نجحت البرامج الرياضية فى القنوات الفضائية المصرية فى أن تنقل لنا أجواء مدرجات الدرجة الثالثة، ولكنها للأسف لم تقدم لنا حميمة جماهير هذه الدرجة وخفة ظلهم، وإنما صدرت لنا أسوأ شىء يمكن أن نتخيله، فلم يكن أكثر المتشائمين يتوقع أن تستخدم شاشة التليفزيون تلك الألفاظ التى أصبحت هى السائدة فى البرامج الحماسية، ودخلت بنا برامج الرياضة فى مباريات جانبية لتكسير عظام الآخرين باعتبار أن الأكتاف القانونية شىء مسموح به، وأنه طالما كان المذيع بعيدا عن الرقابة ومرمى الإنذارات، فكل شىء مباح ومستباح، وانتشرت بعض العبارات من حوارات الدرجة الثالثة، التى تجعل من مصطلحات الجهل والجهلاء كلمات عابرة، من أجل استفزاز الآخرين، ولا مانع من أن نصف ناقد وكاتب كبير بأنه حشرة أو مرتزقة أو.. أو.. وليس غريبا أن يلفق مقدم برنامج له اسمه وتاريخه قصصا مختلقة عن زميل له لتتناقلها طوائف المشجعين على المقاهى الشعبية ليصدروا أحكامهم على الناقد، ويفصّلوا له الألقاب المهينة. هكذا أصبح المشهد على شاشة البرامج الرياضية المصرية، وأزعم أنه مشهد لا يتكرر كثيرا فى القنوات العربية، ولكنها وللأسف الشديد ارتبطت بالشاشة المصرية، التى اختلطت فيها الرسالة والهدف بالبيزنس، وتراجع دور الرقابة أمام المادة ومصالح المعلنين ومن خلفهم. ولم يستطع أصحاب البرامج الرياضية التخلى عن حوار الدرجة الثالثة عندما خرجوا لعرض قضاياهم على الشاشات الأخرى الأكثر رصانة واتزانا، فتدنى الحوار إلى مشاهد من السخرية، والجدل العقيم الذى لم يضف لمشاهديه إلا الاستياء والرغبة فى التحول عن هذه القناة. وبعد.. نحن بحاجة إلى ماسة لحكم حقيقى يملك كروتا حمراء لمثل هؤلاء الدخلاء، الذين ملأوا حياتنا ضجيجا بل معنى، وفرضوا علينا أحلامهم فى النجومية والبقاء تحت الأضواء لفترة أكبر بعد انتهاء صلاحيتهم. سألت إعلاميا من الرعيل الأول فى مجال الإعلام الرياضى عن تلك المسخرة وقلت له، وأنتم تفكرون فى إطلاق القنوات الرياضية، هل كنتم تتوقعون هذا المستوى من الحوار؟.. فأجاب: هى دى لغة الكرة، وده كلام الناس فى المدرجات، والناس هتتعود عليها مع الزمن!