الدولار ب49.59 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأحد 8-6-2025    الدفاع الروسية: تدمير 32 مسيّرة أوكرانية خلال 3 ساعات فوق كورسك وأوريول    "سي إن إن": بطلق ناري.. إصابة المرشح الرئاسي الكولومبي ميغيل أوريبي في بوغوتا    حريق في مصنع بمقاطعة تولا الروسية بسبب مسيرة أوكرانية    مقتل امرأة برصاص الشرطة بعد طعنها شخصين في ميونخ    ريبيرو: مباراة باتشوكا محطة مهمة.. ولم أستقر على التشكيل حتى الآن    أبرزها الأهلي وباتشوكا وألمانيا ضد فرنسا، مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    موعد مباراة البرتغال ضد إسبانيا والقنوات الناقلة في نهائي دوري الأمم الأوروبية    مقتل شاب على يد آخرين في مشاجرة بالأسلحة البيضاء بالمحلة الكبرى    مصرع طالبة غرقًا فى ترعة بمدينة سوهاج    لولا دا سيلفا يقترح مبادرة لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الأحد 8 يونيو 2025 بعد آخر ارتفاع    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. ثالث أيام العيد    خاص| كريم عبد الباقي: تحرك نقابي عربي للدفاع عن السعودية في لجنة المعايير    تريزيجيه يعلق على انضمام زيزو ل الأهلي    زيزو: إدارة الكرة في الزمالك اعتقدت أن الأمر مادي.. وأنا فقط أطالب بحقي وحق والدي    زيزو بعد وصوله ميامي: متحمس جدا لخوض كأس العالم للأندية لأول مرة في حياتي    زيزو يكشف سر رقم قميصه مع النادي الأهلي.. ويختار اللاعب الأفضل في مصر    أوليه: ريفر بليت حاول ضم رونالدو لأجل كأس العالم للأندية    فلسطين.. زوارق الاحتلال تطلق النار قرب مركز المساعدات الأمريكية غربي رفح الفلسطينية    مجلس الشيوخ الأمريكى يقر شطب سوريا من قائمة الدول المارقة    كان بيعدي الشريط.. دفن جثة شاب دهسه قطار بالحوامدية    عقرهم كلب.. كواليس إصابة طالبين في مشاجرة داخل سايبر بالعجوزة    مصرع طفل وإصابة آخر دهستهما سيارة ربع نقل في قنا    مصرع عامل وإصابة 9 آخرين في انهيار سقف مخزن جلود بالبحيرة    إصابة أسرة كاملة في تصادم سيارة بموتوسيكل أعلى دائري الهرم    محمد عبده يطرب جمهور دبي في ثاني أيام العيد بحفل استثنائي    عرض مسلسل فهد البطل على قناة MBC1    نسرين طافش جريئة وميرنا نور الدين أنيقة..لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    يبدأ اليوم.. برنامج احتفال "القومي للطفل" بعيد الأضحى المبارك    مدير عام "تأمين الغربية" يتفقد مستشفى المجمع الطبي بطنطا في جولة عيد الأضحى    بدون كربون أو مواد ضارة.. استشاري تغذية ينصح ب «الإير فراير»: تعمل بالهواء الساخن (فيديو)    بعد تناول لحمة عيد الأضحى.. 5 أعشاب لتنظيف وتطهير القولون والتخلص من السموم    بسبب بكتيريا السالمونيلا.. سحب 1.7 مليون بيضة من الأسواق الأمريكية    أصابوه بعاهة.. التعدي على مسؤول حماية الأراضي خلال تنفيذ إزالة بأرض زراعية بسوهاج "فيديو"    محافظ الغربية: ذبح 1168 أضحية مجانًا داخل المجازر الحكومية خلال العيد    معتز التوني: الإخراج أقرب لقلبي.. وأتمنى تقديم مسلسل اجتماعي بعيدا عن الكوميديا    "بوليتيكو": من المُتوقع أن يتهم الاتحاد الأوروبي إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في غزة    «صندوق المكافحة»: أنشطة بالمناطق «بديلة العشوائيات» للتوعية بأضرار المخدرات    صرف المرتبات للعاملين بالدولة 18 يونيو    البابا تواضروس يناقش أزمة دير سانت كاترين مع بابا الڤاتيكان    «باعتبرها