• تترات المسلسلات أغانٍ دعائية لا تعبر عن الدراما • ثقة عمار الشريعى فى صوتى جعلته يترك الاستوديو أثناء تسجيل أعماله • عمر خيرت وياسر عبدالرحمن ومحمد على سليمان وأمير عبدالمجيد خط دفاع أخير عن أغانى المسلسلات • 20 % من دراما رمضان لا ترقى لمستوى العرض فى الشهر الفضيل «منين بيجى الشجن.. من اختلاف الزمن، ومنين بيجى الهوى.. من ائتلاف الهوى، ومنين بيجى السواد.. من الطمع والعناد، ومنين بيجى الرضا.. من الايمان بالقضا» تلك مقدمة تتر مسلسل «ليالى الحلمية» أحد أهم المسلسلات المصرية العربية إن لم يكن أهمها على الإطلاق. كانت الجمهور بمجرد أن يستمع لصوت محمد الحلو يشدو بهذه الكلمات الرائعة التى كتبها سيد حجاب ولحنها ميشيل المصرى، تتجه صوب جهاز التليفزيون لتتابع المسلسل على مدار سنوات فى شهر رمضان، وأصبح هذا التتر بمثابة أيقونة فى الدراما العربية، وأصبح الحلو يقاسم زميله على الحجار لقب ملوك التترات، وكلما يأتى رمضان يدفعنا الحنين إلى تلك السنين التى كان فيها للدراما شأن عظيم. خلال السنوات الأخيرة ابتعد الحلو عن التترات، لسبب أو آخر، ورغم هذا البعاد، فإنه ما زال حاضرا بأعماله المطبوعة فى الذاكرة، وفى لقاء ل«الشروق» معه.. سألته عن سبب ابتعاده عن التترات فى السنوات الأخيرة؟.. فأجاب: القائمون عليها يبدو أنهم يرون أن التجديد هو إقصاء محمد الحلو وعلى الحجار، وهذا خطأ كبير، لأننا صنعنا تاريخا كبيرا ومازالت الأعمال التى قمنا بغنائها تُغنى، وعندما تُغنى تجد تجاوبا كبيرا من الناس، أما أعمالهم فهى مثل أغانى سوق الكاسيت تأخذ وقتها ثم تتلاشى، وكأنها لم تغن من قبل، وأتصور أنه لابد وأن يعاد النظر فى من يقدمون هذا الفن حاليا. • هل ترى أن تتر «ليالى الحلمية» هو الأهم بالنسبة لك؟ طبعا، ولغناء هذا التتر حكاية، يكفى أن تعرف أنه شهد خناقة بين مؤلفه سيد حجاب وملحنه ميشيل المصرى، فالمؤلف كان يريد على الحجار بينما رشحنى الملحن لغنائه، وكانت الأزمة بينهما حول رؤية كل منهما صالح العمل، وليس من اجل سبوبة أو «نحتاية» كما يقال الآن فى الاوساط الفنية، وفى النهاية انتصر ميشيل لرأيه لسبب بسيط، وهو انه كان يرى فى صوتى طعم الحارة المصرية، والحى الشعبى، والامر لم يكن يخضع لأهواء شخصية، ولكن الانسب هو من يقوم بالعمل. • باعتبارك من أهم من غنوا تترات المسلسلات.. ما تقييمك للتترات دراما السنوات الأخيرة؟ 20% جيد والباقى ضعيف للغاية، وأغلب الأصوات لا تصلح لغناء التترات أو الأغانى الموجودة داخل العمل الدرامى، وللأسف زحف من كانوا يطلقون على أنفسهم نجوم الكاسيت إلى الدراما، ولم يستطيعوا أن يثبتوا أنفسهم، والغريب عندما كنت أنا والحجار وغيرنا من الأصوات الجادة تغنى التترات كانوا يقولون علينا: «اتجهوا إلى تترات المسلسلات لأنها راحت عليهم».. ومرت الأيام وإذا بهم يتجهون لغناء التترات، وللأسف حولوا تترات الدراما إلى «سبوبة» وأصبحت «الشللية» هى المسيطرة على الوضع، لكن فى كل الأحوال حتى الدراما التى تقدم لا تليق بنا لأنها أضعف من أن نضع أصواتنا عليها. التتر الآن عبارة عن أغنية ليس لها علاقة بالعمل تستطيع أن تطلق عليها أغنية دعاية، واعتبرها لصالح المطرب اكثر من كونها لصالح العمل نفسه، وحتى عندما تشاهد المسلسل تكتشف رغم كونها دعاية لا تعبر عما بداخل العمل على الاطلاق، وربما يستخدم فى بعض الحالات اسم المسلسل ضمن الكلمات ليس اكثر. • من وجهة نظرك ما هى مواصفات الصوت الذى يغنى التتر؟ لابد ان يكون قادرا على التعبير والتنوع فى الاداء، وإجادة اللهجات المصرية المختلفة، لأن الدراما أحيانا تستدعى ذلك، من الممكن أن تغنى باللهجة الصعيدية أو الفلاحى أو البدوية. حتى الإسكندرية له بعض المفردات الخاصة به، وفى الاساس قوة الصوت، وان يكون الصوت دراميا بمعنى إجادته لأداء الحالة المكتوبة فى السيناريو من شجن او فرحة او صرخة او بكاء، وهنا لابد أن أشير إلى أن الحكاية ليست مطربا فقط، ولكن لابد أن يكون هناك شاعر جيد يرصد الحالة الخاصة بالمسلسل، حتى تكون أغنية التتر أو الاغانى الموجودة داخل العمل جزءا من الحكاية وتعبر عن الموقف، وتضيف له، وأحيانا تكون الموسيقى أو كلمات الأغنية أعلى من أداء الممثل ذاته أو تقنعك بأداء الممثل، الموسيقى عامل مهم جدا لنجاح العمل سواء المسلسلات أو السينما أو المسرح. • وماذا عن المؤلف الموسيقى؟ فى البداية لابد وأن يكون ملحن موهوب، ولديه قدر كبير من الخيال الإبداعى، ويتمتع بثقافة عامة تجعله ملما بكل البيئات التى يدور حولها موضوع العمل، لأن كل بيئة ولها موسيقاها وآلاتها الموسيقية التى عندما تستمع عنها تقول مثلا إن هذه الأحداث تصور فى مطروح أو أسوان أو الاسكندرية او الصعيد، وايضا لابد ان يكون مستوعبا ماذا يعنى العمل الدرامى، لأن اللحن ليس مجرد اغنية والسلام. • هل هذه المواصفات تنطبق على الأجيال الحالية؟ يجب أن نعترف بأن من يملكون القدرة على وضع الموسيقى التصويرية وألحان التترات يعدون على أصابع اليد الواحدة، سواء على مستوى الشعراء أو الملحنين، وبرحيل عمار الشريعى فقدنا ضلعا كبيرا من أضلاع المسألة، كما رحل ميشيل المصرى مُلحن «ليالى الحلمية»، و صاحب مدرسة موسيقية مهمة، وحاليا موجود الموسيقار ياسر عبدالرحمن وهو قيمة كبير جدا، ويمتلك كل المواصفات التى ذكرتها إلى جانب قدرته على وضع الموسيقى فى برواز شيك عالمى، وأيضا هناك عمر خيرت، وهو فنان أعماله تتحدث عن نفسها، وكذلك الموسيقار الكبير محمد على سليمان بشخصيته التى تمنح العمل الدرامى حالة موسيقية خاصة جدا، وأمير عبدالمجيد وهو فنان كبير يعى قيمة العمل الدرامى. • تقاسمت مع الحجار أغلب التترات التى لحنها عمار الشريعى.. فكيف ترى هذا؟ أولا عمار وصلت ثقته فى صوتى لدرجة انه كان يترك الأستوديو أثناء تسجيلى للأغنية ويذهب لعمل أى شىء آخر، وكان يترك معى فقط مهندس الصوت محمد عبدالقادر، ثم يعود بعد فترة للاستماع، ثم أقوم بالاتصال به لاستطلع رأيه فيرد: «فله».. تعبيرا عن رضاه. وكان للعمل مع عمار متعه خاصة جدا، كانت هناك لغة تفاهم كبير بيننا، وبالفعل تقاسمت مع على الحجار اغلب الأعمال التى وضعها للدراما لأننا كنا بالنسبة بمثابة وجهين لنفس العملة التى يقدرها ويعرف قيمتها.. ونحن خسرنا هذا الفنان العظيم. • وماذا عن العمل مع ياسر عبدالرحمن؟ ياسر حالة موسيقية مختلفة، فلديه القدرة على ان يخرج منك شكلا معينا من الغناء، لم تكن تكتشفه فى نفسك، وهو وعمار الشريعى أكثر اثنين عملت معهما، والحمد لله كلها كانت أعمالا ناجحة جدا. • كيف ترى حال الدراما بصفة عامة؟ لا يختلف عن حال التترات، 20% جيدا والباقى يصعب مشاهدته، للأسف هناك مفردات ومشاهد لا يجب ان تدخل بيوت الناس فى هذا الشهر الكريم، ولا اعلم لماذا كل هذا التصميم على استخدام تلك المفردات، وأتمنى من القائمين عليها، أن يعودوا إلى زمن الدراما الحقيقية، «ليالى الحلمية» و«الشهد والدموع» و«رأفت الهجان» و«اديب» و«دموع فى عيون وقحة» و«الوسية» و«زيزينيا» و«المال والبنون» و«بوابة الحلوانى»، وغيرها، كلها اعمال خالدة، اما ما يقدم الآن أتصور ان تأثيره ينتهى بمجرد ان تتوقف إذاعته. • غياب ماسبيرو هل أثر على حال الدراما؟ بالتأكيد، لأن التليفزيون كان لدية قطاعات كبيرة تقوم بالإنتاج ولدية رقابة، لا تجيز العمل الا بعد أن تجد أنه صالح للعرض على الاسرة المصرية، خاصة ان الدراما تدخل كل البيوت، واتمنى ان يعود ماسبيرو لقيادة القاطرة الدرامية، لأننا وقت ان كان ماسبيرو فى الصورة كان المسلسل المصرى يعرض فى جميع الاقطار العربية، والآن هناك دول عربية دخلت المنافسة وعلينا ان نقدم افضل ما لدينا. • كنت أحد من شاركوا فى فوازير رمضان.. فكيف تتذكر تلك التجربة؟ شاركت فى فوازير «قيس وليلى» مع شيرين وجدى، وإخراج محمد عبدالنبى، وتأليف عبدالسلام امين، وللأسف افتقدنا هذا اللون الاستعراضى، الذى كان سابقا لعصر، لأنه كان يقدم الاستعراض والغناء كما يجب ان يكون، ولا أعلم سر إلغاء فوازير رمضان.