توحد المصريون خلف المنتخب الوطنى وكأنهم لم يتوحدوا خلف شىء آخر فى تاريخهم،وتقابلوا كما لم يحدث منذ سنوات طوال، فلم تعد مباراة اليوم مع المنتخب الجزائرى مجرد مواجهة فى كرة القدم تحدد نتيجتها مصير فريق فى التأهل لأهم بطولات الكرة، ولم تعد مجرد مناسبة رياضية أو احتفالية أو منافسة مع منتخب عربى تتسم كل لقاءاتنا معه بالندية والإثارة. الحدث الذى تشهده مصر اليوم أكبر بكثير من كل ذلك فهو حدث جعل الجميع فى حالة سعادة رغم القلق وتعاون رغم المعاناة ولهفة لتشجيع مصر والهتاف باسمها رغم الغضب الدائم من الحكومة، وهذا الحدث جعل الكبير والصغير، الرجل والمرأة، المثقف والأمى، من ينشغل فى أعماله أو يجلس على المقهى بلا عمل يتحدثون بلهجة واحدة ويتقابلون فى حلم واحد، وترجف قلوبهم عند سماع أغنية شادية الرائعة «يا حبيبتى يا مصر»، التى سمعناها خلال الأسبوع الماضى أكثر من عدد مرات سماعها منذ خروجها للنور. ونحن نعلم أنه من الصعب دائما أن نلتقى خلف هدف واحد أو أن نتوحد وراء قضية أو أن نتشارك فى مشاعر جميلة، لكن هذا قد حدث بالفعل ولو لأيام قليلة، وهو ما جعل صورة مصر بكل ما فيها أجمل، وأكثر إشراقا وأهلها أكثر إقبالا على الحياة بدلا من العبوس أو»التكشيرة» التى نراها طوال الوقت، وأعتقد أن هذا مكسب كبير يفوق التأهل للمونديال. والآن أتمنى وأدعوا الله أن نكسب تذكرة الصعود لكننى أدعو الله أن يكون الحدث سببا فى خسارة أشياء كثيرة تجعل صورتنا، التى نراها الآن باقية بأن نخسر الاختلاف على كل شىء وأى شىء، والجدل فى أمور لا نكسب من ورائها إلا زيادة الخلافات، وأدعو أن نخسر تمزقنا الإعلامى و«الخناقات» الفضائية المتكررة التى أصبحت أهم ملامحنا، وأن نخسر السلبية والشعور بقلة الحيلة وأن نخسر قبل المباراة وبعدها كل ما يفرق بيننا كمصريين نختلف دون خلاف، وأن نخسر أيضا كل ما من شأنه أن يزيد التوتر فى اللقاءات العربية الرياضية والسياسية والثقافية وأن يكون توحدنا الآن مجرد بداية بلا نهاية. أدعو معى بأن نخسر كل شىء يؤرقنا.. لكن كثفوا من دعواتكم للمنتخب المصرى لشحاتة ورفاقه وأبوتريكة وزملائه لكى نراهم فى جنوب أفريقيا بعد 6 أشهر حتى نضمن أن تستمر فرحتنا ويبقى توحدنا ولو خلف أغنية نقول فيها من قلوبنا «يا حبيبتى يا مصر»!