أمي».. شريف منير يوجه رسالة مؤثرة إلى زوج ابنته أسما (فيديو)    إقبال كبير من المواطنين في الدقهلية على الحدائق ثاني أيام عيد الأضحى.. صور    تعرف على الخطأ الطبي الجسيم وفقا للقانون    سعر الفراخ البيضاء والساسو وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الأحد 8 يونيو 2025    في ذكرى وفاة المشير الجمسي، تعرف على آخر وزير حربية بمصر والمصنف ضمن أبرع 50 شخصية عسكرية بالعالم    في لفتة إنسانية.. الرئيس يطمئن على أحد الأئمة ويكلف بعلاجه فورًا    مجلس الوزراء: التوجيه بالمتابعة المستمرة لذبح الأضاحي بالمجازر الحكومية    تعرف على برجك اليوم 2025/6/8.. «الثور»: تمل من العطلة.. و«العذراء»: تمر بحالة من الهدوء والتأني    81 عاما من العطاء.. قضتها "نفيسة" في محو الأمية وتحفيظ القرآن للأهالي مجانا    قد تتحول إلى سموم ..تجنب وضع هذه الأشياء داخل الميكروويف    الحجاج يخلدون رحلتهم الإيمانية في مشاهد مصورة.. سيلفى فى الحرم بين لحظة الخشوع وذاكرة الكاميرا    كل عام ومصر بخير    فى موسم الرحمة.. مشاهد البر تتصدر مناسك الحج هذا العام.. أبناء يسيرون بوالديهم نحو الجنة بين المشاعر المقدسة.. كراسى متحركة وسواعد حانية.. برّ لا يعرف التعب وأبناء يترجمون معنى الوفاء فى أعظم رحلة إيمانية    البابا تواضروس يلتقي شباب الإسكندرية بمنتدى كنيسة العذراء بسموحة يوليو المقبل    ما حكم من صلى باتجاه القبلة خطا؟.. أسامة قابيل يجيب    عيد الأضحى 2025.. ما حكم اشتراك المضحي مع صاحب العقيقة في ذبيحة واحدة؟    12 عرضا في قنا مجانا.. قصور الثقافة تطلق عروضها المسرحية بجنوب الصعيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شوق... من على رأس الجبل
نشر في الشروق الجديد يوم 10 - 04 - 2019

يقال إنه من الصعب أن يشتاق أحدنا إلى شىء لم يعرفه، بمعنى أن الفراق والحنين إلى أشخاص وأماكن لا ينتج سوى عن قلة لقائنا بهم، وعن رغبتنا بأن نتواجد فيهم وفى رفقتهم. أكتب ذلك وأنا أفكر فى وجه ابنتى حين أفتح عينى فى الصباح فأكتشف أنها اندست قربى فى السرير ليلا وألصقت رأسها بكتفى أو عنقى. هى من القرب منى بشكل يجعلنى أرى بكثير من الوضوح دقة ملامحها وتأثر وجهها بحركة تنفسها.
***
أنا مستيقظة لكنى لا أتحرك، أتنفس بالكاد منعا لأى حركة قد تغير من تعبير ابنتى النائمة. يردد من حولى أنها تشبهنى إلى حد بعيد، حتى إننى أنا نفسى أضطرب أحيانا حين أنظر إليها وألاحظ الشبه. ابتعدت عن أسرتى فى الأسابيع الأخيرة لأسباب مهنية جعلتنى أقضى معظم الوقت فى السفر. لم أقلق على عائلتى التى بقيت حيث بيتنا وأصدقائى، أنا مطمئنة على نظام يومى وشحنة الحب والرعاية التى يأخذها أولادى ممن حولهم. أما عن نفسى، فإن حاجتى للتركيز على عملى جعلتنى لا أتوقف كثيرا أثناء النهار للتفكير فى بيتى وأسرتى، حتى إننى تساءلت أحيانا إن كنت أما جيدة لأطفالى ما دمت لا أشغل نفسى بهم أثناء ساعات العمل ووقت التنقل.
***
لكن ما إن أصل إلى آخر اليوم وأفرد جسدى وأفكارى على السرير، حتى أشعر بقلبى ينفرد هو الآخر على مساحة كبيرة وخالية، أرض جرداء لا ضحكات الأطفال فيها ولا تزينها نظرة زوجى حين يعرف أننى أخطط لموضوع أحاول أن أقنعه بى فيرمقنى بطريقته التى تقول «أنا أعرف أنك تحاولين إرجاح الكفة إلى قرارك وسوف أوافق». أنا أشتاق إليهم، الآن حين يسكن العالم من حولى ويغطى الليل حياتى بهدوء لست معتادة عليه فأشعر وكأن الزمن توقف بعد أن رنت فى أذنى ضحكة ولدى الكبيرين.
