اعتماد التنسيق العام للقبول بالمدارس الثانوية الفنية بكفرالشيخ    اقتصاد تحت القصف.. قراءة فى عوامل صمود الاقتصاد الإسرائيلى رغم الحروب المستمرة    محمود مسلم: مصر ترعى هدنة قابلة للتطبيق.. ومن غير المنطقي مطالبة حماس بتسليم السلاح    مقتل 14 جنديا جراء تفجير انتحاري بسيارة في شمال غرب باكستان    مقتل شخص وإصابة آخر بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في جنوب لبنان    رسميا.. موناكو يعلن التعاقد مع بوجبا    العثور على جثة مجهولة الهوية بأسوان    أيام لها تاريخ!    منافسة قوية بين نجوم الغناء بألبومات جديدة فى موسم الصيف    الكشف عن 3 مقابر جديدة من الدولة القديمة في جبانة قبة الهوا بأسوان    محافظ سوهاج يشارك في فعاليات اليوم العالمي للتبرع بالدم    لمدة 15 يومًا.. فتح باب التظلمات لطلاب الشهادة الإعدادية بالبحر الأحمر    النيابة العامة: نلتزم بكشف ملابسات حادث إقليمى المنوفية تحقيقا للردع العام    غياب تام للولايات المتحدة.. 3 دول عربية في قائمة أفضل شركات الطيران في 2025    ليس وسام أبوعلي فقط.. 8 لاعبين على أبواب الرحيل من الأهلي    نادي سلاسك البولندي يرد على عرض الأهلي لضم أسد الحملاوي (خاص)    «بيضحي عشان شغلي».. كيف تحدثت عبير صبري عن زوجها قبل انفصالهما؟    الحمل «النمر» والحوت «الغزالة»..تعرف على الحيوانات التي تمثل لكل برج    يوم عاشوراء 2025.. متى يصادف موعده وما فضل صيامه؟ (التفاصيل كاملة)    هل سيدنا الخضر نبي أم ولي؟.. عالم بالأزهر يفجر مفاجأة    ما حكم تيمّم المرأة التي تضع مستحضرات التجميل (المكياج)؟    رسميًا.. موعد إجازة 30 يونيو 2025 للقطاعين العام والخاص بعد قرار الحكومة    في اليوم العالمي للتبرع بالدم.. محافظ دمياط يشارك بحملة التبرع: «التبرع بالدم رسالة إنسانية»    بنفيكا يخطط لإنقاذ جواو فيليكس من دكة تشيلسي    انطلاق منتدى مصر الدولى للتعدين 15 يوليو المقبل    وزيرا الأوقاف والعمل يضعان حجر الأساس لبناء مسجد برأس غارب بتبرع من رجل أعمال    البابا تواضروس الثاني يلتقي وكلاء المطرانيات وأعضاء المجالس الإكليريكية الفرعية (صور)    "صبحي" و"حبشي" يتفقدان نادي بورسعيد الرياضي (صور)    تداول 13 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بمواني البحر الأحمر    إسماعيل كمال يتفقد مستشفى أسوان التخصصي العام بالصداقة الجديدة    فوائد مشروب الكركم وأفضل طرق لعمله والاستفادة منه    انطلاق مؤتمر «شعب مصر» لإحياء ذكرى ثورة 30 يونيو    الحرس الثوري الإيراني: سنرد على أي اعتداء جديد "بشكل مختلف وأشد قوة"    قمة برازيلية.. الموعد والقناة الناقلة لمباراة بالميراس وبوتافوجو في كأس العالم للأندية    كل ما تريد معرفته عن تطورات ميركاتو الزمالك والمدير الفنى الجديد    خبير: ترامب سبب فشل تحجيم إيران نوويًا والوكالة الذرية أداة فى يد واشنطن    الليلة شيرين عبد الوهاب وماجدة الرومي وطوطو نجوم حفلات ختام موازين    اتحاد اليد يبدأ تسجيل اللاعبين الجدد للأندية 3 أغسطس فى فترة القيد الثانية    انتصار السيسي توجه الهلال الأحمر بتقديم الدعم لأهالي ضحايا حادث المنوفية    «طيران الإمارات» تمدد إلغاء الرحلات من وإلى طهران حتى 5 يوليو    أسفار الحج (6)..