ضمن أكثر العوامل تأثيرا التي دفعت ببلد إفريقي كرواندا، بعيدا عن الاستمرار في المصير الدموي للحرب الأهلية، كان انتهاج سياسات التشارك المجتمعي في صناعة الإنجاز، فمثلا لم يكن القرار الذي فرضته جمهورية رواندا في العام 2008، بحظر منتجات البلاستيك غير القابلة للتحلل، والتي كانت تهدف من خلاله لأن تكون أول بلد خالٍ من البلاستيك في العالم، هو السبب الذي جعلها تستحق اختيار الأممالمتحدة لها عام 2015، كأجمل مدينة في إفريقيا، بل كان الترسيخ لثقافة مجتمعيه حريصة على النظافة، وكان انتهاج سياسة «أومجاندا»، التي تشجع جميع سكان العاصمة كيجالي على الخروج يوم السبت الأخير من كل شهر لتنظيف شوارع مدينتهم، ويشارك فيها رئيس البلاد وصولا إلى أصغر طفل، وحتى السياح، لتدفع هذه السياسة جزيئا إلى اعتبار كيجالي أنظف المدن الأفريقية. مازلنا في شرق إفريقيا، في تنزانيا هناك أيضا سياسيات إيجابية حتما ستقود إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع، وبحسب موقع Quartz، فمع الإعلان عن بدء تنفيذ المرحلة الثانية من قرار حظر الأكياس البلاستيكية، أول أمس الخميس، سيكون على سيكون على المسافرين إلى تنزانيا التفكير قبل وضع أمتعتهم بالحقائب اعتبارًا من 1 يونيو القادم، لتجنب وضع أغراضهم داخل أكياس بلاستيكية، حيث سيتعين عليهم تركها في مكتب مخصص في المطار. كانت المرحلة الأولى من مبادرة مكافحة البلاستيك في تنزانيا بدأت في العام 2017، تحت شعار"لحماية الشباب والبيئة"، والتي فرضت حظرًا مبدئيًا على تصنيع الأكياس البلاستيكية والتوزيع داخل البلاد، وتمتد المرحلة الثانية لتشمل السياح. وقال بيان صادر عن مكتب نائب الرئيس التنزاني، سامية سولوهو:"الحكومة لا تقصد بفرض الحظر أن تزعج زوار تنزانيا ولا أن تجعل من إقامتهم أمرا غير سار؛ إلا أننا نتوقع أن يكون هناك تقديراً لضرورة حماية البيئة والحفاظ على نظافة بلادنا وجمالها، ومن أجل ذلك على زوارنا تقبل إزعاجات بسيطة ناتجة عن حظر الأكياس البلاستيكية". * استثناءات وبالرغم من أن الهدف من وراء هذا القرار هو جعل تنزانيا خالية من الأكياس البلاستيكية، إلا أن هناك استثناءات من هذه القاعدة الجديدة، للمنتجات الطبية والصناعية والزراعية والبنائية وإدارة النفايات، وأيضا الأكياس البلاستيكية محكمة الغلق zip bags متعددة الاستخدام، إن كانت ستغادر البلاد مع حامليها من الزوار. وفق ما ذكرت لورا باركر، الكاتبة المتخصصة في تغطية تغير المناخ والبيئات البحرية في مجلة ناشيونال جيوجرافيك، أبريل الماضي، فإن القارة الأفريقية تقود العالم في أنظمة حظر الأكياس البلاستيكية، حيث قامت 34 دولة بفرض الحظر أو ضرائب مرتفعة، منها 31 دولة في أفريقيا جنوب الصحراء، أفقر منطقة في العالم، وتعد العقوبات التي تفرضها كينيا من أشد العقوبات في العالم، حيث يواجه المصنعون والمستوردون والموزعون والمستخدمون غرامات تصل إلى 38000 دولار، أو أربع سنوات في السجن. * نظافة أكثر خضرة أكثر وفق ما كتبت باركر فإن تلك الجهود التي بذلتها كينيا، والتي بدأت في عام 2017، أدت إلى دولة "أنظف بشكل واضح"، والتي قوبلت بمقاومة، ووجود مشكلات عرقلت التنفيذ وجعلته متقطعا، وهو ما يعني أن الأكياس البلاستيكية لا تزال متداولة بكينيا رغم العقوبات المحتملة. إلا أن جهود