عقدت أمس محكمة دريسدن الجزئية، جلسة المرافعة للنيابة، ومحامى الخصوم، فى قضية مقتل الصيدلانية المصرية، مروة الشربينى والمتهم فيها، الألمانى من أصل روسى، أليكس فينس. وشهدت المحكمة مرافعات مهمة كشفت النقاب عن معلومات جديدة فى القضية، خاصة ما قدمه وكيل النيابة من أدلة تثبت، الإعداد المسبق على أكثر من مرحلة لتنفيذ حادث القتل. وبدأت المحكمة جلستها بقبول، توكيل علوى عكاز، زوج مروة، لحمدى خليفة نقيب المحامين، لإلقاء مرافعة، خاصة بالقضية، وعرضت رئيسة المحكمة على الحاضرين، 3 قطع أسلحة بيضاء عبارة عن مطواة، وخنجر، وسكين صغير، عثر عليها، فى الحقيبة، التى كان يحملها المتهم، داخل المحكمة، يوم ارتكاب الجريمة. وفى مرافعته، قال فرانك هاينريش، وكيل النيابة المكلف بملف القضية، إن هناك 9 أسباب رئيسية توجب على المحكمة توقيع أقصى عقوبة منصوص عليها فى القانون الألمانى، بالسجن المؤبد، مدة لا تقل عن 15 عاما، على المتهم. وعدد وكيل النيابة الأسباب، وأولها، أن المتهم حمل أسلحة محظورة، واستخدمها لغرض القتل، داخل المحكمة، وثانيها، أن أقدم على ارتكاب جريمة داخل حصن للعدالة، وأمام هيئة قضائية، دون احترام لهيبتها وهيبة القانون الألمانى. وأضاف: السبب الثالث هو تخطيطه لارتكاب هذه الجريمة، بإجماع الشهود، وتقريرى المعمل الجنائي، عن سنه سلاحه يوم الجريمة، والسبب الرابع، هو قتل امرأة حامل، وحرمان جنينها، من فرصة الحياة، أما الخامس، هو ضرب هذه المرأة وطعنها، بطريقة عنيفة، فى حيز ضيق، كيلا يسمح لها بفرصة للهرب والنجاة، بل إنه باغتها فى شكل من أشكال الخسة والدناءة. وأكد أن السبب السادس، هو محاولة قتل زوجها، علوى عكاز بتسديد 16 طعنة إليه، أثناء محاولته إنقاذ زوجته، والسبب السابع هو ما تسبب فيه القاتل من تشريد أسرة بأكملها، وحرمان الطفل مصطفى، من حياة كريمة، وتربية صالحة، توفرها له والدتها المجنى عليها، بل والتسبب فى أضرار نفسية واجتماعية عميقة، فى نفس هذا الطفل الصغير، الذى شاهد والدته تقتل ووالده يطعن أمامه. والسبب الثامن هو أن المتهم لم يرتدع توجيه السباب والإهانات لضحيته حتى بعد قتلها، والثابت أنه سبها ب«العاهرة»، بعد أن قضى عليها ولفظت أنفاسها، أما التاسع، فإنه لم يبد ندما ولم يعتذر، لزوج المجنى عليها، أو للمحكمة، أو للقانون الألمانى، فى أى مرحلة من مراحل التحقيق، وحتى الإدلاء بأقواله أمام المحكمة. وطالب وكيل النيابة المحكمة بألا تأخذ المتهم بأى شفقة أو رحمة، وأن توليه العقاب المناسب لارتكاب جريمتى، إحداهما مادية، وهى القتل، والثانية معنوية، كانت دافعه الأساسى للقتل، وهى كراهية الأجانب، والاعتقاد بأنهم لا يستحقون الحياة فى ألمانيا. وعقب مرافعة وكيل النيابة، التى استمرت ساعة وعشر دقائق، تحدث البروفسير هايكو ليش، محامى أسرة مروة، ملقيا الضوء على أن القاتل عنصرى ومعاد للأجانب، اعتبر أن الإسلام دين مجنون، وأعطى لنفسه الحق، فى مصادرة على معتقدات الآخرين، بالمخالفة لتقاليد المجتمع