الصفا والمروة وزهرة اللوتس    عيبك أولى بالإصلاح من عيوب الآخرين    مصر وتركيا تبحثان سبل تعزيز التعاون في قطاع الصناعات المعدنية    غلق وتشميع 35 محلا وكافيه غير مرخص فى أسوان    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى فيصل دون إصابات    وزير الزراعة: الصادرات الزراعية المصرية إلى هولندا 500 مليون دولار    شيماء عبد الحميد.. من مدرسة الصنايع إلى كلية الهندسة ثم وداع لا يُحتمل    تأجيل محاكمة عاطل قتل نجل زوجته بالسلام إلى جلسة 27 أغسطس    مديرية الصحة في شمال سيناء تطلق حملة لتعزيز الوعي بأهمية وفوائد نقل الدم    موعد مباراة الهلال القادمة في كأس العالم للأندية بعد الصعود لدور الستة عشر    مصر ترحب باتفاق السلام بين الكونجو الديموقراطية ورواندا    السبت 28 يونيو 2025.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع    حكومة غزة: ارتفاع عدد الشهداء من الأطفال نتيجة سوء التغذية ل66    الإنتاج الحربي: الشركات التابعة حققت إيرادات نشاط بنسبة 144% بمعدل نمو بنسبة 44% عن العام الماضي    قصة كفاح مهندسي مصر من أجل تحقيق حلم.. 8 سنوات تلخص رحلة إنشاء مصيف مطروح.. 25 مليون جنيه تكلفة المشروع    5 حالات يجوز فيها التعاقد لحالات الضرورة بقانون الخدمة المدنية    حزب الجبهة الوطنية يقدّم العزاء و100 ألف جنيه لاسره كل متوفى و50 الف جم لكل مصاب فى حادث المنوفية الاليم    شيماء طالبة بالهندسة.. خرجت لتدبير مصروف دراستها فعادت جثة على الطريق الإقليمي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في نقد النقاب
نشر في الشروق الجديد يوم 17 - 10 - 2009

اعترف بأنى لم أشعر أبدا شعورا طيبا نحو النقاب. انزعج لرؤيته، وينقبض صدرى، وأسأل نفسى: أى نوع من التفكير أدى بالمرأة المنتقبة إلى ارتدائه؟.. إذا كان الدافع تنفيذ فرائض الدين، فإن كثيرين من الفقهاء وعلماء الدين الموقرين يقولون بأنه ليس من الفرائض، فلماذا رفضت المنتقبة هذا التفسير وأخذت بعكسه؟.. هل الدافع رغبة المنتقبة فى مزيد من التقرب إلى الله وكسب الثواب، واعتقادها أن هذا الزى، وإن لم يكن فرضا، فهو محمود ومستحسن؟..
فلماذا يا ترى يمكن أن يعتبر هذا الزى محمودا ومستحسنا؟.. إنى أجد أسبابا كثيرة وقوية لتفضيل عدم ارتداء النقاب، لمصلحة المرأة التى تفكر فى التنقب، ولمصلحة المجتمع ككل، فكيف يمكن أن يكون موقف الدين مخالفا لما يقضى به العقل؟
إنى أتعاطف بشدة، وأعتقد أن كثيرين من القراء متعاطفون أيضا، مع القول المعروف فى مذهب المعتزلة «بالحسن والقبيح العقليين»، أى بأن العقل قادر على أن يعرف أن الشىء حسن أو قبيح، ومن ثم أباحوا لأنفسهم أن يفسروا القرآن الكريم بتحكيم العقل والحديث وبالاعتماد على معرفتهم باللغة وبأساليب القرآن وروحه، ومادامت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التى تتكلم عن الزى الواجب على المرأة، قليلة وتحتمل أكثر من تفسير، فلا مناص لنا من تحكيم العقل، والعقل فى ظنى يرى مثالب كثيرة فى النقاب.
