الجيش السودانى يعلن اعتقال الرئيس.. وتشكيل مجلس عسكرى يتولى الحكم لعامين.. وفرض حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر جهاز الأمن: إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين.. والمعارضة: نتمسك بتسليم السلطة إلى حكومة مدنية ونرفض إعادة إنتاج النظام الاتحاد الأوروبى يطالب بإصلاحات جوهرية تستجيب لمطالب الشعب.. وروسيا: نأمل عودة الوضع إلى الأطر الدستورية طوى السودان، أمس، صفحة 30 عاما من حكم الرئيس السودانى عمر البشير، بعدما أعلن وزير الدفاع الفريق أول عوض بن عوف، اعتقال البشير وتعطيل الدستور وفرض حالة الطوارئ وتشكيل مجلس عسكرى لقيادة البلاد لمدة عامين، وذلك بعد 4 أشهر من احتجاجات شعبية عارمة تطالب برحيل البشير. وأعلن وزير الدفاع السودانى فى بيان بثه التلفزيون السودانى الرسمى، «اقتلاع النظام» والتحفظ على البشير «فى مكان آمن»، وتعطيل الدستور وإعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة شهور وحظر التجوال لمدة شهر، وتشكيل مجلس عسكرى لإدارة شئون البلاد لفترة انتقالية مدتها عامان تجرى فى نهايتها انتخابات. وقال الفريق أول عوض بن عوف إنه تقرر إغلاق المجال الجوى والمعابر الحدودية لمدة 24 ساعة، وكذلك حل مؤسسة الرئاسة ومجلس الوزراء والمجلس الوطنى (البرلمان) ومجالس الولايات وحكومات الولايات. وأشار بن عوف إلى المصاعب الاقتصادية التى ألمت بالشعب السودانى، وأشاد بالتظاهر السلمى الذى بدأ فى ديسمبر الماضى، لكن ذلك لم ينبه النظام بحسب قوله، فأصر على الكذب والحلول الأمنية. وأضاف بن عوف أن اللجنة الأمنية تعتذر عما وقع من خسائر فى الأنفس، وقال إنها حذرت مما وقع، أخيرا، لكنها اصطدمت بعناد وتركيز على حلول أمنية كانت ستحدث أضرارا هائلة. وأكد وزير الدفاع تأمين المؤسسات الحيوية والمرافق الحيوية والخدمات بكل أنواعها، كما أعلن وقف إطلاق النار فى جميع أنحاء البلاد. وفى ساعة مبكرة من صباح أمس، قال التلفزيون الرسمى إن القوات المسلحة ستذيع بيانا مهما بعد قليل، وذلك عقب أنباء عن دخول ضباط من الجيش مقر التلفزيون الواقع فى أم درمان. وأفاد شهود بأن سيارات عسكرية طوقت مبنى الإذاعة والتلفزيون التى بدأت ببث أناشيد وطنية، بانتظار البيان الذى تم بثه بعد أكثر من 7 ساعات. ونقلت وكالة الأناضول التركية عن مصادر وصفتها بالمطلعة أن تأخر صدور البيان يرجحع إلى تصاعد حدة الخلاف داخل قيادة الجيش السودانى حول رئاسة المرحلة الانتقالية المقبلة. وقال شاهد من رويترز إن قوات من الجيش وأجهزة الأمن انتشرت فى محيط وزارة الدفاع وعلى طرق رئيسية وجسور فى العاصمة وأغلقت السلطات مطار العاصمة الخرطوم أمام الملاحة الجوية لعدة ساعات، مضيفا أن الآلاف تدفقوا إلى موقع الاعتصام خارج وزارة الدفاع. وخرج عشرات الآلاف فى مسيرات فى وسط الخرطوم ابتهاجا بالنبأ وهتفوا بشعارات مناهضة للبشير. كما هتف المحتجون عند وزارة الدفاع «سقطت سقطت.. انتصرنا». وتصاعدت الأزمة الراهنة فى السودان منذ مطلع الأسبوع بعدما بدء آلاف المحتجين اعتصاما خارج مقر وزارة الدفاع فى وسط الخرطوم حيث مقر إقامة البشير. واندلعت اشتباكات الثلاثاء الماضى بين جنود حاولوا حماية المحتجين وأفراد من أجهزة الأمن والمخابرات كانوا يحاولون فض الاعتصام. وذكر وزير الإعلام نقلا عن تقرير للشرطة أن ما لا يقل عن 11 شخصا قتلوا فى الاشتباكات منهم ستة من القوات المسلحة. وكانت شخصيات من المعارضة قد دعت الجيش للمساعدة فى التفاوض