فضائح التسريبات ل"خيري رمضان" و"غطاس" .. ومراقبون: يربطهم الهجوم على حماس والخضوع للمال الإماراتي ..    إطلاق سيارات فولكس فاجن تايرون لأول مرة في مصر.. أسعار ومواصفات    سعر الذهب اليوم السبت 25_10_2025.. عيار 21 الآن بعد الارتفاع في الصاغة (تفاصيل)    سعر الدولار الآن مقابل الجنيه والعملات الأخرى ببداية الأسبوع السبت 25 أكتوبر 2025    الرقابة المالية تستعرض مزايا منتجات جديدة تعتزم إتاحتها للمستثمرين في البورصة قريباً    عمرو أديب: الرئيس السيسي نال تقدير أوروبا لدوره المحوري في غزة    «زي النهارده».. «الكاميكازي» يضرب الأسطول الأمريكي 25 أكتوبر 1944    قيادي بحركة فتح: واشنطن تربط إعادة إعمار غزة بنزع سلاح المقاومة    هل يستطيع ترامب فرض حل الدولتين على إسرائيل؟.. نبيل فهمي يجيب    وليد صلاح الدين يكشف سبب غياب الشناوي عن مباراة الأهلي وإيجل نوار    «مدرب مش فاهم حاجة».. خالد الغندور يفتح النار على فيريرا    كونسيساو ينتقد لاعبي «النمور» بعد الهزيمة أمام الهلال.. ويعلق على عدم مصافحة «إنزاجي»    إنزاجي يشيد بلاعبى الهلال بعد الفوز على اتحاد جدة    السيطرة على حريق محدود في عمارة النحاس بالإسكندرية دون خسائر    أصعب 5 ساعات.. تحذير شديد بشأن حالة الطقس اليوم: «توخوا الحذر»    السيطرة على حريق شب في مصنع ملابس بمدينة قليوب    ضاعت في الزبالة.. قصة استعادة مصوغات ذهبية بنصف مليون جنيه ب البحيرة    نقيب أطباء الغربية ينعي نجلته بكلمات تدمي القلوب    «مش محتاج أروح ل سيدي 6 أكتوبر».. عمرو أديب يواصل هجومه على الموالد    بعد حصوله على أفضل ممثل في «الجونة».. أحمد مالك: «كولونيا» سيكون في دور العرض قريبًا    بعيدة عن «النكد».. مي فاروق توعد جمهور الدورة المقبلة لمهرجان الموسيقى العربية ب «أغاني ميكس»    ليدز يونايتد يهزم وست هام بثنائية ويواصل صحوته في الدوري الإنجليزي    ترامب يحذر رئيس كولومبيا: أوقفوا إنتاج المخدرات فورًا أو سنتدخل بأنفسنا    الولايات المتحدة تفتح تحقيقًا في التزام الصين باتفاقها التجاري الموقع خلال ولاية ترامب الأولى    أسعار القهوة الأمريكية ترتفع بشكل حاد بسبب الرسوم الجمركية والطقس السيئ    عاجل | تعرف على حزمة المهل والتيسيرات الجديدة المقدمة من "الصناعة" للمشروعات المتعثرة    النائب العام يلتقي قضاة مصر العاملين بدولة الإمارات| صور    الهيئة الدولية لدعم فلسطين: مصر تجمع الفصائل لوضع أسس المرحلة الانتقالية الحساسة    جيش الاحتلال يواصل اقتحاماته في مدن الضفة والقدس ومواجهات عنيفة في بيت لحم    الأهلي يسعى لتأمين تأهله لمجموعات دوري أبطال إفريقيا أمام إيجل نوار    دوري أبطال أفريقيا.. تعديل موعد مباراة بيراميدز والتأمين الإثيوبي    مهرجان الجونة يكرم مديره السابق انتشال التميمي في ختام دورته الثامنة    مي فاروق تفتتح حفلها في مهرجان الموسيقى العربية ب«ليلة حب»    تشارك في إنتاجه قنوات ART.. "المستعمرة" يفوز بالجائزة البرونزية في ختام مهرجان الجونة السينمائي    نقابة الأطباء