على الرغم من أن نسبة ال5% نموا التى تستهدفها الحكومة المصرية خلال العام المالى الحالى أفضل مما ترنو إليه دول أخرى، فإنها لن تقى المواطنين شر البطالة. ميريت مجدى تعرض نتائج أحدث تقارير سيتى جروب عن الاقتصاد المصرى. نسبة النمو المنتظر تحقيقها خلال العام المالى الحالى، والبالغة 5%، غير كافية للحد من الزيادة المتواصلة فى معدل البطالة فى مصر، كما ترى سيتى جروب، إحدى أكبر شركات الخدمات المالية، مؤكدة أنه «دون حدوث قفزة هائلة فى معدل النمو خلال الاثنى عشر شهرا المقبلة، كالوصول مثلا إلى معدل ال7%، فإن البطالة ستواصل ارتفاعها بمعدلات مرعبة، قد تصل إلى 12%». ودللت سيتى جروب على ذلك، فى أحدث تقاريرها الصادر بعنوان نظرة على الاقتصاد المصرى، بأنه على الرغم من ارتفاع معدل النمو المحلى ووصوله إلى 4.7% فى الربع الأخير من العام المالى الماضى (إبريل يونيو 2009)، فإن ذلك لم ينعكس على معدل البطالة، تبعا لقولها، الذى ارتفع إلى 9.4% خلال هذا الربع، مقابل 8.4% فى الربع الأخير من 2008. كما لفت التقرير النظر إلى نقطة أخرى مهمة، وهى أن «الرقم الرسمى المُعلن للبطالة فى مصر، مثلها مثل الدول النامية الأخرى، عادة يكون أقل من المعدل الحقيقى»، بحسب تعبيرها، معتبرة «البطالة أهم المشكلات التى ستواجه الانتخابات الرئاسية المقبلة فى 2011». وكان مؤشر الطلب على العمالة المصرية قد تراجع خلال أغسطس 2009 بنسبة 37.1%، مقارنة بأغسطس من العام الماضى، تبعا لما جاء فى التقرير الشهرى لمركز معلومات مجلس الوزراء. وطرحت سيتى جروب، التى تعمل فى 107 دول، تساؤلا حول المحركات الرئيسية للنمو المحلى خلال الفترة المقبلة، مشيرة إلى أن الاستثمارات الأجنبية وزيادة التدفقات من العملة الأجنبية (من خلال الصادرات غير البترولية والسياحة وقناة السويس وتحويلات العاملين) كانت تلعب هذا الدور فى فترة ما قبل الأزمة، غير أنه مع تعرض هذه القطاعات إلى ضغوط عديدة، بسبب الأزمة، سوف تتبدل الأدوار، وتقوم قطاعات أخرى، بقيادة الحكومة، بهذه المهمة فى هذه الفترة. وبحسب التقرير، يأتى قطاع البنية التحتية فى مقدمة هذه القطاعات، مستندا فى ذلك إلى حزمة الإنفاق المالى التى خصصتها الحكومة لمواجهة الأزمة، والتى تم توجيه الجزء الأكبر منها إلى هذا القطاع. وقدرت سيتى جروب إجمالى هذه الحزمة بنحو 22 24 مليار جنيه. ومن القطاعات الأخرى، التى ستمثل المحركات الرئيسية للنمو فى الفترة المقبلة، النقل والاتصالات، بالإضافة إلى القطاعات المالية، بحسب سيتى جروب. وعلى الرغم من أن المؤسسة المالية ترى أن الإنفاق الحكومى على البنية التحتية سوف يسهم فى دفع النمو على المدى القصير، فإن لديها تحفظات تجاهه، والمتمثلة فى أن قيمته تعتبر ضعيفة وغير كافية، حيث تمثل 2% فقط من الناتج المحلى الإجمالى. كما أنه، من ناحية أخرى، يضع «ضغوطا عنيفة على العجز المالى»، تبعا لسيتى جروب، معتبرة «نسبة العجز مازالت مرتفعة ومقلقة، رغم من محاولات الحكومة لتخفيضها خلال الفترة الماضية»، بحسب التعبير الوارد فى التقرير. وتوقعت أن يصل العجز المالى إلى 8.6% فى عام 2010. «نسبة العجز الحالية ليست مزعجة، فأنا لا أخشى زيادة العجز، مادام السبب الرئيسى فيه هو الإنفاق الاستثمارى»، على حد تعبير سمير رضوان، مستشار فى الهيئة العامة للاستثمار، مضيفا أنه «فى فترة الأزمات، عادة تذهب الدول ضد التيار، بمعنى أنها تتبنى سياسات توسعية، وتنفق أكثر حتى تدفع النمو»، من وجهة نظره. كانت الحكومة المصرية قد وضعت خفض عجز الموازنة أولوية سياساتها الاقتصادية خلال السنوات الماضية، عندما وصل إلى مستويات قياسية فى العام المالى 2002 2003، بنسبة 10.4% من الناتج المحلى الإجمالى. وقد استطاعت خفضه إلى 6.8% فى العام المالى 2007/2008، وذلك من خلال اتباعها سياسة مالية انكماشية، تهدف إلى خفض حجم الإنفاق الحكومى. وقد جاءت الأزمة لتبدل أولويات الحكومة، حيث يتصدر تحقيق معدلات نمو مرتفعة أولويات السياسة الاقتصادية فى الوقت الحالى، وإن جاء ذلك على حساب عجز الموازنة، تبعا لما قاله وزير المالية، يوسف بطرس غالى، فى وقت سابق. وكانت نسبة العجز قد بلغت 6.9% فى العام المالى الماضى 2008/2009، وهو ما اعتبرته الحكومة، وقتها، إنجازا فى ظل ظروف الأزمة، وتوقعت أن تصل نسبة العجز إلى 8.4% فى 2009/2010، مستهدفة الوصول إلى مستوى 3% بحلول عام 2014/2015. وبحسب سيتى جروب، «حتى تتمكن الحكومة من تحقيق هذا الهدف، المواطن هو الذى سيدفع الثمن»، مشيرة إلى خطة الحكومة إلى تحويل ضريبة المبيعات إلى ضريبة القيمة المضافة، التى ستوفر للدولة موارد، تتراوح بين 2 3% من الناتج المحلى الإجمالى، إلى جانب إلغاء الحكومة لدعم الطاقة فى 2014، «سوف تعتمد الحكومة على هذين المصدرين بشكل أساسى فى تمويل العجز، للوصول به إلى نسبة ال3%، والمواطن هو الذى سيتحمل الفاتورة»، تبعا لتعبيرها. ويرى رضوان أن إلغاء الدعم يجب أن يصاحبه زيادة فى الأجور وبرامج حماية اجتماعية، إلى جانب زيادة الإنتاجية». وحول المصادر المتوقع أن تلجأ إليها الحكومة لتمويل العجز الحالى، تقول سيتى جروب: إن الحكومة المصرية تؤكد وجود سيولة مالية كافية لدى جهازها المصرفى، مما سيمكنها من الاقتراض الداخلى. وترى سيتى جروب أن اقتراض الحكومة هو الدافع الرئيسى وراء التخفيضات المتتالية التى قام بها البنك المركزى خلال الفترة الماضى، كان آخرها فى 17 سبتمبر، عندما وصلت الفائدة على الإيداع إلى 8.25% و11.5% على الإقراض. وأضافت المؤسسة عاملا آخر وراء هذه التخفيضات، والمتمثل فى رغبة الحكومة فى جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، متوقعة استمرار المركزى فى سياسة التخفيض خلال الاجتماعات المقبلة.