين.. وأقوال المفسرين تكشف دقة التوجيه القرآني    ما هو أقل ما تدرك به المرأة الصلاة حال انقطاع الحيض عنها؟.. الإفتاء تجيب    باحث بمرصد الأزهر: التنظيمات المتطرفة تستخدم الخوف كوسيلة للسيطرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وليد علاء الدين يواجه تحول البشر إلى كائنات مزيفة ب«الغميضة»
نشر في الشروق الجديد يوم 23 - 10 - 2020

«هذه ليست رواية، إنما مسرحية خبأتها فى جسد رواية، لقد خدعتك، يمكنك أن تقرأ لتكتشف بنفسك، أو انزع هذه الصفحة وأَهْدِ الكتاب لصديق تمنيت خداعه». بتلك العبارة غير المتوقعة على شكل تحذير صدرت عن دار الشروق أخيرا رواية الغميضة للكاتب الروائى وليد علاء الدين، فى 107 صفحة من القطع المتوسط؛ محاولا مواجهة تزييف واقع الأشخاص فى «دنيا المظاهر». يصدر الكاتب روايته، التى أهداها إلى توفيق الحكيم أو إلى حماره، أيهما أقرب إلينا اليوم بتلك العبارة.
يستلهم الراوى فكرته من لعبة الغميضة المنتشرة بين الأطفال باسم «استغماية» لتبدأ اللعبة ببنت فى سن الطفولة تبحث عن دمية تلهو بها فى محل للعب الأطفال وبينما هى كذلك يظهر ولد فى مثل عمرها يعرض عليها أن يلعبا معا «الغميضة» وطبقا لقانون اللعبة، تغمض البنت عينيها وتظل تعد بترتيب عشرى تصاعدى إلى أن تصل إلى 100، ثم تسأل الولد إن كان قد اختبأ لتبدأ فى البحث عنه: «خلاويص؟».
تلفت الطفل حوله، فسحب قناعا من أحد رفوف محل اللعب وغطى وجهه، رد على ندائها بثقة: «خلاويص»، ففتحت الطفلة عينيها، لم تجد أحدا، دارت حول نفسها محتارة، قررت الجلوس فى مكانها، بدت حزينة إلى درجة لاحظها الطفل، فرفع قناع البلياتشو عن وجهه وهو واقف مكانه: «مالك زعلانة؟» رفعت عينيها حزينتين فرأته واقفا، تمتمت بشفتين وهى تجاهد إمساك دمعتها: «مش لاقياك»، ضحك الطفل، أحس كم هى طيبة متباسطا ليخفف عنها: «أنا أهو يا هبلة».
اعتصرت عينيها فسقطت الدمعات على خديها: «كنت فين؟»، اختلطت على الولد المشاعر، لم يملك إلا قول: «يلا نلعب تانى» قفزت البنت فرحانة: «أنا اللى هستخبى».
يغمض الولد عينيه ويعيد ما فعلته البنت مسبقا، ثم يسأل البنت إن كانت قد اختبأت ليبدأ فى البحث عنها، ترد الفتاة عليه بالإيجاب، بعد أن فشلت فى معرفة أين تختبئ، فيعثر عليها سريعا؛ لأنها لم تختبئ أصلا، ولم تكن تعرف أين تذهب، لتعيد البكاء كما لو أنها فقدت دميتها التى أهداها إليها والدها فى ذكرى مولدها.
يمثل الطفلان فى هذا المشهد البراءة التى أودعها الله فينا قبل أن نتدنس بالدخول فى معركة الحياة والتعامل مع أناس فقدوا براءتهم منذ أن وطأت أقدامهم تراب غابة ساد فيها منطق القوة عن الحكمة، وعلا فيها صوت الباطل على الحق، وهى نقطة فاصلة؛ لأنهما يتعرضان لاختبار سؤاله الرئيسى هو: أيحتفظان ببراءتهما وعفويتهما أم يدوران فى فلك من انغمسوا فى جحيم الدنيا؟
تأخذنا الرواية فى الفصول اللاحقة ليظهر الطفلان وسط «بشر يرتدون أقنعة كثيرة على أجساد بشرية تتجول فى كل الأرجاء فى أزياء أبطال كل أساطير وحكايات الكون» مع التركيز على شخص يدعى «المتعدد»؛ حيث يتميز بمكانة فى الناس لما له من الوجاهة فى المنطق وقوة الحجة، ليسلط الراوى الضوء على قضية يختلف فيها «المتعدد» مع الحاضرين الذين يخطب أمامهم ويتجاذبون حولها أطراف الحديث، وهى: هل لا داعى للغضب إذا ما وصف أحدهم الآخر بأنه صاحب وجهين؟.
