بتكلفة تقترب من 400 مليون جنيه ( حوالى 8ر23 مليون دولار) أصبحت مصر على موعد مع كشف وإحياء طريق المواكب بطيبة القديمة (المعروف باسم طريق الكباش الفرعونى) والذى راود أذهان الكثيرين من الأثريين وعلماء المصريات وبات حلما قريب المنال . وسيتمكن السياح من زوار مدينة الأقصر، الغنية بمعابد ومقابر ملوك وملكات ونبلاء مصر القديمة، قبيل نهاية العام الجاري، من السير بين معالم أقدم طريق تاريخي بالعالم. وقال مسؤولون بقطاع الآثار المصرية لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب .أ)، الثلاثاء، إن السلطات المصرية شرعت في إعادة بناء مساجد وكنائس ونقل سكان عشرات المنازل تقع جميعها فوق معالم الطريق التاريخي، وذلك ضمن مشروع أثرى هو الأضخم من نوعه في منطقة الشرق الأوسط، كانت قد بدأته الحكومة المصرية قبيل 10 سنوات مضت. وأضاف المسؤولون أن المشروع يهدف إلى تحويل مدينة الأقصر إلى أكبر متحف مفتوح في العالم، إذ جرى خلال السنوات العشر الماضية إزالة مساجد وإعادة بناء مساجد بديلة. وحسب المسؤولين، تقرر إقامة كنيستين جديدتين في قلب مدينة الأقصر، تمهيدا لنقل الكنيستين الواقعتين فوق طريق الكباش الفرعوني، وذلك بالاتفاق بين سلطات محافظة الأقصر والكنيستين الأرثوذكسية والإنجيلية بمصر. ويقول الدكتور محمد يحيى عويضة المدير العام لمنطقة آثار الأقصر ومصر العليا ل ( د. ب. أ) ، إن تكثيف الجهود لإتمام مشروع كشف وإحياء طريق الكباش الفرعوني، الذى تعثر العمل به في سنوات ما بعد "ثورة 25 يناير 2011"، يتزامن والتصريحات التي أطلقها وزير الآثار المصري، الدكتور خالد العنانى، وجاء فيها أن العام الجاري، وقبل حلول الاحتفالات بيوم التراث العالمي في شهر أبريل من العام المقبل، سيتم الانتهاء من إقامة وتنفيذ عدد من المشروعات الاثرية المهمة في مصر بينها افتتاح طريق الكباش الفرعوني، في الأقصر، بجانب مشروعات أثرية كبرى في الجيزة والإسكندرية وشرم الشيخ . وأشار عويضة إلى أن الحكومة كثفت من جهودها خلال هذا الشهر، لتنفيذ ما تبقى من مراحل المشروع، وشرعت في إزالة المساكن المقامة فوق الطريق، والملاصقة لمعبد الكرنك الفرعوني ونقل سكانها، بعد صرف التعويضات المالية المقررة لهم من الحكومة . وأفاد مسؤولون في محافظة الأقصر، بأن الطريق سيجرى الانتهاء من تنفيذه قبل نهاية العام الجاري ، مشيرين إلى أن زوار مدينة الأقصر من سياح العالم، سيتمكنون من السير وسط الطريق في مساحة بطول 2700 متر وعرض 70 مترا، ومئات التماثيل الأثرية الشهيرة التي شيدت على جانبيه. ويقول الأثري المصري على رضا، مدير منطقة آثار وادى الملوك في الأقصر، ل ( د. ب. أ) إن طريق الكباش الفرعونى، الذى يطلق عليه الأثريون وعلماء المصريات اسم طريق المواكب الكبرى، هو أحد أهم المواقع الأثرية في طيبة القديمة ويربط معبد الكرنك بمعبد الأقصر مروراً بمعبد موت. وأشار إلى أن الطريق يتكون من رصيف من الحجر الرملي محاط على جانبيه بصفين من تماثيل أبي الهول، ويرجع الجزء الأقدم من الطريق بين معبدي الكرنك وموت إلى عصر الأسرة الثامنة عشرة. ولفت رضا إلى أنه يوجد على طول الطريق 1200 تمثال كانت تنحت من كتلة واحدة من الحجر الرملي تقام على هيئتين الأولى تتخذ شكل جسم أسد ورأس إنسان حيث يمثل الأسد أحد رموز إله الشمس، والثانية على شكل جسم كبش ورأس كبش وهو رمز من رموز الآله خنوم أحد الآلهة الرئيسية في الديانة المصرية القديمة. وأشار رضا إلى أنه تم كشف الطريق عام 1949، بواسطة الأثري المصري زكريا غنيم، الذي كشف عن أول ثمانية تماثيل عند بداية الطريق من جهة معبد الأقصر، ثم واصل أعمال الكشف من بعده عالم المصريات الدكتور محمد عبدالقادر في الفترة من 1958 إلى 1961 حيث كشف عن 14 تمثالا. ولفت إلى أن عالم المصريات الدكتور محمود عبدالرازق كشف عن 46 تمثالا خلال الفترة من 1961 حتى 1964، كما نجح عمال الاثار الدكتور محمد الصغير بالكشف عن الطريق الواقع بين معبدي الكرنك وموت، وأجزاء متفرقة من الطريق بإجمالي أطوال حوالي 1100 متر خلال الفترة من 1984 حتى 2000. وكان الطريق يشهد المواكب المقدسة في مصر القديمة، مثل احتفالات أعياد الأوبت كل عام، وكان الملك يتقدّم الموكب، تتبعه عليّة القوم، كالوزراء وكبار الكهنة ورجال الدولة، إضافة إلى الزوارق المقدسة المحمّلة بتماثيل رموز المعتقدات الدينية الفرعونية، فيما يصطف أبناء الشعب على جانبي الطريق يرقصون ويهللون في بهجة وسعادة. وبادر الملك أمنحوتب الثالث إلى شق هذا الطريق، قبيل 5 آلاف عام، بالتزامن مع انطلاقة تشييد معبد الأقصر، ثم أكمله من بعده الملك نختنبو الأول مؤسس الأسرة الثلاثين الفرعونية، آخر أُسر عصر الفراعنة.