بعد عزل الرئيس السوداني عمر البشير، الخميس، تجدد الحديث عن اتهامات المحكمة الجنائية الدولية للبشير بقيامه بجرائم ضد الانسانية في دارفور. فالبداية كانت في عام 1994 عندما أصدرت الحكومة السودانية قرار بتقسيم دارفور إلى عدة ولايات، ليبدأ بعدها تمرد مسلح من جانب «حركة تحرير السودان» و «حركة العدل والمساواة» بسبب «عقود مستمرة من التهميش والفقر المدقع»، بحسب ما قالت الحركتان وقتها. وتصدت حكومة البشير للاحتجاجات المسلحة بعنف هائل نتج عنه نحو 300 ألف قتيل من المدنين، ونزوح قرابة 3 ملايين آخرين وفق البيان الذي صدر عن الأممالمتحدة في عام 2008، لكن حكومة البشير رفضت التقرير وقالت إن عدد القتلى لا يتعدي عشرة آلاف شخص. وفي 14 يوليو 2008 أصدر المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو مذكرة توقيف بحق عمر البشير في قضية دارفور، وطلب تقديمه للمحاكمة، وكانت سابقة قانونية؛ إذ لأول مرة يتهم رئيس أثناء ولايته، بالرغم من أن السودان غير موقع على ميثاق المحكمة. وفي 4 مارس 2009، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمراً باعتقال الرئيس السوداني بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في دارفور، بينما أُسقطت عنه تهمة الإبادة الجماعية، لتضاف في عام 2010 تهمة الإبادة الجماعية، وصفت الحكومة السودانية الاتهام "استهدافاً لسيادة وكرامة وطنهم"، وأن ذلك "جزءاً من مخطط استعماري جديد،" وأنها محاكمة "سياسية فقط وليست محكمة عدل"، واتهمت المحكمة بازدواجية المعايير. وقالت المحكمة حينها إنه في حالة عدم تعاون السلطات السودانية فيما يتعلق بتسليم الرئيس عمر البشير فإنها قد تلجأ إلى إحالة ملف القضية إلى مجلس الأمن، وهي خطوة من شأنها فرض مزيد من العقوبات على السودان، مشيرة إلى أن إقليم دارفور، الواقع في غربي السودان، شهد «عمليات إبادة جماعية»، إلا أن المحكمة لم تجد ما يكفي من الأدلة لإدانة البشير بهذه التهمة. وفي عام 2013 تقدم الرئيس البشير بطلب للحصول على تأشيرة الدخول إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية للمشاركة في الدورة 68 للجمعية العامة للأمم المتحدة. إلا أن واشنطن رفضت طلبه، معللة ذلك بأنه متهم بجرائم حرب وطالبته بتسليم نفسه للمحكمة. وفي عام 2015 أصدرت المحكمة العليا في جنوب إفريقيا أمرا بمنع البشير من مغادرة جنوب أفريقيا مؤقتا لحين النظر في القضايا المتهم فيها من طرف المحكمة الجنائية الدولية، وذلك بعد حضوره لمؤتمر القمة الإفريقي الخامس والعشرين، إلا أنه عاد إلى السودان دون توقيفه. ومع إصرار المحكمة الجنائية الدولية على ملاحقة البشير، بدأ الأخير في تقليل رحلاته إلى الخارج واكتفى بزيارة دول لم توقع على ميثاق المحكمة الجنائية الدولية. لكن البشير زار دولا موقعة على وثيقة روما الخاصة بالمحكمة الجنائية، ضمنها الكونغو الديمقراطية ونيجيريا ومالاوي وجيبوتي. ما هو مصير البشير؟ قال فادي العبد الله، المتحدث الرسمي باسم المحكمة الجنائية الدولية إن المحكمة ستضطر إلى إبلاغ مجلس الأمن الدولي عن أي دولة تستضيف الرئيس السوداني السابق عمر البشير، إذا كانت من أعضاء المحكمة، مشيرغ إلى أن السودان نفسه ملزم بالتعاون مع المحكمة وفق القرار الأممي رقم 1593 (وهو القرار الدولي الداعي إلى محاكمة المتّهمين بارتكاب جرائم حرب في دارفور في المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي). وأكد في حواره إلى مؤسسة DW الألمانية أن المحكمة لا يمكنها التعليق على الأوضاع الداخلية الدائرة في السودان حالياً من الناحية السياسية، مشيرًا إلى أن هناك مذكرتي اعتقال صدرتا من المحكمة الجنائية الدولية في حق البشير وأخرين من رموز نظامه.