أعرب لياو لي تشانغ، سفير الصين الجديد لدى مصر، عن سعادته لإقامة منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية خلال رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي، والتي ستمثل ضمانا قويا لتعزيز وحدة القارة الإفريقية وتتيح فرصة سانحة لدعم التعاون الثلاثي بين الصين ومصر والدول الإفريقية الأخرى. وقال سفير الصين -في حديث خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الثلاثاء- إن الرئيس الصيني شي جين بينج أكد خلال القمة الصينية - الإفريقية المصغرة التي عقدت على هامش قمة مجموعة العشرين في مدينة أوساكا اليابانية أن سعي الصين والدول الإفريقية إلى التعاون القائم على الكسب المشترك والتنمية المشتركة لن يتغير، وأن الإرادة الصينية الإفريقية لبناء مجتمع مشترك أقوى لن تتغير، على الرغم من الأوضاع الدولية المعقدة ومحاولة بعض القوى للتدخل. وأضاف أن الرئيس الصيني قد أكد عزم الصين الصادق لتبني الإجراءات الحقيقية لتعزيز التعاون مع أفريقيا، بصفتها صديقا حميما وأخا عزيزا وشريكا طيبا للقارة السمراء، منوها بأن التعاون الصيني الإفريقي حقق ثمارا كبيرة في ظل رعاية الرئيس الصيني. وأفاد السفير الصينيبالقاهرة بأن الرئيس عبدالفتاح السيسي أكد خلال القمة حرص مصر على تعزيز الشراكة الإفريقية- الصينية والعمل المشترك على تحقيق أهداف أجندة الاتحاد الإفريقي 2063 وأجندة الأممالمتحدة 2030 للتنمية المستدامة، بالإضافة إلى أهمية مشروع (طريق القاهرة - كيب تاون) ومشروع الربط الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط وغيرهما من المشاريع الإفريقية الكبرى، مما يدل على الطموح المصري لتحقيق التكامل الإفريقي. وقال إن مصر طرحت "رؤية مصر 2030" ومشروع تنمية محور قناة السويس وتستهدف أن يصل الناتج الإجمالي المحلي إلى 12% بحلول عام 2030، مؤكدا أهمية أن تستفيد مصر من الأيدي العاملة والأموال والتكنولوجيا والمعلومات وغيرها من عناصر الإنتاج في السوق الدولية، وتجد مكانها في السلسلة الصناعية العالمية. وكانت القمة الصينية - الإفريقية المصغرة قد عقدت برئاسة الرئيس الصيني شي جين بينج والرئيس عبدالفتاح السيسي الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي ورئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوسا الرئيس السابق لمنتدى التعاون الصيني - الإفريقي والرئيس السنغالي ماكي سال الرئيس الحالي لمنتدي التعاون الصيني - الإفريقي، وأنطونيو غوتيرس أمين عام الأممالمتحدة، وذلك على هامش قمة مجموعة العشرين بأوساكا. وأكد السفير الصيني أن مصر تعد أول دولة عربية وإفريقية أقامت العلاقات الدبلوماسية مع الصين وهناك تبادل للفهم والثقة والدعم بين البلدين منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية منذ 63 عاما وشهدت العلاقات الثنائية طفرة كبيرة في السنوات الأخيرة، حيث زار الرئيس عبدالفتاح السيسي الصين 6 مرات وعقد 8 لقاءات مع الرئيس الصيني؛ مما أثمر عن تعزيز التعاون العملي بين البلدين وسجل فصلا متميزا في تاريخ التواصل بين البلدين. ونوه بأن قيام الرئيس بينج برفع مستوى العلاقات مع مصر إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة خلال زيارة الرئيس السيسي للصين عام 2014 واعتبر هذه العلاقات نموذجا يحتذى به في العلاقات بين