العمل المتكامل هو الذي تجتمع جميع عناصره علي انجاحه, وفي الأعمال الدرامية تتشارك عناصر عدة ليخرج العمل للجمهور من نص جيد واخراج وديكور وملابس وغيرها من العناصر المهمة لكن أهم عنصر والذي يكون له الوقع الأكبر علي المشاهد هو الموسيقي الخاصة بالعمل من التتر الي الموسيقي التصويرية الداخلية, فهي قادرة ان ترفع من احساس المشاهد بالعمل لأعلي الدرجات أو تجعله ينفر منه ويغلق التليفزيون دون اعطاء العمل فرصة أخري. وتاريخ الموسيقي الخاصة بالأعمال الدرامية المصرية حافل بنماذج كثيرة متميزة, جعلت من العمل ايقونة في الدراما التليفزيونية وأثرت في وجدان أجيال لاستطاعتها التعبير عن مضمون العمل وتكثيف المشاعر التي تدور علي مدار حلقات في دقائق فكانت خير معبر عن روح العمل. والتترات التي أثرت في وجدان المشاهد لم ترتبط بالتترات المغناة فقط, فكانت تعتمد علي الموسيقي اكثر في الماضي لكنها كانت مؤثرة جدا فمن ينسي تتر مسلسل رأفت الهجان الذي استطاع فيه الراحل عمار الشريعي ان يجسد روح العمل من حالة الشجن التي يعيش فيها البطل في حنينه إلي الوطن وايضا حالة الاثارة الموجودة بالعمل لانتمائه لدراما الجواسيس, وكثير من الأعمال التي قدمها الشريعي وهو واحد من افضل المؤلفين الموسيقيين الذي مروا في تاريخ الموسيقي المصرية, فنجد اعماله كلها معبره عن حالة العمل وروحه منها الراية البيضا وأربيسك, الزيني بركات, ونصف ربيع الآخر. ومن ابرز من قدموا ايضا موسيقي تصويرية لا تنسي ويستعيدها المتفرج بمجرد سماعها المبدع عمر خيرت في مسلسل ضمير أبلة حكمت, ألف ليلة وليلة, غوايش, البخيل وأنا, مسألة مبدأ كلها أعمال بمجرد ذكرها ستجد ان هناك شريط موسيقي يعمل من ذاكرتك, كما قدم موسيقي تصويرية لمسلسلين ليحيي الفخراني مؤخرا منها دهشة والخواحة عبد القادر الذي استطاع ان يقدم رحلة الخواجة بمراحلها من خلال مقدمة موسيقية تصل بنا لجزء صوفي وهو نهاية الرحلة في المقطع والله ما طلعت شمس ولا غربت, إلا وحبك مقرون بأنفاسي, ولا خلوت إلي قوم أحدثهم, إلا وأنت حديثي بين جلاسي, ولا ذكرتك محزونا ولا فرحا إلا وأنت بقلبي بين وسواسي, ولا هممت بشرب الماء من عطش, إلا رأيت خيالا منك في الكأس. هل تذكر هذه الكلمات ومنين بيجي الشجن, من اختلاف الزمن, ومنين بيجي الهوي من ائتلاف الهوي, ومنين بيجي السواد من الطمع والعناد, ومنين بيجي الرضا من الايمان بالقضا نعم هي كلمات الشاعر سيد حجاب لتتر مسلسل ليالي الحلمية بصوت المطرب محمد الحلو والذي قدم موسيقاها واحد من افضل وأهم من قدموا الموسيقي التصويرية للأعمال الدرامية ولكنه لم يأخذ حقه هو ميشيل المصري ومن ابرز اعماله أبناء ولكن, اولاد أدم, فوازير عجائب صندوق الدنيا, عائلة الحاج متولي وايضا مسلسل من الذي لا يحب فاطمة التي عبر فيها بموسيقله عن حالة الاغتراب التي يعيشها البطل في بلده وأيضا بعد سفره وظنه أن فاطمة كانت الملجأ الذي انتشله من حالة الاغتراب بتصالحها الذي لم يستطع ان يستوعبه هو للنهاية. اما جمال سلامة فقدم موسيقي مختلفة لمسلسلات مصرية عديدة منها لحنه لمسلسل محمد رسول الله وجمهورية زفتي,والفرسانوذئاب الجبل اما الملحن ياسر عبد الرحمن صاحب آلة الكمان المميزة فله أعمال للدراما متعددة أكثر ما يميزها هو ان باستطاعة المستمع ان يري وجوه شخصيات العمل من خلال اللحن وكأنه يرسم الشخصيات بالموسيقي, مثل مسلسل المال والبنون, والضوء الشارد, خالتي صفية والدير. وتعيش الدراما المصرية عصور ازدهار في موسيقي التترات واوقات اخري لا يوجد بها عمل يمس مشاعر الجمهور, ويوضح الملحن حلمي بكر ان التتر هو لافتة خارجية للعمل فكلما كانت قيمة تجذب أكثر الجمهور خاصة لو العمل ايضا قيم وهناك اسماء كبيرة قدمت للدراما اعمال جيدة,لكن الآن اصبحت الأعمال الجيدة معدودة خاصة بعد دخول الغناء واستباحة المطربين التتر لانهم بعد ذلك يقدموه في حفلاتهم وهذا لا يجوز لان العمل كان له مفرداته البيئية المناسبة للعمل والتي لا يصح غنائها ف الحفلات ويحفظها الشباب والاطفال, ورغم ذلك عندما نجد محمد الحلو يغني تتر ليالي الحلمية او علي الحجار يغني بوابة الحلواني فامر عادي فليس بها كلمات سيئة. واضاف ان عمار الشريعي كان من افضل من قدموا الموسيقي للتترات وكان معه من يكتب كلمات جيدة ومطرب جيد فكان عمل متكامل, اما الان نحن نعيش عصر التلحين من الباطن ويقوم الموزع بعمل كل شيء والملحن لا يعرف شيء عن العمل, فالتتر الجيد مبني علي الدراما التي يكتب علي اساسها الشعر الكلمات ويستوعبها الملحن ليقدمها بنفس الروح, ويوجد اسماء جيدة الآن لكنها نادرة. وكما قدمنا نماذج لأعمال جيدة قديمة, هناك ايضا مؤلفين موسيقيين لتترات اصبحت علامة في تاريخ الدراما مؤخرا ومنهم تامر كروان الذي قدم تتر مسلسل واحة الغروب وهو من فضل ان يقدمه وائل الفشني حتي يقدم الروح الذي ارادها فاستطاع ان يقدم تتر من بيئة وروح المسلسل. اما الموسيقي هشام نزية فارتبط اسمه باكثر من تتر درامي ناجح خاصة في رمضان والذي امتازبعضها بالحس الصوفي ومن اعماله شربات لوز, نيران صديقة, السبع وصايا, والعهد والاعمال الثلاثة الأخيرة هي لنفس المؤلف محمد أمين راضي الذي ادخل علي الدراما روح وموضوعات مختلفة كان لابد ان يعبر عنها موسيقيا بشكل مختلف. أما امين بو حافة رغم انه ليس مصريا الا انه اثبت ان الموسيقي لا ترتبط بمكان ولكن الروح هي التي تعبر عنها ومن اعماله هذا المساء, جران اوتيل, ونوس, طريقي.