نسمع عن الهوية العادية لأى شخص، أى بطاقة الرقم القومى أو جواز السفر أو كل ما يشير إلى ملامح هويتك، لكن ماذا عن مصطلح الهوية البصرية؟! سمعت عن هذا المصطلح منذ حوالى عامين، حينما دعانى الدكتور أشرف منصور رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية، للإعلان عن بدء إعداد الهوية البصرية لمدينة الأقصر. وحينما زرت الأقصر لمدة ثمانى ساعات يوم الأربعاء الماضى، برفقة الدكتور أشرف منصور، ومجموعة من الزملاء الصحفيين، بمناسبة إنجاز 80٪ من المشروع، رأيت الأمر مجسدا على أرض الواقع؟ فكرة الهوية البصرية، مستمدة من اقتراح لمصممتين مصريتين هما ياسمين وغادة والى من كلية التصميم التطبيقى بالجامعة الألمانية، أثناء انعقاد المؤتمر الوطنى السادس للشباب الذى عقد بجامعة القاهرة، وناشدتا الرئيس عبدالفتاح السيسى، استغلال الهوية القومية التى تتمتع بها مصر فى تصميم هوية بصرية للمدن المصرية.الرئيس وافق وكلف الجامعة الألمانية بتصميم التصور. الفكرة تعتمد على ترسيخ شعارات ولوجوهات تميز هذه المدينة بحيث تكون لصيقة بها دائما ومعبرة عنها، ويمكن تمييزها، ولتقريب الأمر، فهناك هوية بصرية للعديد من المنتجات والبرندات والماركات الغذائية والخاصة بالزى أو الأندية أو المؤسسات. وحينما نشاهدها فى أى مكان نستدعى فورا هذه السلعة أو الماركة. حينما هبطنا بمطار الأقصر كانت الهوية البصرية للمدينة حاضرة، وكذلك طوال الطريق لمقر المحافظة. هذه الهوية البصرية أكثر من مجرد لوجو، بل هى اختزال وتكثيف للمدينة فى مجموعة من الرموز، بحيث حينما يشاهدها أى شخص أو سائح فى الداخل أو الخارج سيتذكر الأقصر فورا. هذه الهوية يقف وراءها جيش من طلاب ومعيدين وأساتذة فى الجامعة الألمانية، يصل إلى 4 آلاف شخص ومعهم فريق فى محافظة الأقصر والهيئة الهندسية للقوات المسلحة. فكرة التصميم تقوم على استخدام خط ولون وطريقة وتصميم معين فى كتابة كلمة الأقصر، بحيث يكون لكل مكون مغزى ومعنى معين يعبر عن هذه المدينة. والملاحظة الأساسية على الهوية البصرية للأقصر استخدامها لخط يوحى وكأنه هيروغليفى. هذه الهوية موجودة فى العديد من الأماكن، على أرصفة الإنارة الموجودة على كورنيش النيل، وفى العديد من المعابد الكبرى خصوصا الكرنك والأقصر، وطريق الكباش، بل وعلى أشرعة المراكب السياحية. والهدف هو ترسيخ هذه الهوية والترويج السياحى لمصر، وإظهار الأقصر بشكل شبابى عالمى جديد. الجامعة الألمانية نفذت الفكرة مجانا، أما التنفيذ على الأرض فقد تحملته الهيئة الهندسية بالشراكة مع محافظة الأقصر. وفى تقدير الدكتور أشرف منصور، فإن هذا الوعد الرئاسى الذى تحول إلى مبادرة، ثم إلى واقع عملى على الأرض، غير مسبوق، وبسبب نجاح الفكرة، فقد تلقت الجامعة الألمانية تكليفا جديدا بتعميم الهوية البصرية على غالبية المحافظات المصرية وستكون البداية فى 11 محافظة، وربما تكون البداية بشرم الشيخ. الجنود المجهولون فى تصميم الفكرة هم أقسام وكليات الإدارة والهندسة والتكنولوجيا بالجامعة الألمانية. الفكرة المهمة التى أوضحها د. أشرف منصور، وممثل الهيئة الهندسية هى الروح الإيجابية التى نتجت عن نجاح التنفيذ. هناك شباب كثير بالجامعات كل حلمه أن يهاجر للخارج، وحينما ينفذ فكرة، ويراها مجسدة وناجحة على الأرض، ستصله رسالة مختلفة، وهى أن هناك أملا فى العمل والنجاح. خصوصا أن هناك العديد من أهل الأقصر البسطاء عرضوا المشاركة فى الفكرة، بل ووضعوا الهوية على التاكسيات و«الحناطير» والمراكب الشراعية. والمعنى أن الفكرة وصلت إليهم واقتنعوا بها وشاركوا فيها، بل إن بعضهم قدم مقترحات لتطوير التصميم. سبب تحمس أشرف منصور للفكرة، أنه رأى فيها إمكانية تغيير السلوك الجمعى للأفضل، خصوصا أن ذلك يحتاج اقتناعا وقبولا ثم مشاركة وتحمسا، وهو ما يعنى أن الشباب مستعد للعمل والمشاركة، والانتماء للبلد حينما يلمس أفكارا جادة وقابلة للتنفيذ. وعلمت من د. منصور أن خريجى الجامعة الألمانية المتميزين أقل شباب يفكرون فى الهجرة مقارنة بالجامعات الاخرى، لأن لديهم مشروعات عمل على أرض الواقع. محافظ الأقصر المستشار مصطفى محمد الهم، قال إن فكرة الهوية البصرية تتزامن مع جهد كبير كى تستعيد الأقصرمكانتها الأثرية والسياحية التى تستحقها. وكان ملفتا أن المحافظ الحالى، شكر المحافظ السابق محمد بدر على دوره فى هذه المبادرة قائلا: «من لا يشكر الناس لن يشكره أحد»، مشيدا بالدور المهم للجامعة الألمانية والهيئة الهندسية. قد يسأل البعض: وهل سيأكل الناس الهوية البصرية أو ستحسن أوضاعهم؟!! الإجابة كما سمعتها وفهمتها من المتحدثين، أن عوائدها لا تقدر بثمن وسيبدأ الناس فى إدراك نتائجها قريبا، ومثل هذه الأفكار الإبداعية يدفع فيها العالم مليارات الدولارات.