وزير المالية: تبكير صرف مرتبات يناير وفبراير ومارس للعاملين بالدولة بمناسبة أعياد الميلاد والفطر    24 ديسمبر 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة    وزيرة التخطيط تلتقى المدير التنفيذى للأكاديمية الوطنية للتدريب    24 ديسمبر 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    زيادة رأسمال شركة النيل العامة للطرق والكباري إلى 210 ملايين جنيه    الضفة.. الجيش الإسرائيلي يهدم منزل فلسطيني قتله في يوليو    الدفاع الجوي الروسي يدمر درون حلقت باتجاه موسكو    الهلال الأحمر المصري يطلق قافلة زاد العزة 101 لدعم غزة    حمادة صدقي: منتخب مصر فاز بشق الأنفس ويحتاج تصحيحا دفاعيا قبل مواجهة جنوب أفريقيا    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 24 ديسمبر والقنوات الناقلة    أمم إفريقيا - لاعب الجزائر: لا نريد الحديث عن النسختين الماضيتين.. ومحرز سيتجاوز الانتقادات    منتخب كوت ديفوار يفتتح مشوار الدفاع عن لقب كأس أمم إفريقيا 2025 أمام موزمبيق    السكة الحديد: إتاحة حجز المقاعد المكيفة بالدرجتين الأولى والثانية قبل موعد السفر ب15 يوما    فيديو.. الأرصاد تحذر من كثافة الشبورة المائية على الطرق صباح الخميس    "تعليم العاصمة" تعلن جدول البث المباشر لمراجعات الشهادة الإعدادية بنظام البوكليت للفصل الدراسي الأول 2025 / 2026    بعد تعرضه لموقف خطر أثناء تصوير مسلسل الكينج.. محمد إمام: ربنا ستر    ذكرى رحيل الكاتب الكبير محمد التابعى أسطورة الصحافة المصرية    بعد صراع مع المرض| وفاة الفنان طارق الأمير عن عمر ناهز ال 60 عاما    تشييع جثمان طارق الأمير من مسجد الرحمن الرحيم.. اليوم    فاضل 56 يومًا.. أول أيام شهر رمضان 1447 هجريًا يوافق 19 فبراير 2026 ميلاديًا    تدشين البوابة الرقمية الجديدة لهيئة الشراء الموحد لتطوير البنية التحتية الصحية    رئيس هيئة الرعاية الصحية: مستشفى السلام ببورسعيد قدكت 3.5 مليون خدمة طبية وعلاجية    سعر الدولار اليوم الأربعاء 24 ديسمبر 2025    وزير الري: مياه النيل قضية أمن قومي ولن نفرط في قطرة مياه واحدة    السفارات المصرية في 18 دولة تفتح أبوابها لاستقبال الناخبين في انتخابات مجلس النواب    وزير التعليم العالي يترأس اجتماع الاتحاد الرياضي للجامعات بحضور صبحي    حقيقة حظر الاستعانة بالمحالين للمعاش للعمل بالجهاز الإداري للدولة    دعم الأمن والاستقرار بالمنطقة    نموذج لشراكة الدولة والمجتمع المدنى    رئيس دولة التلاوة    نقيب العلوم الصحية: خبراء الأشعة المصريون فى ألمانيا «أون لاين»    كأس عاصمة مصر، صراع بين فاركو وإنبى للانفراد بقمة مجموعة الأهلي    أمم أفريقيا 2025| صراع بين الكاميرون والجابون بصافرة مصرية    طريقة عمل شوربة العدس الأحمر بجوز الهند والزنجبيل    حماية بكرامة    كانت بتزور جدتها.. محامي طالبة طب فاقوس بالشرقية ينفي صلتها بخلافات الميراث    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 24ديسمبر 2025 فى المنيا....