دول العالم، مشيرا إلى الزيارة التاريخية لبينج عام 2016 والتي ساهمت في الإسراع من وتيرة تطوير العلاقات الثنائية والارتقاء بمستواها. وقال السفير الصيني إن مصر تعد من أوائل الدول التي أعلنت عن دعمها لمبادرة "الحزام والطريق" وشاركت في بنائها، مشيرا إلى مشاركة الرئيس السيسي في أبريل الماضي في الدورة الثانية لمنتدى "الحزام والطريق" للتعاون الدولي، حيث أكد على حرص مصر على ربط مبادرة "الحزام والطريق" بمشروع تنمية محور قناة السويس والارتقاء بمستوى التعاون المصري - الصيني. وأكد السفير الصيني الجديد أن بلاده ستواصل جهودها في دفع عجلة التعاون في القدرة الإنتاجية والبنية التحتية وغيرهما من المجالات، وفي مقدمتها مشروع إنشاء منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة ومشروع القطار المكهرب الذي يربط بين مدينة العاشر من رمضان والعاصمة الإدارية الجديدة، وأن هذا التعاون سيعود فوائد كثيرة على البلدين والشعبين المصري والصيني. وأفاد بأن منطقة "تيدا السويس" للتعاون الاقتصادي والتجاري الصيني والمصري بالعين السخنة تعد مشروعا تعاونيا رئيسيا في إطار مبادرة "الحزام والطريق"، ونجحت في جذب استثمارات بقيمة أكثر من مليار دولار، كما أن الاستثمارات الصينية في مصر قد خلقت فرص العمل لحوالي 40 ألف مصري وساعدت الموظفين المصريين على رفع قدراتهما الفنية والإدارية، مشيرا إلى أن الصين وفرت فرص التدريب لمئات المهنيين المصريين في مجالات كثيرة، بما فيها مجالات التكنولوجيا العالية مثل الاستشعار عن بعد عبر الأقمار الاصطناعية. ونوه السفير الصيني بمشاركة مصر في الدورة الأولى للمعرض الاقتصادي والتجاري الصيني والإفريقي التي عقدت مؤخرا في مقاطعة هونان الصينية، حيث أتيحت لمصر عرض فرصها الاستثمارية ومناخها الاستثمارية باعتبارها ضيف الشرف للمعرض، سعيا إلى جذب المزيد من الاستثمارات الصينية إلى مصر وتعزيز التعاون الثنائي في مجالات البنية التحتية وصناعة السيارات والزراعة والاتصالات وغيرها. وذكر أنه استقبل 4 وفود وزارية صينية زارت مصر خلال الأسبوعين الماضين واستقبل في المطار رئيس مجلس النواب المصري الدكتور علي عبدالعال الذي عاد من الصين بعد زيارة ناجحة، مشيرا إلى أنه عقد لقاءات كثيرة مع المسئولين من الجهات المصرية المعنية وحضر العديد من الفعاليات مثل مهرجان الأفلام السينمائية الصينية بمناسبة الذكرى ال70 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، مؤكدا استعداد بلاده لبذل جهود مشتركة مع مصر لمواجهة كل التحديات وخدمة قضية التنمية والازدهار على المستويين الإقليمي والعالمي. وعن قمة مجموعة العشرين، أفاد لياو لي تشانغ السفير الصيني الجديد بأن هذه القمة عقدت في ظل الأوضاع الدولية المتغيرة والمعقدة والتي طرحت تساؤلات حول التزام المجتمع الدولي بالتعددية وتمسكه بالانفتاح، موضحا أن الرئيس بينج طرح مبادرة بناء النمط الجديد للعلاقات الدولية ومجتمع المصير المشترك للبشرية، مما يؤكد على مدى التزام بكين بالمسئولية الدولية وحكمة القيادة الصينية. وأضاف أن الرئيس بينج دعا خلال قمة العشرين إلى التعددية والتعاون والشمولية والكسب المشترك، مشيرا إلى أن الانفتاح هو لغة العصر الذي تترابط مصالح دول العالم فيه، ويجب على كل الأطراف الالتزام بالحوكمة العالمية القائمة على التشاور