صرخ سامى.. صرخة مكتومة.. هزت مشاعر الحضور أثناء محاكمته بمحكمة جنايات القاهرة لاتهامه مع سبق الإصرار والترصد بقتل نسرين ابنه عمه في المرج رميا بالرصاص لغسل عار العائلة فى الصعيد.. تساقطت دموعه بغزارة على خديه دون أن يتمكن من منعها .. حاول أن يتماسك بعض الشئ لكن صرخات شقيقه فى القاعة كانت إنذارًا بكارثة ستحل على الأسرة.. امتلأت عيون الحضور بالدموع فى انتظار لحظة السقوط.. فبوادر المحاكمة تشير إلى طريق ارتداء البدلة الحمراء. استعاد المتهم قوته أمام هيئة المحكمة برئاسة المستشار إبراهيم مصطفى وعضوية المستشارين سامح السنوسى وعاشور فرج، وقال بصوت عال "كل من عايرنى بسوء سلوك ابنه عمى، الجيران والأهل والأصدقاء الذين طاردوني بكلماتهم اللاذعة ونظراتهم القاتلة فى الشارع، وحرضونى على غسل العار بإيدى، حاكموا العادات والتقاليد التى جعلت جرائم الشرف ينفذها الأهل بالقتل والدمار دون قانون أو حل ينقذ الأسرة من كلام الناس أو قدوة تأخذ بالمخطئ وتعيده إلى طريق الصواب بدلاً من الدم، حاكموا أبى وأمى وكبيرعائلتى الذى أصدر حكمه بإعدامها رميا بالرصاص وخطط للتنفيذ". وانخرط سامى فى البكاء، بعد أن حاول أن يحبس دموعه الغزيرة من السقوط، وتابع: "الجيران والأهل هما اللى حرضونى على غسل العار، نظرات العتاب من كل من يقابلنى توجهنى إلى القتل.. نعم قتلت ابنة عمى بالرصاص.. نفذت فيها حكم الإعدام، وفقا لقرار مجلس العائلة الذى انعقد قبل الجريمة بأسبوع، بحضور والدها الذى كان سببا فى الكارثة التى أحلت بالعائلة فقد كان كلام زوجها عنها بأنها ليست بكرا كان صعبا على العائلة بأكملها وطلاقها بعد 15 يومًا فضيحة فى القرية. وأكمل المتهم: لم يقتنع أحدًا بما بررته من موقفها بقيام صديقتها بتقديمها إلى صديق لها بعد تناول مخدر فى العصير واغتصابها وفض غشاء بكارتها بالقوة فكان لزاما عليها أن تخبرالعائلة قبل أن تضيع فرصتها فى الدفاع عن نفسها وأن تضيع الحقيقة بهذه الطريقة السهلة ووضع شرف العائلة فى الطين". ويحكي سامى المتهم أثناء محاكمته: "أهلى وعائلتي جعلوا مني مجرما.. لم أفكر فى يوم من الأيام بأن أكون مجرمًا وقاتلاً، فليس لى صحيفة سوابق، ولم أعرف طريق الدم فى حياتى، وأول مرة أمسك فرد خرطوش، أنا لم اختار جريمتي ولم أخطط لها بل كان التخطيط من كبار العائلة وغسل العار مهما كلفهم الأمر، أنا ضحية عادات وتقاليد، لم أتمالك نفسى وأنا أنفذ جريمتى، كنت حزينا على جريمتى، فقد تسلمت ذلك الخرطوش من أحد أفراد عائلتى، وتم تحديد موعد تنفيذ الجريمة دون يكون هناك شهود عيان في الشارع حيث تم مراقبتها أكثر من مرة وكان أنسب وقت لتنفيذ الجريمة الصباح الباكر، وتم تشجيعى من الجميع على غسل العار بيدى حتى نتخلص منها بأى طريقة وارتديت كابًا حتى لا تظهر ملامح وجهى وبالاتفاق على إطلاق النار على بنت عمي وانتظرتها أكثر من ساعة فى مفترق الطريق وفور تأكدي من خروجها، بعد اتصال هاتفى من والدها بموعد خروجها، وضعت يدي على الزناد وأنا خائفًا ومرتعشًا، وقد همس فى رأسي هاجسًا بعدم تنفيذ الجريمة خوفًا على مستقبلى، ولكن نظرات الجيران والأهل فى قريتى كانت أقوى من التراجع عن غسل العار بأيدى والانتصار على العار". فوجئ الحضور فى قاعة المحكمة بصرخة عالية وبكاء هستيرى من إحدى السيدات أعقبها لكمة سددها أحد أقارب المتهم لها حتى