ترك عضو الكونجرس الأمريكي الراحل جون لويس، إرثا كبيرا في الدفاع عن الحقوق المدنية لعقود منذ أن كان أصغر أعضاء حركة "ركاب الحرية" الأوائل التي حاربت التمييز العنصري في وسائل النقل في الولاياتالمتحدة مطلع ستينات القرن الماضي، حتى وفاته 17 يوليو الجاري. ونعى مجلس النواب الأمريكي النائب جون لويس، رفيق درب مارتن لوثر كينج، والذي توفي بسرطان البنكرياس عن ثمانين عاماً. ووصفته رئيسة المجلس نانسي بيولسي ب"ضمير الكونغرس وأحد أكبر أبطال التاريخ الأمريكي". ونشأ جون روبرت لويس في عصر الفصل العنصري، حيث ولد ألاباما في 21 فبراير 1940، وكان لويس يتمتع بطفولة سعيدة لكنه غضب من ظلم الفصل وشعر بخيبة أمل، وعند سماع خطب مارتن لوثر كينج وأخبار مقاطعة حافلات مونتغومري 1955-1956 ألهم ذلك لويس بالتصرف من أجل التغييرات التي أراد رؤيتها، ومقتدياً بكينج جونيور انضم إلى حركة الحقوق المدنية، وفقاً لموقع "بيوجرافي". نضال من أجل المساواة وشهدت حياة لويس، مراحل عديدة كان محورها المناداة بالحرية والمساواة والنهوض بالحقوق المدنية في أمريكا لأصحاب البشرة السوداء. ظهر لويس على الساحة الوطنية في أواخر الخمسينات عندما ساعد في تنظيم بعض الاعتصامات على طاولات الغداء المنفصلة بين البيض والسود، وشارك في 1961 في جولات الحرية، وانضم إلى مئات المتطوعين الذين سافروا في جميع أنحاء الجنوب لتحدي محطات الحافلات المنفصلة، وشارك في مسيرة سلمية 1965 إلى مونتغمري بألاسكا. دفاعه عن الحقوق عالميا كان لويس أيضًا بطلًا قويًا في النضال من أجل حقوق الإنسان فتجاوز حدود الولاياتالمتحدة، وبينما كان يعمل على تحويل المجتمع الأمريكي والنهوض بحقوق التصويت للسود، لم يغيب لويس عن التطورات العالمية، وفقاً لصحيفة تايم الأمريكية. وغالبًا ما ذكّر النشطاء بأن التحديات التي واجهها الأمريكيون السود مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بصراعات الحرية في الخارج. وتم تشكيل رؤية لويس الدولية بشكل كبير من خلال تجاربه الأولى في الحركة، في عام 1958 أعلنت غينيا استقلالها عن فرنسا، مما يدل على انتصار في المعركة لإنهاء الاستعمار في أفريقيا. وبعد الاستقلال، سافر الناشطون السود إلى غينيا ليشهدوا بشكل مباشر بناء دولة اشتراكية بعد الاستعمار، وكان لويس أحدهم. وفي عام 1964، سافر لويس إلى غينيا إلى جانب عشرة نشطاء آخرين وخططوا للبقاء في غينيا لمدة ثلاثة أسابيع، مع خطط للقاء أول رئيس للبلاد، سيكو توريه. وأتاح هذا الاجتماع فرصة كبيرة للويس وزملائه للانخراط في حوار هادف مع القادة الغينيين حول حركات التحرير الأفريقية، مما جعل لويس يتأثر بهذه التجربة فقام وزميله دونالد هاريس بتمديد إقامتهم في إفريقيا لمدة شهر ونصف أخرى. وفي الأسابيع التالية، زاروا ليبيريا وغانا وإثيوبيا وكينيا ومصر وزامبيا، وفي إحدى الحالات حضروا احتفال الاستقلال في زامبيا بحضور كينيث كاوندا، رئيس زامبيا المنتخب حديثًا. لقاءه ب"مالكوم