لم يرق قلبه لبراءة عيون طفلته التى لم تقطف الزهرة الخامسة من ربيع عمرها.. لم يرحم توسلاتها وهى تقول له «هتعمل إيه يا بابا.. أنا معملتش حاجة غلط».. أغواه الشيطان بحلم الثراء السريع فتفتق ذهنه المريض لقتل فلذة كبده وتلفيق الجريمة البشعة لجاره لابتزازه.. تجرد من مشاعر الإنسانية ودفن حنان الأبوة وارتدى قناع الإجرام، واستل السكين وغرسه فى رقبة ابنته ثم ذبحتها لتتساقط الدماء البريئة على آخر ملابس كان اشتراها لها فى عيد الأضحى. عمرو عبدالله «سائق» اعترف أمام اللواء إبراهيم صابر مدير أمن سوهاج بارتكاب جريمته التى أفزعت أهالى منطقة غرب الكوبرى بمدينة سوهاج فقال: «نعم قتلت ابنتى الصغيرة من أجل الحصول على 300 ألف جنيه عن طريق ابتزاز جارى الميكانيكى، أردت أن اتخلص من الفقر الذى ينخر فى جسدى والديون التى تكالبت على رأسى من كل اتجاه، والتى كانت سببا لترك زوجتى المنزل والرحيل للإقامة عند أسرتها بعيدا عن مشاكلى، حلمت بالثراء من أوسع أبوابه ولكنى سقطت على حبل المشنقة الذى ينتظرنى وآلام الضمير التى تعذبنى بسبب جريمتى التى لا اتخيل حتى الآن اننى ارتكبتها فمازلت أتذكر ثوب الشيطان الذى أرتديته أثناء الجريمة والسكين التى ذبحت بها هدير، يا ليت السكين كان قطع يدى بدلا من رقبتها، نظراتها وصرخاتها تطاردنى فى كل الأوقات فلم أرحم توسلاتها ولا بكاءها». وأمام مدير إدارة البحث الجنائى كشف الأب القاتل أسرار جريمته التى حيرت رجال المباحث الجنائية الذين لم يتوقعوا أن يكون الجانى هو والد الطفلة الضحية لبشاعة القتل، حاول فى البداية تبرير جريمته بأنها كانت نكاية فى زوجته التى تركت منزل الزوجية قبل أسبوع واحد من تنفيذ الجريمة ثم اتهمها بالباطل ولكنها اتهامات باءت بالفشل لنصاعة سيرتها وحسن أخلاقها، ثم سرعان ما انهار، وقال: «خططت لارتكاب جريمتى بعناية لذا حرصت على جميع التفاصيل إذ وضعت فى حسابى أن الشرطة تعتمد على الدليل المادى للجريمة وشهود العيان فأقنعت ابن عمى، وهو صديق حميم بالاشتراك معى فى ابتزاز جارى دون أن يعرف تفاصيل الجريمة ثم اصطحبت نجلتى من أمام منزل عائلة زوجتى بعد أذان المغرب وحلول الظلام حتى لا يشاهدنى أحد ووضعتها فى الطابق الأرضى للعقار الذى اقطن فيه وأغلقت جميع مصادر الإنارة فى المنزل وهددتها بأنى سأقتلها لو صدر منها صراخ وخلعت من أذنها «الحلق» و«التوكة»، وسلمتهما إلى ابن عمى ليضعهما فى سيارة جارى الميكانيكى وفى مكان «مخفى» بحيث لا يراهما جارى، وبعد أن تأكدت من أنه وضع الحلق ذهبت، وهددت جارى واتهمته بخطف هدير وذبحها وبأننى سأبلغ المباحث بالواقعة، وهناك دليل على ذلك ثم انهار جارى الميكانيكى ويدعى جمال العشرى، وخضع لرغبتى بعدما شعر بأننى لفقت كل الأدلة على جريمته، وطلب منى أن يرى جثة ابنتى حتى يدفع المبلغ، فى هذه اللحظة تأكدت من استسلامه فقررت تنفيذ الجريمة فاشتريت سكينا قوية لذبح هدير التى لم تستغث ربما لأنها لم تكن تتوقع أننى سأذبحها وأننى أهددها فقط، حينها صور الشيطان لى أن الأموال التى سأحصل عليها ستحقق أحلامى والزواج من أخرى وإنجاب أطفال آخرين وفور خروجى من منزلى أبلغت ابن عمى أحمد جمال الدين الذى يعمل بالمستشفى الجامعى أننى نفذت الجريمة، وبدأت بعدها رحلة البحث عن ابنتى مع أهلى وسكان المنطقة، ولكن ضباط المباحث أوقعوا بى أثناء استجوابى، كما أفشى أبن عمى السر الكبير بيننا». وأضاف المتهم أن ما أثار شك ضابط المباحث نحوى هو إرشادى لهم عن مكان «حلق» ابنتى فى سيارة جارى على الرغم من أن مكان وضع الحلق ليس ظاهرا، كما أننى أنكرت إجراء مكالمة أمام المنزل، وبسؤال الجيران أكدوا أننى أجريت مكالمة هاتفية خارج المنزل فى وقت ارتكابى الجريمة. وقال المتهم إننى حزين جدا على ابنتى الوحيدة التى لم تشك لحظة أننى سأذبحها أو أقتلها حيث قالت لى قبل ذبحها «أنت هتعمل إيه.. أرجوك يا بابا.. أنا ماعملتش حاجة غلط»، وصرخت صرخة مكتومة بعد أن وضعت السكين على رقبتها وذبحتها وانفجرت الدماء من رقبتها، وأغرقت «التريننج» الأزرق الذى اشتريته لها فى عيد الأضحى الماضى. وبمواجهة أحمد جمال شريك المتهم اعترف أمام ضباط المباحث قائلا: «كنت نائما فى منزلى، وأخبرنى ابن عمى بأنه سوف يختلق قصة باختفاء نجلته هدير ويتهم الميكانيكى حتى يحصل على مبلغ منه، وأصر على ذلك، وطلب منى أن أضع حلق وتوكة للبنت فى سيارة الميكانيكى، ووضعتها حسب الاتفاق، وأجرى اتصالا به أمامى، ولم أعرف أن ابن عمى سوف يقتلها نهائيا ولو كنت أعرف ذلك لمنعته لأنها طفلة لا ذنب لها نهائيا وفور علمى بالجريمة أبلغت الشرطة دون تردد. وكان اللواء إبراهيم صابر مدير أمن سوهاج تلقى بلاغا من عمر أحمد عبداللاه (29 سنة) سائق، ويقيم بمنطقة غرب الكوبرى دائرة قسم أول سوهاج يفيد بغياب نجلته الطفلة هدير (5 سنوات) وبأنه تلقى اتصالا هاتفيا من مجهول يطلب فدية مالية قدرها 300 ألف جنيه مقابل إطلاق سراحها، وبتشكيل فريق بحث بإشراف مدير المباحث الجنائية تبين أن وراء الجريمة والد الضحية والقى القبض عليه، وأرشد عن السلاح المستخدم فى الجريمة، وأمرت النيابة بحبسه على ذمة القضية، ووجهت له تهمة قتل نجلته عمدا مع سبق الإصرار والترصد.