تكتم بكائها، واتجهت نظرات الحضور إلى تلك السيدة، وارتفعت همسات الجميع نحوها، حيث تبين أنها إحدى أقارب المتهم وجاءت من بلدتها أسيوط حتى تحضر اللحظات الأخيرة لابن العائلة، ومع ارتفاع الهمسات واختفاء صوت المتهم الذى يتحدث لهيئة المحكمة دقت عصا رئيس المحكمة على منصة القاهرة معلنا الهدوء والسكوت إلى أن ينتهى المتهم من اعترافاته. واستكمل المتهم شريط ارتكابه الجريمة، قائلا: "أطلقت النار عليها مصوبا نحو قلبها من مسافة قريبة جدا حتى سقطت على الأرض وأسرعت إلى الشارع الخلفي وكان فى انتظاري ابن خالي وركبت الدراجة البخارية وأسرعت على موقف السيارات وسافرت إلى أبو تيج بمحافظة أسيوط لأزف خبر الجريمة، وقرأت على المواقع خبر الوفاة وبعد ساعات، جاءت الطامة الكبرى على رأسي، عندما علمت أن كاميرات المراقبة رصدتنى أثناء تنفيذ الجريمة، وكنت واضحًا جدًا ولا مجال للإنكار وفوجئت بالباب يطرق طرقات عالية أيقنت أن الشرطة لا تغيب عنها الحقيقة، وتم القبض علي وقمت بتسليم سلاح الجريمة كما قمت بتمثيل ارتكابى للجريمة. انخرط المتهم فى البكاء المتواصل أمام هيئة المحكمة، وقال: "والله أنا نادم على ارتكابى الجريمة ونفذتها إرضاءً لقرار العائلة وشهامة الشباب الثائر، حيث إننى كنت مسير وليس مخير والأمر لهيئة المحكمة الموقرة وسقط المتهم على الأرض، وارتفعت خلفة نوبة بكاء من أسرته والأهل. فيما قال حفظى.ع ، موظف، والد الفتاة، إن نجلته تزوجت من أحد الأشخاص ببلدتهم في أبو تيج محافظة أسيوط، وبعد مرور 15 يومًا من الزواج نشبت مشاجرة بينهما، بسبب أنها ليست "عذراء"، وأن ابنته أخبرته عن سبب فقدان "عذريتها"، بأنها كانت في زيارة لإحدى صديقاتها ووضعت لها مخدرا في مشروب أفقدها الوعي، واكتشفت أنها تعرضت للاغتصاب من أحد الأشخاص على علاقة بصديقتها، ولم تخبره بما حدث خوفًا من غضبه وتم تطليقها، وأنه اضطر إلى السفر بها إلى القاهرة للتخلص من العار الذى لحق بالعائلة. وأضاف والد القتيلة، أنه أجبر ابنته على ارتداء "النقاب"، ونظرًا لأنه كان يريد العودة إلى بلدته؛ لاقتراب موعد الإحالة للمعاش فكان شرط العائلة تنفيذ حكم القتل لابنته لغسل العار وتم الاتفاق على تنفيذ الجريمة التى تم اكتشاف الاتصالات المتبادلة بينى وبينهم قبل لحظات من جريمة القتل، وكانت تلك الرسائل أكبر دليل على التحريض لقتل ابنتى التى فقدت عذريتها من شاب مستهتر دون إبلاغ العائلة بجريمته. بينما قال شقيق القتيلة أمام المحكمة، إن والده والمتهم وآخريين اتفقوا فيما بينهم على قتل شقيقته وخططوا لتنفيذ الجريمة وفقا لسيناريو تم تنفيذه يوم الجريمة. وجاءت كلمات محاميه لتحاول أن تقلل من حجم جريمة قتل ياسمين مع سبق الإصرار والترصد والتخطيط للجريمة قبل ارتكابها بأسبوع وتتبع القتيلة ومعرفة مواعيد خروجها وعودتها واختيار موقع تنفيذ الجريمة. وكانت مرافعة وكيل النائب العام أمام المستشار إبراهيم مصطفى رئيس محكمة جنايات القاهرة حازمة وصارمة ومدعمة بقانون العقوبات والاجراءات الجنائية. وتم حجز القضية للحكم، وفى جلسة الحكم حضر عدد كبير من أبناء العائلة أكثرهم من نساء القرية ووسط دعوات الحضور قررت المحكمة بإحالة أوراق المتهم إلى المفتى لأخذ الرأي الشرعي لإعدامه؛ لاتهامه بحمل سلاح بدون ترخيص والتخطيط لارتكاب جريمة قتل وتنفيذها مع سبق الإصرار والترصد.