لإنهاء حكم البشير المستمر منذ ما يقرب من ثلاثة عقود والانتقال نحو الديمقراطية. فى سياق متصل، ذكر شاهد من رويترز أن جنودا داهموا مقر الحركة الإسلامية التى يتزعمها البشير فى الخرطوم حيث اعتقلوا أمينها العام الزبير أحمد الحسن. والحركة الإسلامية هى المكون الرئيسى للحزب الحاكم فى البلاد. وفى الشوارع، كان الناس يهتفون «حنصوم رمضان من غير كيزان»، وهى عبارة تطلق فى السودان على أعضاء الحركة الإسلامية التى ساندت البشير فى الوصول للسلطة وتعتبر الجناح العقائدى لحزبه. وأفادت مصادر لقناة «العربية» السعودية عن اعتقال أكثر من 100 شخصية مقربة من الرئيس البشير. وبحسب المصادر تم اعتقال رئيس الحكومة محمد طاهر أيلا ووزير الدفاع السابق، عبدالرحيم محمد حسين، ورئيس حزب المؤتمر الوطنى المكلف أحمد هارون، والنائب الأول السابق للبشير على عثمان محمد طه، وبكرى حسن صالح النائب الأول السابق للبشير. ونقلت وكالة الأناضول، عن مصادر وصفتها ب«المطلعة» تأكيدها، خلو قائمة الاعتقالات من اسم مدير الأمن والمخابرات السودانى صلاح قوش، ما يشير إلى دوره القوى والمحتمل طوال سنوات حكمه الماضية فى التغيير الراهن. وسبق أن اعتقل قوش لمشاركته فى محاولة انقلاب فى نوفمبر 2013، الذى أعلنت عنه الرئاسة السودانية حينها. فى المقابل، أعلن جهاز الأمن والمخابرات الوطنى فى السودان إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين فى كل أنحاء البلاد، وفقا لوكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا). من جهته، أكد تجمع المهنيين السودانيين، رفضه «محاولة بائسة لإعادة إنتاج نظام البشير» مشددا على تمسكه بتسليم السلطة لحكومة مدنية انتقالية تعبر عن مكونات الثورة. ونشر تجمع المهنيين السودانيين، بيانا على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعى فيسبوك، قال فيه: « إن الشعب لن يقبل بغير سلطة مدنية انتقالية قوامها الكفاءات الوطنية». وأضاف التجمع: «على قيادة قوات شعبنا المسلحة تسليم السلطة للشعب حسب ما جاء فى إعلان الحرية والتغيير»، وطالب البيان السودانيين بالخروج إلى الشوارع «حتى نقطع الطريق امام أى حلول جزئية أو زائفة». وعلى الصعيد الدولى، دعا الاتحاد الأوروبى، أمس، القيادات السودانية إلى الالتزام بإطلاق عملية سلمية تشمل الجميع، واعتماد إصلاحات جوهرية تستجيب لتطلعات الشعب، حسبما أفاد موقع «سكاى نيوز. عربية» الإخبارى. فيما أفاد مصدر فى وزارة الخارجية الفرنسية بأن بلاده تتابع بانتباه شديد ما يجرى فى السودان». وفى موسكو، اعتبر المتحدث باسم الكرملين، ديمترى بيسكوف، أمس، أن ما يجرى فى السودان شأن داخلى، معربا عن أمل بلاده فى عودة الأوضاع إلى الأطر الدستورية. وقال بيسكوف فى حديث للصحفيين، أمس: «نراقب الوضع عن كثب. ونأمل أولا، ألا يكون هناك تصعيد فى الوضع، يمكن أن يؤدى إلى خسائر بشرية. ونأمل كذلك، أن يعود الوضع فى السودان، فى القريب العاجل، إلى الإطار الدستورى». وأضاف: «بغض النظر عما يحدث فهو شأن داخلى للسودان ويجب أن تحل الأمور هناك، وفقا لما يقرره السودانيون أنفسهم». واندلعت شرارة الاحتجاجات فى السودان 19 ديسمبر الماضى ردا على قرار الحكومة رفع أسعار الخبز ثلاثة أضعاف. ثم تحولت إلى حركة احتجاجية فى كل أنحاء البلاد، وخرجت تظاهرات غير مسبوقة فى أنحاء عدة فى البلاد. وبقى البشير متمسكا بموقفه، وفرَضَ سلسلة إجراءات مشددة شملت إعلان حال الطوارئ فى أنحاء البلاد، اعتقل على أثرها صحفيون وناشطون.