والتشارك والتنافع والدفاع عن النظام الدولي المبني على القانون الدولي تكون فيه الأممالمتحدة مركزه ومنظومة التجارة المتعددة الأطراف المبنية على القواعد التي تعد فيها منظمة التجارة العالمية محوره، سعيا وراء الحفاظ على التعددية والتجارة الحرة ودمقرطة العلاقات الدولية وبناء الاقتصاد العالمي المفتوح. وأشار السفير الصيني لدى القاهرة إلى ما أكد عليه مستشار الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي أن امتداد الأحادية والحمائية يُضعِف الثقة المتبادلة والتعاون بين دول العالم ويشكل تهديدا لقواعد النظام الدولي ويؤدي إلى تراجع النمو الاقتصادي العالمي، وأنه لا خيار أمامنا إلا التمسك بالتعددية التي لا تتناسب مع تيار الترابط الاقتصادي العالمي فقط، بل تسهم أيضا في الحفاظ على مصالح الدول النامية، موضحا أن الأحادية تهدف إلى إبعاد الدول النامية عن الثورة الصناعية الرابعة لتكون ضحايا تعديلات السلسلة الصناعية العالمية. وأكد أن قناة السويس تمثل ممرا مائيا دوليا مهما، حيث تمر من خلاله 80% من البضائع غير النفطية المنقولة بين آسيا وأوروبا، وتستوعب القناة سنويا مليار طن من البضائع أي ما يعادل 24% من إجمالي حجم تجارة الحاويات العالمية، موضحا أنه في حالة تراجع التجارة المتعددة الأطراف، فمن المستحيل أن تستفيد مصر من موقعها الجغرافي ولهذا يجب الحفاظ على نظام التجارة متعددة الأطراف الذي يعبر عن مصالحنا المشتركة. وعن لقاء بينج وترامب، قال السفير الصيني إن الرئيس بينج أجري مباحثات مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي جذبت أنظار العالم والتي أكد فيها أن الصينوالولاياتالمتحدة تستفيدان من التعاون وتخسران من المواجهة، خاصة أن مصالح البلدين تترابط وتتشابك بشكل كبير، ويتعين عليهما العمل على تحقيق التنمية المشتركة من خلال التعاون في مختلف المجالات بدلا من المواجهة. وأوضح السفير الصيني أن الرئيسين الصيني والأمريكي اتفقا على استئناف المشاورات التجارية على أساس المساواة والاحترام المتبادل وعدم قيام الولاياتالمتحدة بفرض رسوم جمركية إضافية جديدة على المنتجات الصينية، لافتا إلى أن استقرار العلاقات الصينيةالأمريكية له دور إيجابي في تطوير الاقتصاد العالمي وسيعود بالخير على شعوب العالم. وقال إن "الرئيس ترامب أكد خلال اللقاء أن الولاياتالمتحدة ستسمح للشركات الأمريكية ببيع قطع الغيار لشركة هواوي وترحب بدراسة الطلاب الصينيين في بلاده، مشيرا إلى أن شركة هواوي شركة خاصة صينية مشهورة، وتمتلك تكنولوجيا الجيل الخامس والتي تمثل أفضل طريق لتحقيق التحول الرقمي في الدول النامية وتحتل الآن المرتبة الثانية في السوق المصرية للهواتف المحمولة، وتلعب دورا مهما لخدمة تطور مجالي الاتصالات والاقتصاد الرقمي بمصر. وذكر أن الرئيس الصيني قد أعلن خلال قمة أوساكا عن موقف بكين الإيجابي بفتح الأسواق وزيادة الواردات وتحسين بيئة الأعمال التجارية ودعم التجارة الحرة وتعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي وتبني إجراءات جديدة في هذا الصدد، معربا عن ترحيب الصين بمشاركة كل الشركاء في بناء "الحزام الطريق". وأوضح أن الإجراءات الصينية الجديدة للانفتاح تستشرف آفاقا مشرقة لتعميق التعاون بين الصين ومصر وغيرها من الدول الواقع على طول "الحزام والطريق".