ليجيب المتعدد عن السؤال بطريق غير مباشر:«هل يقابل أحدنا أحبابه بالوجه نفسه الذى يقابل به أعدائه؟ وهل الوجه الذى تتعامل به مع الناس الضعفاء هو ذاته الوجه الذى تتعامل به مثلا مع وحش قرر أن يفترسك؟»، أجاب الحاضرون: «بالطبع لا».
استخدم المتعدد هذه الحيلة فى الإقناع ليصل إلى ما يريد إقناعه للحشد من أن: «صاحب الوجه الواحد مثله مثل لابس القناع، وصاحب الوجهين إما أنه فشل فى الوصول لحالة إنسانية تسمح له بترجمة مشاعره على وجهه، وإما أنه اختار ألا يصل للإنسانية، نحن خلقنا بوجوه كثيرة، الأدق بوجه قادر على التعبير عن وجوه كثيرة، تظهر حالات كثيرة، ليس فقط لتحمينا، إنما أيضا لتحمى الآخرين، هذا هو الوجه الإنسانى... ولو استغنينا عنه أو عطلناه، فنحن الخاسرون».
يميل وليد علاء الدين الحائز على جائزة ساويرس لأفضل نص مسرحى عام 2015 عن مسرحية «72 ساعة عفو»، وجائزة الشارقة للإبداع العربى عام 2007 عن مسرحية «العصفور»، إلى إضفاء مؤثرات فنية ومناظر مختلفة توشى بأن الرواية أقرب إلى فن المسرح، مثلما نجد فى الفصل الثالث استخدام موسيقى صاخبة تحتل الصدارة بصورة أثرت على سماع أصوات الأشخاص والأتوبيسات ونباح الكلاب، تجمع الحشد حول المتعدد فى دائرة مغلقة وكأنهم كيان واحد متعدد الأطراف، كل هذه المشاهد يتخللها فاصل من الحوارات المطولة بين شخصيات متعددة يزدحم بهم المشهد الواحد.
يمسك الولد بيد الطفلة ويركضا معا نحو بقعة ضوء لمحاها من بعيد تشى بأن عندها المزيد والمزيد، ليلتقيا «مجموعة من الناس يبدون أقارب ومعارف مقربين لبعضهم البعض، من رجال ونساء فى أعمار وهيئات مختلفة، يقودهم أحد ممثلى التعصب الدينى الذى لا يعرف من الدين سوى العبادات الظاهرية من الشكليات والقشور، وهو الشاب «وائل»، الذى يضمر بداخله خلاف ما يظهره للناس من غيرة على الدين وأمر بمعروف ونهى عن منكر.
وجد وائل نفسه ابنا لأبوين مختلفين تماما فالأب«الشيخ مصعب» الذى يلعن زوجته التى رفضت ارتداء النقاب، بدلا من أن يترحم عليها بعد وفاتها، «مكنش يستجرى يرفع عينه فيها عشان كان عايش فى خيرها اللى لسة بيتمرغ فيه لدلوقتى»، يحب وائل ابنة خالته عزة التى تذكره بوالدته التى كانت، تحب الشعر والفسلفة.
رغم معالجة الرواية لفكرة تحول البشر إلى أشخاص مزيفين يتظاهرون بما ليس فيهم، ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا، وأحيانا يرتدون أقنعة الحيوانات، فضلا عن محاولة الراوى التمييز بين صاحب الوجهين ومن يمتلك وجها واحدا قادرا على التعبير عن مختلف المواقف، يُحسب للراوى أنه أضفى إليها شيئا من السخرية التى تكسر الجو العام الذى يكتنفه الغموض وتزاحم الشخصيات، فضلا عن تقديم العلاقة الرومانسية بين الولد والبنت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.