الألمانى، وأنه خطط لجريمته عن عمد منذ مدة طويلة، قد تكون قبل واقعة الشجار بينه وبين مروة، فى حديقة الأطفال. وأوضح ليش أن المتهم أراد أن يقتل الأسرة كلها، وأن أقوالها تدل على أنه لم يكن يتورع عن قتل الطفل الصغير، الذى وصفه يوما ب«إرهابى المستقبل» مما يتطلب من المحكمة، أن تعاقبه على كراهيته التى أفضت به إلى القتل، والذى نفذه بدناءة، حيث طعن ضحيته من الخلف، ولم يترك لها فرصة لمقاومته. وبعد مرافعة ليش التى استمرت 20 دقيقة، تحدث المحامى المصرى خالد أبوبكر، ملقيا أول مرافعة باللغة العربية، فى تاريخ المحاكم الألمانية، استهلها بالتأكيد على «أن والدة مروة، حملته رسالة شفهية للمحكمة، تعبر عن صدمتها، ومصيبتها، فى فقد ابنتها، التى كافحت 30 عاما، لتربيها نموذجا للمرأة الصالحة فى الخلق والعمل، وكانت تحلم، بأن تكون ابنتها أسرة، وتكمل دراستها، وتحصل على الدكتوراه فى الصيدلة، ولهذا فقط جاءت مع زوجها إلى ألمانيا». وأجهش بعض الحاضرين بالبكاء، عندما ذكر أبوبكر المحكمة بسيناريو استقبال أسرة مروة خبر مصرعها وتسلمهم جثتها، مشيرا إلى أن هذه الجريمة البشعة يسأل عنها كثيرون، أولهم المتهم، وبقيتهم من سهلوا له ارتكاب جريمته، بالسماح له حمل سلاحه والاعتداء على مروة داخل قاعة المحكمة. وأضاف أبوبكر أن المتهم تجرد من معانى الإنسانية ولم يهتم باستغاثات ضحاياه، ولم يكتفى بقتل مروة، بل مزق جثتها، أمام زوجها وابنها، إشباعا لرغبته الدنيئة فى الانتقام، حيث إنه خطط لهذه الجريمة منذ زمن بعيد، عندما قال لها يوم مشاجرته الأولى معها «أخرجى من هنا، وإلا ستموتين»، كما كتب بمفرده ودون مساعدة من محامى، خطابا للمحكمة، قال فيه بفضل الموت، على دفع غرامة وقعت عليه بسبب امرأة مسلمة. وأشار أبوبكر إلى أنه ترسخ فى عقيدة المتهم ضرورة ارتكاب هذا الجرم، فاتصل بوالدته عشية الحادث، وأخبرها بأنه يحبها، وأنهى المكالمة سريعا على غير عادته، وفى صباح يوم الجريمة جلس فى المقعد المخصص له بجوار محاميه، وقام بتقريب المقعد من باب قاعة المحكمة، لينقض على ضحيته من الخلف، بعدما سألها عمنا أتى بها إلى ألمانيا، وبعد جريمته، اعترف لضباط الشرطة الذين نقلوه إلى المستشفى، بأنه قام بأغبى شىء فى حياته، وأنه لو كان لديه متفجرات أو مسدس فى منزله لكان أتى بها إلى المحكمة. وطلب أبوبكر من المحكمة إصدار حكم رادع تشير حياته إلى تقصير السلطات المختصة فى حماية مروة، لعدم وجود أجهزة تفتيش يوم ارتكاب الجريمة، وهو ما صححته، وزارة العدل فى ولاية سكسونيا، فيما بعد بفرض إجراءات التفتيش الذاتى فى جميع قاعات المحاكم، لافتا إلى أن الضابط الذى أصاب زوج مروة بالرصاص يستحق المحاكمة. وحظت الجلسة بمتابعة واسعة من وسائل الإعلام، وحضرها السفير المصرى فى برلين، رمزى عز الدين، وأحمد عبدا لعزيز السكرتير بالسفارة، كما حضرها عدد من نشطاء الحركة الإسلامية من مختلف ولايات ألمانيا على رأسهم بيير فوجل. وما زالت المرافعات مستمرة حتى مثول الطبعة الأولى للطبع.