***
هناك كلمات كثيرا ما سمعتها من أمى ومن أمهات أخريات، تهددنا، أى أطفالهن، بأنهن، أى أمهاتنا، سوف يلجأن إلى مكان بعيد لن نستطيع اللحاق بهن إليه. فوالدتى مثلا، وبحكم حبها للطبيعة، كانت تقول إنها سوف تذهب إلى أعلى الجبل لتجلس هناك. كنت أتخيلها جالسة فى مكان بعيد وحدها وأتساءل عما يمكن أن تفعله هناك، وكم من الوقت سوف تستغرقه قبل أن تعود إلينا بسبب الضجر. ثم أكتشفت أن والدة صديقتى ليال كانت تهدد هى الأخرى أبناءها بالهرب إلى المكان ذاته، أى أعلى الجبل، فصرت أتخيل أمى وأم ليال جالستين معا فى مكان منعزل عن العالم، تتناقشان حول أولادهما وكيفية التعامل معنا.
***
اليوم، ومع سفرى الدائم وبعدى عن عائلتى وبيتى لفترات طويلة أحيانا، أعيد التفكير برغبة أمى وأمهات كثيرات بالهروب من حياتهن اليومية. أعى أنه قد يكون هناك فعلا داخل كل منهن رغبة ببعض الخصوصة، وبوقت يركزن فيه على أنفسهن، سواء بهدف الحصول على بعض السكينة بعيدا عن الطلبات المستمرة، أو بهدف تحقيق ذاتهن مهنيا أو غير ذلك بمنأى عن شخصهن المعرف عليه ب«أم» فلان أو «زوجة» فلان.
***
لكن بعد أن تهدأ العاصفة من حولى وحين أجلس فى آخر اليوم وحدى، ها هو وجه الصغيرة بملامحه الدقيقة يظهر لى على المخدة. هنا حيث أنا وحيدة وبعيدة عنهم، أشتاق إلى تعريفى على أننى زوجة فلان وأم فلانين وفلانة صغيرة. أريد تنفسها الهادئ قريبا من وجهى، لن أعترض على مداهمتها السرير الكبير ولن أتأفف من حركتها المستمرة أثناء النوم والتى أفقد بسببها بعضا من نومى. سألتنى صديقة أخيرا إن كنت أشتاق إلى ولد من أولادى أكثر من غيره فتفاجأت بإجابتى لها فعلا عن أحدهم أكثر من غيره. ها أنا إذا من جديد أكسر قالبا مقدسا يفيد بأننا كأمهات علينا أن نحب ونعامل أطفالنا جميعا بالتساوى. أم أننى قادرة على تحمل اعترافى بأننى أقلق على ابنى الأوسط أكثر من قلقى على الأكبر والصغرى بسبب حساسيته وطيبته، وبسبب تأثره بما حوله إذ لم يتقن بعد استخدام أدوات للوقاية من المنغصات؟
***
بعيدا عنهم جميعا، أحتاج إلى إعادة التعريف، تماما كما يحتاج الهاتف الذكى أو جهاز الكمبيوتر أن يعاد تعريف خصائصه تماشيا مع تغيير شركة الاتصالات التى يحصل منها على الخط والانترنت. أدوس إذا على أزرار إعادة التشغيل فى قلبى حتى يتعرف على مكانى هنا، بعيدا عن المنزل ولو بشكل مؤقت. هنا لا أجد نظرة ابنتى المتفاجئة ولا غمزة يلقيها ابنى الأكبر حين يمر قربى. هنا لا أشاكس زوجى مازحة ولا يرمى ابنى الأوسط بنفسه قربى بحثا عن انتباه خاص منى له.
***
ماذا لو لم أكن قد تزوجت ولم أرزق بهذا الثلاثى؟ هل كنت سأشتاق إليهم، أو إلى أشخاص يشبهونهم؟ على الأغلب لا، فكيف أشتاق لما لا أعرفه؟ أظن إذا أنه من نعم الله على البشر أننا لا نستطيع أن نقدر بشكل دقيق ما قد يفوتنا مما لا نملكه. كأن نمتلك مثلا يوما فى وسط الأسبوع أقرر أن أخبز فيه كعكة عيد ميلاد زوجى، ويقف أطفالى حولى يلحسون باقى الشوكولاتة التى أتركها متعمدة فى القدر حتى يأكلوها. هذا من أكثر المواقف التى أشتاق إليها وأنا بعيدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.