خلص تحقيق أجرته مجلة "دير شبيجل" الألمانية، ومؤسسة مكافحة الجريمة المنظمة والفساد، إلى أن رجل أعمال قبرصي على علاقة بحزب الله الإرهابي في لبنان، هو مالك سفينة روسوس التي حملت شحنة ضخمة من نترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت. وكانت تقارير صحفية عديدة ذكرت في الأيام الماضية، أن مالك سفينة روسوس التي رست قبالة مرفأ بيروت العام 2013، وهي في حالة سيئة هو رجل الأعمال الروسي إيجور ريشوشكين. لكن تحقيق "دير شبيجل" كشف أن رجل الأعمال القبرصي شارابامبوس مانولي، الذي أظهرت التحقيقات أنه على علاقة مع بنك يستخدمه حزب الله في لبنان، هو المالك الحقيقي. وذكرت المجلة الألمانية أن كمية كبيرة من نترات الأمونيوم المخزنة في المرفأ اللبناني اختفت على الأرجح، قبل الانفجار الكبير الذي راح ضحيته نحو 200 قتيلا في الرابع من أغسطس الجاري. وحول توجه الشحنة بالأساس إلى موزمبيق قبل توقف السفينة في بيروت العام 2013، ذكر التحقيق أنه "من الممكن أن تكون الشحنة تخص بالأساس حزب الله". وذكرت المجلة أن رجل الأعمال القبرصي مانولي بذل الكثير من الجهد لإخفاء ملكيته للسفينة، حيث أدعت احدى الشركات المملوكة له أن السفينة مسجلة في مولدوفا. وحاول مانولي في حديث مع دير شبيجل التهرب من ملكيته للسفينة، وقال في البداية إن رجل الأعمال الروسي قام بشرائها منه، ثم تراجع وقال إن الأخير قدم فقط عرضا لشرائها. والثابت، وفق التحقيق، أن رجل الأعمال الروسي ريشوشكين قام فقط بتأجير السفينة عبر شركته، المسجلة في جزر مارشال. كما أن رجل الأعمال الروسي، هو من أعطى الأوامر لطاقم السفينة، وأمره بالتوقف في بيروت في طريقة من جورجيا إلى موزمبيق. وأدعى رجل الأعمال الروسي أنه أمر السفينة بالتوقف في بيروت لأنه لا يملك ما يكفي من المال لدفع مقابل مرورها عبر قناة السويس، وكان مخطط أن تستلم السفينة شحنة إضافية من بيروت لتسليمها إلى الأردن. وبحسب تقرير صادر عن وزارة النقل اللبنانية، كانت الشحنة الإضافية تضم "12 شاحنة كبيرة، و15 صغيرة، وحاوية 40 قدما، وحاويتان 20 قدما". وكان من المفترض أن يتم تخزين المركبات على سطح السفينة، لكن عدة مشاكل بدأت أثناء تحميل السيارة الأولى، التي اصطدمت بالباب أثناء محاولتهم وضعها به على سطح السفينة. ومنذ 2013، لم تغادر سفينة روسوس بيروت، حيث تحركت شركتان يدين لهما رجل الأعمال القبرصي مانولي بالمال من أجل الاستيلاء عليها فيما خلصت السلطات في مرفأ بيروت إلى أن السفينة غير قادرة على الإبحار. وذكر التحقيق أن السلطات اللبنانية لم تكن تعلم على ما يبدو بأن مانولي هو المالك الحقيقي للسفينة، خاصة وأن اسمه لم يظهر في أي من المراسلات المتعلقة بتلك القضية. ووفق دير شبيجل، تظهر سجلات قضائية، أن رجل الأعمال القبرصي حصل على قرض في عام 2011 يقدر ب 4 ملايين دولار من بنك FBME التنزاني لشراء سفينة أخرى تسمى (سخالين). وهذا البنك ليس عاديا على الإطلاق، إذ يرتبط اسمه بعمليات غسيل أموال، وتتهمه واشنطن بالعمل كواجهة من أجل غسل أموال لحزب الله. وذكرت المجلة نفسها أن شركة سورية تعد واجهة للنظام السوري ولجهات على علاقة ببرنامج الأسلحة الكيمياوية في البلاد، من ضمن عملاء هذا البنك، ما يثير الكثير من الشبهات حول البنك. وبعد شهر واحد من حصول مانولي على القرض في 2011، تخلفت شركة مالكة له في أمريكا الوسطى، عن سداد الدفعة الأولى من الأقساط، واضطر مانولي لعرض سفينة روسوس كضمان للبنك. وتشكك البنك في نية مانولي بيع السفينة، لذلك لجأ لمصادرة ممتلكات عقارية مملوكة له في قبرص كبديل عن السفينة. ورغم ذلك، ظل مانولي مدينا للبنك حتى بعد عام كامل من وصول سفينته روسوس مرفأ بيروت، أي في 2014، بنحو 962 ألف يورو. وذكرت تحقيق دير شبيجل أن بنك FBME يشتهر بالضغط على المقترضين المتعثرين من أجل تقديم خدمات لعملاء مشكوك فيهم في مقدمتهم حزب الله. في النهاية، كانت شحنة نترات الأمونيوم مهجورة: لم يعترف أحد بدفع ثمنها ولم يحاول أحد استعادتها. ولجأت السلطات في مرفأ بيروت لتخزين المواد الكيميائية شديدة الانفجار لمدة ست سنوات في القاعة 12 رغم تحذير مسؤولوا الجمارك مرارًا وتكرارًا من ضرورة إزالة نترات الأمونيوم من الميناء. وأثار تفتيش آخر على الشحنة في ربيع 2020 قام به أمن الدولة في لبنان، شكوكاً حول ما إذا كانت كل ال 2750 طناً من نترات الأمونيوم لا تزال موجودة. وحذر المفتشون من أن إحدى بوابات المستودع كانت مفقودة وأن هناك فجوة كبيرة في الجدار الجنوبي. وأضاف المفتشون آنذاك "في حالة حدوث سرقة، يمكن للجناة استخدام هذه البضائع كمتفجرات". لكن يبدو أن مسؤولي أمن الدولة لم يحسبوا كمية نترات الأمونيوم التي بقيت في المستودع في ذلك الوقت. ووفق دير شبيجل، لم يصل تحذير المفتشين حول ضرورة تأمين المستودع إلى المدعي العام اللبناني حتى يونيو الماضي. وفي منتصف يوليو، أرسل جهاز أمن الدولة تقرير المفتشين، إلى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء. ولا يزال من غير المعروف حتى اليوم كمية نترات الأمونيوم التي تم تفجيرها في تفجير 4 أغسطس. ويفترض مسؤولو المخابرات في دول أوروبية أنها كانت يتراوح بين 700 1000 طن. ولكن أين ذهب الباقي، الكمية الأكبر من نترات الأمونيوم لم تكن موجودة وقت التفجير. وهذا أحد الأسئلة العديدة التي سيحتاج المحققون الآن للإجابة عليها.