اعرف مواقيت صلاتك بدقه    نظر طعن مضيفة طيران تونسية على حكم حبسها 15 عامًا بتهمة إنهاء حياة ابنتها    تموين سوهاج: ضبط 3 أطنان ونصف سكر تمويني ناقص الوزن داخل مخزن    بني سويف.. مصرع شخصين وإصابة 6 آخرين إثر تصادم تروسيكل مع سيارة نقل بطريق جرزا الواسطى    وزير الخارجية يتسلم وثائق ومستندات وخرائط تاريخية بعد ترميمها بالهيئة العامة لدار الكتب    اليوم.. أولى جلسات محاكمة أوتاكا بتهمة الاتجار في العملات الرقمية    تبدأ بطفح جلدي وتنتهي بصدمة تحسسية، سحب شوكولاتة شهيرة من الأسواق لمخاطر صحية قاتلة    أسعار الذهب تواصل الارتفاع في بداية تعاملات الأربعاء 24 ديسمبر    تنسيق مصري إماراتي لإطلاق برامج شبابية مشتركة وماراثون زايد الخيري في مصر    شقيقة ميسي تتعرض لحادث سير خطير في الولايات المتحدة    تفجير جديد يهز العاصمة الروسية موسكو.. وشرطيان فى حالة حرجة    بوتين يرفض أى خطط لتقسيم سوريا والانتهاكات الإسرائيلية    عودة مسرحية "نور فى عالم البحور" إلى خشبة المسرح القومي للأطفال    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأربعاء 24 ديسمبر    فيديو | «ربنا كتبلي عمر جديد».. ناجية من عقار إمبابة المنهار تروي لحظات الرعب    إيران تنتقد الترويكا الأوروبية والولايات المتحدة لعدم التزامهم بالاتفاق النووي    ارتفاع حصيلة ضحايا عدوان الاحتلال على غزة إلى 70،942 شهيدًا و171،195 مصابًا    رئيس شعبة المصورين: ما حدث في جنازة سمية الألفي إساءة إنسانية    فنزويلا: مشروع قانون يجرم مصادرة ناقلات النفط    ما هو مقام المراقبة؟.. خالد الجندي يشرح طريق السالكين إلى الله    البحوث الفلكية تكشف موعد ميلاد شهر شعبان وأول أيامه فلكيا    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 23ديسمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جرائم وهلاوس ودماء.. ضريبة الإقامة فى «لوكاندة بير الوطاويط»
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 10 - 2020

يعود الكاتب والسيناريست المصرى أحمد مراد فى روايته الأحدث والأكثر مبيعا منذ صدورها «لوكاندة بير الوطاويط»، إلى عالم الجريمة الذى يبرع فى تقديمه وبخطوات واثقة تعرف طريقها جيدا، فى مسرح أحداث خلال فترة ضبابية من تاريخ مصر، لا يقرأ عنها الكثيرون سوى بضعة سطور فى كتب التاريخ المدرسية، مع استخدام تقنية التاريخ البديل، لخلق أحداث تاريخية لم تقع من الأساس ما يمنح المؤلف حرية الحركة دون التقيد بوقائع معروفة سلفا.
رواية «لوكاندة بير الوطاويط» الصادرة عن دار الشروق، هى رواية جريمة وإثارة بامتياز تدور أحداثها فى القاهرة عام 1865، فيها سلسلة من الجرائم الدموية المترابطة فيما بينها بخيط لا يتم الكشف عنه إلا قرب النهاية، وقاتل متسلسل يقوم بجرائمه فى أغرب الظروف وبأبشع الطرق ومهما كانت الاحتياطات المتخذة للحيطة والحذر، ومجموعة من المعلومات والخيوط الملقاة هنا وهناك، حتى تتضافر هذه الخطوط وتتقارب لتصير خطا واحدا واضحا يكشف الغموض قبل إسدال الستار. كل هذه العوامل وُضعت بعناية فى أماكنها الصحيحة إلى جانب الدور الرئيسى للمحقق الخاص غريب الأطوار العبقرى والمجنون، سليمان أفندى السيوفى مصور الموتى، الذى ربما هو أكثر شخصيات أحمد مراد نبضا بالحياة، وعلى عاتقه تقع مسئولية حل ما عصى على العقل الطبيعى حله.
سليمان جابر السيوفى، مصور موتى يعيش فى عالم خاص تتداخل فيه الهلاوس والضلالات بالحقائق فلا يمكن الإمساك بأيها وقع وأيها لا، وقد غلبت القتامة وظلام الأجواء على أحداث الرواية ربما لأن الرواى هنا هو سليمان أفندى عبر يوميات كتبها هو بنفسه، فنقل من خلالها كل ما يعترى نفسه من ظلام كامل، انعكس ذلك عبر يوميته الأولى التى حملت نمرة 34، وحيث كان يكتب وصيته قبيل انتحاره قائلا: «هذه هى رسالتى الأخيرة للعالم المظلم»، هكذا كان يرى العالم، وهكذا كان يعيش فيه بأوقات عديدة حين يختلى بألواح الكاميرا الحساسة فى الظلام ليستخرج منها ما التقطته عدسته.