إكس" وأثناء وجوده في أفريقيا عبر لويس أيضًا مسارات غير متوقعة مع مالكولم إكس في مطار في نيروبي بكينيا، حيث يمثل لقاءهما غير المتوقع بداية العلاقة بين لجنة التنسيق اللاعنفية للطلاب والزعيم القومي الأسود. الأحد الدموي وفي 7 مارس 1965، عندما انضم لويس إلى مئات النشطاء الذين عبروا بسلام جسر إدموند بيتوس في سلمى بألاسكا، في محاولة لجذب اهتمام أكبر للحركة من أجل الحقوق المدنية، تعرضوا للضرب المبرح على أيدي جنود الدولة. الحادث الذي أطلق عليه "الأحد الدموي" وترك لويس مصابًا بارتجاج وجمجمة مكسورة. مسيرته البرلمانية وفي عام 1986 تم انتخابه لمجلس النواب، وهو مقعد شغله لمدة 33 عامًا، وقد استحوذت كتلته وعضوية لجنته على اتساع التزاماته السياسية، وبصفته عضوًا في الكونغرس، شارك لويس في تجمع الأمريكيين الأصليين وكتلة الاتجار بالبشر وكتلة حقوق الإنسان في الكونجرس، كما شارك في العشرات من اللجان والتجمعات الإضافية التي عملت على تلبية احتياجات الناس في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك تلك الموجودة في تركيا والبرازيل وباكستان والمغرب وبنما والهند. وفي أكتوبر 1992، قام لويس، برعاية القرار المشترك أمام الكونغرس 102 بشأن "الأزمة الإنسانية في الصومال". بعد ذلك بعامين، عندما كان الرئيس بيل كلينتون يفكر في غزو مسلح لهايتي، كان لويس العضو الوحيد في التجمع الأسود الذي عارضها علانية، معربًا عن قلقه بشأن انتهاكات حقوق الإنسان واستقلالية هايتي. وبعد سنوات، أُلقي القبض على لويس أثناء الاحتجاج على الإبادة الجماعية في السودان في عام 2006، مع حلفاء آخرين في الكونجرس. وحتى النهاية تمسك جون بمبادئه وترك إرثًا قويًا في التقدم ليس فقط الحقوق المدنية ولكن أيضًا حقوق الإنسان مما أدى إلى توسيع تركيز عمله خارج الولاياتالمتحدة، من خلال ربط الاهتمامات الوطنية بالاهتمامات العالمية، وأجبر لويس الآخرين على رؤية أن مشاكل العنصرية والتفوق الأبيض لم يتم احتواؤها داخل الحدود الأمريكية. وشدد على الحاجة إلى الاستجابة على الصعيد العالمي لتشكيل تعاون سياسي من أجل بناء مجتمع أكثر عدلاً ومساواة بشكل فعال، وقال ذات مرة "نحن شعب واحد، عائلة واحدة، الأسرة البشرية، وما يؤثر على أحدنا يؤثر علينا جميعًا". مرضه في ديسمبر الماضي، أعلن لويس أنه يعاني من سرطان البنكرياس من المرحلة الرابعة ، وتعهد بمحاربته، بينما كان يواصل خدمة ناخبيه في المنطقة الخامسة بولاية جورجيا، خلال انتخابات الكونغرس. وكتب في بيان في ذلك الوقت: "لقد خضت نوعاً من القتال- من أجل الحرية والمساواة وحقوق الإنسان الأساسية- خلال معظم حياتي. لم أواجه على الإطلاق قتالاً مثل الذي أخوضه الآن"، حسبما ذكرت "دويتشه فيله عربية". ورغم إصابته بالسرطان، عاد إلى واشنطن في يونيو في أوج الاضطرابات التي جرت بعد مقتل جورج فلويد الذي توفي عند توقيفه في مينيابوليس، للمشاركة في تظاهرة حركة "حياة السود مهمة" ضد التمييز العنصري.