خفض الاستخدام ملحوظة ويبدو أنها فعالة، في بلد كان يستخدم ما يقرب من 100 مليون كيس بلاستيكي سنويًا، وفقًا لتقديرات الأممالمتحدة. * الحرق مصير 40 % من نفايات العالم خلصت دراسة بيئية للأمم المتحدة، هذا الشهر، إلى أن قرار حظر الأكياس البلاستيكية فعال بشكل خاص في الدول الإفريقية، بالنظر إلى بالنظر إلى أن الكثير من نفايات إفريقيا ينتهي بها المطاف إلى الحرق، ضمن حوالي 40 % من النفايات حول العالم؛ وتقول الدراسة "إن حرق النفايات البلاستيكية يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب، ويؤدي إلى تفاقم الأمراض التنفسية مثل الربو، وانتفاخ الرئة، ويسبب الطفح الجلدي والغثيان والصداع ويدمر الجهاز العصبي". بتلك النتائج يكون لحظر أو التقليل من استخدام الأكياس البلاستيكية أثران: فهو يقلل من إنتاج النفايات التي ينجرف الكثير منها وينتهي بها المطاف في محيطات العالم، مما يساهم في قتل الحياة البحرية؛ ويساهم في التقليل من تلوث الهواء الناجم عن انبعاثات حرق المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد. * النفايات تعطل جهود جذب الاستثمار والسياحة في غانا صاحبة الاقتصاد سريع النمو، والتي لا يوجد بها حظر على الاستخدام الكثيف للأكياس البلاستيكية، تشكل النفايات مشكلة كبيرة حيث أنها تعطل الجهود المبذولة لجذب الاستثمار والسياحة؛ بسبب مشكلة إدارة النفايات التي تركت المدن الكبرى مثل أكرا تكافح مع أكوام النفايات القذرة وغير الصحية. * محظورات البلاستيك في شهر مارس الماضي، أصدرت جمعية الأممالمتحدة للبيئة قرارًا بعنوان "معالجة تلوث المنتجات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد"، يحث الدول الأعضاء على "اتخاذ إجراءات شاملة، فيما يتعلق بالمنتجات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، لمعالجة النفايات من خلال التشريعات، عند الاقتضاء ، وتنفيذ الاتفاقات الدولية ، وتوفير البنية التحتية المناسبة لإدارة النفايات، وتطوير ممارسات إدارة النفايات ودعم الحد منها. " * استجابات حكومية أصبحت بنغلاديش في عام 2002، أول دولة في العالم تحظر الأكياس البلاستيكية الرقيقة، التي خنقت نظام الصرف الصحي أثناء الفيضانات المدمرة، تلتها كل من جنوب إفريقيا ورواندا والصين وأستراليا وإيطاليا، وفي جميع أنحاء العالم، تم فرض مجموعة متنوعة من عمليات الحظر على مختلف المستويات الحكومية. وبحلول عام 2021 ستكون الإجراءات التي اتخذها البرلمان الأوروبي نحو حظر المواد البلاستيكية (paywall)، شاملة الحقائب والأكياس، والمصاصات البلاستيكية، وأدوات المائدة من سكاكين وملاعق وشوك بلاستيكية، إضافة إلى أعواد تنظيف الأذن قد دخلت حيز التنفيذ. وفي الولاياتالمتحدة في الشهر الماضي، أصبحت نيويورك ثاني ولاية بعد كاليفورنيا تحظر الأكياس البلاستيكية، كما يوجد في هاواي حظر فعلي على الأكياس البلاستيكية لأن البلديات اختارت جميعًا حظرها محليًا. حظر الأكياس البلاستيكية غير مكتمل - حيث تسبب أكياس القطن التي تحل محل البلاستيك الذي يستخدم مرة واحدة مشاكل بيئية أيضًا. وبينما يشكك نقاد في فعالية هذه الجهود، هناك أدلة على أن هذا الحظر يعمل على الحد من هدر الموارد والتلوث، وأيضا أظهرت تجارب الحظر في الدول الأفريقية، أدى بسرعة إلى تحسين البيئة.