تعلن تشكيل هيئة المكتب بعد انتخابات التجديد النصفي    انطلاق أعمال المؤتمر الدولى السادس لمجلس الكنائس العالمى بمشاركة 100 دولة بوادى النطرون    وزارة التخطيط تحتفي بالذكرى ال80 لتأسيس الأمم المتحدة    توخى الحيطة والحذر.. بيان مهم من الأرصاد الجوية حول طقس الساعات القادمة    برفقتهم 25 طفلا.. تفاصيل ضبط شبكة تسول بالقاهرة    الجبهة الوطنية يكلف الطويقي قائما بأعمال أمين الحزب بسوهاج    26 أكتوبر، جامعة أسيوط تنظم يوما علميا عن الوقاية من الجلطات    ضمن مبادرة "صحح مفاهيمك".. ندوة علمية حول الأمانة طريق النجاح بأوقاف الفيوم    لو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت.. أزهرى يجيب عن حكم قبول الهدايا.. فيديو    جمارك مطار أسيوط تحبط محاولة تهريب كمية من مستحضرات التجميل    افتتاح عيادة التغذية العلاجية بمستشفى طما بسوهاج    وزارة الرى تعلن أسباب ارتفاع منسوب النيل وتؤكد: الاستمرار فى إزالة التعديات    ليفربول قد يخسر مهاجمه أمام برينتفورد    ساندويتش السمك المشوي.. وصفة المسلسلات التركية (طريقة تحضيرها)    مؤتمر حميات الفيوم يناقش الجديد في علاج الإيدز وفيروسات الكبد ب 12 بحثا    وزارة الصحة تعلن محاور المؤتمر العالمي للسكان والتنمية البشرية    عالم أزهري: أكثر اسمين من أسماء الله الحسنى تكرارًا في القرآن هما الرحمن والرحيم    أفضل الأدعية والأذكار المستحبة في يوم الجمعة وفضائل هذا اليوم المبارك    فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة.. وحكم الاستماع إليها من الهاتف    سر ساعة الإجابة يوم الجمعة وفضل الدعاء في هذا الوقت المبارك    وزير الدفاع ورئيس الأركان يلتقيان رئيس أركان القوات البرية الباكستانية    الفنان محمد صلاح جاد يتألق مع النجم سيد رجب في مسلسل «لينك»    82.8 % صافي تعاملات المستثمرين المصريين بالبورصة خلال جلسة نهاية الأسبوع    رسميًا قائمة أسماء المرشحين النهائية في انتخابات مجلس النواب عن محافظة البحيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ورقة موت تحمل اسمى
نشر في الشروق الجديد يوم 12 - 08 - 2020

قرأت اسمى هذا الأسبوع للمرة الأولى على ورقة إعلان وفاة. ورقة النعوة كما يسمى السوريون إعلان الوفاة هى الطريقة الرسمية لنشر خبر وفاة والإعلان عن تفاصيل مراسم الدفن والعزاء. الورقة تعد هى أيضا طريقة تقليدية للتذكير بشبكة العلاقات بين أسرة الفقيد والأسر الأخرى وترابطها، فإدراج أسماء عائلات الأقارب والأنساب عملية أساسية ومعقدة عند كل وفاة تتضمن مفاوضات ضمن عائلة الشخص الراحل وإعادة ترتيب وفرز الأنساب والأقارب حسب قربهم من الفقيد وحسب مكانتهم فى العائلة. تدور نقاشات محتدمة حول تسلسل الأسماء وأولوية ذكر بعضها قبل الآخر أو عدم ذكر بعض الأشخاص بسبب القطيعة، جرت العادة أن يذكر الذكور من أفراد العائلات فقط على ورقة إعلان الوفاة ولا تذكر الإناث وهو موضوع بدأ يتغير قليلا فى السنوات الماضية، وقد أدرج اسمى كما رأيته للمرة الأولى بسبب هذا النوع من التغيير.
