دخل قانون قيصر الأمريكي اليوم الأربعاء حيز التنفيذ، والذي يهدف إلى محاصرة نظام الرئيس السوري بشار الأسد وحرمانه من فرص تلقى المساعدات من الدول الداعمه له، وسط مخاوف وترقب دولي من تداعيات تفعيل هذا القانون. وتسعى الولاياتالمتحدةالأمريكية لخروج هذا القانون للنور منذ أن تم طرحه لأول مرة في عام 2016، بينما كان بارك أوباما رئيسا لأمريكا في هذا التوقيت، ليعطي ترامب مع مجيئه الضوء الأخضر للمضي قدما في إعداده، ليتم إقراره في ديسمبر الماضي. ولكن مع قرب تطبيق القانون ظهرت بعض التداعيات وتسببت في أزمة اقتصادية وإنسانية داخل سوريا، التي أصبح أغلب سكانها تحت خط الفقر، وسط موجة خوف وقلق لدى رجال الأعمال والتجار اللبنانيين وغيرهم ممن يتعاملون مع سوريا. فما هو قانون قيصر؟ هو قانون أعده أقرّ الكونجرس الأمريكي يهدف إلى حرمان الأسد من أي فرصة تعزز من بقائه في السلطة، كاستغلال نصره العسكري لتحويله إلى نصر سياسي يستخدمه في ذلك، كما يهدف القانون إلى زيادة العزلة المالية والاقتصادية والسياسية التي يعاني منها، وفقاً ل"بي.بي.سي". فتقول المندوبة الأمريكية لدى الأممالمتحدة، كيلي كرافت، إن فرض "قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا" يهدف إلى "حرمان نظام الأسد من الإيرادات والدعم الذي استخدمه لارتكاب فظائع واسعة النطاق وانتهاكات لحقوق الإنسان تحولُ دون التوصل لحل سياسي وتقلل بشدة من احتمالات السلام". لماذا أطلق عليه اسم "قيصر"؟ سمي القانون بذلك نسبة إلى مصور عسكري سوري انشق عن نظام الأسد عام 2014، وقام بتسريب 55 ألف صورة ل 11 ألف سجين قتلوا تحت التعذيب، واستخدم المصور اسم "قيصر" لإخفاء هويته، وعرضت تلك الصور في قاعات مجلس الشيوخ الأمريكي. وبعد أن سرّب "قيصر" صور تعذيب المعتقلين في السجون السورية، كان ذلك سبب سن القانون، حيث رأى الكونجرس أن أعمال بشار ضد الشعب السوري أدت إلى مقتل مئات الآلاف وتدمير أكثر من 50 % من البنية التحتية الحيوية في سوريا، ونزوح أكثر من 14 مليون شخص، وتسبب في أكبر أزمة إنسانية منذ أكثر من 60 عاماً. من الأطراف التي ستفرض عليها عقوبات؟ نصت الصيغة النهائية لمشروع قيصر على فرض عقوبات على الأسد ومختلف جهات النظام السوري من وزراء ونواب وغيرهم، إضافة إلى الأفراد والشركات الذين يمولون الأسد أو يقدمون أي نوع من المساعدة. كما يفرض القانون عقوبات على المصانع السورية، المتعلقة بالبنية التحتية والصيانة العسكرية وقطاع الطاقة، وفقاً لصحيفة "الشرق الأوسط". وينص القانون على اتخاذ إجراءات خاصة بحق المصرف المركزي السوري إذا ثبت أنه "مؤسسة مالية أساسية في عمليات تبييض الأموال". ماهو الجديد في هذا القانون؟ وقبل فرض قانون قيصر، تخضع سوريا بالفعل لعقوبات تفرضها الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، جمدت أرصدة الدولة ومئات الشركات والأفراد. وتحظر واشنطن بالفعل على الأميركيين تصدير أي سلع إلى سوريا أو الاستثمار فيها، كما تحظر الصفقات التي تشمل منتجات النفط والغاز. وتختلف هذه الحزمة من العقوبات الموجهة لسوريا عن سابقها في أنها ستطال كل من يدعم النظام، ويذكر القانون روسيا وإيران بشكل خاص، وينص بشكل واضح على أن العقوبات ستفرض كذلك على مسؤولين إيرانيين وروس الداعمين للنظام. كما تستهدف العقوبات الكيانات التي تعمل لصالح الأسد في أربعة قطاعات هي: النفط والغاز الطبيعي، والطائرات، والبناء، والهندسة ويشمل ذلك الدعم المباشر وغير المباشر للنظام. من يسمح له بإلغاء العقوبات؟ وفقا للقانون يسمح للرئيس الأمريكي برفع هذه العقوبات في حال لمس جدية في التفاوض من قبل النظام السوري وبشرط وقف الدعم العسكري الروسي والإيراني للأسد، كما يمكن للرئيس رفع العقوبات لأسباب تتعلق بالأمن القومي الأمريكي. ما هي شروط رفع عقوبات "قيصر"؟ وفقاً لبنود القانون هناك 6 شروط لرفع العقوبات: - وقف عمليات القصف بالطيران من قبل النظام أو روسيا للمدنيين. - التزام القوات السورية والروسية والإيرانية والكيانات المرتبطة بها بوقف قصف المنشآت الطبية والتعليمية والسكنية والتجارية. - وقف القيود التي تضعها القوات السورية والروسية والإيرانية وغيرها على وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق والمدن والقرى المحاصرة والسماح للمدنيين بحرية الانتقال. - إطلاق المعتقلين السياسيين المحتجزين قسراً، ومنح المنظمات الدولية لحقوق الإنسان حق الوصول إلى السجون ومراكز الاعتقال في سوريا. - تأمين العودة الآمنة والطوعية الكريمة للسوريين اللاجئين بسبب الحرب في سوريا. - محاسبة مرتكبي الجرائم في سوريا، وتقديمهم إلى العدالة، وتأمين الدخول في عملية المصالحة والحوار. ما الآثار الأولية ل"قانون قيصر"؟ فرضت الولاياتالمتحدة، في أول أيام تطبيق القانون، عقوبات على 39 شخصا وكيانا بينهم الرئيس السوري بشار الأسد وزوجته أسماء لحرمان حكومته من مصادر التمويل، في محاولة لدفعها للعودة إلى المفاوضات التي تقودها الأممالمتحدة، وفقا لشبكة سكاي نيوز. وقال وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، في بيان يعلن فيه المستهدفين بالعقوبات، إنه يجب توقع فرض عقوبات "أكثر بكثير" على حكومة بشار الأسد في سوريا خلال الأسابيع والشهور المقبلة. يستهدف النظام أم الشعب السوري؟ قال المبعوث الأمريكي إلى سوريا جيمس جيفري إن روسيا وإيران لم تعودا قادرتين على مساعدة النظام السوري، مضيفاً أن الإجراءات والعقوبات الأمريكية ساهمت في تدهور قيمة العملة السورية مقابل الدولار الأميركي، وفقاً لشبكة بي.بي.سي. وأكد جيفري أن العقوبات ستطال أي نشاط اقتصادي بشكل تلقائي، وكذلك أي تعامل مع الحكومة الإيرانية. وقال نائب جيفري الدبلوماسي جويل ريبورن، إن القانون "يطال الأفراد والشركات ويعطينا القدرة على تناول قطاعات كاملة منصوص عنه بالقانون" وأن لا حل أمام الأسد سوى قرار مجلس الأمن لحل الأزمة. وانتقدت روسيا بشدة خطة الولاياتالمتحدة لفرض مزيد من العقوبات من جانب واحد، "لا سيما في الوقت الذي يمر فيه البلد العربي بأزمة اقتصادية حادة". وتدهور سعر الليرة السورية خلال أيام بشكل غير مسبوق إذ فقدت حوالي 70 % من قيمتها منذ شهر أبريل الماضي. وكان سعرها أواسط شهر مايو الماضي نحو 1600 ليرة سورية مقابل الدولار وتراجعت لتستقر عند حدود 3000 ليرة. وأدى هذا إلى ارتفاع أسعار المواد الأساسية مثل الأرز والسكر والزيت ووجود طوابير طويلة أمام المخابز وغياب العديد من السلع عن السوق. ما هو الرد السوري؟ في أول تعليق رسمي سوري بعد دخول القانون حيز التنفيذ، رأت وزارة الخارجية السورية، الأربعاء، أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاوزت القوانين والأعراف الدولية. وقال مصدر مسؤول في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا): "تكشف الحزمة الأولى من الإجراءات الأمريكية ضد سوريا تنفيذا لما يسمى قانون قيصر تجاوز الإدارة الأمريكية لكافة القوانين والأعراف الدولية"، حسب قوله. وأضاف المصدر المسؤول قائلا إن "المستوى الذي انحدر إليه مسؤولو هذه الإدارة (إدارة ترامب)" يصل إلى مستوى "سلوكيات العصابات وقطاع الطرق".