الدين والأخلاق يدعوان بالطبع إلى ضرورة الاحتشام، من جانب المرأة والرجل على السواء، وهذا هو أيضا ما يقول به العقل، ولكنى أجد صعوبة فى وصف ارتداء النقاب بأنه مجرد احتشام. إنه يذهب إلى أبعد من هذا بكثير، حتى ليكاد يصل إلى حد الانسحاب من الحياة الاجتماعية بأسرها، وانكفاء الشخص على نفسه متى خرج من بيته. وهذا الانسحاب موقف غريب جدا وغير مفهوم. غريب لأنه يصل إلى درجة منع الناس من معرفة ما إذا كان الشخص المتنقب رجلا أو امرأة، فتاة صغيرة أو عجوزا. فإذا سمحت المنقبة لشخص من غير أقاربها بأن يسمع صوتها، أو أن يتبادل معها الكلام، فهى لا تسمح له بأن يعرف وقع كلامه فى نفسها، إذ لا تسمح له بأن يرى ما يطرأ على أسارير وجهها من تغييرات، مع أن هذا، فيما أظن، من حقه، ومن ضرورات التواصل الإنسانى الطبيعى. كيف يؤدى الأستاذ مثلا وظيفته فى تدريس مجموعة من المنقبات، دون أن يعرف وقع كلامه فى نفوسهن؟..
وكيف تتعامل المنتقبة، إذا كانت موظفة فى الحكومة، مع من يتردد عليها لأداء شأن من شئونه؟.. وكيف تمارس المنتقبة عمليها كطبيبة فى تعاملها مع المرضى.. إلخ؟.. أم أن المنتقبة يجب فى الواقع أن تقضى معظم حياتها داخل بيتها، ولا تخرج منه إلا للضرورة القصوى؟.. فلماذا كل هذه القسوة فى معاملة المرأة؟
وهل هذا كله ضرورى حقا لحماية المرأة والرجل من الفتنة؟.. هل أى شعور مصدره الغريزة الجنسية هو شعور قبيح دائما ومن ثم وجب وأده؟.. أم أن القبح هو فقط فى العجز عن ضبط النفس حتى لا يؤدى هذا الشعور إلى ارتكاب فاحشة أو معصية؟.. ما كل هذه القسوة فى النظر إلى مشاعر الإنسان الطبيعية؟.. وهذا الميل إلى انكار الطبيعة الإنسانية؟.. إن التحضر لا يعنى قتل الرغبة، بل القدرة على السيطرة عليها وتوجيهها إلى تحقيق حياة سعيدة وجميلة.
والإصرار على ارتداء النقاب فيه إهانة للرجل والمرأة على السواء، إهانة لكل رجل عابر لأنه ينطوى على اعتباره غير قادر على التفكير فى أى شىء غير الجنس، وإهانة للمرأة غير المنتقبة لأنه ينطوى على اتهامها بعدم مراعاة الحشمة الواجبة. وارتداء النقاب يؤدى إلى أى حال إلى فتح موضوع الفتنة الجنسية كلما كان موصدا، كان موصدا، وإعلان مستمر بأن الشاغل الأعظم لنا جمعيا يجب أن يكون تجنب هذه الفتنة.
ولكن هناك جانبا آخر لهذه القضية. فالغريزة الجنسية بطبيعتها لا يثيرها فقط ما يراه المرء بعينيه، بل قد يثيرها الصوت وكذلك مجرد التخيل. ومن ثم فمنع العينين من الرؤية لا يكفى دائما لتجنب الانجذاب نحو الجنس الآخر. فماذا نحن فاعلون إذن، إذا افترضنا أن الإنسان لا يستطيع السيطرة على مشاعره، ولا بد أن يرتكب الخطيئة بمجرد أن يشعر الانجذاب إلى الجنس الآخر؟.. هل يكفى حقا حجب الجسم عن العين؟.. أم يجب أيضا منع الصوت من الوصول إلى الأذن؟.. فإذا سارت المرأة المنتقبة، والتزمت الصمت، فلم ترها عين ولا سمعت صوتها أذن، فكيف نتجنب مع ذلك الفتنة التى قد تنتج عن مجرد التخيل؟.. خاصة أن الخيال ينشط عادة إذا منعت الحواس من العمل؟
الأرجح، والحال كذلك، أن الخيار المتاح أمامنا هو بين شيئين لا ثالث لهما: إما محاولة التدرب على ضبط النفس، أو البحث عن طريقة لاستئصال الغريزة الجنسية من أصلها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.