***
فى دمشق نقرأ أسماء من رحلوا على أوراق النعوة التى تلصق على جدران المدينة، فمن يخرج من البيت لقضاء حاجات فى الخارج غالبا ما كان يعود بخبر أو أكثر عن أشخاص توفوا، اليوم وبعد سنوات من انقطاعى عن دمشق أتذكر أن لا عودة إلى البيت دون خبر عن وفاة وأتساءل إن كان فعلا كل الدمشقيين يعرفون بعضهم بعضا، فهل من الطبيعى أن تعود أمى كل يوم بخبر شخص توفى لأنها قرأت ورقة النعوة خاصته على أحد الجدران خلال مشوارها؟
***
طبعا فى عقلى بعض التبسيط، إذ يجتهد أهل الشخص الراحل بلصق أوراق النعوة حول بيته وفى شارعه وفى الحى الذى تعيش فيه أسرته، مما يفسر نوعا ما عودة أمى من مشاويرها بأسماء أشخاص تعرفهم رحلوا، فمعظم من تعود بأسمائهم يعيشون قريبا منا حيث تقضى حاجاتها، لكنى ومع ذلك لطالما توقفت عند أوراق ملصقة على جدران المدينة لقراءة أسماء العائلات المدرجة ومحاولة تفكيك أسرارها، هل تزوجت ابنتهم من فلان؟ ها هم يذكرون عائلة طليقة ابنهم، لم أكن أعلم أنهم وتلك العائلة أقارب، يبدو أن لعائلتهم فرعا فى مدينة أخرى أو هكذا أفهم من المعلومات المذكورة، هل قررت العائلة إقامة مراسم الدفن والعزاء قبل أن يعود ابنهم من الخارج حيث يعيش؟ أليس ذلك غريبا بعض الشىء أم أنهم تقصدوا استبعاده بعد فضيحته الأخيرة؟ أو ليس العزاء مناسبة للتصالح ونسيان ما مضى؟
***
أذكر أننى حاولت أن أتقاعس مرة عن زيارة أصدقاء لتقديم واجب العزاء فنهرتنى أمى بشدة وحثتنى على الذهاب رغم خلاف كان قد فرقنى عن العائلة منذ سنوات، فلم نعد نتبادل لا التهانى ولا السلام، موقف أمى المتشدد أدهشنى وتساءلت عن أهمية أن أقدم العزاء رغم أننى لم أقدم أى شىء إلى تلك العائلة منذ مدة طويلة بسبب الجفاء الذى طغى على العلاقة فماتت هى الأخرى، «إلا فى الموت: لا خلاف، العزاء واجب ولست مضطرة على متابعة العلاقة بعد تقديم العزاء» قالت أمى وقتها بحزم لم يسمح لى بالاعتراض.
***
فكرت كثيرا فى موضوع واجب العزاء الذى يخترق الخلافات ويخفف من الجفاء هذا الأسبوع مع وفاة خالى فى دمشق وإعلان الوفاة الذى أدرج فيه اسمى، فقد وصلنى كم هائل من كلمات المواساة من أشخاص لم أعد على تواصل معهم أحيانا بسبب خلافات وأحيانا بسبب الحياة التى فرقتنا دون أسباب مباشرة، ورغم بعدى عن دمشق وعدم فتح مجلس للعزاء أصلا فأسرتى باتت متفرقة فى أنحاء العالم ولا تجتمع إلا عبر شبكات التواصل الاجتماعى، ورغم نوع من الضبابية صار يغلف على علاقتى بالمكان أصلا، إلا أننى قدرت كثيرا كلمات العزاء التى وصلتنى على مدى أيام، وخلقت فى عقلى صورة لقاعة كبيرة يدخل إليها كل شخص ظهر اسمه على صفحتى الزرقاء مقدما لى كلمات المواساة، تخيلت نفسى فى مجلس العزاء فى بيت جدتى القديم أجلس قرب والدتى ويدخل علينا الأصدقاء والأقارب.
***
فى مجلس كهذا الكثير من الملاحظات غير المحكية، فكل شخص يدخل يصبح محط أنظار الحاضرين ومادة للتعليق فيما بعد، لطالما استوقفتنى مجالس العزاء بقواعدها الصارمة وحكاياتها الكثيرة والمصالحات المؤقتة التى تفرضها وكأنها تفرض هدنة فى مواجهة الموت، ثمة شىء ساحر فى الهدنة التى يفرضها الرحيل، وكأن من رحل قد أوصى بوضع السلاح جانبا ريثما يعزى الأفراد ويتلقون العزاء علهم يتوقفون عن القتال، طبعا غالبا ما تعود المعارك وتشتعل بعد مجلس العزاء مباشرة إنما تبقى عندى صورة مثالية وكاريكاتورية بعض الشىء لأثر واجب العزاء على الناس فى دمشق.
***
رحل خالى ورحلت معه أعياد ومناسبات عائلية وطريقته بنهى شباب وشابات العائلة عن التعليقات الخارجة عن حدود المسموح بنظره، يبدو أن صفا من صفوف ذاكرتى العائلية بدأ بالرحيل، بينما أتنبه أن صفا جديدا من بينه أطفالى لا يعرف الصف الأول بسبب الشتات وقلة الزيارات، أولادى لم يلتقوا بخالى، أقول لنفسى بذهول. ورقة النعوة تجمع أنسابا وأجيالا ربما لم يلتقوا قط فى الحقيقة، عزاء افتراضى وعائلات افتراضية وصفحات زرقاء تخفف من رمادية العلاقات، وورقة نعوة تذكر اسمى ملصقة اليوم على جدار فى دمشق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.