اتسمت شخصية سليمان السيوفى بالوقاحة وخفة الدم فى مزيج أنتج عديدا من المواقف الكوميدية خففت من وطأة الجو العام المسيطر، وربما يجسد السيوفى شخصا مصاب بالنرجسية الشديدة والبارانويا المتقدمة، حيث يتخيل هجين القمر، الكائن الزاحف الفضائى العتيق، يطارده هو بالذات، ما يجعله يتخفى دائما ويتجنب السير فى ضوء القمر بسببه، كما يشك فى كل من حوله ظنًا منه أنهم جواسيس يتجسسون عليه لصالح غريمه المزعوم السلطان العثمانى عبدالعزيز الأول، وهكذا تعرف أنه أسير ضلالاته وهلاوسه ويؤمن بها أشد الإيمان، وفى نفس الوقت لا يمنعه ذلك قيامه بدوره فى التحقيق الخاص وكشف ملابسات الجرائم الواقعة واحدة تلو الأخرى.
شخصية المحقق الخاص واحدة من أهم شخصيات الأدب فى العالم، ولعل شيرلوك هولمز هو أشهرها، إلى جوار هيركيول بوارو ومس ماربل، وفى الأدب المصرى كانت هناك سلسلة المغامرون الخمسة وملف المستقبل، وكلها ظلت فى إطار أدب الناشئين الموجه لتلك الفئة العمرية فقط، لذلك تكتسب شخصية سليمان السيوفى ذلك البريق المميز لمنطقة مثلها غير مطروقة بشدة فى الأدب المصرى والعربى بشكل عام.
على حد علمى فإن اللغة المستخدمة فى كتابة يوميات الرواية هى لغة بنت عصرها على قدر الإمكان، باعتبار أنها رواية وليست كتاب تاريخ يتقصى الدقة ويتحرى أمانة النقل، طعمتها مصطلحات لم تعد تستخدم فى وقتنا الحالى، وكثير من الأمثال الشعبية العامية التى كانت منتشرة آنذاك، بما فيها من معان مضحكة وحكمة بالغة وبساطة متناهية وأحيانا جريئة ومباشرة وصادمة فى مفرداتها، وهى علامة أخرى من علامات شخصية السيوفى أفندى الذى تجرى تلك الأمثال طول الرواية على لسانه أو نقلا عن لسان آخر بأسلوبه وطريقته أيضا.
السؤال الذى انشغلت به كثيرا منذ بدأت إقامتى فى لوكاندة بير الوطاويط، كيف يمكن لى كقارئ تمييز الحقائق والوقائع والحلول الأكيدة لكل الأحجيات المنتشرة هنا وهناك، من بين هذا الكم الهائل من الهلاوس والضلالات والرؤى المزيفة والأصوات التى لا وجود لها؟ كيف يمكن لرواية تنتمى لهذا النوع أن تقدم لى نهاية منطقية تفك غموض كل الصفحات السابقة لها، إن كان الراوى لا يعرف الواقع الفعلى من بين الخيال والأوهام المنتشرة فى عالمه؟ وقد وجدت إجابة ربما تخصنى فقط كمتلق وحسب رؤيتى وتفسيرى من خلال طريقة الحكى فى اليوميات التى تعكس الوقائع على لسان الشخصيات الأخرى طالما كانت هى المتكلم، بينما تعكس الأوهام والضلالات على لسان السيوفى ومن يبتكرهم خياله من شخصيات أخرى غالبيتها يخيم عليها الطبع الغرائبى.
بينما يحدث كل هذا نأخذ جولة عبر مشاهد متنوعة للقاهرة فى هذا الزمن، وبعض ملامح مما يحدث فى شوارعها وقصورها، ويتعرض لحادث اغتيال الرئيس الأمريكى أبراهام لينكون وتأثيره غير المباشر فى الشارع الذى يبعد عنه مسافة قارة ونصف، ويطوف بنا فى نزهة تلقى بنا تارة فى الحملة الفرنسية وتارة فى بدايات فترة حكم محمد على، ومن المنطقى أن يتعرض لمنطقة بير الوطاويط فى بيت الكريتلية بالسيدة زينب وسر هذه البئر وتسميتها بهذا الاسم، مازجا الواقع بخيال مصور الموتى الواسع والمهيأ تماما لإضافة أى خرافات إلى وحدات تخزينه.
«لوكاندة بير الوطاويط» رواية تصدرت قوائم الأكثر مبيعا منذ صدورها قبل عيد الأضحى الماضى، وصدرت فى 4 طبعات حتى لحظة كتابة هذه السطور، تضم يوميات مصور الموتى سليمان أفندى السيوفى، حين تم تكليفه بتقصى الحقيقة حول مصرع أحد الباشوات بطريقة شنيعة، وبخبرته الموروثة فى تحليل مسرح الجريمة، يكتشف أن الوفاة وراءها قتل عمد كما أنها ليست سوى الأولى فى سلسلة من الاغتيالات أدرك دون مجهود أنها ستنتهى به.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.